لقد تحدَّث حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حول هذه المسألة وأكّدَ بأن الإنجيل لم يأتِ بشريعة جديدة بل هو ضمن شريعة موسى ؑ.
لنقرأ قول حضرته عَلَيهِ السَلام بهذا الخصوص:
“فحاصل الکلام أنَّ القراٰن مملوٌّ من أنَّ اللّٰہَ تعالٰی اختارَ موسٰی بعدما أھلک القرون الأولٰی وآتاہ التوراۃ وأرسل لتأیيدہ النبیین تترا۔ ثم قفا علٰی آثارھم بعیسٰی ؑ واختار مُّحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بعدما أھلک الیھود وأردیٰ۔ ولا شک ولا ریب أنَّ السلسلۃ الموسویۃ والمُحَمَّدیّۃ قد تقابلَتا وکذلک أراد اللّٰہُ وقضٰی۔ وأما عیسٰی فھو مِن خُدّام الشریعۃ الإسرائیلیۃ ومِن أنبیاء سلسلۃ موسٰی۔ وما أوتي لہ شریعۃ کاملۃ مستقلۃ ولا یوجد فی کتابہ تفصیل الحرام والحلال والوراثۃ والنكاح ومسائل أخرى.” (الخطبة الإلهامية، الخزائن الروحانية، مجلد 16 ص 8 )
ثم يذكر حضرته اعتراضاً تلقاه وردَّ عليه كما يلي من الحاشیة:
“اعترضَ عليّ جاھلٌ مِن بلدۃٍ اسمُھا جَھْلٌ یا ذوي الحَصاتِ۔ وفي آخرها حرف المیم لیدلّ علٰی مسخ القلب والمَمات۔ وفرَحَ فرحًا شدیدًا باعتراضہ وشتمني وذکرني بآقبح الکلمات۔ وقال إنّ ھٰذا الرجل یزعم أنَّ عیسٰی کان مِن مُتّبعي موسٰی ولیس زعمہ ھٰذا الّا باطلًا وإنّ کذبہ من أجْلی البدیھیّات۔ بل اُوْتي عیسٰی شریعۃً مستقلۃً بالذات۔ فأغنی الذین کانوا مجتمعین علیہ من شریعۃ الکلیم وأقام الإنجیل مقام التوراۃ، فاعلم أنَّ ھٰذا قولٌ لا یخرج من فَمٍ اِلّا مِن فم الذي نُجّس بنجاسۃ الجھل والجھلات۔ وذاب أنف فطنتہ بجذام التعصّبات۔ وزعم ھٰذا الجاھل کأنّہ یستدل علی دعواہ بالفرقان الذی ھو الحَکَم عند الخصومات۔ وقرء قولہ تعالٰى ﴿وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ . وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ﴾، یعنی ببشارۃ خیر الکائنات۔ وما فَھِم سِرّ ھذہ الاٰیۃ وصالَ عليّ بصوتٍ ھو أنْکَرُ الأصوات۔ وظنّ أنّہ أویٰ إلٰی رُکنٍ شدیدٍ وسَبّني کالقاذفاتِ المفحشات۔ وقال إنّھا دلیلٌ واضحٌ علی أنَّ الإنجیل شریعۃ مستقلۃ، فیا أسفًا علیہ وعلی غیظِہ الذی أخرجہُ مِن الأرض کالحشرات۔ وإنَّ مِن أشقی الناس مَن لا عقل لہ ویعدّ نفسہ مِن ذوي الحصاۃ۔ ویَعلم کُلّ صبيٍّ وصبیّۃ مِن المسلمین والمسلمات فضلاً مِن البالغین والبالغات، أنَّ القُرآن لا یأمر الیھود ولا النصاریٰ أنْ یتبعوا کتبھم ویثبتوا علی شرائعھم بل یدعوھم إلى الإسلام وأوامرہ، وقد قال اللّٰہُ فی کتابہ العزیز ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾، ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾۔ فکیف یُظنُّ في اللّٰہ القدوسِ أنّہ یدعو الیھود والنصاریٰ في ھٰذہ الاٰیۃ إلى الإسلام یقول انّکم لا تفلحون ابدًا ولا تدخلون الجنّۃ إلا بعد أن تکونوا مسلمین۔ ولا ینفعکم توراتکم ولا إنجیلکم إلا القرآن۔ ثمؔ ینسٰی قولہ الأول ویأمر کُلّ فرقۃ مِن الیھود والنصارٰی أنْ یثبتوا علی شرائعھم یتمسکوا بکتبھم ویکفیھم ھٰذا لنجاتھم وإن ھٰذا إلا جَمْع الضدّین واختلاف فی القراٰن۔ واللّٰہُ نزّہ کتابہ عن الإختلاف بقولہ ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾، بل الآیۃ التي حَرَّف المُعتَرِضُ معناھا کمثل الیھود تشیر إلى أنَّ بشارة نبینا صلی اللّٰہ علیہ وسلم کانت موجودۃً فی التوراة والإنجیل فکان اللّٰہُ یقولُ ما لھم لا یعملون علٰی وصایا التوراۃ والإنجیل ولا یُسلمون۔ … وأما بقية ألفاظ هذه الآيات أعني لفظ {فیہ نورٌ وھدًی} فلیس ھٰذا دلیلًا علی کون الإنجیل شریعۃً مستقلۃً، ألیس الزبور وغیرہ مِن کتب أنبیاء بني إسرائیل ھُدًی للناس، أیوجد فیھا ظلمۃ ولا یوجد نور؟ فتَفکَّر ولا تکن من الجاھلین۔” (الخطبة الإلهامية، الخزائن الروحانية، مجلد 16 ص 8 الحاشية)
يمكن تحميل كتاب الخطبة الإلهامية من هنا
فيثبت من كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن المعنى هو الإشارة لليهود والنصارى إلى تحكيم كتبهم حول صِدق سيدنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي تشهد عليه التوراة والإنجيل بكل وضوح لمن خلا قلبه من التعصب والكبر وأتى اللهَ تعالى بقلبٍ سليم.
وَآخِر دَعْوَانا أَن الْحَمْدُ لِلّهِ ربِّ الْعَالَمِين