يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام:
“لا تظنوا أنه يكفي أنكم قد بايعتم في الظاهر؛ لأنّ الظاهر لا يمثل شيئا يُذكر. إن الله لَينظر إلى قلوبكم فيعاملكم حسب ما فيها. ألا إني لأبرأ من واجب التبليغ قائلا:
إن الإثم سمٌّ فلا تأكلوه، وإن معصية الله موتٌ قذِرٌ فاجتنِبوه، وادعوا لكي توهَبوا قوة.
إن الذي لا يوقن وقت الدعاء أن الله قادر على كل شيء، إلا ما استثناه في وعده، فليس من جماعتي. والذي لا يترك الكذبَ والخداع، فليس من جماعتي. والذي هو منغمس في مطامع الدنيا، ولا يكاد يرفع بصره إلى الآخرة، فليس من جماعتي. والذي لا يقدِّم الدين على الدنيا حقيقة فليس من جماعتي. والذي لا يتوب توبةً نصوحًا من كل معصية وكل عمل سيئ وكل تصرف غير مشروع مثل شرب الخمر والميسر والنظر إلى الحرمات والخيانة، فليس من جماعتي. والذي لا يلتزم بالصلوات الخمس فليس من جماعتي. والذي لا يداوم على الدعاء ولا يذكر الله بتواضع فليس من جماعتي. والذي لا يهجر رفيق سوءٍ ينفث فيه الأثر السيئ فليس من جماعتي. والذي لا يحترم أبويه ولا يطيعهما في الأمور المعروفة غير المخالِفة للقرآن الكريم، ومَن هو غير مكترث بعهد خدمتهما فليس من جماعتي. وإن الذي لا يعاشر زوجته وأقاربها بالرفق والإحسان فليس من جماعتي. والذي يحرم جاره حتى من النـزر اليسير من الخير فليس من جماعتي. والذي لا يريد أن يعفو عن مذنب في حقّه، وكان حقودًا فليس من جماعتي. وكل امرئ يخون زوجته أو امرأة تخون زوجها، فليس من جماعتي. ومن ينقض، بشكل من الأشكال، العهدَ الذي قطعه معي عند البيعة فليس من جماعتي. ومن لا يؤمن بي مسيحًا موعودًا ومهديًّا معهودًا في الواقع فليس من جماعتي. والذي هو غير مستعد لطاعتي في الأمور المعروفة فليس من جماعتي. والذي يجالس زمرة المعارضين ويوافقهم الرأي فليس من جماعتي. وكلّ من هو زانٍ وفاسق وشارب خمر وسفّاك وسارق ومقامر وخائن ومرتش وغاصب وظالم وكاذب ومزوّر وجليسهم، وكل من يتّهم إخوانَه وأخواتِه، وكل من لا يتوب عن أفعاله الشنيعة ولا يهجر مجالس السوء، فليس من جماعتي. وهذه الخصال كلّها سمومٌ لا يمكنكم النجاة ُ قطعًا بعد تناولها. لا يجتمع الظلام والنور في مكان واحد. كل من كان له طبع مُعوجّ وليس بمخلص لله تعالى، فلا يستطيع أبدًا أن يدرك تلك النعمة التي يؤتاها أصفياء القلوب. ما أسعدَ أولئك الذين يصفُّون أفئدتهم ويطهّرون قلوبهم من كل رجس، ويبرمون مع ربهم عهد الوفاء! فإنهم لن يضاعوا أبدا، ومن المستحيل أن يخزيهم الله لأنّهم لله وأنّ الله لهم، سيُعصمون عند كل بلاء، وسفيهٌ العدوُّ الذي يقصدهم بسوء لأنّهم في حضن الله والله يحميهم. مَن هو المؤمن بالله؟ إن هم إلاّ أمثال هؤُلاء. وسفيه كذلك مَن كان في همٍّ من شأن رجل عديم الخشية وآثم وخبيث الطوية وشرير النفس فإنّه بنفسه سيهلك. لم يصادَف منذ أن خلق الله السماء والأرض أن أهلَكَ الأبرارَ وأبادهم، كلاّ بل إنّه لم يزل يُري من أجلهم كُبرى الأعمال، وكذلك يُرِيها الآن أيضا. هو الله إِله وفيٌّ كلّ الوفاء وتَظهر لأوفيائه عجائبُ أعماله. تريد الدنيا أن تزدريهم ويُحَرِّقُ العدو عليهم الأُرَّم، ولكن مولاهم يعصمهم من مواقع الردى أجمعها ويكلّلهم بالظفر في كل ميدان“. (سفينة نوح، الخزائن الروحانية، مجلد 19 ص 18-20)