يقول جل في علاه:

{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ } (الأنعام 158)

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا فَذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ

الواقع أن كثيرا من التقليديين قد فهموا طلوع الشمس من مغربها فهما حرفيا يتنافى مع الحكمة الإلهية البادية في النص القرآني.

  1. يوم القيامة يفهمه كثيرون بوصفه يوما ينهار فيه نظام الكون .. على الرغم من أن اللفظ يحمل معنى ايجابيا، فالقيامة = القيام والبناء و ليس الهدم والدمار.
  2. أن يرى الناس بأعينهم الشمس (تلك الكرة الغازية الملتهبة) تشرق من مغربها أمر ينطوي على تناقض لامنطقي، فأنْ تغير الارض اتجاه دورانها بداية يعني أنها يجب أن تتوقف أولا، أو على الأقل تغير اتجاه دورانها بشكل فجائي، مما يعني انهيار نظام المنظومة الشمسية بأكمله بما يعنيه من تصادم الأجرام ببعضها مما يعني أن الناس سيلقون حتفهم قبل أن يروا تلك الظاهرة الفلكية العجيبة.

إن أصحاب منهج تقليد السلف قد وقعوا في إشكالين اثنين حين تناولوا هذه القضية ..1455915_631186280258555_913098470_n

الاشكال الاول: أنهم ساروا وفق مبدإ أن السنة قاضية على القرآن، وبالتالي فقد حاولوا فهم النبوءة دون الرجوع الى القرآن، مع أن القرآن يفسر بعضه بعضا.

الاشكال الثاني: أنهم فهموا النص على ظاهره وحرفيته على الرغم من انه يحمل نبوءة غيبية .. ومعلوم أن النبوءات لا يمكن فهمها على الظاهر، لأن العقول في الأزمان السالفة ما كانت لتستوعبها.

 

ولكي نفهمها فهما سليما يجب علينا تتبع لفظة (الشمس) في القرآن:

وردت لفظة (الشمس) عدة مرات في القرآن بما يعني هدي سيدنا محمد المصطفى (صلى الله عليه وسلم) فكما أن الشمس تمد الأرض بالضوء للهداية والحرارة للدفء والحياة، فكذلك شريعة الإسلام المنزلة على سيدنا محمد فيها هداية

{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (النساء 26)

وفيها حياة كذلك ..

{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (البقرة 179)

أما وقد ورد لفظ الشمس أو معناه  ويراد منه الهدي المحمدي، فالله جل في علاه يقول:

{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا } (الفرقان 61)

فالسراج = الشمس، وأغلب المفسرين على اختلاف مذاهبهم اقروا بأن الشمس تعبر عن الهدي المحمدي

نأتي الآن لتوضيح النبوءة المستقبلية في الحديث ..

يخبر النبي أمته أن هديه بعد أن يكاد ينسى، وتمسي أمته أحط الأمم بعد أن كانت خير الأمم، فإن الزمان سيدور دورته ويشرق الهدي المحمدي من جديد، حين يأخذ الإسلام الحنيف في التنامي من جديد، ولكن هذه المرة من غرب العالم، من بلاد كانت تعتبر أشد أعداء الإسلام، فيرتفع صوت الحق من أوروبا و أمريكا المسيحيتين حتى عهد قريب.

 هل هذا هو كل شيء ؟

بالطبع كلا .. فالنبوءة المستقبلية في الحديث لا تخلو من جانب مادي أيضا .. لقد أوحى الله إلى نبيه الخاتم أن دعوته ستأخذ في الانتشار من جهة غرب العالم في عصر تزدهر فيه وسائل المواصلات و تتميز بالسرعة بحيث تسبق الشمس إلى مغيبها .. إن من يستقل طائرة متجها نحو الغرب يجد أن النهار يطول حيث أنه يغادر المكان الذي تغرب فيه الشمس إلى مكان آخر لا زالت مشرقة فيه، ونظرا للسرعة النسبية للطائرة فإن الراكب يرى الشمس تشرق أمامه (من جهة الغرب) .. هذا أمر رأيته بأم عيني  ويراه كل من كان من المدققين والمتأملين حين يتسنى له ركوب طائرة متجهة غربا في وقت غروب الشمس في مدينة الإقلاع .

والسلام خير ختام