هل نُحب الذي يسبّ الدِين أو الذي يقتل أهالينا ويعتدي على الأبرياء أو نقعد في مجالس سب النبيين والصالحين؟ قطعاً لا، فالتواجد في هذه المجالس حرامٌ لأنه يتنافى مع تعاليم الله تعالى وفطرة الله ﷻ التي أودَعها في الإنسان، وقد كتبنا في ذلك مقالات عديدة. أما إذا قرّر العدو أن يَتُوب فنحن أهل الصُلح وَالسَلام والصفح بدل الانتقام، وهذه هي تعاليم الإسلام. أما الأعداء الذين يكتفون بالعداوة الشخصية فنحمل لهم في قلوبنا الحُب لكونهم خَلْق الله تعالى ونرجو لهم الهداية وخير المُنقلب لكي يسود الصُلح وَالسَلام في أرجاء العالم. أما الذي يعيش على سب الله تعالى والنبيين والصالحين فواجبٌ تركه وعدم سماع الأذى منه مع الدعاء لأمثاله بظهر الغيب بالهداية قبل فوات الأوان. فالحُب المودَع في الفطرة نحو خَلْق الله تعالى هو الأصل، ولا كراهية لأحد. فيما يلي تعاليم الإسلام على لسان المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
حب الصلح وعدم رد الشتائم
يقول الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام مؤسّس الجماعة الإسلامية الأحمدية:
“أنا أُحبُّ الصُلح، وإذا تَمّ الصُلح فيجب ألا يُذكر بعد ذلك ما قاله أو فعله أحدُ الفريقين. أقول حلفاً بالله أَنَّ الذي سمّاني دجّالاً وكذّاباً ألف مرّة وَلَمْ يدّخر جَهداً في مُعارضتي ثم طلبَ الصُلح لن يخطر ببالي أبداً ما قاله لي وكيف عاملني. ولكن يجب ألا يترك المرءُ عزّة اللهِ من اليد. صحيحٌ أَنَّ الذي يريد أنْ ينفعَ الآخرين يجب عليه ألا يكِنّ في قلبه بغضاً ولا شحناء، وإذا كان يكِنّ البغض والشحناء فما الذي سيستفيد منه الآخرون؟ لأنه كلّما حدث شيء يخالف رأيه وأفكاره سيستعد للانتقام. بل يجب عليه ألا يبالي ولو جُرح بألف سكين. نصيحتي هي أن تتذكروا أمرين: اتّقوا الله وواسُوا إخوتَكم كما تواسون أنفسكم. وإذا صدرَ مِن أحَدٍ خطأ أو تقصير فاعفوا عنه ولا تُركِّزوا عليه أكثر ولا تَباغضوا. النفسُ تُكرِهُ المرءَ ألا يحدث شيءٌ يخالفها. وبذلك تُريدُ أنْ تتربّع على عرش اللهِ لذا يجب أنْ تجتنبوها. أقولُ صِدقاً وحقّا أَنَّ مُعاملة الناس بحُسن الخُلُق أيضاً نوعٌ من الموت. لا أُحِبُّ قَطّ أنْ يُلاحِق المرءُ مَنْ عامله بشيء مِن قسوة الكلام، بل أُحِبُّ أنْ يصبر ويلتزم الصمت وإنْ شتمه أحدٌ في وجهه.” (الملفوظات 4)
أحِبّوا أعدائكم
يقول الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام:
“وَمِنْ فروع العبادة أنْ تُحِبّ مَن يُعاديك، كما تُحِب نَفسَك وبَنيك، وأنْ تكونَ مُقِيلاً للعثَرات، مُتجاوزًا عن الهَفَوات، وتعيشَ تقيًّا نقيًّا سليمَ القلب طيّبَ الذات، وَوفيًّا صَفيًّا مُنزَّهًا عن ذمائم العادات، وأنْ تكونَ وجودًا نافعًا لخَلْقِ الله بخاصية الفِطرة كبعض النباتات.” (إعجاز المسيح)
الدعاء للأعداء
يقول عَلَيهِ السَلام أَنَّ مِنْ علامات المُقرّبين أنّهم:
“يدْعون لأعدائهم دُعاء الخير والسلامة والصِحّة والعافية والهداية مِنَ الله؛ ولا يتركون لأحَدٍ في صُدورهم مِثقال ذَرّة مِنَ الغِلّ ويدْعون لِمَنْ قفاهم وازدرى … فيتجلّى اللهُ عليهم بما كانوا آثَروه ورحموا عِباده .. أولئكَ هُمُ الأبدال وأولياء اللهِ حقّا، وأولئكَ هُم المُفلحون.” (تذكرة الشهادتين، ص 174)
ويقول عَلَيهِ السَلام واصِفاً المؤمنين:
“ومِنْ علاماتهم (المُقرّبين) أنّهم لا يُؤذون ذرّة ولا نَملة، وعلى الضعفاء يترحّمون، ولا يقطعون .. بل يدْعون لأعدائهم لعلّهم يهتدون.” (تذكرة الشهادتين، ص 175)
هذه هي التعاليم الراقية التي نادى بها خادمُ الإسلام مسيحُ اللهِ ومَهديّه وخُلفائه مِن بعده لكي تعُم العالم وتنشر الخير والسعادة في ربوعه ولينعم جميعُ الناس بالسلام والحُب فتُصبح الدنيا صورةً لِجَنَّة الآخرة.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ