المعترض:
ما هو الحديث حسب كلام المرزا الذي يقول فيه أن المهدي سيخرج من قرية كدعة ويجمع أصحابه وعددهم 313، ومعه صحيفة مختومة بأسمائهم وبلادهم وخلالهم.
أتحدّاكم أيها الأحمديون أن تأتوا بحديث يقول ذلك !
الرد:
أبشِر
أصل الحديث ذكره الشيخ الطوسي في كتابه “جواهر الأسرار” الصادر في 840 هـ كما يلي:
“قال النبي صلى الله عليه وسلم: يخرج المهدي من قرية يقال لها كدعه ويصدّقه الله تعالى ويجمع أصحابه من أقصى البلاد على عدة أهل بدر بثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا ومعه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وبلادهم وخلالهم.” (جواهر الأسرار للطوسي، ص 58)
إذن ها هو مصدر الحديث وتاريخه أمام القرّاء ولم يخترعه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كما يظن المعترض.
والطوسي عالم شيعي فارسي من منطقة “طوس” بإيران وبها يُلقّب، وكان يكتب بالفارسية، أي أن الأصل في الحديث مأخوذ من الفارسية لا من العربية.
وهذا كان هو المصدر الذي ذكره المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كما في نصّ كلام حضرته:
“لقد كتب الشيخ علي حمزة بن علي ملك الطوسي في كتابه “جواهر الأسرار” الصادر في 840 الهجري عن المهدي الموعود ما يلي: “در أربعين آمده است كه خروج مهدي از قريه كدعه باشد” (أي قد ورد في الأربعين أن المهدي سيخرج من قرية يقال لها كدعة). قال النبي صلى الله عليه وسلم: يخرج المهدي من قرية يقال لها كدعه ويصدّقه الله تعالى ويجمع أصحابه من أقصى البلاد على عدة أهل بدر بثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا ومعه صحيفة مختومة (أي مطبوعة) فيها عدد أصحابه بأسمائهم وبلادهم وخلالهم. فالبديهي أنه لم يتفق لأحد قبل هذا الادعاءُ بأنه الإمام المهدي وأن عنده كتابا مطبوعا فيه أسماء أصحابه، أما أنا فقد سبق لي أن سجلتُ هذه الأسماء في كتابي “مرآة كمالات الإسلام”. والآن أكتب أسماء الـ 313 مرة أخرى إتماما للحجة، ليدرك كل منصف أن هذه النبوءة تحققت لي فقط، وبموجب مدلول الحديث من الضروري سلفا الإفصاحُ أن جميع هؤلاء الأصحاب يتمتعون بالصدق والنقاء، وبعضهم سبقوا البعض في الحب والانقطاع إلى الله والنشاط الديني.” (عاقبة آتهم)
إذن الحديث موجود وبلفظ “كدعة” في النسخة الأصلية كما تشاهدون وبنسختين !
وهو مصدر المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام.
بناء على ذلك فإن أي لفظ “كرعة” في الكتب الحديثة لا يثبت لوجود النسخة الأصلية بخط المؤلف وهي “كدعة“.
أما لفظ “اليمن” فلم يرد في أصل الحديث البتة بل أضيف فيما بعد كما يقول الشيخ المجلسي نقلاً من كتاب “كفاية الأثر في النص على الأئمة الأثني عشر” لأبي القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز القمّي الرازي -وهو من علماء القرن الرابع- حيث أشير في هامش الصفحة 150 من كتاب “كفاية الأثر” إلى أن هناك ثلاث نسخ للكتاب أحدها نسخة قديمة جدا مطبوعة بالحجر ليس فيها عبارة من اليمن وحتى القرية ذكرت باسم آخر في أحد النسخ (كريمة وأكرعة بدلاً من كرعة).
فلا وجود لـ اليمن في النسخ القديمة. بل قد ورد في “معجم ابن المقريء” لفظ “اليمين” بدلاً من “اليمن” كما يلي:
“حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ تَمَّامِ بْنِ صَالِحٍ الْحِمْصِيُّ، بِحِمْصَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ مِنْ قَرْيَةٍ بِالْيَمِينِ يُقَالُ لَهَا: كَرِعَةٌ، وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ فِيهَا مُنَادٍ يُنَادِي: أَلا إِنَّ هَذَا الْمَهْدِيُّ فَاتَّبِعُوهُ”.” (معجم ابن المقري» يخرج المهدي من قرية باليمين يقال لها: كرعة، ص: 85 رقم: 94 و 91)
وخرَّجه الطبراني بلفظ:
“يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي هذا المهدي فاتَّبعوه” (مسند الشاميين للطبراني 2/ 71 – 72 رقم: 937)
وكذلك ذكره السيوطي خالياً من لفظة (اليمن) في “العرف الوردي”.
إذن لم يذكروا “باليمن” !
فيثبت أن “اليمن” أضيفت لاحقاً من قِبل أحد الرواة لغرض التوضيح لا أكثر. بل إن اسم قرية المهدي وصحابته ورد أنه “طالقان” التي تشبه إلى حد بعيد لفظة “قاديان” خصوصاً إذا ما تم جمع لفظتَي “كدعة” و “طالقان” حيث الكتاب بالفارسية التي تلفظ حرف القاف كافاً كما يفعل بعض العرب أيضا. لذلك فلا يقابل “كدعا” إلا “قادا”، ومدينة قاديان أصلا اسمها قادا أو قادي (قاضي) ثم تحولت إلى قاضيان أو قاديان، وهي إلى اليمين أو الشرق من الجزيرة العربية كما في أحاديث ظهور المهدي من الشرق، بينما اليمن تقع إلى الجنوب من الجزيرة العربية. وورد أن في طالقان كنز هو عبارة عّن ظهور المهدي من هناك مع صحابته لإحياء ما أميت من الدين. وحديث طالقان كالتالي:
عن الباقر عليه السلام قال:
“إن لله تعالى كنز بالطالقان ليس بذهب ولا فِضّة، إثنا عشر ألفاً بخراسان شعارهم: “أحمد أحمد” يقودهم شاب من بني هاشم على بغلة شهباء، عليه عصابة حمراء، كأني أنظر إليه عابر الفرات. فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبوا على الثلج.” (منتخب الأنوار المضيئة، السيد بهاء الدين النجفي – ج 1، الصفحة 393)
والشاب هنا كما أثبتنا سابقاً أي الغلام (من هنا: المسيح المهدي غلام فارسي من الهند)، لأن الروايات تتباين في الألفاظ وتتحد بالمعاني.
انتبهوا لشعار جماعة المهدي “أحمد أحمد” !
وورد أيضا في كتب السنة كما يلي:
عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النبي ﷺ قال:
“لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي يُقَاتِلونَ على أبوابِ بَيتِ المَقْدِسِ وما حولَها وعلَى أبوابِ أنطاكيَّةَ وما حَولَها، وعلى أبوابِ دِمَشْقَ وما حَولَها، وعلَى أبوابِ الطَّالِقَانِ وما حَولَها ظاهرينَ علَى الحَقِّ لا يُبالون مَنْ خَذَلهُمْ، ولا مَنْ يضُرُّهُم حتَّى يُخرِجَ لهم اللَّهُ كَنزَه منَ الطَّالقان، فيُحيي بهِ دينَه كما أُميتَ من قبلُ.” (السلسلة الضعيفة للألباني، 6389. و”فضائل الشام ودمشق” الرقم: 27. و”فضائل الشام” لابن رجب الرقم: 3/210، بلفظ “ولا مَنْ نَصَرَهُمْ” بأسانيد ضعيفة)
ولتجربة انطباق قاديان التي تشبه لفظَي طالقان وكدعة انطباقها لفظاً على المقصود من الحديث والتأكد من أن الأعجمي لا يلفظ حرف القاف إلا كافاً يمكن للقراء الأعزاء إجراء تجربة بسيطة بأنفسهم، وهي كتابة كلمة Qadian في محرك البحث غووغل والطلب منه أن يلفظها، وسوف يفعل بالتأكيد هكذا: كاديان !
إذن ثبت حديث كدعة ولم يؤلفه حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام كما ظنَّ المعترض لجهله، وقد ظهر الأقرب للمقصود منه أنها قاديان عند التامل وجمع الحديث.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ