يقول المسيح الموعود ؏:

إن لمجيء أنبياء الله موسمًا ولرحيلهم موسمًا كذلك. فتأكدوا أنني لم آتِ بدون موسم، ولن أذهب بدون موسم. فلا تختصموا مع الله“. (ضميمة تحفة غولروية، الخزائن الروحانية مجلد 17، ص 50)

عندما تجاوز تكذيب القساوسة للإسلام كل الحدود بعثني الله تعالى لإقامة الحجة المحمدية. فأين القساوسة الذين يجرؤون على مبارزتي. إنني لم آت بدون موسم بل جئت حينما ديس الإسلام تحت أقدام النصارى…. اِئتوني اليوم بقسيس يزعم بأن ليس لسيدنا المصطفى ﷺ أية نبوءات صادقة. تذكروا أن زمن هذه الأقوال قد ولّى بمجيئي، أما الآن فيريد الله تعالى أن يظهر للعالم أن النبي العربي محمدًا ﷺ الذي سُبَّ وأهين اسمه، والذي ألَّف ونشر القساوسة في تكذيبه مئات الآلاف من الكتب، هو الصادق وسيد الصادقين” (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية، مجلد 22 ص 286)

وإنه جاء في وقت الضرورة، وعند مصيبةٍ صُبّتْ على الإسلام من أيدي الكفرة، وعند الكسوفَين الموعودين في رمضان، يا أهل الفطنة. ودعا إلى الحق على وجه البصيرة، وأُيّد بكلّ ما يؤيَّد به أهل الاجتباء والخُلّة. واقتضى الزمان أن يجيء، ويبكّت الكفارَ، ويهدم ما عمروه، فهو يدعو الزمان والزمانُ يدعوه. ثم الذين اعتدَوا يمرّون منكرين، ويشحّذون إلى تحقيره الحرصَ، وينظرون إليه مستهزئين. هو المسيح الموعود، وهو كاسر الصليب ببيّناتٍ من الهُدى، كما كان الصليب كاسِرَ مسيحٍ خلا. فالآن وقت الظهيرة لأشعّة الإسلام، وأتى المسيح الموعود مُهجرًا بأمر الله العلام، ليظهر الله ضياءه التامّ على الأنام بعد الظلام. وقد ظهر صدقه كالبحر إذا ماج، والسيل إذا هاج. وكانت هذه الخُطّة مقدّرًا له في آخر الزمان من الله الرحمن، فظهر كما قدّر ذو الامتنان. وإنه نظر إلى البلاد الهنديّة فوجدها مستحقّةً لمقرّ هذه الخلافة، لأنها كانت مَهْبَطَ الآدم*** الأوّل في بدْء الخليقة، فبعث الله آدمَ آخرِ الزمان في تلك الأرض إظهارًا للمناسبة، ليوصل الآخرَ بالأوّل ويُتمّ دائرة الدعوة كما هو كان مقتضى الحقّ والحكمة. فالآن استدار الزمان على هيئته كما أشار إليه خير البريّة، ووصلتْ نقطته الأُخرى بنقطته الأولى في هذه الأرض المباركة، وطلعت الشمس من المشرق وكذلك كان مكتوبًا في صحف الله المقدّسة، ليطمئنّ بها قوم كانوا لا يرقأ دمعُهم عند رؤية الظلمة. فظهرت المسرّة في وجناتهم وهم بها يفرحون. وأماطَ الله شوكَ الشبهات من طريقهم فهم بالسكينة يسلكون. ونُقلوا من الفلاة إلى الجنّات، وخرجوا من الغار المظلم إلى أنوار ربّ الكائنات، فإذا هم يبصرون. وجاءوا من الـموامي إلى حصن الربّ الحامي، وأُشعِلتْ في قلوبهم مَصابيح الإيمان، ودخلوا في حمى أَمْنٍ لا تقربه ذراري الشيطان“. (الاستفتاء، ص 14-15)

**الهامش: إنا عرّفْنا آدم ههنا باللام، فإنه اسْتُعمل كالنكرة في هذا المقام، وهو ليس عندي من الألفاظ العبرية. نعم، يمكن توارد اللغتين وهو كثير في تلك اللسان والعربية، وقد بيّنّا في كتابنا “منن الرحمن” أن العربيّة أُمّ الألسنة، وكلّ لِسانٍ خرج منه عند مرور الزمانِ.

قد سبق البيان مني أن هذا الوقت وقت ظهور المسيح الموعود، وقد تمّتْ كلمة ربنا صدقًا وحقا وأوفى بالعهود. وكيف لم يعرف وقد طال أمد الانتظار، وظهر كلُّ ما ورد من الآثار، وقد مضت مدّة على صراصر الفتن الصليبية، وارتدّ فوج من الأمم المحمدية، وما بقي بيت إلا دخلت فيه نصرانية، وقلّتْ على الأرض أنوار إيمانية. فأرسلني الرب الرحيم في هذه الأيام، وزاد معرفتي بتوالي الوحي والإلهام، وقوّاني بخوارقَ وكشفٍ كالبدر التامّ. ووهب لي عِلْمَ دقائق القرآن، وعِلْمَ أحاديث رسوله وما بلّغ من أحكام الرحمن، وفهّمني أنه ما قدّم وما أخّر وعده من الآوان، بل أنزل أمره على رأس الوقت والزمان…… وقد شهد الزمان أن الأوان هو هذا الأوان، بما ظهرت الصلبانُ وزادت الغواية والطغيان. وترى القسوسَ كيف هوّلوا النفوس، وذعَر الناسَ نَسْلُهم والرَّمَلانُ، وقذفوا خيرَ الرسل ورُفِعَ الأمان. فمن كان بعد ذلك لا يرى ضرورة عبد يكسر الصليب، ويُري الآياتِ ويؤيّد الدينَ الغريب، وكان يحار في أمري فهمُه، ويفرُط وهمُه، حتى لا يُدرِك هذا السرَّ غورُ عقلِه، ولا يُحِبُّ بهذا الثمر لُعاعُ حقله، بل يرتاب بعَزْوتي، ويأبى تصديق دعوتي، ويضطر إلى طلب الآيات أو النصوص والبينات لإزالة ما عراه من الشبهات، فها أنا قائم لمواساته كالإخوان، وأُلبّي دعوتَه تلبيةَ خائف على ضجيج العطشان، وسأروي غُلّتَه بزُلال البرهان وأصفى البيان“. (نجم الهدى، الخزائن الروحانية مجلد 14 ص 98-102)

فيا حُماةَ الملّة، ويا أهلَ الغيرةِ والحميّة، ويا نُصراءَ الشريعة المحمدية، اعرفوا الزمان، فإن الحين قد حان، وهذا هو الزمان الذي كنتم تؤمّلونه، وهذا هو الأوان الذي ما زلتم ترجونه، وهذا هو المهدي الذي تنتظرونه. إن القمر والشمس ينخسفان، والليل والنهار يشهدان، فهل أنتم تأتونني يا معشر الإخوان أو تولّون مُدبرين؟ ها أنتم وجدتم ما كنتم فقدتم، فبادِروا إلى الفضل الذي نزل إليكم، والمجدّدِ الذي بُعث لديكم، فلا تشكّوا ولا ترتابوا، وقُوموا بهممٍ تزول بها الجبال وتهرب الأفيال، ولا تحقّروا أيامَ الله فيحلّ بكم غضبُه ويتوجه إليكم لهبُه، فاتقوا مقت الله ولا تتكلموا مجترئين“. (نور الحق، ص 184)

وأما المهدي الموعود الذي هو إمام آخر الزمان، ومنتظَر الظهور عند هبِّ سموم الطغيان، فاعلم أن تحت لفظ المهدي إشاراتٍ لطيفةً إلى زمان الضلالة لنوع الإنسان، وكأنّ الله أشار بلفظ المهدي المخصوص بالهداية إلى زمان لا تبقى فيه أنوار الإيمان، وتسقط القلوب على الدنيا الدنيّة ويتركون سبل الرحمن، وتأتي على الناس زمان الشرك والفسق والإباحة والافتتان، ولا تبقى بركة في سلاسل الإفادات والاستفادات، ويأخذ الناس يتحركون إلى الارتدادات والجهلات، ويزيد مرض الجهل والتعامي، مع شوقهم في سير المعامي والموامي، ويُعرضون عن الرشاد والسداد، ويركنون إلى الفسق والفساد، وتطير جراد الشقاوة على أشجار نوع الإنسان، فلا تبقى ثمر ولا لدونة الأغصان. وترى أن الزمان من الصلاح قد خلا، والإيمان والعمل أجفلا، وطريق الرشد عُلِّق بثريّا السماء. فيذكر الله مواعيده القديمة عند نزول الضرّاء، ويرى ضعفَ الدين ظاهرًا من كل الأنحاء، فيتوجّه ليُطفئ نار الفتنة الصمّاء، فيخلق رجلا كخلق آدم بِيدَي الجلال والجمال، وينفخ فيه روح الهداية على وجه الكمال. فتارة يُسمّيه عيسى بما خلقه كخلق ابن مريم لإتمام الحجة على النصارى، وتارة يدعوه باسم مهدي أمين بما هو هُدِيَ من ربه للمسلمين الضالين، وأُخرجَ للمحجوبين منهم ليقودهم إلى رب العالمين. هذا هو الحق الذي فيه تمترون، والله يعلم وأنتم لا تعلمون“. (سر الخلافة، ص 59)

فاعلموا أن الله قد أرسلني لإصلاح هذا الزمان، وأعطاني علم كتابه القرآن، وجعلني مجددًا لأحكم بينكم فيما كنتم فيه مختلفين. فلِمَ لا تطيعون حَكَمَكُم ولِمَ تصولون منكرين؟” (سر الخلافة، ص 105)

فالمهدي الصدوق الذي اشتدّت ضرورته لهذا الزمان، ليس رجلا يتقلّد الأسلحة ويعلم فنون الحرب واستعمال السيف والسنان، بل الحق أن هذه العادات تضر الدين في هذه الأوقات، ويختلج في صدور الناس من أنواع الشكوك والوسواس، ويزعمون أن المسلمين قوم ليس عندهم إلا السيف والتخويف بالسنان، ولا يعلمون إلا قتل الإنسان. فالإمام الذي تطلبه في هذا الزمان قلوبُ الطالبين، وتستقريه النفوس كالجائعين، رجلٌ صالح مهذّب بالأخلاق الفاضلة، ومُتّصفٌ بالصفات الجليلة المرضية، ثم مع ذلك كان من الذين أُوتوا الحكمة والمعرفة، ورُزقوا البراهين والأدلّة القاطعة، وفاق الكلَّ في العلوم الإلهية، وسبق الأقران في دقائق النواميس ومعضلات الشريعة وكان يقدِر على كلام يؤثّر في قلوب الجُلاّس، ويتفوّه بكلمات يستملحها الخواص وعامة الناس، وكان مقتضبا بملفوظات تحاكي لآليَ منضدّةً، ومُرتجلاً بنِكاتٍ تُضاهي قطوفًا مذلَّلة، مارنًا على حسن الجواب، وفصل الخطاب، مستمكنًا من قولٍ هو أقرب بالأذهان، وأدخلُ في الجنان، مُبكِّتًا للمخالفين في كل مَوردٍ تورَّدَه، ومُسكِّتًا للمنكرين في كل كلام أورده“. (حقيقة المهدي، باقة من بستان المهدي، ص 181-182)

يا أسفا عليهم.. إنهم لا يفكرون أن الكاذبين لا يؤيَّدون من الحضرة، ولا يتكلمون بكلام البر والحكمة، ولا يُرزَقون من أسرار المعرفة. وهل تعلم كاذبًا شهدتْ له السماواتُ والأرض بالآيات البَيّنة، واضمحلّت به قوة الشيطان وتخافَتَ صوتُه من السطوة الحقانية، وطفِق يريد الغَيبوبة كحيّةٍ تأوي إلى جُحْرِها عند رَمْيِ الصخرة؟ ثم مع ذلك تدعو ظلمةُ الزمان إمامًا من الرحمن، وقد انقضى من رأس المائة قريبًا من خُمْسها، ودنت الملة لضعفها من رمسها وداست الغفلة قلوب الناس وصار أكثرهم كالكلاب، وتوجّهوا إلى الأموال والعقار والأنشاب، ونسوا حظّهم من ذوق العبادات، وأقبلوا على الدنيا وزينتها وما بقي الدين عندهم إلا كالحكايات. ومن تأمّلَ في تشتُّت أهوائهم، وتفرُّق آرائهم، علِم بالجزم أنهم قومٌ أُغلِقَتْ عليهم أبواب المعرفة، وانقطع صفاء التعلق بالحضرة، إلا قليل من الذين يدعون الله أن يرفع حُجب الغفلة. ولكن كثيرا منهم نبذوا حقيقة التوحيد من أيديهم وما بقي الإيمان إلا على الألسنة. يسُبّون عبدًا جاءهم في وقته ويحسبون أنهم يُحسنون، وختم الله على قلوبهم فهم لا يفهمون. يظنون أنهم على الحق وما هم على الحق، وإنْ هم إلا يخرصون. تجدهم كأُناس رقود، والمتمايلين على الجحود. خُدعوا عن الحقائق بالرسوم، وشُغلوا عن اليقين بالموهوم. إنهم مروا بنا معترضين قبل إيفاء الموضع حقَّه، ورأوا بَدْرَنا ثم أرادوا شقَّه. وإني جئتهم عند الضرورة الحقة، وفساد الأمة، فكانت أدلة صدقي موجودة في أنفسهم ما رأوها من الغباوة، ثم من الشقوة أنهم ما فكروا في رأس المائة البدرية، التي تختص بالمسيح الموعود عند أهل البصيرة، واتفقت عليها شهادات أهل الكشف والأحاديث الصحيحة، وإشارات النصوص القرآنية“. (مواهب الرحمن، ص 17-18)

وإن الزمان يتكلم بلسان الحال أنه يحتاج إلى مصلح، وقد بلغ إلى غاية الاختلال. ويوجد في العالم تقلُّبٌ أليم، وتغيّر عظيم، لا يوجد مثله فيما سبق من الأزمنة، وإن الهِمم كلها تمايلت على الدنيا الدنيّة، وبقي القرآن كالمهجور، وأُخذت الفلسفة كالقِبلة. ونرى الكسل دخَل القلوبَ، ونرى البدعاتِ دخلت الأعمالَ، ويُسَبُّ نبيُّنا ويُشتَم رسولنا ويحسبونه شر الرجال، ويُكذَّب كتاب الله بأشنع الأقوال وأكره المقال. فأين غيرة الله للقرآن وللرسول وقد وُطِئَ الإسلام كذرّة تحت الجبال؟ أينتظرون عيسى وقد ثارت بسببه فتنٌ وهو في السماء؟ فما بال يوم إذا نزل في الغبراء؟

وكانت اليهود قبل ذلك ينتظرون، كمثل قومنا، إلياسَ، فما كان مآل أمرهم إلا ياس. فمِن عقل المرء أن يعتبر بالغير ويجتنب سبل الضير، وقد قال الله تعالى: (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُون). فليسألوا النصارى هل نزل إلياس قبل عيسى من السماء كما كانوا يزعمون؟ وليسألوا اليهود هل وجدتم ما فقدتم أيها المنتظرون؟ فثبت من هذا أن هذه العقائد ليست إلا الأهواء، ولا يجيء أحد من السماء وما جاء. فمن كان يبني أمره على العادة المستمرة والسنة الجارية، هو أحق بالأمن من رجل يأخذ طريقا غير سبيل متوارث من السابقين، ولا يوجد نظيره في الأوّلين. وليس مثله إلا كمثل الذين يطلبون الكيمياء، فينهب ما بأيديهم زمرةُ الشُطّار والمحتالين، فيبكون عند ذلك ولا ينفعهم البكاء“. (مواهب الرحمن، ص 73-74)

أفلا يدعو الزمان بأيديه مصلحًا يُصلح حاله ويدفع ما ناله؟ أما ظهرت البيّنات وتجلّت الآيات، وحان أن يُؤتَى ما فات؟ بل قلوبهم مظلمة وصدورهم ضيّقة، قوم فظاظ غلاظ، خُلُقُهم نار يسعّر في الألفاظ، وكلِمُهُم تتطاير كالشواظ، ما بقي فيهم أثر رقّة، وما مس خدودهم غروب مسكنة، يكفّرونني ولا أدري على ما يكفّرونني؟ وما قلتُ إلاّ ما قيل في القرآن، وما قرأت عليهم إلاّ آيات الرحمن، وما كان حديثًا يُفترى، بل واقعة جلاّها الله لأوانها، ويعرفها من يعرف رحمة الرب مع شأنها“. (تذكرة الشهادتين، الخزائن الروحانية ج 20 ص86)

أفلا تنظرون إلى الزمان وقد نزلت عليكم بليّة عظمى، وتنصّرَ فوج من قومكم وأحبّائكم، وهلكت البلاد والعباد، واهتزّ عرش الرحمن لما نزل فقضى ما قضى. ولو أراد الله أن ينـزّل أحدًا من السماء كما زعمتم لكان خيرا لكم أن ينـزّل نبيّكم المصطفى. أما قرأتم قوله تعالى: (لَوْ أَرَدْنَآ أَنْ نَّتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا)، يعني محمدا فانظروا نظرًا. إن السماوات والأرض كانتا رَتْقًا ففُتِقَتا في هذا الزمان ليُبتلى الصالحون والطالحون وكلٌّ بما عمل يُجزَى. فأخرج الله من الأرض ما كان من الأرض، وأنزل من السماء ما كان من السماوات العُلى، ففريق عُلّموا مكائد الأرض، وفريق أُعطوا ما أُعطيَ الرسلُ من الهدى. وقُدّر الفتح للسماويّين في هذا الوغى. وإن تؤمنوا أو لا تؤمنوا لن يترك الله العبد الذي أرسله للورى، ولا تُضاع الشمس لإنكار الأعمى. فريقان يختصمان في الرشد والهوى، وفُتِحَت لفريقٍ أبواب الأرض إلى تحت الثرى، وللثاني أبواب السماء إلى سِدرة المنتهى. أما الذين فُتِحت عليهم أبواب الأرض فهم يتبعون شيطانهم الذي أغوى، والذين فُتِحَت عليهم أبواب السماء فهم ورثاء النبيّين وقوم مطهَّرون من كل شُحّ وهوًى. يدْعون قومهم إلى ربهم ويمنعونهم مما يُشرَك به في الأرض والسماوات العُلى. وإني بُعِثتُ فيكم من الله الذي لا توقّرونه لأنذر قومًا أَطْرَأُوا ابن مريم عيسى“. (الخطبة الإلهامية، الخزائن الروحانية مجلد 16 ص 126-130)

يا عباد الله، تعلمون أن المطر إذا انقطع فترة طويلة أخذت مياه الآبار تغور وتغيب. فكما أن نـزول ماء السماء يُؤدي إلى جيشان في مياه الأرض في العالم المادي كذلك يُنضّر ماء السماء – أي وحي الله – عقول أهل الأرض في العالم الروحاني. وكان هذا الزمن أيضًا بحاجة إلى الماء الروحاني.

وأرى لزامًا عليّ أن أبين للناس بصدد دعواي أنني قد أُرسلت من عند الله تعالى عند الحاجة تمامًا لأن الكثيرين في هذا العصر قد حذوا حذوَ اليهود، ولم يتخلوا عن التقوى والورع فحسب، بل أصبحوا أعداءً للحق كما كان اليهود في زمن عيسى، ومن أجل ذلك قد سماني الله المسيح إزاءهم. فلا أدعو أهل هذا الزمان إليّ فحسب، بل إن الزمان نفسه يدعوني“. (براهين أحمدية، الجزء الخامس، الخزائن الروحانية المجلد 21 ص 428)

ومنذ اليوم -وقد ظهر الموعود العظيم- ستتفتّح كلُّ عين، وسيتدبر المتدبرون، لأن مسيح الله قد جاء. فلا بدّ الآن أن تستنيرَ العقولُ، وتنتعشَ القلوبُ، وتتقوى الأقلامُ، وتعلوَ الهِممُ. فاليوم سيوهَب كلُّ سعيد فهمَه، ويشرَّف كلُّ رشيد بعقله؛ فما يلمع في السماء لا بد أن يُضيء الأرضَ أيضًا. فطوبى لمن يستنير بذلك النور، وما أسعَدَ الذي ينال من ذلك النور نصيبًا.

وكما أنكم ترون أن الأثمار لا تأتي إلا في أوانها، فكذلك النورُ لا ينـزل إلا في موعده؛ وليس لأحد أن يستنـزله قبل أن ينـزل هو بنفسه، ولا ممسكَ له إذا نزل. ولا مناص من أن يقع الاختلاف والجدال، ولكن النصر مكتوب للحقِّ في النهاية؛ لأن هذا الأمر ليس من عند الإنسان، ولا هو في يد أحد من بني آدم، بل هو من عند الله الذي يُبدِّل الفصول، ويُصرِّف الأزمان، ويُخرج الليلَ من النهار، والنهارَ من الليل. إنه يُنشئ الظلام، غير أنه يُحب النورَ. إنه يَدَعُ الشركَ ينتشر، ولكنه لا يحب إلا التوحيد، ولا يَرضى بأن يُعطَى جلالُه لأحد غيره. إن السنّة الإلهية المستمرّة منذ خلقِ الإنسان وإلى أن يفنى وجوده هي أنه ﷻ يحمي التوحيد دومًا. إن جميع الأنبياء الذين أرسلهم الله إنما بُعثوا لترسيخ عبادته في الدنيا بالقضاء على عبادة الناس والمخلوقات الأخرى“. (المسيح الناصري في الهند، ص 70)

إن الله قد رأى في قلوب الناس، وجوارح الناس، وأعين الناس، وآذان الناس، ونيّات الناس، ذنوبًا وآثامًا وإجرامًا، ورآهم ملوَّثين بأنواع المعاصي والخطيّات، فأقام عبدًا من عباده لدعوتهم إلى لبّ الدين وحقيقة الشريعة التي ما ذاق الناس طعمها، فهم منها مهجورون“. (التبليغ، ص 71)

مَا  جئتكم  في  غيرِ  وقتٍ  عابثًا            قد جئتُكم  والوقت  ليلٌ مظلِمُ
صارت بلادُ الدين مِن جَدبٍ عتا            أَقْوَى وأقفَـرَ بعد  روضٍ  تعلَمُ
هل بقي   قوم   خادمون   لدينِنا           أم هل رأيتَ الدين كيف يُحطَّمُ
فالله   أرسلـني  لأُحييَ   دينـهُ                حقٌّ  فهل  من راشدٍ يستـسلمُ

(حجة الله، باقة من بستان المهدي، ص 127)

About مرزا غلام أحمد الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام

View all posts by مرزا غلام أحمد الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام