المعترض:
أقوى دليل عند الاحمديين على صدق المؤسس هو طهارته وأمانته أي أنه لم يكذب في حياته ويقدمون مثال الرسالة البريدية التي استدعي المؤسس بسببها إلى المحكمة وقال له المحامون أكذب لكي تنج من هذه القضية ولكن المؤسس رفض الكذب وآثر الصدق. هذا دليل الأحمديين على طهارة مؤسسهم من الكذب وأنا أقول أن هذا دليل على كذبه لأن القضية لا تستأهل أن يكذب من أجلها لأنها بسيطة ليست إعداماً ولا سجن لسنوااات طوااال. المحامون اقترحوا الكذب لأنهم يعلمون سيرة الرجل !
الجواب:
إذا كان هذا الاعتراض قائماً على دليل فيمكن مناقشة الموضوع ولكنه للأسف مجرد ظن بأن المحامين اقترحوا الكذب لأن موّكلهم مشهور بالكذب. لم تقدم يا معترضنا الدليل على ذلك، ويبقى الاتهام مبني على الظن الفقير. أما القصة فهي قد حدثت بالفعل في عام 1877 واعترف المعترض بأنها حدثت حقاً ورفض المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن يكذب من أجل النجاة والعقوبة المترتبة على الاعتراف بالفعل وقام عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بالشهادة الصادقة بأنه هو من أرسل الرسالة إلى بريد أمرتسار ولكنه لم يكن يعلم بالفقرة القانونية فَبرّأه القاضي من أجل صدقه وشجاعته ولمعرفة القاضي وحنكته بأن من يشهد على نفسه بهذا الشكل ويعرض نفسه لعقوبة السجن لستة أشهر ويلوث سمعته وتكتب عليه سابقة قانونية وقد يخسر جماعته وثقة مريديه فقط من أجل قول الحق فهو حتماً صدوق لا يمكن أن يقوم بفعلة كهذه على الإطلاق بينما كان بإمكانه أن ينكر أنه هو المرسل وتنتهي القضية حيث لا شاهد ولا مشهود. أما قول المعترض أن المحامين عرضوا ذلك لشهرة الرجل بالكذب والعياذ بالله فهو يناقض تبرئة القاضي له عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وهو القادر على إيقاع عقوبة الغرامة المالية والسجن لستة أشهر وتلويث سمعته من جهة، ومن جهة أخرى انتفاء الدليل على شهرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالكذب، بل العكس هو الصحيح حيث نجد حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام يؤكد في كل مناظراته على صدقه وأمانته ويتحدى الناس أن يثبتوا عليه ولو كذبة واحدة، ونجد ألد أعدائه يشهدون بصدقه وورعه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام مثل السيد محمد حسين البطالوي زعيم أهل الحديث وعدوه اللدود الذي يقول عن حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وهو يمتدح كتاب البراهين الأحمدية:
“والآن ُأبدي رأيي بإيجاز شديد ودون أدنى شائبة من المبالغة، وهو أننا حين نضع هذا العصر وأحواله في الاعتبار أرى أنه لم ينشر مثل هذا الكتاب منذ بدء الإسلام إلى هذا اليوم، ولا ندري ماذا يمكن أن يحدث في مستقبل الأيام، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. لقد أثبت المؤلف أنه رجل مثابر في خدمة الإسلام، بالقلم واللسان، والحال والمال، وغير ذلك، حتى إنه من النادر أن تجد له مثيلا بين المسلمين. ومن اعتبر قولنا هذا مبالغة تمشيا مع أسلوب أهل آسيا، فعليه أن يدلّنا على كتاب واحد على الأقلّ تصدى لأعداء الإسلام، وخاصة للآريا سماج والبرهمو سماج بكل قوة وبرهان، وعليه أن يقدم لنا أسماء ثلاثة أو أربعة ممن قدموا للإسلام خدمات مثل ما قدم هذا الرجل، وعليه أن يعدد لنا بضعة أشخاص بمثل هذه الصفات الذين اضطلعوا بأعباء خدمة الإسلام بالمال والنفس والقلم واللسان والحال أيضا، والذين تحدوا أعداء الإسلام ومعارضي الوحي وقالوا بأن الذي يرتاب في نزول الوحي فليتقدم إلينا ليشاهد ما يرتاب فيه، بل إنهم أذاقوا الملل الأخرى طعم التجربة والمشاهدة أيضا.” (مجلة إشاعة السنة العدد ٧ رقم ٦ الصفحة ١٦٩-١٧٠)
وقال الشيخ البطالوي أيضا:
“إنَّ مؤلف البراهين الأحمدية قد صان شرفَ المسلمين، وتحدّى أعداء الإسلام بقوة وبراعة، وأعلن للعالم أجمع أن مَن لديه أدنى شك في صدق الإسلام، فعليه أن يأتي إليه. يا رب، ويا هاديَ الباحثين عنك، ارحَمْه أكثر من نفسه ومن آباءه. آمين” (مقدمة كتاب البراهين الأحمدية)
كانت هذه شهادة زعيم فرقة أهل الحديث وصاحب مجلة إشاعة السنة وعندنا المزيد ولكنها شهادة تكفي على صدق وأمانة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام التي يؤيدها موقف القاضي بتبرئة حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بعد أن شهد على نفسه وآثر الصدق على النجاة فنجا لأنه صادق عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام.
أما طعن المعترض في خلق المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقط لأن المحامين اقترحوا على حضرته الكذب فلا بد أنهم علموا عنه ذلك أولاً يفتقر إلى الدليل وسقنا الدليل المعاكس له وفوق ذلك هو يطعن من باب أولى بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لأن زعماء قريش وحكمائهم عرضوا عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم المال والنساء والجاه لكي يترك الدعوة ولكنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رفض وآثر الصدق على المداهنة والجاه والمال والنساء، فهل عرضوا ذلك لعلمهم بسيرة الرجل والعياذ بالله ؟ هل كان عرضهم المال والنساء والجاه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يطعن فيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أو يعني أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كان عندهم عاشقاً للدنيا والمال والشهرة ؟ وهل ملكة سبأ كانت تعلم أن سيدنا سليمان عَلَيهِ السَلام كان شغوفاً بالمال والهدايا فأرسلت هديتها كي تثنيه عن الدفاع عن مملكته ؟ فهذا الاعتراض هو في الواقع طعن في النبيين عليهم السَلام على رأسهم سيدنا مُحَمَّد المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
أما محتوى الرسالة فكان عبارة عن رد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام على هجوم الآريا سماج والبرهمو سماج على الإسلام والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وتضمن ورقة تعليمات لمدير المطبعة حول طباعة الرد. فالمعترض من حيث لا يدري يعارض رد المسلمين على أعداء الإسلام ويتهم الذي كان يرد عليهم بالكذب والتزوير والطعن في أخلاقه ويجعل نفسه نائباً لهم في الطعن بالإسلام. وليت الأمر كان صحيحاً لكي نناقشه بل تبيّن أن الاتهام هو مجرد ظن باطل بالدليل النقلي والعقلي كما تقدم.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ