يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام:
“أيها الأعزة، إني دعوت قومي ليلا ونهارا، فلم يزدهم دُعائي إلا فرارًا، ثم إني دعوتهم جهارًا، ثم إني أعلنتُ لهم وأسررتُ لهم إسرارا، فقلتُ استغفروا ربكم واستخيروا واستخبروا، وادعوا الله في أمري يمددكم بإلهامات ويُظهر عليكم أخبارًا، فما سمعوا كلمتي، وأعرضوا عتوًّا واستكبارًا، ورضوا بأن يكونوا لإخوانهم مكفرين….. فأرسلني الله لأستخلص الصياصي، وأستدني القاصي، وأُنذر العاصي، ويرتفع الاختلاف ويكون القرآن مالِكَ النواصي، وقِبلةَ الدين. فلما جئتهم أكفروني وكذبوني ورموني ببهتانات وإفك مبين. وإني أرى علمهم مخسولا، وجِيْدَ تناصُفِهم مغلولا، وصُنْعَ عُذْراتهم مطلولا، وأرى صورهم كالممسوخين.
وقد بعثني الله فيهم حكما فما عرفوني وحسبوني من الملحدين. آذوني بحصائد ألسنتهم، ورأيت منهم ظلمًا وهضمًا كثيرًا، وقلّبوا لي الأمور، وأرادوا أن يتخطفوني من الأرض، ولكن عصمني الله من شرورهم وهو خير العاصمين….
ثم قلت: أيها العلماء، أرُوني نصوص كتاب الله لأوافقكم، وأروني أثر رسوله ﷺ لأرافقكم، فإني ما أجد في كتاب الله وآثار رسوله ﷺ إلا موت المسيح بن مريم، فأروني خلاف ذلك إن زعمتموني من الكاذبين. وإن كنتم على بيّنة من عند ربكم.. فلم لا تأتونني بسلطان مبين؟
الإيمان نور البشرية، ونور الإيمان عرفان، ومن فقدهما فهو دودة لا إنسان. من عرف السر فقد عرف البر، فقوموا وتجسسوا اللُّبّ الذي هو باطن الباطن ومعنى المعنى ونور النور، ولا تفرحوا بالقشور…
أيها الأعزة والسادة.. جئناكم راغبين في خيركم بهدية فيها لبن أثداء الأمهات الروحانية، فتعالوا لشربه وأتوني ممتثلين. والآن أبين الرؤيا إراحةً للسامعين“. (التبليغ، ص 120-123)