يقول المسيح الموعود عليه السلام:
“وإذا قيلَ لهم إنّ الله ورسوله قد شهدا على وفاة المسيح وكذلك شهدوا عليه أكابر المؤمنين من الصحابة والتّابعين وأئمة المُحدِّثين، فكان آخر جوابهم أنّ الله قادر على أن يُحييهِ بعد وفاته مرة أخرى، ولا يتفكّرون أن قُدرة الله تعالى لا يتعلق بما يُخالف مواعيده الصادقة،وقد قال:((فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ ))، وقال:(( وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ))،وقال:((لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ))،ولا شك أنه من مات من الصُّلحاء فإنه نالَ حظّا من الجنة وحُرِّمَ عليه الموتة الثانية، فكيف يجوزُ أن يُردَّ عيسى إلى الدنيا ويُخرَج من حظ الجنّة ونعيمها أو يُسدّ عليه غُرفتُها ثم يُتوَفّى مرة ثانية؟ مع أن الآية المتقدمة..أعني :((لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ)) تدل على دوام الحياة وعدمِ ذوق الموت. وإلى هذا يُشير الإستثناء المنقطع، فإنه جرى مجرى التأكيد والتنصيص على حفظ العموم وجَعَل النّفي الأوّل العام بمنزلة النص الذي لا يتطرق إليه استثناءُ البتّة، إذ لو تطرّق إليه استثناءُ فردٍ من أفرادٍ لكان أولى بذكرِه مِنَ العُدولِ عنه إلى الإستثناء المنقطع، فاحفظْه فإنه من أسرارٍ مفيدة للمحققين“.
من كتاب-حمامة البُشرى، ص: ١١٤-١١٥ الحاشية.