يقول المسيح الموعود عليه السلام:
“إن قضية حياة عيسى كانت في الأوائل بمثابة خطأ فحسب، أما اليوم فقد تحول هذا الخطأ إلى أفعى تريد ابتلاع الإسلام… فمنذ أن قويت شوكة المسيحية واعتبر المسيحيون حياة المسيح دليلا كبيرًا وقويًّا على ألوهيته، قد أصبح هذا الخطأ خطرًا مهدِّدًا؛ إذ يقول هؤلاء بكل شدة وتكرار: لو لم يكن المسيح إلهًا فكيف صعد وجلس على العرش إذاً؟ وإذا كان بإمكان بشر أن يصعد إلى السماء حيًّا فلماذا لم يصعد إليها أحد من البشر منذ آدم إلى اليوم؟…..
إن الإسلام اليوم في ضعف وانحطاط، وقضية حياة المسيح هي السلاح الذي حملته المسيحية للهجوم على الإسلام، وبسببها أصبحت ذرية المسلمين صيدًا للمسيحية….. فأراد الله تعالى الآن تنبيه المسلمين لذلك“. (الملفوظات ج 8، ص 337 و345)
“تذكروا جيدا أنه لن تموت العقيدة الصليبية من دون إثبات موت المسيح الناصري. فما الفائدة من الاعتقاد بحياته خلافًا لتعاليم القرآن. دَعُوه يَمُتْ ليحيا هذا الدين“. (سفينة نوح، الخزائن الروحانية، مجلد 19 ص 17)
“أيها الناس، اذكروا شأن المصطفى.. عليه سلام رب السماوات العلى.. واقرؤوا كتب المتنصّرين، وانظروا صولتهم على عرض سيد الورى، فلا تُطرُوا ابن مريم، ولا تعينوا النصارى يا وُلْدَ المسلمين. ألرسولنا الموت والحياة لعيسى؟ تلك إذًا قسمة ضيزى! ما لكم لا ترجون وقارًا لسيّد السيّدين؟” (التبليغ، ص 9)
“أيها الناس.. لا تجاوزوا حدود النهج القويم، وزِنوا بالقسطاس المستقيم. ووالله، إن موت عيسى خير للإسلام من حياته، وكلّ فتح الدين في مماته. أتستبدلون الذي هو شرّ بالذي هو خير، ولا تُفرّقون بين النفع والضَّير؟ ووالله، لن يجتمع حياة هذا الدين وحياة ابن مريم، وقد رأيتم ما عَمَّرَ حياتُه إلى هذا الوقت وما هدّم، وترون كيف نصَر النصارى حياتُه وقدّم، وجرّح الدينَ الأقوم. ولما ثبت ضيره فيما بين يدينا، فكيف يُتوقّع خيره فيما خَلْفَنا؟ وإذا جرّبنا إلى طول الزمان مضرّات حياته، فأيّ خير يرجى من هذه العقيدة بعد ذلك مع ثبوت معرّاته؟ والعاقل لا يعرض عن مجرّباته. وإن الله يوافي دروب الحكمة، ويرحم عباده ويعصمهم من أبواب الضلالة. ولا شكّ أنّ حياة عيسى وعقيدة نزوله باب من أبواب الإضلال، ولا يتوقّع منه إلا أنواع الوبال. ولله في أفعاله حِكم لا تعرفونها، ومصالح لا تمسّونها. ففكّروا، رحمكم الله.. إن عقيدة حياة عيسى كما تصرّون عليه إلى هذا الآن، ثم عقيدة نزوله في آخر الزمان، أمرٌ ما أفادكم مثقال ذرّة، وما أيّد ديننا الذي هو خير الأديان، بل أيّد دين النصارى وأدخل أفواجا من المسلمين في أهل الصّلبان. فلا أدري أيّ حاجة أحسستم لنـزوله يا معشر المسلمين؟ وإن حياته يضرّكم ولا ينفعكم. أما رأيتم ضررًا فيما مضى من السنين؟ أنفعتْكم هذه العقيدة فيما مرّ من الزمان؟ بل ما زادتْكم غير تتبيب وارتداد الرجال والنسوان. فأيّ خير يُرجى منه بعده يا فتيان؟ ورأيتم المتنصّرين ما جُذبوا إلى القسيسين إلا بهذه الحبال، وهذا هو اللصّ الذي ألقاهم في بئر الضلال. وكانوا ذراري هذه الملّة، ثم صاروا كالحيوات أو كسباع الأجمة. وعادَوا الإسلام وسبّوه بأنْكرِ أصواتِ نهيقٍ، وتركوا أقاربهم ووالديهم في زفيرٍ وشهيق، ووقفوا نفوسهم على سبّ خير البريّة وتوهينِ كتابٍ هو أكمل من الكتب السابقة“. (الاستفتاء، ص 64-65)
“ألا يعلمون أنه ما كان لبشر أن يحضر يوم النشور، من قبل أن يُقبَض روحه ويكون من أصحاب القبور؟ ما لهم لا يتدبّرون؟ وقد حثا الصحابة التراب فوق خير البريّة، ومزاره موجود إلى هذا الوقت في المدينة المنوّرة. فمِن سوء الأدب أن يقال إن عيسى ما مات، وإنْ هو إلا شرك عظيم.. يأكل الحسنات ويخالف الحصاة. بل هو تُوفّي كمثل إخوانه، ومات كمثل أهل زمانه. وإنّ عقيدة حياته قد جاءتْ في المسلمين من الملّة النصرانية، وما اتّخذوه إلهًا إلا بهذه الخصوصية، ثم أشاعها النصارى ببذل الأموال في جميع أهل البدْو والحضر، بما لم يكن أحد فيهم من أهل الفكر والنظر. وأما المتقدّمون من المسلمين فلم يصدر منهم هذا القول إلا على طريق العثار والعثرة، فهم قوم معذورون عند الحضرة، بما كانوا خاطئين غير متعمّدين. وما أخطأوا إلا من وجه الطبايع الساذجة، والله يعفو عن كلّ مجتهد يجتهد بصحّة النيّة، ويؤدّي حقّ التحقيق من غير خيانة على قدر الاستطاعة. إلا الذين جاءهم الإمام الحَكَم مع البيّنات من الهُدى، وفرّق الرُّشد من الغيّ وأظهر ما اختفى، ثم أعرضوا عن قوله وما وافَوا دروب الحقّ بل منعوا من وافى. وخالفوه وماتوا على عناد وفساد كالعدا، وفرحوا بهذه ونسوا غدا“. (الاستفتاء، ص 51-52)
“وإن القسوس طربوا وشهقوا بوجود هذه العلماء، وآووهم إلى سررهم إعزازًا للرفقاء. فإنهم آثروا الكذب لإحياء عيسى وزيّنوا دقارير، ونسوا مضجع ابن مريم بكشمير. فلما رأى القسوس بعد التمرّس والتجربة، أنهم حُماتهم في جعل عيسى من الآلهة، قالوا لنا عند المسلمين شهادة في عظمة ربنا المسيح، فإنهم يُقرّون بصفاته الربانية بالتصريح. وما كذبوا في هذا البيان، وإن كانوا كاذبين عند الرحمان. فإنّك تعلم أن هذه العلماء قد تفوّهوا بألفاظ في شأن عيسى ليس معناها من غير أنهم جعلوه لله كالمتبنّى، ولن تعود دولة الإسلام إلى الإسلام، من غير أن يتّقوا ويوحّدوا ويدوسوا هذه العقيدة تحت الأقدام. إنهم يُحطّون ويدَعّون كل يوم إلى تحت الثرى، إلاّ إذا اتّقوا وجعلوا عيسى من الموتى.
ووالله إني أرى حياة الإسلام في موت ابن مريم، فطوبى للذي فهم هذا السرّ وفهّم. ألا ترون القسيسين كيف يُصرّون على حياته؟ ويُثبتون ألوهيته من صفاته؟ فأين فيكم رجل يردّ عليهم لله ومرضاته؟ ويُثبت أنه من الموتى ويسدد قوله من جميع جهاته، ويقوّم سهمه مع موالاته، ويهزم العدوَّ بصائِبِه ومُصْمِياته؟ كلا.. بل أنتم تعاونونهم وتنصرون، وبأصوات النواقيس تفرحون، ولا تُسفرون عن أوجهكم.. أأنتم القسوس أم المسلمون؟ أتحولون حولهم لعلّكم تُرزقون؟ أوَتُوَقّرون بهم وتُعزّزون؟ ولله العزّة جميعا وله خزائن السماوات والأرض وكل ما تطلبون. لما لكم لا تؤمنون بالله ولا تتوكّلون؟” (الهدى والتبصرة لمن يرى، الخزائن الروحانية، مجلد 18 ص 320)
“وأما العقيدة المشهورة.. أعني قول بعض العلماء أن المسيح الموعود ينـزل من السماء ويقاتل الكفار ولا يقبل الجزية بل إما القتل وإما الإسلام.. فاعلموا أنها باطلة ومملوءة من أنواع الخطأ والزلّة ومن أمور تخالف نصوص القرآن، وما هي إلا تلبيسات المفترين. يا حسرة عليهم! إنهم أَطْرَأُوا عيسى مِن غير حق حتى قال بعضهم إنه ملَك كريم وليس من نوع الإنسان! وقال بعضهم إن هو إلا كلمة الله وروح الله، وليس في هذه المرتبة شريكا له. وزاد بعضهم عليه حواشي أخرى، وقال هو مخلوق أقرب إلى الله وأفضل من الملائكة، فإن الملائكة لا يُرفَعون إلى العرش وهو مرفوع على العرش لأنه مرفوع إلى الله، فهو أفضل من الملائكة كلهم ومن كل ما خُلِقَ وذُرِئَ. هذا بيان بعض العلماء، وأما صاحب “الإنسان الكامل” عبدُ الكريم الذي هو من المتصوفين، فبلّغ الأمرَ إلى النهاية، وقال إن التثليث بمعنى حق ولا حرج فيه، وإن عيسى كذا وكذا، بل أشار إلى أنه ليس بمخلوق. ومنهم من اعتدى في كذبه وقال: بسم الله الآب والابن وروح القدس. كذلك أيّدوا الفِرْية ونصروها. وكان الكذب في أول الأمر قليلا، ثم من جاء بعد كاذبٍ ألحقَ بكذبه كذبا آخر، حتى ارتفعت عمارة الكذب، وجُعل ابنُ عجوزةٍ ابنَ الله، وبعد ذلك جُعل إلهَ العالمين، ألا لعنة الله على الكاذبين. إنْ عيسى إلا نبي الله كأنبياء آخرين، وإنْ هو إلا خادم شريعة النبي المعصوم الذي حرّم الله عليه المراضع حتى أقبلَ على ثدي أُمّه، وكلّمه ربُّه على طور سينين وجعله من المحبوبين“. (نور الحق، ص 39-40)