يقول المسيح الموعود عليه السلام:
“وما كان حقّهم أن يُؤَوّلوا أنباء الله قبل وقوعها، بل كان من حسن الأدب أن يفوّضوا إلى الله مجاري ينبوعها، وكذلك كانت سيرة كبراء الأمّة. إنهم كانوا لا يصرّون على معنى عند بيان الأنباء الغيبية، بل كانوا يؤمنون بها ويفوّضون تفاصيلها إلى عالم الحقيقة. وهذا هو المذهب الأحوط عند أهل التقوى وأهل الفطنة. ثم خلَف مِن بعدهم خلفٌ جاوزوا حدّ علمهم وحدّ المعرفة، ونسوا ما قيل: (لا تَقْفُ ما ليس لك به علم)، وطفَروا في كلّ موطن طَفْرَ البقّة، وأصرّوا على أمرٍ ما أحاطوه حقّ الإحاطة. يا حسراتٍ عليهم وعلى جرأتهم! قد أصابت الملّة منهم صدمةٌ هي أُخت صدمة النصرانية، وما هم إلا كجدْب لسنوات الملّة. يرفعون عيسى مع جسمه إلى السماء، ولا يتدبّرون قوله تعالى: (قُلْ سبحان ربّي)، بل يزيدون في البغض والشحناء.“