يقول المسيح الموعود ؏:
“نحن لا نستطيع الحكم على سرائر الآخرين، فإنه إثم. إن الإنسان يظنّ أن فلانا سيئ، ثم يصبح هو نفسُه أسوأ منه. ولقد قرأت في الكتب أن أحدًا من أهل الله الأبرار تعاهدَ مرة أنه لن يفضّل نفسه على أحد. وصادف بعد ذلك أنه رأى شخصًا جالسًا على ضفة نهر مع امرأة شابة ويأكل الخبز ويشرب من زجاجة موضوعة بجانبه. فحين رآه من بعيد قال في نفسه: صحيح أنني قد تعاهدت أني لن أفضِّل نفسي على أحد، إلا أنني أفضَلُ من هذين بلا شك. وبينما هو في ذلك إذ هبَّتْ عاصفة قوية تبِعها طوفان في النهر، فغرقت سفينة كانت تقترب إلى الشاطىء. فنهض ذلك الشاب وقفز في النهر فأنقذ ستة من الغرقى. ثم توجه إلى ذلك الشيخ فقال له: لقد ظننتَ أنك أفضل مني، ومع ذلك تمكَّنتُ من إنقاذ ستة أشخاص، فهلاّ قفزتَ في النهر وخلّصت سابِعَهم الذي بقي! فاندهش الشيخ بسماع قوله وسأله في استغراب: كيف عرفتَ ما بداخلي، وما هي القضية؟ فقال الشاب: إنما تحتوي تلك الزجاجة على ماء النهر وليس الخمر، وإن تلك المرأة هي أمي وأنا وحيدها. إنها تبدو شابّةً لأن صحتها جيدة. ولقد أمرني الله تعالى أن أقوم بهذا كله لكي تتلقى درسًا.
ويبدو بأن قصة الخَضِر هي الأخرى من هذا القبيل. إن التسرع في سوء الظن أمرٌ وخيم، كما أن الحكم على سرائر العباد أمر خطير. لقد هلكَ أقوام كثيرون لإساءتهم الظن بالأنبياء وأهل بيتهم“. (الملفوظات ج 4 ص 265-266)