يقول المسيح الموعود ؏:
“إن سوء الظن مرض خطير وبلاء يُعمِي الإنسان ويُلقيه في هوة الهلاك المظلمة. إن سوء الظن هو ما دفع الكثيرين إلى عبادة إنسان ميت. إن سوء الظن هو ما يجعل المرء يعتبر الناسَ – والعياذ بالله – متجردين من انعكاس الصفات الإلهية من رفق ورحمة ورزق وغيرها وكأنهم أشياء رديئة لا جدوى منها. باختصار، إن سوء الظن نفسه يملأ معظم الجحيم بل لو قلتُ يملأها كلَّها فلن أكون مبالغًا. إن الذين يسيئون الظن بالمبعوثين من عند الله تعالى يحتقرون أفضاله وآلاءه تعالى“. (الملفوظات ج 1 ص 100)
“نحن لا نستطيع الحكم على سرائر الآخرين، فإنه إثم. إن الإنسان يظنّ أن فلانا سيئ، ثم يصبح هو نفسُه أسوأ منه. ولقد قرأت في الكتب أن أحدًا من أهل الله الأبرار تعاهدَ مرة أنه لن يفضّل نفسه على أحد. وصادف بعد ذلك أنه رأى شخصًا جالسًا على ضفة نهر مع امرأة شابة ويأكل الخبز ويشرب من زجاجة موضوعة بجانبه. فحين رآه من بعيد قال في نفسه: صحيح أنني قد تعاهدت أني لن أفضِّل نفسي على أحد، إلا أنني أفضَلُ من هذين بلا شك. وبينما هو في ذلك إذ هبَّتْ عاصفة قوية تبِعها طوفان في النهر، فغرقت سفينة كانت تقترب إلى الشاطىء. فنهض ذلك الشاب وقفز في النهر فأنقذ ستة من الغرقى. ثم توجه إلى ذلك الشيخ فقال له: لقد ظننتَ أنك أفضل مني، ومع ذلك تمكَّنتُ من إنقاذ ستة أشخاص، فهلاّ قفزتَ في النهر وخلّصت سابِعَهم الذي بقي! فاندهش الشيخ بسماع قوله وسأله في استغراب: كيف عرفتَ ما بداخلي، وما هي القضية؟ فقال الشاب: إنما تحتوي تلك الزجاجة على ماء النهر وليس الخمر، وإن تلك المرأة هي أمي وأنا وحيدها. إنها تبدو شابّةً لأن صحتها جيدة. ولقد أمرني الله تعالى أن أقوم بهذا كله لكي تتلقى درسًا.
ويبدو بأن قصة الخَضِر هي الأخرى من هذا القبيل. إن التسرع في سوء الظن أمرٌ وخيم، كما أن الحكم على سرائر العباد أمر خطير. لقد هلكَ أقوام كثيرون لإساءتهم الظن بالأنبياء وأهل بيتهم“. (الملفوظات ج 4 ص 265-266)
“أيها الناس.. ادنوا مني ولا تتحولوا، وافتحوا أعينكم ولا تغضّوا، وادخلوا في أمان الله ولا تبعدوا، وتَطهّروا عن الحقد والشَّنَآن ولا تلطّخوا، وتَجلّدوا إلى التوبة ولا تستأخروا، ولا تُفرِطوا في سوء الظن واتقوا واجتنبوا، واستعينوا بالصبر والصلاة وجاهدوا، ولا تعجَلوا، ألا لا تعجَلوا، وادعوا الله متضرعين، واطرحوا بين يدي ربكم، واسألوه حقيقتي وحقيقة أمري بكل قلبكم، وبكل توجهكم، وبكل عزيمتكم، وبصدق همتكم، يكشف الأمر عليكم وتُجابوا. ارفقوا أيها الناس.. ارفقوا، ولا تَغلُوا في سبّكم ولا تعتدوا، واتقوا إنكار عجائب الله التي أُخْفيت من أعينكم ولا تجأروا، وارحموا على أنفسكم ولا تظلموا، أيها المستعجلون“. (التبليغ، ص 28- 29)
“وإن كنت لا تقدر على هذا السفر البعيد، فلك طريق أُخرى. فإن كنت فاعِلَها.. فأخرِجْ أوّلاً مِن صدرك كلَّ ما دخل فيه من سوء الظن، ثم قُمْ وتوضّأْ وصلِّ ركعتين، وصلِّ وسلِّمْ واستغفرْ استغفار التائبين، ثم اضطجعْ مستقبلا على مُصلاك، وتَخَلَّ بمُناجاة مولاك، واسأل الله لاستكشاف حالي، وحقيقية مقالي، ثم نَمْ قائلًا: يا خبير أخبِرْني في أمر أحمد بن غُلام مرتضى القادياني، أهو مردودٌ عندك أو مقبول؟ أهو ملعون عندك أو مقرون؟ إنك تعلم ما في قلوب عبادك، ولا تُخطئ عينك، وأنت خير الشاهدين. ربنا آتنا من لدنك علمًا جاذبًا إلى الحق، ونظرًا حافظًا من نقل الخطوات إلى خطط الخطيّات، وأدخِلْنا في الموفَّقين. ما كان لنا أن نُقدّم بين يديك، أو نتصرّف في سرائر عبادك، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وافتح عيوننا، ولا تجعلنا من الذين يُعادون أولياءك، أو يحبّون المفسدين. آمين ثم آمين.
واستخِرْ يا أخي من جمعة إلى جمعةٍ أُخرى، وعقِّبْ تهجُّدَك بهذه الركعتين“. (تحفة بغداد، ص 18)
“ولا تتبِعوا الظنون مستعجلين. ولا تتكئوا على بعض الأخبار، إذ فيها سمّ كثير وغلوّ كبير لا يليق بالاعتبار، وكم منها يشابه ريحًا قُلّبًا، أو برقًا خُلّبًا، فاتّقِ الله ولا تكن من متّبعيها، ولا تكن كمثل الذي يحب العاجلة ويبتغيها، ويذَرُ الآخرة ويُلغيها. ولا تترك سبل التقوى والحلم، ولا تَقْفُ ما ليس لك به علم، ولا تكن من المعتدين. واعلم أن الساعة قريب والمالك رقيب، وسيوضع لك الميزان، وكما تدين تُدان، فلا تظلم نفسك وكن من المتقين“. (سر الخلافة، ص 13-14)
“وأرجو من أصحاب القلوب ورجال البصيرة أن لا يعجَلوا عليّ كما عجِل بعض سكّان هذه البلاد، من البخل والعناد، فإن العجلة على أهل الله والذين أُمِروا من حضرته ليس بخير، ولا يُعقِب إلا ضيرًا، ولا يزيد إلا غضب الله في الدنيا وفي يوم الدين. ولا يرى المستعجل سبلَ الصدق والسَّداد، ولا يُعَزُّ في هذه ولا في المعاد، ويموت مُهانًا وهو من العَمِين. وإن لحوم الأولياء مسمومة، فما أكلها أحد بغِيبتهم وسَبِّهم إلا مات على مكانه، وبُشرى للمجتنبين المتّقين“. (لجة النور، الخزائن الروحانية مجلد 16 ص 341-342)