يحاول الخصوم التدليس كعادتهم على كلام سيدنا الإمام عليه السلام ليظهروا أنه يقول بقتل المرتد ويخالفنا نحن الأحمديين في هذا المحتد كما جرت العادة على زكريا ابن بطرس وأمثاله ممن يوهمون المسلمين أنهم أعلم منهم في دينهم وأن القرآن المجيد يخالف ما عندهم من خير وأنه والعياذ بالله أسوأ الشرور ببتر النصوص بذات التدليس وذات الغرور. في هذه الشبهة يقول الخصيم أن حضرة المسيح الأحمدي عليه السلام يقول بقتل المرتد كما هم يقولون ولا حجة للأحمديين. وهذا هو الاقتباس الذي بتروه من كلام حضرته عليه السلام:
“أن جزاء هذا الرجل المرتد أن يُقتَل بالسّيف البتّار، أو يُلقى في النار، كما هو جزاء المرتدين.“
فلنقرأ معاً كلام حضرته كاملاً في سياقه من كتاب “تحفة بغداد(لتحميل الكتاب نرجو الضغط هنا)” ردّاً على السيد القادري العراقي الذي كفّر حضرته وحكم عليه بالقتل قتل المرتدين، فيقول حضرته عليه السلام رادّاً عليه ما يلي:
“والعجب منك .. ومن مثلك رجل صالح، تقيّ نقيّ، حليم كريم .. أنك تكتب في اشتهارك أن جزاء هذا الرجل المرتد أن يُقتَل بالسّيف البتّار، أو يُلقى في النار، كما هو جزاء المرتدين.” (تحفة بغداد ص 5)
هذا هو السياق كاملاً. والكلام عائد على الشخص الآخر وليس المسيح الموعود عليه السلام.
وكان رد حضرته عليه السلام في نفس الكتاب بعد بضعة اسطر على مكفّره كما يلي:
“وإن كنت أن * تشتهي أن تسبّني أو تلعنني أو تكذّبني أو تقتلني بسيف بتّار أو تلقيني في نارٍ، فاصنع ما شئت، وما أرُدّ عليك إلا دعاء الخير والعافية. يا أهل البيت .. يرحمكم الله في الدنيا والآخرة، وآواكم في المرحومين. ” (تحفة بغداد ص 8 )
كما ترون، فحضرته عليه السلام يخاطب الذي كفّره وأمر بقتله قتل المرتد بكلامه هو “أنك تكتب في اشتهارك…” لا رأي حضرته في عقوبة المرتد، ولم يكن إلا عتاباً لطيفاً وخطاباً خفيفا على ما فاه به الرجل بحق حضرته من تكفير وعقوبة الارتداد عن الدين والعياذ بالله.
أما رأي حضرته عليه السلام في المرتد عن الدين فهو الحرية الشخصية وكُتُب حضرته كلها تستند على ذلك المبدأ انطلاقا من التزامه عليه السلام بنفي النسخ في القرآن المجيد ومن ينفي النسخ لا يأخذ به، ومن المعروف أن عددا من الناس ارتدّوا في زمن حضرته فلم يصرّح بقتلهم ولا معاقبتهم بيده ولا بيد الآخرين. من ذلك يسقط الإتهام من أساسه.
الواقع أن خصوم الجماعة بهذا التلبيس يريدون إحداث شرخ بين مفهوم حضرة المؤسس وبين المنتمين الى نهجه بل بين حضرته وبين ابنه الخليفة الثاني الذي يقول في تفسيره الوسيط حول عقوبة الردة ما يلي:
“ولكن الصحابة الآخرين قدموا اعتراضات جديدة، وسأل بعضهم: لماذا وافق على رد كل شاب يتحوّل للإسلام إلى وليّه في مكة، بينما لم يحصل على نفس الشرط للمسلم الذي يرجع إلى الكافرين؟
فشرح الرسول صلى الله عليه وسلم لهم أنه لا خطورة عليهم من ذلك، فكل من يصبح مسلمًا يكون كذلك لأنه يقبل الإسلام عقيدة وشرعة، وليس لأنه سينضم لحزب ويتبنى عاداته وتقاليده، ورجل مثل هذا سيشع منه نور الإسلام ورسالته حيثما حل، وسيعمل كأداة لانتشار هذا الدين. ولكن رجلاً يطرح عنه ثوب الإسلام، هو شخص لا قيمة له ولا فائدة للإسلام منه، فإذا لم يتمسك بكل ما عليه المسلمون بقوّة فهو ليس منهم، ومن الأفضل أن يذهب عنهم حيث يشاء. ولقد أقنع هذا الرد أولئك الذي تشككوا في حكمة النهج الذي اتبعه الرسول صلى الله عليه وسلم. وهو اليوم كفيل بإقناع أولئك الذين يظنون أن عقوبة المرتد هي الموت، فلو كان الأمر في عقوبة الردّة عن الإسلام كذلك، لأصرّ الرسول صلى الله عليه وسلم على إعادة المرتد إليه كي يقيم عليه حد الإسلام الذي يدّعونه.” (مقدمة التفسير الوسيط ص 255)
ويقول حضرة الخليفة الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أيضاً في التفسير الكبير لسورة النحل:
“أليس من المستغرب أنه، بالرغم من وجود هذه الآية وكثير غيرها، يعتقد بعض المسلمين بجواز الإكراه في الدين؟ (انظر “ارتداد كي سزا اسلامي قانون مين” أي “عقوبة الردة في الشرع الإسلامي” – للمودودي: العقل وقتل المرتد).” أهـ
والعاقبة للمتقين
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
مُسْلِم للّه