الجماعة الإسلامية الأحمدية تؤمن بحق كل إنسان بأن يعلن انتماءه إلى الدين الذي يريد، ويصبح واجبا علينا الاعتراف بأنه ينتمي إلى هذا الدين، ونؤمن أنه ليس من سلطة البشر أن يحرموا الإنسان هذا الحق.
من هذا الباب نحن ضد التكفير عموما، وتكفير المسلمين خاصة. فهم مسلمون، لأن هذه هي الصفة التي اختاروها لأنفسهم. ولكن هذا لا يعني أنهم أصبحوا مرضيين عند الله تلقائيا، بل إن حقيقة إيمانهم هي عند الله تعالى، وهو الذي يعلمها وهو الذي يحاسبهم عليها.
أما من حيث موقفهم من الجماعة ومن المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، فمن كفَّره نؤمن بأنه كافر عند الله تعالى بحكم النبي صلى الله عليه وسلم الذي وضع قاعدة أنَّ من كفَّر مسلما فقد كفر، وإن كان يبقى مسلما ظاهريا، ويحق له أن يعلن أنه مسلم، بل ونحن نعدُّه مسلما من حيث الانتماء إلى الإسلام؛ لأن مجرد الانتماء للإسلام لا يعني سلامة الإنسان من الكفر أو الشرك بأنواعه. ومن كفَّر المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام فنحن نعلم أنه كافر عند الله تعالى لأنه كفَّر مسلما، فكيف إن كان قد كفَّر مبعوثا ربانيا؟ فهنالك فارق بين كونه كافرا عند الله وبين أنه مسلم ظاهريا بسبب إعلانه أنه ينتمي إلى الإسلام.
أما الذين لم يؤمنوا بالمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام من المسلمين سواء عرفوا عنه أم لم يعرفوا عنه، فهم في عداد الكافرين به ظاهريا وإن كانوا يسمَّون مسلمين، لأنه مبعوث رباني، والكفر به لا فرق بينه وبين الكفر بأي نبي. وواجبنا أن ننبههم إلى خطورة الموقف الذي هم عليه. أما حقيقة إيمانهم، ومدى إقامة الحجة عليهم، فهذا لا نعلمه، لأن الله تعالى وحده هو من يعلمه، وهو الذي يحاسبهم عليه. فنحن نؤمن أن غير المسلم يمكن أن ينال النجاة ويدخل الجنة إذا لم يطَّلع على حقيقة الإسلام، وهذا ينسحب أيضا على من لم يعرف حقيقة دعوى المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام ولم يصدِّقه لأن الحجة لم تُقم عليه، بشرط ألا يكون قد قصَّر في البحث في دعواه وأهملها.
وباختصار، فإن الانتماء إلى الإسلام حق مكفول لكل إنسان ليس بمقدور أحد أن يسلبه منه- ومن هذا الباب نقول بأن مجرد دعوانا نحن المسلمين الأحمديين بأننا مسلمون هو حق لنا لا حق لأحد أن ينزعه منا- ولكن حقيقة الإيمان هي عند الله تعالى، والله تعالى يحاسب كل إنسان حسب موقفه الذي اتخذه ومدى إقامة الحجة عليه.
ثم نحن لا نرتب على حقيقة إيمان الإنسان أو حقيقة كفره أي شيء في هذه الحياة الدنيا- بخلاف غيرنا الذين يبيحون قتل المرتد ولديهم أحكام تفضيلية خاصة للمسلمين دون غيرهم- كما نؤمن بأن من حق كل إنسان أن يختار الدين الذي يشاء وأن يكفر بالدين الذي يشاء، ومن واجبنا مواساة الخلق عموما والمسلمين خصوصا وعدم إيذائهم بأي طريقة، وهذا ما جاء في شروط بيعتنا؛ إذ جاء في الشرط الرابع والشرط التاسع. ففي هذا إقرار أننا نعترف بأخوتهم الإسلامية رغم خلافنا معهم، بل نرى أن من واجبنا مواساتهم خاصة قبل غيرهم.
هذا هو موقفنا ومنهجنا الذي لا خلاف ولا تناقض فيه بين أقوال المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام والخليفة الثاني رضي الله عنه في كل وقت، وكذلك هو موقفنا الذي كنا ولا زلنا عليه وسنبقى إلى أبد الآبدين إن شاء الله تعالى.
وللمزيد من المعلومات يرجى مراجعة تفسير سورة البينة في التفسير الكبير للخليفة الثاني رضي الله عنه.
(يمكن الضغط هنا لتحميل تفسير يورة البينة بسهولة)