إلى الدنيا أوَى حزبُ الأجاني وحسبوها جَـنًى حُلْوَ المجَـاني
نسوا مِن جهـلهم يوم المعادِ وتركوا الدين مِن حُبّ الدِّنانِ
تراهـم مائلـين إلى مُـدامٍ وغِـيدٍ والغـواني والأغـاني
وكمْ منـهم أسارى عَينِ عِينٍ ومشـغوفين بالبِيـض الحِسانِ
لهنَّ عـلى بعـولتهن حُـكمٌ ترى كُلاًّ كمنـطلق العِـنانِ
دماء العاشقـين لهـنَّ شغـلٌ بعينٍ أخجلتْ ظَبْـيَ القِـنانِ
ومِن عَجَبٍ جٌفـونٌ فاتراتٌ أرينَ الخَـلْق أفعـالَ السنانِ
بنـاظرةٍ تصـيد النـاسَ لمحًا تفـوق بلحظها رُمْحَ الطِّعانِ
وأَنَّى الأمـن من تلك البلايا سوى الله الـذي مَلِكِ الأمانِ
فعشّـاق الغـواني والمثـاني أضاعوا الدين مِن تلك الأماني
يصُـدّون الورى مِن كل خيرٍ ويغـتاظون من تخلـيصِ عاني
عِمـايات الرجال تزيد منهم وفـتن الدهر تنـمو كل آنِ
وما من ملـجأ من دون ربٍّ كريم قـادر كهف الزمـانِ
فنشكو هـاربين من البـلايا إلى الله الحفيـظ المستعانِ
جرتْ حزنًا عيـونٌ من عيوني بما شاهدتُ فتـنًا كالـدخانِ
فهل وجدتْ ثكالى مثلَ وجدي أذًى أم هل لها شأن كشـانِي
وكم مـن ظالم يبغـي فسادًا وقسيـسين أصـل الافـتنانِ
تفاحُشـهم تجـاوزَ كل حدّ كأن غـذاءهم فحشُ اللسانِ
فكنتُ أطالعَـنَّ كتابَ سابٍّ وتمـطُر مُقْلَـتي مثل الرَّثانِ
رأينا فيه كلِـمًا مُحفِـظاتٍ وسبَّ المصطـفى بحرَ الحنانِ
صبرتُ عليه حتى عِيلَ صبري ونار الغـيظ صارت في جَناني
وتـأتي ساعـةٌ إن شـاء ربي أُقِرُّ العـينَ بالخـصم المُـهانِ
أخـذْنا السبَّ منهم مثلَ دَينٍ وعـزّتُنا لـديهم كالـرِّهانِ
سنَغْـشاهم ببرهـان كعَضْبٍ رقيـقِ الشفـرتين أَخِ السنانِ
بفـأسٍ نخـتلي تلك الخَـلاتا ورمـحٍ ذابـل ٍ وقَنا البـيانِ
بِجمجمة العدا قد حلَّ غُولٌ فنُـخرجـه بآيـات المـثاني
لنـا دين ودنيـا للنصارى ومَقْتُ الضرّتـين من العِـيانِ
سئمنا كلَّ نوعِ الضيم منهم ولكن سَبَّـهم صلَّى جـناني
سعوا أن يجـعلوا أسدًا نِعاجًا ولـيثُ الله لـيثٌ لا كضانِ
ووَثْبَـتُهم كسِرْحانٍ ضَـرِيٍّ وصورتهم كـذي حُبٍّ مُقانِ
وباطنهم كجوف العَير قَفْرٌ من التقوى وبطنٌ كالجِـفانِ
أرى وَغْلاً جَهولاً وابنَ وَغْـلٍ يُرِي كالمرهَفات لَظَى اللسانِ
هريرُ الكلب لا يحـثو بنـبحٍ على البدر المطـهَّر مِن عُـثانِ
ألا يا أيها اللِّـحْزُ الشحـيحُ هوَيتَ كذي اللُّـبانة في الهوانِ
وما تدري الهدى وحملتَ جهلاً أناجيلَ النصارى كالأَتانِ
تُنَضْنِضُ مثلَ نضنضة الأفاعي وتهـذي مثل عـادات الأداني
هـلمّ إلى كتـاب الله صدقًا وإيمـانًا بتصـديق الجـنانِ
شُغِـفتم أيها النوكَى بشوكٍ وأعرضـتم عن الزهر الحِسانِ
وآثرتم أمـاعِزَ ذاتَ صـخرٍ على مخضـرّةٍ قـاعٍ هِجـانِ
ومـا القـرآن إلا مثـلَ دُرَرٍ فرائـدَ زانَها حسـنُ البـيانِ
ومـا مسّتْ أكفُّ الكاشحينا معـارفَه التي مـثل الحَـصانِ
به ما شئتَ مِن عـلم وعقـل وأسـرارٍ وأبـكار المعـاني
يسكِّت كلَّ مَن يعـدو بضغنٍ يبكّت كلَّ كـذّاب وجـاني
رأيـنا دَرَّ مُـزْنتِـه كثـيرًا فـدَينـا ربَّنـا ذا الامتـنانِ
ومـا أدراك ما القرآن فيضًا خفـيرٌ جـالبٌ نحو الجِـنانِ
لـه نورانِ نورٌ من علـوم ونورٌ مـن بيـان كالجُـمانِ
كلامٌ فائق ما راقَ طرفي جـمـالٌ بعـده والنَّـيِّرانِ
أَياةُ الشمس عند سَناه دَخْنٌ وما لِلَّعْـلِ والسِبْت اليمـاني
وأين يكون للقـرآن مِثـلٌ وليس لـه بهذا الفـضل ثاني
ورِثنْا الصُّحْفَ فاقتْ كلَّ كُتْبٍ وسبقتْ كلَّ أسفـار بشانِ
وجاءت بعدما خـرّتْ خيامٌ وخُـرّبت البيوت مع المباني
محَتْ كلَّ الطرائق غيرَ بِرٍّ وجذّتْ رأسَ بدعات الزمـانِ
كأنّ سيوفـها كانت كـنارٍ بها حُرقتْ مَخـاريق الأداني
إذا اسـتدعى كتابُ الله مثلاً فعَيَّ القومُ واستـتروا كفانِ
وسُلبتْ جرأةُ الإسناف منهم مِن الهـول الذي حلّ الجَنانِ
فمِن عجبٍ أكـبّوا مثلَ مَيْتٍ وقد مرَنوا على لطف البيـانِ
وأنـزلَـه مهيـمنُنا حُـدَيًّا ففـرّوا كلـهم كالمستـهانِ
وصارت عُصْـبُهم فِرقًا ثُبَينًا فمنـهم من أتى بعد الحِرانِ
ومنهم من تلبّبَ مستشـيطًا لحرب الصـادقين وللطـعانِ
فأنتم قد سمعـتم ما أصيـبوا بضعضعة السيوف من الهـوانِ
وكان جزاء سَلِّ السيف سيفًا فذاقـوا ما أذاقـوا كالجـبانِ
إذا دارت رحى البلوى عليهم فكانوا لُهْوَةً فوق الدِّهانِ
فطفقـوا يهربون كمثل جبنٍ فأُخـذوا ثم قُتلوا مثل ضانِ
إذا ما شاهـدوا قتـلَى كقُنَنٍ فرفـعوا طاعـةً عَلَـمَ الأمانِ
سـراةُ الحي جاءوا نادمينا فرحِم المصطـفى بحـرُ الحنانِ
وأما الجاهـلون فما أطـاعوا فأعدمَـهم فؤوسُ الاحتفانِ
سُقـوا كأس المنـايا ثم سيقوا إلى نارٍ تلـوِّحُ وجـهَ جـانِ
فهـذا أجرُ جهـل الجاهلينا من الرحمـن عند الاسـتنانِ
وما كان الرحيـم مُـذِلَّ قومٍ ولكـن بعد ظلـم وافتـنانِ
وهل حُـدِّثتَ مِن أنبـاء أممٍ رأوا قبـحًا بأفعـالٍ حِسانِ
وكل النـور في القـرآن لكنْ يمـيل الهـالكون إلى الدخانِ
بـه نلنـا تُراثَ الـكاملـينا به سِرْنا إلى أقصـى المعاني
فقُـمْ واطلُبْ معـارفه بجهدٍ وخَفْ شرَّ العواقب والهوانِ
أتخـطُب عـزّةَ الدنيا الدنيّةْ أتطلب عيشها والعيش فانِ
أترضى يا أخي بالخان حمقًا وتنسى وقت تبـديل المكانِ
على بستان هذا الدهر فأسٌ فكم شجـر يجاح من الإهانِ
وكم عنـقٍ تكسّـرها المنايا وكم كفٍّ وكم حسنِ البنانِ
ترى في سـاعةٍ سُـرَرًا لرجُلٍ وفي الأخـرى تراه على الإرانِ
وإني ناصـح خِـلٌّ أمـينٌ ويدري نـورَ علمي من يراني
يُكـرَّمُ جاهـلٌ قبـل ابتلاءٍ وقـدرُ الحَـبْر بعد الامتحانِ
وكفّـرني عـدوّ الحـق حمقًا فقلتُ اخْسَأْ، يراني من هداني
صوارمـه عـليّ مسـلَّلاتٌ وإني نحـو وجـه الحِبِّ رانِ
وإني قـد وصلتُ رياض حِبّي ويطلبني خصيـمي في المَحاني
هوَيتُ الحِبَّ حتى صار روحي وأَرْنـاني جِـناني في جَـناني
بوجه الحِبّ لستُ حريصَ مُلكٍ كفاني ما أرى نفسي كـفاني
عمود الخشْب لا أبغي لسقفي وحِبّي صـار لي مثل الـبُوانِ
ورثنا المجـد من ذي المجد حقًّا وصُبِّـغْنا بمحـبوب مُقـانِ
دخـلتُ النار حتى صرت نارًا ونخـلي فاقَ أفـكارَ الأفاني
خمـوري منـتقاة غـيرُ كَدَرٍ مُشَعْـشَعةٌ بمـاء الاقـترانِ
ولستُ مـواريًا عن عين ربي وإن الله خـلّاقـي يـراني
يُدَهْـدِئُ رأسَ كـذّابٍ غيورٌ ويُهلـكه كصـيدٍ مُستـهانِ
وإنـا النـاظرون إلى قديرٍ قـريب قـادر حِبّ مُـدانِ
وإنا الشـاربون كـؤوس جدٍّ وإنا الكاسرون فؤوس خـانِ
وإنا الواصـلون قصـور مجدٍ وإنا الفـاصلون مـن الأداني
وأبـدَرَنا من الرحمـن بـدرٌ فنحـن المبـدَرون ولا نُماني
ونحن الفـائزون كمـالَ فوزٍ ونحـن المنعَـمون ولا نعـاني
وبارزْنـا العـدا متسلحـينا ولسنا قاعـدين كمـثل وانِ
وما جئنا الورى في غير وقت وذو حجر يرى وقت الرَّثـانِ
كخُذْروفٍ ندحرجُ رأسَ عجزٍ وتُبْـنا من ملاعبِ صولجانِ
عريفٌ فرسُ نفسي عند حرب ويدري السرّ مِن شدّ البِطانِ
مِكَـرٌّ ينـزلنّ كمـثل برق ولا تمـضي علـيه دقيـقتانِ
وإنا سوف نُوجَـرُ مِن مليكٍ ونُعطَى منه أجـرَ الامتـشانِ
وكأسٍ قـد شربنا في وِهـادٍ وأخرى نشـرَبنْ فوق القِنانِ
وهـذا كله مِن فضـل ربي ملاذي عاصـمي ممن جفاني
أرى أشجـار رحمتـه عظامًا مفـرِّحةً كـزرع الزعـفرانِ
وقومي كفّـروني مِن عـناد وإلحـادٍ وتحـريف البـيانِ
فيا لَعّانِ لا تهـلَكْ عَجولاً ولا تهجُـرْ فترجِـعْ كالمُهانِ
ووشكُ البَـين صعبٌ عند حُرٍّ وإن الحـر كالحـاني يقـاني
ولا تعجَبْ لقـولي وادّعـائي وقد عُلّمتُ مِن أخفى المعـاني
وللـرحمن في كلِـمٍ رمـوزٌ وكم قولٍ أسرَّ كمـثل كانِ
وكم كلِـمٍ مهفـهفةٍ دُقاقٍ هضيمِ الكشح كالغِيد الحِسانِ
فيدري الضامراتِ ذوو الضمورِ ولا يدري سفـيهٌ كالسِّـمانِ
فإن تبـغي الدقـائقَ مثل إبرٍ فَلِـجْ في سَمَّها ودَعِ الأمـاني
وإن تستطـلِعنْ أنباءَ مـوتي فمُتْ كالمحـرَقين وكُنْ كفانِ
وبذلُ الجـهد قـانون قـديم مَنى للطـالبين قضـاء مـاني
وإني مسلـم والسِّلْـمُ ديـني فلا تُكفِرْ وخَـفْ ربّ الزمانِ
وإن أزمعتَ تكفـيري وعذلي فقُلْ ما شئت من شوق الجنانِ
ولا نخـشى سهام اللاعنـينا ولا نغـتاظ من تكفـير خانِ
جنـحنا كاهـلاً منّا ذَلولاً لأثقـال المطـاعن واللِّـعانِ
فـإن شاء المهيـمن ذو جلال يـبرّئ رحمـةً ممـا تـراني
وفي فـمّي لسـانٌ غـير أني أُحبّ جـوابَ ربٍّ مستـعانِ
وآخـر كلمـنا حمدٌ وشكرٌ لرب محسـن ذي الامتـنانِ
من كتاب نور الحق. يمكن تحميله بالضغط هنا