المعترض:
يقول المؤسس في كتاب محاضرة سيالكوت “أجْمَعَ الأنبياءُ على أن المسيح الموعود سيُبعَث على رأس الألفية السابعة ويولد في نهاية الألفية السادسة وأنه آخر الجميع كما كان آدم أول الجميع.” انتهى. أين هذا الكلام ؟ من قال من الأنبياء بذلك ؟ لن تجدوا هذا الكلام ألبتة في أي مكان ! ثم من قال أن عمر الدنيا منذ بعثة النبي آدم هو سبعة آلاف سنة ؟ في أي مصدر هذا ؟ لا يوجد هذا الكلام قط ! أليس هذا كذباً ؟ أليس هذا تزييفاً ؟
الجواب:
يتحدث المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في هذا النص عن نصوص دينية تاريخية يجمع فيها الأنبياء السابقون على أن المسيح الموعود سيظهر في الألفية السابعة من بعثة النبي آدم عَلَيهِ السَلام فيكون آخر من يُبعَث من النبيين كما أن آدم هو أول من بُعِث منهم عليهم السَلام. ورغم أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لم يُحِل هذا القول إلى نص تاريخي بعينه فإننا نجد مصداق ذلك عند أصحاب الشأن أي الذين بَعَثَ الله تعالى فيهم أكثر النبيين الواردة قصصهم في القرآن الكريم. ولنقرأ ما جاء في الكتاب المقدس:
“اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ. لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ. لِذلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدَّسَهُ.” الخروج 20:8-11
وحسب التلمود اليهودي فإن كل يوم من الأيام الـ 7 للخلق هذه يقابل ألف عام عندنا نحن البشر، أي أن المقصود بالأيام السبعة هو سبعة آلاف عام وهو عمر الدنيا منذ بعثة آدم النبي عَلَيهِ السَلام حسب الكتاب المقدس. انظر: التلمود البابلي “روش هاشانا” 31أ. و”السنهدرين” 97أ .
فهذا هو التعليم الرباني والتشريع عند اليهود في كتب الحديث والتفسير التي يطلق عليها بالتلمود. وتتفق الكتب اليهودية كالتلمود كما تقدم والمدراش (1)، والقبالاه (2) كلها تتفق على أن الموعد النهائي لظهور المسيح الموعود هو على رأس الألفية السابعة.
وهذا الذي ينطبق على حديث المجددين الذين يأتون على رأس المائة حيث ورد الحديث التالي:
“عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا.” (3)
ويجرنا هذا الحديث إلى حديث آخر يربط نزول المسيح بقتل الدجال على رأس المائة:
“قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ : حَدَّثَنَا يحيى بن عبدك القرطبي ، حَدَّثَنَا خلف بن الوليد ، حَدَّثَنَا المبارك بن فضالة عَنْ علي بن زيد ، عَنْ عبد الرحمن بن أبي بكر ، عَنِ العريان بن الهيثم ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : مَا كَانَ مُنْذُ كَانَتِ الدُّنْيَا رَأْسُ مِائَةِ سَنَةٍ إِلَّا كَانَ عِنْدَ رَأْسِ الْمِائَةِ أَمْرٌ ، فَإِذَا كَانَ رَأْسُ مِائَةٍ خَرَجَ الدَّجَّالُ ، وَيَنْزِلُ عِيسَى فَيَقْتُلُهُ.” (4)
بالإضافة للكتاب المقدس فالمصادر الإسلامية ذكرت أيضا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بُعِثَ في الألفية السادسة وأن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يُبعث في الألفية السابعة. فلنقرأ من نفس الكتاب حيث يقول الإمام السيوطي:
“الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآثَارُ أَنَّ مُدَّةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ تَزِيدُ عَلَى أَلْفِ سَنَةٍ ، وَلَا تَبْلُغُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ أَنْ مُدَّةَ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ فِي أَوَاخِرِ الْأَلْفِ السَّادِسَةِ ، وَوَرَدَ أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ مِائَةٍ ، وَيَنْزِلُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَقْتُلُهُ.” (5)
ويشير جميع مفسري الكتاب المقدس إلى النص التالي من سفر إشعياء الذي يُبين فيه النبي إشعياء أن المسيح الموعود سوف يكون قاضياً أي ما يصطلح عَلَيهِ المسلمون بالحَكَم العدل فيضع الحرب، وبذلك لن يكون قتال من أجل الدين. النص كما يلي:
“ فَيَقْضِي بَيْنَ الأُمَمِ وَيُنْصِفُ لِشُعُوبٍ كَثِيرِينَ، فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكًا وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفًا، وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ.” إشعياء 2: 4 .
وهذا النص يقابل الحديث النبوي الذي يقول فيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بأن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام إذا نزل وَضَعَ الحربَ أي تنتهي الحروب الدينية بظهوره حتى إن عدداً من المفسرين ربط قوله تعالى ﴿حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ (6) وقوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ (7) ربطوه بنزول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام.
وبهذا يكون كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام صادق تمام الصدق إذ أجْمَعَ الأنبياء كما سلف على نزول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في الألفية السابعة وكذلك كون المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام هو آخر الأنبياء حياة على الأرض كما أخبر خاتم النبيين سيدنا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
المصادر:
(1) انظر: Pirke De Rabbi Eliezer, Gerald Friedlander, Sepher-Hermon Press, New York, 1981, p. 141 .
(2) انظر: Zohar (1:117a) and Zohar Vayera 119a .
(3) رواه أبو داود وغيره. قال البيروتي في أسنى المطالب: “رواه أبو داود وغيره، وصححه الحاكم. وقال الزين العراقي: سنده صحيح.” انتهى. وقال السيوطي رحمه الله في مرقاة الصعود: “اتفق الحفاظ على تصحيحه، منهم الحاكم في المستدرك والبيهقي في المدخل، وممن نص على صحته من المتأخرين الحافظ ابن حجر.” انتهى .
(4) الحاوي للفتاوي، السيوطي، الفتاوى الحديثية، كتاب الأدب والرقائق، الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف، ذكر ما ورد أن الدجال يخرج على رأس مائة. ورواه الطبراني في المعجم الكبير، ج 2 .
(5) الحاوي للفتاوي، السيوطي، الفتاوى الحديثية، كتاب الأدب والرقائق، الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف. والإشاعة لأشراط الساعة، للبرزنجي، ص 188 .
(6) المهذب في السنن للبيهقي حديث رقم 14481 .
(7) المهذب في السنن للبيهقي حديث رقم 14482 .