مقتبسات عن أركان الإيمان من أقوال المسيح الموعود عليه السلام
يقول حضرته:
“نحن مسلمون، نؤمن بالله الفرد الصمد الأحد، قائلين لا إله إلا هو، ونؤمن بكتاب الله القرآن، ورسولِه سيدنا محمد خاتم النبيين، ونؤمن بالملائكة ويوم البعث، والجنة والنار، ونصلي ونصوم، ونستقبل القبلة، ونحرّم ما حرّم الله ورسوله، ونُحِلُّ ما أحَلَّ الله ورسوله، ولا نـزيد في الشريعة ولا ننقص منها مثقال ذرة، ونقبل كل ما جاء به رسول الله ﷺ وإنْ فهِمْنا أو لم نفهَم سِرَّه ولم نُدرك حقيقته، وإنّا بفضل الله من المؤمنين الموحّدين المسلمين”. (نور الحق، ص4)
“إن فردوسنا إلهنا، وإن أعظم ملذاتنا في ربنا، لأننا رأيناه ووجَدْنا فيه الحسنَ كله. هذا الكنـز لجديرٌ بالاقتناء ولو افتدى الإنسانُ به حياتَه، وهذه الجوهرة لحَرِيّةٌ بالشراء ولو ضحّى الإنسان في طلبها كلَّ وجوده.
أيها المحرومون، هلُمّوا سراعًا إلى هذا الينبوع ليروي عطشكم. إنه ينبوع الحياة الذي ينقذكم. ماذا أفعل وكيف أقرّ هذه البشارة في القلوب؟ وبأي دفٍّ أنادي في الأسواق بأن هذا هو إلهكم حتى يسمع الناس؟ وبأي دواء أعالج حتى تنفتح للسمع آذان الناس؟ إن كنتم لله فتيقّنوا أن الله لكم”. (سفينة نوح، الخزائن الروحانية مجلد 19 ص 21-22)
“يا من يملكون السمع.. أَنصِتوا! ماذا يريد الله منكم؟ إنما يريد أن تكونوا لـه وحده. لا تشركوا به أحدا.. لا في السماء.. ولا في الأرض. إن إلهنا هو ذلك الإله الذي هو حيٌّ الآن أيضًا كما كان حيًّا من قبل، ويتكلم الآن أيضا كما كان يتكلم من قبل، ويسمع الآن أيضا كما كان يسمع من قبل. إنه لظَنٌّ باطل أنه ﷻ يسمع الآن ولكنه لم يعد يتكلم. كلا، بل إنه يسمع ويتكلم أيضًا. إن صفاته كلها أزلية أبدية، لم تتعطل منها صفة قط، ولن تتعطل أبدًا. إنه ذلك الأحد الذي لا شريكَ له ولا ولدَ ولا صاحبة. وإنه ذلك الفريد الذي لا كفوَ لـه، والذي ليس كمثله أحد متفرد في صفاته، والذي ليس له ندّ. ولا شريك له في صفاته، ولا تتعطل قوة من قواه. إنه قريب على بُعده، وبعيد على قربه، وإنه يمكن أن يُظهر نفسه لأهل الكشف على سبيل التمثل، إلا أنه لا جسمَ لـه ولا شكلَ. وإنه فوق الجميع، ولكن لا يمكن القول إن أحدًا تحته؛ وإنه على العرش، ولكن لا يمكن القول إنه ليس على الأرض. هو مجمع الصفات الكاملة كلها، ومظهر المحامد الحقة كلها، ومنبع المحاسن كلها، وجامع للقوى كلها، ومبدأ للفيوض كلها، ومرجع الأشياء كلها، ومالك لكل ملك، ومتصف بكل كمالٍ، ومنـزه عن كل عيب وضعف، ومخصوص بأن يعبده وحده أهلُ الأرض والسماء. ولا شيء مستحيل لديه”. (الوصية، ص 11-12)
“الله نور السماوات والأرض، أي أن كل نور نراه في أعالي السماوات وفي أعماق الأرض، في الأرواح متجليا كان أو في الأجسام، ذاتيا أو عرضيا، ظاهريا كان أو باطنيا، ذهنيا كان أو خارجيا، ليس إلا عطاء ذلك النور العظيم عز وجل، الأمر الذي يدل على أن نعمه الفياضة تسع كل شيء في الوجود، ولم يخل منها أحد. إنه مبدأ جميع الفيوض ومصدرها، وإنه علة العلل لكل الأنوار، وإنه ينبوع جميع أنواع الرحمة، وإن وجوده لقيوم حقيقي للعالم أجمع، وإنه لقوّامٌ وحَيِّزٌ لكل ما في أعالي السماء وأعماق الأرض، وهو الذي أخرج كل شيء من ظلمات العدم وخلع عليه حلة الوجود….. إن هذه الأرضين والسماوات وما فيهن من إنسان وحيوان وشجر وحجر وروح وجسم كل أولئك قد استعارت وجودها من رحمته الفياضة” (براهين أحمدية، الخزائن الروحانية المجلد1 ص 191 الحاشية)
“إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يمكن أن نرى صورته الكاملة في مرآة العالم، ولا يعلّمنا الإسلام شيئاً جديداً ولا يقدم معبوداً جديداً ولا يخبرنا عن طريق غريب غير طبيعي للنجاة، ولا ينقص شيئاً من صفات الله ﷻ الكاملة التي تشهد عليها صحيفة الفطرة (أي الطبيعة) ولا ينسب إليه ﷻ صفاتٍ لا تليق به، بل إن تعاليم القرآن الكريم إنما هي شرح للآثار والإشارات الموجودة في أفعال الله ﷻ (في الكون) وتذكّرنا بها وتحمينا من الزلل. وإن من محاسن القرآن الكريم العظيمة أنه خال من أثر من التصنع أو التكلف، وإن جميع القوى الإنسانية الموجودة في فطرة الإنسان بالنسبة للقرآن الكريم كجسد يطلب هذه الروحَ طبعًا. ولا أرى أن من يرى صورة هذا الدين الكاملة ويملك الطبع السليم يمتنع عن قبول هذه النعمة.” (جريدة الحكم، ج5، ص3، 24 حزيران 1904، الرسالة: رقم 16 رسالة المسيح الموعود ؏ إلى بعض الإنجليز)
“إن القرآن الكريم كتاب وحيد قدم ذات الله ﷻ وصفاته طبق قانون القدرة الملموس والحادث بفعله ﷻ في الكون، والمنقوش في فطرة الإنسان وضميره، فالإله الذي يقدّمه القرآن الكريم لا يجهله أولو الألباب، بل إنه هو الإله الحق الذي تشهد له فطرة الإنسان وقانون القدرة أيضا، أما إله السادة المسيحيين فمحبوس في أوراق الإنجيل ومن لم يصل إليه الإنجيل لا يعلم عنه شيئاً.” (چشمه مسيحي -ينبوع مسيحي- الخزائن الروحانية المجلد 20 ص350 الحاشية)
“اعلموا أن الإله الذي دعانا إليه القرآن الكريم قد وُصف فيه بما يلي:
قوله تعالى: (هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)
وقوله تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
وقوله تعالى: (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ)
وقوله تعالى: (هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
وقوله تعالى: (إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
وقوله تعالى: (رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
وقوله تعالى: (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)
وقوله تعالى: (هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)
وقوله تعالى: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)
.. أي أن الله هو الإله الأحد، الذي ليس له شريك يستحق العبادةَ والطاعة. ذلك لأنه لو كان ثمة إله شريك معه في الألوهية لجاز أن يتغلب عليه هذا الإله الشريك، وبالتالي تتعرض ألوهيته للخطر. وقوله بأنّ لا أحد يستحق العبادة سواه فيعني أنه إله كامل ذو محامد كاملة ومحاسن عالية وكمالات سامية.. بحيث لو أردنا أن نختار معبودًا من بين جميع الموجودات نظرًا إلى كمال الصفات، أو تصورنا غايةَ ما نستطيع تصوُّرَه من صفاتٍ أعظم وأعلى لمعبود، لكان الله هو الأعلى بين الجميع.. الذي لا أعلى منه مطلقًا.. هو الله.. الذي من الظلم أن يُشرَك في عبادته مَن هو دونه.
ثم قال الله تعالى إنه “عَالم الْغَيْبِ”، أي أنه هو نفسه يعلم ذاته، ولا يقدر غيره أن يحيط ويدرك ذاته. نستطيع أن نرى صورة الشمس والقمر وكل مخلوق، إلا أننا عاجزون عن رؤية ذات الله تعالى.
ثم قال “والشهادة”، يعني أنه لا شيء مستتر عن نظره، إذ لا يجوز أن يسمّى إلهًا ومع ذلك يبقى في غفلة عن علم المخلوقات. كلا، إن كل ذرّة من العالم تحت بصره، وأما الإنسان فلا يستطيع ذلك. إنه تعالى يعلم متى يُفني هذا النظام ومتى يقيم القيامةَ، ولكن لا أحد سواه يعلم متى يكون هذا.. فالذي يعلم جميعَ هذه المواعيد هو الله وحده.
وقوله “هُوَ الرَّحمنُ” يعني أنه هو الذي يُهيئ لذوات الحياة كلَّ ما تحتاج إليه من أسباب المعيشة والراحة -حتى قبل وجودها. كل ذلك بمحض فضله، وليس نتيجةً لأعمالها أو سعيها. فإنه سبحانه خلَق لأجلنا الشمس والأرض وغيرهما من المخلوقات حتى قبل وجودنا ووجود أعمالنا. وهذا العطاء يسمّى في كتاب الله “الرحمانية”، وباعتبار هذا الصنيع يُدعى الله بـ”الرحمن”.
وقوله تعالى “الرَّحِيم” يعني أنه يجزي على الأعمال الصالحة خيرًا، ولا يضيع عمل عامل. وباعتبار هذه الصفة يُدعَى “الرحيم”، وصفته هذه تسمى “الرحيمية.
وقوله تعالى “مالك يوم الدين” يعني أنه جعل في يده جزاءَ كل واحد، وليس ثمة وكيلٌ فوّض إليه تدبيرَ ملك السماوات والأرض، وقعد بنفسه جانبًا لا يفعل شيئًا، بينما يقوم أو سيقوم وكيله بمهمة الجزاء والعقاب.
ثم قال تعالى: “المَلِكُ القُدُّوسُ” أي أنه صاحب السلطان الذي ليس فيه وصمة عيب، ذلك لأن من الواضح أن مُلك البشر لا يخلو من نقص وعيب. فمثلا لو هاجرت الرعيّة كلها من دولة ملِكٍ إلى دولة أخرى لضاع مُلكه؛ أو لو حل القحط والمجاعة بجميع رعيّته، فمن أين تجبى الأموال؟ أو إذا قامت الرعيّة تجادل الملك قائلة: بأي ميزة صرتَ علينا ملِكًا.. فماذا عساه يقول ردًّا على ذلك؟ ولكن سُلطان الله ليس كهذا. إنه قادر على أن يُهلك الجميعَ في لمح البصر ويأتي بخلق آخر جديد. ولو لم يكن خلاّقًا وقديرًا هكذا لَما قام حُكمه إلا بظلم واعتساف. وإلا فمن أين يأتي بمخلوق جديد إلى الدنيا ليمارس عليهم سلطانه.. بعد أن يكون قد شمل جميعَ خلقه الأولين بالعفو والنجاة؟ فهل يسترد -ظلمًا واعتسافًا- مِن عباده الناجين النعمَ التي أعطاهم إياها، ويسلبهم المغفرةَ التي تفضّل بها عليهم، لكي يزجَّ بهم مرة أخرى في الحياة الدنيا لكي يعمِّرها ويحكمها. وفي هذه الحالة كانت ألوهيته معيبة، وصار مُلكه ناقصًا شأنَ ملوك الدنيا الذين لا يبرحون يسنّون لرعيتهم قوانين جديدة، ويستبد بهم الغضب على كل صغيرة وكبيرة، وعندما لا يجدون بدًّا من الظلم -قضاءً لمآربهم -يستسيغون الظلم والجور كما يستسيغ الرضيع لبنَ أمه. فمثلا يجيز القانون الملِكي إغراقَ ركاب سفينة صغيرة إنقاذًا لسفينة كبيرة، ولكن يجب ألا يواجه الإله القدير مثلَ هذا الاضطرار. فلو لم يكن الإلهُ كاملًا في قدرته، خلاقًا من عدمٍ محض، فإنه – بدلاً من إظهار قدرته – للجأ إلى الظلم والجور، كالملوك الضعفاء، أو تخلّى عن ألوهيته مراعاةً للعدل. كلا، بل إن سفينة الله سائرة مع كل قدرة وفي عدل كامل.
وقوله تعالى “السَّلامُ” يعني أنه منـزه عن جميع العيوب، سالم من كل المصائب والمشقّات، بل إنه مانح السلام للآخرين. وهذا بديهي، لأنه لو كان بنفسه عُرضةً للنوائب والضرب بأيدي الناس، وللفشل في إرادته، فكيف تطمئن قلوبنا بقدرة هذا الإله على تخليصنا من الآلام ونحن نرى سوء حاله هذا؟ ولأجل ذلك يقول تعالى في الآلهة الباطلة: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
.. وقوله تعالى: “ضعُف الطالبُ والمطلوب” يعني أن عبدة هذه الآلهة ضعافُ العقول. أما الآلهة نفسها فهي ضعيفة القوة والحيلة. فهل يمكن لمثل هؤلاء أن يكونوا آلهة حقًا؟ إنما الإله مَن يكون أقوى من كلِّ قوي وغالبًا على الجميع. لا أحد يقدر على القبض عليه أو على ضربه. إن الذين يعتقدون بعقائد خاطئة كهذه لا يعرفون عظمة الله تعالى، ولا يدرون ما هي الصفات الواجبة للإله.
أما قوله “المؤْمِنُ” فيعني أنه واهب الأمان، والذي يقيم الدلائل على توحيده وكمالاته. وفي هذا إشارة إلى أن المؤمن بالإله الحق لا يخزى أبدًا في أي مجلس، كما لن يخجل أمام ربّه أيضًا، ذلك لأن معه أقوى البراهين. أما عابد الإله الباطل فهو دائمًا في مشكلة كبيرة، وبدلًا من بيان الأدلة يسوق كلَّ لاغية وواهية مدعيًا أنها من الأسرار الغامضة، هروبًا من خزي الاستهزاء، وإخفاءً لأخطاء تَأَكََّدَ زيفُها.
وقال تعالى: “المهيمن العزيز الجبار المتكبر”.. أي أنه الحافظ للجميع، الغالب عليهم، المصلح لما خرب وفسد، المستغني كل الاستغناء.
وقال تعالى: “الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى”.. أي أنه خالق الأرواح كما أنه خالق الأجسام، وأنه المصور في الأرحام، وأنه صاحب جميع الأسماء الحسنى التي يمكن أن تُتَصوّر.
وقال تعالى: “يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم”.. أي أن سكان السماوات يذكرون اسمه بالتسبيح والتقديس كما يذكره سكان الأرض. وفي هذه الآية إشارة إلى أن الأجرام السماوية أيضًا عامرة بمخلوق آخر، وأنه هو الآخر مكلف بالعمل بأحكام الله تعالى.
وأما قوله تعالى: “على كل شيء قدير” ففيه سُلوان للعابدين.. إذ ما الفائدة أن نعقد على الله أملًا إذا كان عاجزًا لا يقدر على شيء؟
وقوله تعالى: “رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين” يعني أنه هو الإله الذي يقوم بتربية كل العوالم. وأنه الرحمن الرحيم، وهو بنفسه مالك يوم الدين، ولم يجعل هذه السُّلطة في يد أحد غيره.
وقوله تعالى: “أجيب دعوة الداعي إذا دعاني”.. يعني أنه يسمع دعاءَ كلِّ داعٍ ويرُدّ على دعائه ويستجيب له.
وقوله تعالى: “هو الحي القيوم”.. يعني أنه الباقي للأبد، وأنه حياةُ جميع الأحياء وقوامُ الموجودات كلها. إذ لولا أنه الأزليّ الأبديُّ لكنّا دائمًا أبدًا في قلق ووَجَل من موته قبل موتنا.
وقوله تعالى: “قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد”.. يعني أنه وحده إله، وليس بوالدٍ لأحد، ولا مولود لأحد، ولا ندَّ له، ولا أحدَ من جنسه”. (فلسفة تعاليم الإسلام، ص 69)
“إن كل ذرة من وجودنا وأرواحنا لتخرّ ساجدة لذلك الإله المقتدر الكامل الحق الذي بيده تم ظهور كل روح وكل ذرة من المخلوقات مزوَّدة بكل القوى، والذي من وجوده استقى كل كائن وجوده وعليه يتوقف وجود كل الموجودات، والذي لا يخرج عن نطاق علمه ولا عن سلطان تصرفه ولا عن سعة خلقه شيء. وألوف الصلاة والسلام والرحمة والبركة على ذلك النبي المطهر سيدنا محمد المصطفى ﷺ الذي به وجدنا ذلك الإله الحي الذي بنفسه يدل على وجوده بإظهار الآيات، وإنه يتحلى بوجهه الوضاح ذي القوى الخارقة القديمة الكاملة بإراءة الخوارق من آياته. فإننا قد تشرفنا باتباع رسول أخذ بيدنا إلى اجتلاء ربنا الأعلى، وبواسطته آمنا بذلك الإله الذي خلق كل شيء بقدرته. فما أروعَ قدرتَه وما أعظمَها، التي بدونها لا يملك شيء كيانه، والذي من دونه لا تقوم لشيء قائمة. فتبارك ذلك الإله الحق الذي هو إلهنا. فما أوسعَ قدرتَه وما أروعَ حسنَه وإحسانَه. لا إله إلا هو”. (نسيم دعوة، الخزائن الروحانية، مجلد 19 ص363)
“إن ذات الإله الحق هي غيب الغيب ووراء الوراء وعلى غاية من الخفاء، ولا يمكن أن تدركه العقول الإنسانية بمجرد قوتها، ولا يمكن أن يكون أي برهان عقلي دليلا قاطعا على وجوده تعالى، لأن غاية مساعي العقل أن يقرر، بَعْدَ النظر في صنائع هذا الكون، ضرورة وجود صانع له. ولكن الشعور بالضروة شيء، أما الوصول إلى درجة اليقين بأن الإله الذي تحددت ضرورته عند العقل هو موجود حقا، فهو شيء آخر تماما. وبما أن الدليل العقلي ناقص غير مكتمل ومشتبه ينقصه اليقين، فلذلك لا يمكن لكل واحد من الفلاسفة أن يعرف الله معتمدًا على عقله فقط، بل الحق أن معظم أولئك الذين يعتمدون في معرفة الله على عقولهم فقط، يصبحون ملحدين دهريين في النهاية، ولا يغني عنهم التفكّر في السماوات والأرض شيئا. يتخذون أولياء الله هزوا، متذرعين أن في الدنيا ملايين الأشياء التي نراها عبثا دون نفع، ولم تتحقق عند العقول حكمتها الدالة على الصانع، إنما هي باطلة لاغية. واأسفا على هؤلاء الجهلاء السفهاء الذين لا يعلمون أن عدم العلم بشيء لا يستلزم عدمه. هناك مئات الألوف من أمثال هؤلاء الذين يزعمون بأنهم هم العقلاء والفلاسفة من الدرجة الأولى، ولكنهم ينكرون وجود الله أشد الإنكار، ومن البيّن أنه لو كان عندهم برهان قوي ناصع على وجود الله، لما أنكروه، وكذلك لو كانوا متمسكين بدليل عقلي جازم، لما كفروا بوجود الله مستهترين مستهزئين أشد الاستهزاء. وليس أحد ممن ركب سفينتهم بناجٍ من طوفان الشبهات، بل إنه لغارق حتما، ولن يغترف من معين التوحيد الصافي غرفة. فانظروا، ما أشنعَ وما أفظعَ الزعمَ بأن التوحيد الخالص يمكن أن يبلغه أحد دون وسيلة سيدنا ومولانا محمد ﷺ، وأنه يمكن أن ينال النجاة بغيره ﷺ! فيا أيها السفهاء، كيف يمكنكم الإيقان بتوحيد الله ما لم توقنوا بوجود الله حق الإيقان؟ فتيقنوا أن التوحيد اليقيني لن يُتلقى إلا باتباع نبينا محمد ﷺ، فإننا نرى أنه ﷺ قد جعل العرب الملحدين المنحرفين يعتقدون بالله بألوف الآيات البينات، وأن أتباعه الصادقين الكاملين كانوا ولا يزالون يُتمّون الحجة على الملحدين بتلك الآيات المعجزات. الحق والحق أقول إن الشيطان لا يفرّ من قلب الإنسان ولا يدخله التوحيدُ الخالص ولا يكون موقنًا بالله ما لم يشاهد قدرات الحي القويم الخارقة الفياضة بالحياة، وإن ذلك التوحيد الخالص لن يُنال إلا باتباع نبينا محمد ﷺ”. (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية مجلد 22 ص 120-121)
“إن خلوّ الدعاء من التركيز على صفات الله وأسمائه يجعله غير مؤثِّر. ولا يهلك الناس لمجرد جهلهم بهذا السر فقط، بل لعدم محاولتهم معرفتَه. سمعت كثيرا من الناس يقولون: لقد دعَونا مرارًا ولم يسفر ذلك عن نتيجة، فأدى بهم هذا إلى الإلحاد. والحق أن لكل أمر قواعد وقوانين. وهكذا للدعاء أيضا قواعده وقوانينه المقررة. إن هؤلاء الذين يقولون إن أدعيتنا لا تستجاب، إنما ذلك لأنهم لا يهتمون بتلك القواعد والقوانين والمراتب التي هي ضرورية لاستجابة الدعاء…… تذكَّروا أن هذه وسوسة شيطانية وخدعة يقوم بها الشيطان بهذا الأسلوب ويوهم أن الدعاء لا يستجاب. والحق أن ذلك الدعاء يخلو من آداب الاستجابة وأسبابها، فلا تنفتح لـه أبواب السماء. اسمعوا جيدا أن القرآن الكريم يقول: “إنما يتقبل الله من المتقين”. فإن الله يستجيب أدعية أهل التقوى. أما الذين ليسوا بمتقين فأدعيتهم عارية من لباس الاستجابة، إلا أن ربوبية الله ورحمانيته ترعيانهم وتربيانهم”. (الملفوظات، مجلد 1، ص 417 – 418)
“فاعلم أن اسم الله اسمٌ جامد لا يعلم معناه إلا الخبير العليم، وقد أخبر -عزّ اسمُه – بحقيقة هذا الاسم في هذه الآية (بسم الله الرحمن الرحيم)، وأشار إلى أنه ذاتٌ متّصفة بالرحمانية والرحيمية، أي متصفة برحمةِ الامتنان ورحمةٍ مقيَّدةٍ بالحالة الإيمانية، وهاتان رحمتان كماءٍ أصفى وغذاءٍ أحلى من منبع الربوبية. وكل ما هو دونهما من صفات فهو كشُعَبٍ لهذه الصفات، والأصلُ رحمانية ورحيمية وهما مظهَرُ سِرِّ الذات”. (إعجاز المسيح، الخزائن الروحانية مجلد 18 ص 115 – 116)
“من يؤمن بالله فقط ولا يؤمن برسله، فلا بد أن ينكر صفاتِ الله تعالى. فمثلا هناك فرقة جديدة في زمننا اسمها “البراهمة” تدّعي أنها تؤمن بالله ولا تؤمن بالرسل، لذلك ينكرون كلام الله تعالى. والبديهي أن الله إذا كان يسمع فإنه يتكلم أيضا؛ فإذا لم يثبت كلامه فلم يثبت سمعه أيضا. هكذا فإن أمثال هؤلاء الناس ينكرون صفاتِ الله فيصيرون من الملحدين. وصفات الله تعالى أبدية كما هي أزلية، وتتجلى للعيان عن طريق الأنبياء حصرًا. ونفيُ صفات الله يستلزم نفيَ وجوده ﷻ”. (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية مجلد 22 ص 175)
“والأمور الواجبة للاتّباع هي أن يوقنوا بأن لهم إلهًا قادرًا قيّومًا خالق الكُلّ، والذي هو أزليّ أبديّ، وغير متغيّر في صفاته، لم يلد ولم يولد، وهو منـزه عن أن يتعرّض للألم أو أن يُصلَب أو يموت، ومن شأنه أنه قريب رغم بُعدِه وبَعيد على قربه وله مع كونه الواحد الأحد تجلّياتٌ شتّى، عندما يظهر من الإنسان تبدّلٌ جديدٌ يصير له إلهًا جديدًا ويعامله بتجلٍّ جديد، ويَرى الإنسانُ على قدر تبدّلِه تبدّلاً في الله أيضًا. ولا يعني ذلك أنّ تغيّرا ما يطرأ على الله تعالى، كلاّ، بل هو غير متغير منذ الأزل وصاحب الكمال التامٍّ، لكن عندما يحدث لدى الإنسان تغيّر ويميل إلى الخير، يظهر الله له أيضًا بتجلٍّ جديد، وتظهر جلوةُ قدرتِه بمزيد الجلاء عند كل حالة راقية تصدر من الإنسان. وهو سبحانه لا يُري قدرتَه الخارقةَ إلا حيث يظهر التبدل الخارق للعادة، وهذا هو أصل الخوارق والمعجزات. هذا هو الإله الذي يشترط على أفراد هذه الجماعة الإيمان به. فآمنوا به وآثِروه على أنفسكم وعلى جميع علاقاتكم وراحاتكم، وأظهِروا في سبيله الصدق والإخلاص على الصعيد العملي بكل شجاعة”. (سفينة نوح، الخزائن الروحانية، مجلد 19 ص 10-11)
“وإنّ إلهنا إِلَهٌ واحِدٌ قَديمٌ أزَليٌّ، وقد كفَر مَن شَكَّ وبالسوء تَظنَّى. ولكنه مع ذلك يتجدّد لأَصْفيائه، ويبرُز في حُلَلٍ جديدةٍ لأوليائه، كأنّه إله آخرُ لا يَعْرِفه أحَدٌ من الوَرَى، فيفعَلُ لهم أَفعالًا لا يُرى نظِيرُها في هذه الدنيا. ولا يخرق عادته إلا لِمَنْ خرَق عادته وتزكَّى، ولا ينـزلُ لأحدٍ إلا لِمن نـزل من مركب الأمّارة ورَكِبَ الموتَ لابْتغاء الرضَى، وخرّ على حضرته وأحرق جذبات النفس ومحا. وإنّه يُبدِّل عاداته للمُبدِّلين، ويتجدّد للمتجددين، ويهَب وجودًا جديدا لمن فنَى. وهذا هو المطلوب لكل مؤمن.. ومن لم ير منه شيئا فما رأى. وإنه يتجلّى لِعبادهِ المنقطعين بقُدرةٍ نادرةٍ، ويقوم لهم بعنايةٍ مُبتكرة، فيُري لهم آياتٍ ما مَسَّها أحد وما دنا. وإذا أقبلوا عليه بتضرع وابتهال، سعى إليهم ونجّاهم من كلّ نكال ومِنْ كُلِّ مَن آذى. وإذا اسْتفتَحوا بجُهْدهم وإقبالهم على الحضرة، قُضِيَ الأَمْر لهم بخرق العادةِ، وخاب كلّ من آذاهم وما اتّقى. وكيف يستوي وليُّ الله وعدوّه.. ألا ترى؟ الذين طحنتهم رحى المحبّة، ودارت عليهم لِحِبّهم أنواعُ دَورِ المصيبة، فهم لا يُهْلكون. ولا يجمع الله عليهم موتين.. موتٌ من يده وموتٌ من يد عدوّه.. لئلا يضحك الضاحكون، وكذلك مِن بَدْوِ خلقِ العالم قضى. إنْ يُهْلِكهم فهم عباده.. وإنْ ينصُرْهم فما العدوّ وعناده؟ وإنه كتب لهم العزّ والعُلَى. قوم أخفياء تحت ردائه، لا يعرفهم الخلق من دون إدرائهِ، واللهُ يعرفُ ويرى. فيقوم لهم كالشاهدين، ويُري لهم آياتٍ في الأرضين، ويهدي من يبتغي الهدى. ويتجالد لهم العدا، ويخلق لهم أسبابا لا يخلق لغيرهم، ويأمر ملائكه ليخدموهم بإِيصال خيرهم، فينصر عبده من حيث لا يُحْتسب ولا يُتظنّى”. (مواهب الرحمن، ص 10-11)
“إن تجلّي الله بمظاهر مختلفة لهو رحمة أيضا. انظروا إلى قوم يونس كيف نجَّاهم الله من العذاب لما تضرعوا وابتهلوا إليه، فتاب عليهم رحمة منه بعد أن توعَّد به بوحي قطعي. ففي تجلّي الله بمظاهر مختلفة أيضا لذة خاصة لا يتمتع بها إلا الذين يبتهلون إليه ويتضرعون أمامه. أتعجب كثيرا أن الناس يجاملون الناس مثلهم ولكنهم للأسف لا يجاملون الله”. (الملفوظات، مجلد 1 ص 155)
“إن الله ليُري وجهه بحسب كفاءة فطرة كل إنسان، فيبدو وجه الله كبيرا مرة وصغيرا في أخرى بحسب التفاوت في الطبائع الإنسانية، كالوجه يبدو كبيرا في المرآة الكبيرة وصغيرا في المرآة الصغيرة. غير أن المرآة، صغيرة كانت أو كبيرة، تُري قسمات الوجه وملامحه كلها، ويبقى الفرق الوحيد بينهما أن المرآة الصغيرة لا تُري الوجه بحجمه الصحيح. فكما يوجد هذا النقص في المرآة الصغيرة وهذه الزيادة في المرآة الكبيرة، فكذلك يطرأ بعض التغيرات في تجليات الله نظرًا إلى الكفاءات الإنسانية المختلفة، رغم كونه تعالى قديما وغير متبدل. وتبلغ هذه الفوارق في تجلّي الصفات الإلهية من شخص إلى آخر حدًّا يبدو فيه وكأن إله بكر أكبر من إله زيد وإله عمرو أكبر من إلههما. ولا يعني ذلك أن ثمة آلهة ثلاثة، بل الله واحد، وإنما تظهر صفاته بصور متنوعة من جراء تجلياته المختلفة. ومثاله أن إله موسى وعيسى ونبيِّنا ﷺ إله واحد وليس ثلاثة، ولكن ظهر الله الأحد نفسه بثلاث صور مختلفة نتيجة تجلياته المختلفة”. (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية المجلد 22 ص 28)
“إن الله يتجلى بأفعاله في الدنيا على ثلاثة أوجه، الأول: بكونه إلـهًا، والثاني: بكونه صديقًا، والثالث: بكونه عدوًا. فأفعاله التي تتعلق بالمخلوقات عامة تُظهره بصورة الإلـه فقط، وأما أفعاله التي تتعلق بمحبيه ومحبوبيه فلا تُظهره كإله فحسب، بل يغلب عليها طابع الصداقة، ويتراءى للعالم بوضوح أن الله يحمي هذا الرجل حماية الصديق، وأما أفعاله التي تُظهره كعدو فتكون مصحوبةً بعذاب أليم وبعلامات يتضح منها بجلاء أن الله يعادي هذا الشخص أو القوم”. (نـزول المسيح، الخزائن الروحانية المجلد 18 ص 517 – 518)
“يبرز في حلل جديدة لأوليائه كأنه إله آخر لا يعرفه أحد من الورى. فيفعل لهم أفعالاً لا يُرى نظيرها في هذه الدنيا. ولا يخرق عادته إلا لمن خرق عادته وتزكّى”. (مواهب الرحمن، ص 10)
“إن العبد يظهر محبته الخالصة الصادقة بإظهار حسن المعاملة ولكن الله عز وجل يأتي بالعجائب بإزائه، لأنه تعالى يسعى إليه كالبرق بإزاء هرولته ويظهر له آيات من السماء والأرض، ويكون وليا لأوليائه، وعدوا لأعدائه، وإن كان 500 مليون شخص أيضا خصيما له فإنه يخذلهم جميعا ويجعلهم كدود ميت ذلة وهوانا. وإنه تعالى يهلك عالما لأجل فرد واحد. ويجعل أرضه وسماءه خادمين له، ويجعل بركة في كلامه، وينـزل النور على أبواب بيته وجدرانه وحيطانه، ويجعل بركة في لباسه وطعامه وشرابه وفي الأرض التي تطؤها أقدامه، ولا يهلكه خائبا، وإنه تعالى يرد بنفسه على كل اعتراض يورد عليه، ويكون بصره الذي يبصر به، وسمعه الذي يسمع به، ولسانه الذي يتكلم به، ورجله التي يمشي بها، ويده التي يصول بها على أعدائه. وإنه بنفسه يخرج لمحاربة أعدائه ويسل السيف على الذين يؤذونه، وينصره في كل موطن، ويكتب له الغلبة والفتح في كل ميدان، ويظهره على أسرار قضائه وقدره المكنونة”. (براهين أحمدية، الخزائن الروحانية ج 21 ص 225)
“ليكنْ واضحًا أن صفات الله تعالى لا تبرح تتجلى متناوبةً تناوُبَ النجوم في ظهورها. فأحيانا يكون الإنسان تحت أظلال صفاته تعالى الجلالية واستغنائه الذاتي، وطورًا يكون مهبطَ صفاته الجمالية، وإلى ذلك يشير الله تعالى بقوله: (كُلَّ يوم هُو في شأن). فمن منتهى الجهل أن نظن أن صفات اللطف والرحمة ستتعطل للأبد بعد أن يُلقَى المجرمون في النار، ولن تتجلى بتاتا، ذلك لأن تعطُّلَ صفاتِ الله ممتنع، بل الحق أن الصفة الحقيقية لله هي الحب والرحمة، وهي أُمُّ الصفات، وهي التي تهيج أحيانا بمظاهر الجلال والغضب لأجل إصلاح الإنسان، وعندما يتم إصلاحه تتجلى صفة الحب بصبغتها الحقيقية مرة أخرى، ثم تلازمُ الإنسانَ دون انقطاع كموهبة إلهية. إن الله تعالى ليس كإنسان حقود يتطلع دوما إلى معاقبة الناس. وإنه لا يظلم أحدًا، بل الناس يظلمون أنفسهم. إن النجاة كلها في حبه تعالى، وإن العذاب كله في الابتعاد عنه”. (چشمه مسيحي -ينبوع مسيحي- الخزائن الروحانية المجلد 20 ص 369-370)
“ليس بإمكاني أن أعدّد تلك الآيات التي أعرفها. اللهم إني أعرفك حقا أنك أنت إلهي، لذا فإن روحي تتوثب إليك بسماع اسمك كما يتوثب الرضيع لرؤية أمه، ولكن أكثر الناس لم يعرفوني ولم يقبلوني”. (ترياق القلوب، الخزائن الروحانية مجلد 15 ص 511)
“يا ربّ.. يا ربّ الضعفاء والمضطرّين، ألستُ منك؟ فقُلْ وإنك خير القائلين. كثُر اللعنُ والتكفير، ونُسِبْتُ إلى التزوير، وسمعتَ كله ورأيتَ يا قدير، فافتَحْ بيننا بالحق وأنت خير الفاتحين. ونَجِّني من علماء السوء وأقوالهم، وكِبرهم ودلالهم، ونَجِّني من قوم ظالمين. وأَنْزِلْ نصرًا من السماء، وأَدْرِكْ عبدك عند البلاء، ونَزِّلْ رجسك على الكافرين. وصرتُ كأذلّةٍ مطرودَ القوم ومورد اللوم، فانصرنا كما نصرتَ رسولك ببدرٍ في ذلك اليوم، واحفَظْنا يا خيرَ الحافظين. إنّك الربّ الرحيم، كتبتَ على نفسك الرحمة، فاجعل لنا حظًّا منها وأَرِنا النصرة، وارحمنا وتُبْ علينا وأنت أرحم الراحمين.
ربّ نجّني مما يقصدون، واحفَظْني مما يريدون، وأَدْخِلْني في المنصورين. ربّ فَرِّجْ كربي، وأحسِنْ منقلبي، وأظفِرْني بقُصْوى طلبي، وأَرِني أيام طربي، وكُنْ لي يا ربّي، يا عالِمَ همّي وأَرَبي، وصافِني وعافِني يا إلهَ المستضعَفين. كذَّبني كلُّ أخِ الترّهات، وكفّرني كلُّ أسير الجهلات، وما بقِي لي إلا أن أنتجع حضرتَك، وأطلب عونك ونصرتك، يا قاضِيَ الحاجات، لعلّك تردّ نهاري بعد أن صغَتْ شمسي للغروب، وضجِر القلب من الكروب. ووالله ما تَأَوُّهِي لِفَوْتِ أيامِ السرور ولا للتنعم والحبور، بل للإسلام الذي صال عليه الأعداء، وأفَلَتْ شموسُه وطالت الليلة الليلاء، وظهرت المداجاةُ في فِرق الإسلام والتفرقةُ في أمّة خير الأنام. وأمّا الكفّار وأحزاب اللئام، فقد انتظموا في سِلك الالتئام. والحسرة الثانية أن فينا العلماء والفقهاء والأدباء، ولكنهم فسدوا كلهم وأحاطت عليهم البلاء، إلا ما شاء الله. ربّ فارحَمْ وتقبَّلْ منّا دعاءنا، وإليك الشكوى والالتجاء…. فالآن أُفرِدتُ كإفراد الذي يبيتُ في البيداء، أو كالذي يقعد في أهل الوبر وسكان الصحراء، فالآن قلّتْ حيلتي وضعفت قوّتي، وظهر هواني على قومي وعشيرتي، ولا حول ولا قوّة إلا بك يا ربّ العالمين. إليك أنبتُ، وعليك توكّلتُ، وبك رضيتُ. ربّ فاستُرْ عَوراتي، وآمِنْ رَوعاتي، ولا تذَرْني فردًا وأنت خير الوارثين. بِيدك البذلُ والعطاء، والعزُّ والعلاء، وإذا أتيتَ فلا يأتي البلاء، وإذا نزلتَ فلا ينـزل الضرّاء. وأشهد أن لا إله إلا أنت، ولا رافع إلا أنت، ولا دافع إلاّ أنتَ، عليك توكّلتُ، وبحضرتك سقطتُ، وأنت كهف المتوكلين. أحسن إليّ يا مُحسني ولا أعلم غيرك من المحسنين”. (نور الحق، ص 128-129)
تعريب شعر بالأردية
“ما لي وللبلاد، فإن بلادي تختلف عن الجميع. وما لي وللتيجان، فإن تاجي هو رضوان الحبيب ﷻ”. (براهين أحمدية، الجزء الخامس، الخزائن الروحانية مجلد 21، ص 141)
أيا محسني أُثني عليك وأشكرُ | فدًى لك روحي أنت تُرسي ومأزَرُ |
بفضلك إنا قد غلبنا على العِِدا | بنصرك قد كُسِرَ الصليب المبطِّرُ |
تلبّيك روحي دائما كلَّ ساعة | وإنك مهما تَحْشُرِ القلبَ يَحْضُرُ |
وتعصمني في كل حرب تَرَحُّمًا | فدًى لك روحي أنتَ دِرعي ومِغْفَرُ |
ينوّر ضوءُ الشمس وجهَ خلائقٍ | ولكن جناني من سناك يُنوَّرُ |
تحيط بكُنْهِ الكائنات وسِرِّها | وتعلم ما هو مستبان ومُضمَرُ |
ونحن عبادك يا إلهي وملجأي | نخِرُّ أمامك خشيةً ونكبِّرُ |
سقاني من الأسرار كأسا رَوِيَّةً | وإن كنتُ مِن قبل الهدى لا أعثُرُ |
غيورٌ يبيد المجرمين بسخطه | غفورٌ ينجّي التائبين ويغفرُ |
وحيد فريد لا شريك لذاته | قويٌّ عليٌّ مسـتعان مُقـدِّرُ |
له الملك والملكوت والمجد كله | وكلٌّ له ما بان فينا ويظهَرُ |
ودودٌ يحبّ الطائعين ترحّمًا | مليكٌ فيُزعِج ذا شِـقاق ويحصِرُ |
يحيط بكيد الكائدين بعلمه | فيهلك من هو فاسق ومزوِّرُ |
ولم يتخذ ولدًا ولا كفوٌ لهُ | وحيد فريد ما دناه التكَثُّرُ |
ومن قال إن له إلها قادرا | سواه فقد نادى الردى ويُدمَّرُ |
ألا أيها الناس اتقوا الله ربكم | وإن عذاب الله أدهى وأكبرُ |
ألم يأتكم نُذُرٌ وآياتُ ربكم | نرى بَغْيَكم ودموعُنا تتحدرُ |
ولكلّ نبأٍ مستقرٌّ ومَظْهَرُ | ولكلّ ما يأتيك وقت مقدّرُ |
ويَحكُم ربُّ العرش بيني وبينكم | وها أنا قبل عذاب ربّي أُخبِرُ |
فإنْ أكُ صدّيقًا فربّي يعزّني | وإن أكُ كذّابًا فسوف أُحَقَّرُ |
وأعلم أن مهيمني لا يضيعني | وأعلم أن مؤيِّدي سوف يَنصُرُ |
وتحت رداء الله روحي ومُهْجتي | وما يعرفني أحد وربّي يُبصِرُ |
وما كان أن تُخفَى الحقائقُ دائما | وما يكتم الإنسان فالدهر يُظهِرُ |
وإنا توكّلْنا على الله ربّنا | وقد شَدَّ أَزْرَ العبد ربٌّ مبشِّرُ |
وآخر دعوانا أن الحمد كله | لربٍّ يرى حالي وقالي وينصرُ |
(كرامات الصادقين ص 11-27)
بِكَ الحولُ يا قيومُ يا منبعَ الهدى | فوفِّقْ لي أن أثني عليك وأحمدا |
تتوب على عبد يتوب تندُّمًا | وتنجي غريقًا في الضلالة مُفسدا |
كبير المعاصي عند عفوك تافهٌ | فما لك في عبدٍ ألَمَّ تردُّدا |
تحيط بكنهِ الكائنات وسِرِّها | وتعلم منهاج السِّوى ومُحَرَّدا |
ونحن عبادك يا إلهي وملجئي | نخرّ أمامك خشيةً وتعبُّدا |
وما كان أن يخفى عليك نُحاسُنا | وتعلم ألوان النحاس وعَسْجَدا |
وما كان مِثلُك قدرةً وترحمًا | ومثلُك ربي ما أرى متفردا |
فسبحان مَن خلَق الخلائق كلها | وجعل كشيء واحد متبددا |
غيورٌ يُبيد المجرمين بسخطه | غفور ينجّي التائبين من الردى |
فلا تأْمَنَنْ مِن سخطه عند رحمه | ولا تيئسَنْ من رُحمه إن تَشدَّدا |
وإن شاء يبلو بالشدائد خَلْقَه | وإن شاء يُعطيهم طريفًا ومُتْلَدا |
وحيدٌ فريد لا شريكَ لذاته | قويٌّ عليٌّ في الكمال توحَّدَا |
ومن جاءه طوعا وصدقا فقد نجا | وأُدْخِلَ وِرْدًا بعدما كان مُلْبَدا |
له الملك والملكوت والمجد كله | وكلٌّ له ما لاح أو راح أو غدا |
ومن قال إن له إلها قادرا | سواه فقد تبع الضلالة واعتدى |
هدى العالمين وأنزل الكتب رحمةً | وأرسل رسلا بعد رسل وأكّدا |
وأنت إلهي مأمني ومفازتي | وما لي سواك معاونٌ يدفع العدا |
عليك توكلنا وأنت ملاذنا | وقد مسَّنا ضُرٌّ وجئناك للندى |
ولستُ بذي علم ولكن أعانني | عليم رآني مستهاما فأيّدا |
وواللهِ إني صادق غيرُ مفترٍ | وأيّدني ربي وما ضاعني سُدًى |
(كرامات الصادقين، ص 28-33)
عِلمي من الرحمن ذي الآلاءِ | بالله حُزْتُ الفضلَ لا بِدَهَاءِ |
كيف الوصول إلى مدارجِ شكرهِ | نثني عليه وليس حولُ ثنـاءِ |
الله مولانا وكـافلُ أمـرنا | في هذه الدنـيا وبعـد فناءِ |
لولا عنايـته بـزمنِ تطَـلُّبي | كادت تُعفِّيني سيولُ بكائي |
بشرى لنا إنا وجدْنا مـؤنسًا | ربًّا رحيمًا كاشِفَ الغَـمّاءِ |
أُعطيتُ مِن إِلْفٍ معارفَ لُبَّها | أُنزلتُ مِن حِبٍّ بـدار ضياءِ |
نتلو ضياءَ الحقّ عند وضوحهِ | لَسْنا بمـبتاع الدجى بِبَراءِ |
نفسي نَأَتْ عن كل ما هو مظلمٌ | فأنختُ عند منوِّري وَجْنائي |
غلبَتْ على نفسي محبّةُ وجههِ | حتى رميتُ النفسَ بالإلغاءِ |
لما رأيت النفسَ سدّتْ مُهْجَتي | ألقيتُها كالمَيْت في البيداءِ |
الله كهفُ الأرض والخضراءِ | ربٌّ رحيم ملجأُ الأشياءِ |
بَـرٌّ عَطوفٌ مأمَنُ الغرماءِ | ذو رحمةٍ وتبرُّعٍ وعطاءِ |
أحدٌ قـديـم قائم بوجودهِ | لم يتخـذْ ولدًا ولا الشركاءِ |
وله التفرّد في المحَامد كلـها | وله علاء فـوق كلّ عـلاءِ |
الـعاقلـون بعالَميـن يرونهُ | والعـارفون به رأوا أشيـاءِ |
هـذا هو المعبود حقًّا للورى | فـردٌ وحيد مـبدء الأضواءِ |
هذا هو الحِبُّ الذي آثرتُهُ | ربُّ الورى عين الهدى مولائي |
ندعوه في وقت الكروب تضرّعًا | نرضى به في شـدّة ورخاءِ |
أعطى فما بقيتْ أمـاني بعدهُ | غمَرتْ أيادي الفيض وجهَ رجائي |
إنا غُـمسنا مِن عنـاية ربّنا | في النور بعد تمـزُّق الأهواءِ |
إنّ المحبّة خُـمِّرتْ في مُهْجتي | وأرى الودادَ يلوح في أهبائي |
إني شربت كؤوس موت للهدى | فوجدتُ بعد الموت عينَ بقاءِ |
إني أُذِبتُ من الوداد ونارهِ | فأرى الغروبَ يسيل من أهرائي |
الدمع يجري كالسيول صبابةً | والقلب يُشوَى من خيال لقاءِ |
وأرى الوداد أنارَ باطنَ باطني | وأرى التعشق لاحَ في سِيمائي |
الخَلقُ يبغُون اللذاذةَ في الهوى | ووجدتُها في حُرقـةٍ وصِلاءِ |
الله مقصد مُهْـجَتي وأريده | في كل رشحِ القلم والإملاءِ |
يا أيّها الناس اشربوا من قِربتي | قد مُلئ من نور المفيض سِقائي |
قوم أطاعوني بصـدق طويّةٍ | والآخـرون تكبّروا لغطاءِ |
حسدوا فسبّوا حاسدين ولم يزلْ | حسَدتْ لئامٌ كلَّ ذي نعماءِ |
مَن أنكر الحقَّ المـبين فـإنّهُ | كلبٌ وعَقب الكلبِ سِرْبُ ضِراءِ |
آذَوا وسبّوني وقالوا كافـرٌ | فاليوم نقضي دَينَهم برِباءِ |
واللهِ نحن المسلمون بفضلـهِ | لكن نزا جهلٌ على العلماءِ |
نـختار آثـار النَّبـيِّ وأَمْرَهُ | نقفو كتابَ الله لا الآراءِ |
إنّا بَراءٌ في مناهـج ديـنـهِ | مِن كلّ زنديق عـدوِّ دَهاءِ |
إنا نطيع محمّدًا خيرَ الورى | نورُ المُهَيمن دَافِع الظَّلماءِ |
مُـتنا بموت لا يراه عـدوُّنا | بعُدتْ جنازتـنا من الأحياءِ |
إنّ المقرَّب لا يضاع بفتـنةٍ | والأجر يُكتب عند كُلّ بلاءِ |
ما خاب مَن خاف المهيمنَ ربَّهُ | إنّ المهيـمن طالبُ الطلباءِ |
لَمَّا رَأَيْتُ كَمَالَ لُطْفِ مُهَيْمِني ذَهَبَ الْبَـلاءُ فَمَا أُحِسُّ بَـلائِي
مَا خَابَ مِثْلي مُؤْمِنٌ بَلْ خَصْمُنَا قَـدْ خَابَ بِالتَّكْفِـيرِ وَالإِفْتَـاءِ
اللهُ أَعْـطَانِي حَـدَائِقَ عِلْمِـهِ لَوْلا الْعِنَايَـةُ كُنْتُ كَالسُّفَهَـاءِ
إِنِّي دَعَـوْتُ اللهَ رَبًّا مُّحْسِـنًا فَأَرَى عُيُـونَ الْعِلْمِ بَعْـدَ دُعَائِي
إِنَّ الْمُهَيْمِنَ لا يُعِـزُّ بِنَخْـوَةٍ إِنْ رُمْتَ دَرَجَـاتٍ فَكُنْ كَعَفَاءِ
عِنْـدِي دُعَاءٌ خَاطِفٌ كَصَوَاعِقٍ فَحِذَارِ ثُمَّ حِـذَارِ مِّنْ أَرْجَـائِي
وَاللهِ إِنِّـي لا أُرِيـدُ إِمَـامَـةً هَـذَا خَيَالُكَ مِنْ طَرِيـقِ خَطَاءِ
إِنَّـا نُرِيـدُ اللهَ رَاحَـةَ رُوحِنَا لا سُـؤْدَدًا وَّرِيَاسَـةً وَّعَـلاءِ
إِنَّـا تَـوَكَّلْنَـا عَلَى خَـلاَّقِنَا مُعْطِي الْجَـزِيلِ وَوَاهِبِ النَّعْمَاءِ
إِنِّي بِأَفْضَالِ الْمُهَـيْمِنِ صَادِقٌ قَـدْ جِئْتُ عِنْدَ ضَـرُورَةٍ وَّوَبَاءِ
يَا رَبِّ أَيِّـدْنَا بِفَضْلِكَ وَانْتَقِمْ مِمَّـنْ يَـدُعُّ الْحَـقَّ كَالْغُثَّـاءِ
يَا رَبِّ قَوْمِـي غَلَّسُوا بِجَهَالَةٍ فَارْحَمْ وَأَنْزِلْهُـمْ بِـدَارِ ضِـيَاءِ
أَعْلَى الْمُهَـيْمِنُ هِمَمَنَا في دِينِهِ نَبْـني مَنَازِلَنَـا عَلَى الْجـوْزَاءِ
يَا لاَعِـني إِنَّ الْمُهَـيْمِنَ يَنْظُرُ خَـفْ قَـهْرَ رَبٍّ قَادِرٍ مَّوْلآئِي
يَا رَبَّنَا افْتَـحْ بَيْـنَنَا بِكَرَامَةٍ يَا مَـنْ يَرَى قَلْـبي وَلُبَّ لِحائِي
يَا مَنْ أَرَى أَبْـوَابَهُ مَـفْتُوحَةً لِلسَّـائِلِينَ فَـلا تَـرُدَّ دُعَـائِي
مكتوب أحمد، ص 112-119)
سعيتُ وما وَنَيتُ بشوق ربّي إلى أَن جاءني رَيّا الوصالِ
وقد أُشرِبتُ كأسًا بعد كأسٍ إلى أن لاحَ لي نورُ الجمالِ
وقد أُعطيتُ ذوقًا بعد ذوقٍ ونَعْماءَ المَحبّةِ والدَّلالِ
وجَدتُ حياةَ قلبي بعد موتي وعادتْ دولتي بعدَ الزّوالِ
لُفاظاتُ المَوائدِ كان أُكْلِي وصِرتُ اليومَ مِطْعامَ الأهالي
أزيد بفضله يومًا فيومًا وأُصلِي قلبَ منتظرِ الوبالِ
(التبليغ، ص 169)
أعطيتَني كأس المحبة رَيْقَها فشربتُ رَوحاءً على رَوْحاءِ
إني أموت ولا يموت محبتي يُدْرى بذكرك في التراب ندائي
(منن الرحمن، الخزائن الروحانية مجلد 9 ص 169)
“إن الأمر الحريّ بالقبول دون نقاش هو أن الإله الحق الكامل الذي يجب أن يؤمن به كل إنسان هو رب العالمين. إن ربوبيته تعالى ليست مقصورة على قوم معينين أو عصر معين أو بلد معين، بل هو رب الأقوام كلها، ورب الأزمان كلها، ورب البلدان كلها، ومبدأ الفيوض كلها، ومنبع القدرات – المادية والروحانية – كلها، ورب الموجودات كلها، وسند المخلوقات كلها. إن الفيض الإلهي عام يشمل جميع الأقوام وجميع البلدان وجميع الأزمان”. (بيغام صلح – رسالة السلام- الخزائن الروحانية، مجلد 23، ص 442)