نزول المسيح ؏ – من أقوال المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام
فليقرئه السلام
“ولما كان المسيح الموعود لوجود نبيّنا كالمرآة ومُتمِّمَ أمره بإشاعة البركات وإظهار الإسلام على الأديان كلها بالآيات، شكَر النبيُّ ﷺ سعيه كشكر الآباء للأبناء، وأوصى ليُقرَأَ سلامُه عليه إشارةً إلى السلامة والعلاء. ولو كان المراد من المسيح عيسى ابنَ مريم الذي أُنزلَ عليه الإنجيل لفسُد وصيّةُ تبليغ السلام وما كان إليها السبيل، فإن عيسى ؏ إذا نزل بقولكم من السماء فلا شك أنه كان يعرفه رسولنا كالأحبّاء، بل كان يسلِّم بعضُهما على البعض عند اللقاء، فيكون عند ذلك إيداعُ أمانةِ السلام لغوًا وعبثًا كالاستهزاء لِما هو وقَع في السماء مرارا وكان معلومًا قبل الإعلام والإدراء. ثم من المعلوم أنه ؏ قد لقيَ عيسى ليلةَ المعراج وسلّم عليه، فلا شك أنه ما أوصى إلا لرجل كان لم يَرَه واشتاق إليه. وما معنى وصيّةِ السلام لرجل رآه رسول الله ﷺ غيرَ مرّة قبل الوفاة وبعد الوفاة، وسلَّم عليه ليلة المعراج وما فارقَه بعد الموت في وقتٍ من الأوقات؟ أكان هذا الأمر غيرَ ممكن إلا بواسطة بعض أفراد الأمّة؟ ففكّرْ إن كنتَ ما مَسَّك طائفٌ من الجِنَّة. أما ترى أن النبيّ ﷺ لما مات تيسّرَ له لقاءُ عيسى في كل حين من الأحيان، وقد رأى عيسى ليلة الإسراء، فكانت أبواب السلام مفتوحةً من غير توسُّطِ أبناء هذا الزمان، فلا تجعلْ سلام رسول الله لغوًا، وأمعِنْ حقّ الإمعان. ربّ بلّغْه سلاما منّا، وإنّ هذا خاتمة البيان”. (الخطبة الإلهامية، الخزائن الروحانية مجلد 16 ص 297-302)