المعترض:
من عجائب الميرزا وقصصه
يقول: ذكر لي ثلاثة من الثقات النجباء المعتدّ بهم أنهم رأوا بعض الرجال الذين كانت أثداؤهم مليئة بالحليب مثل النساء، بل قال أحدهم إن الشاب “أمير علي” من سكان قريته رضع من أبيه وتغذى على حليبه، لأن أمه كانت قد توفيتْ. … كما شاهد بعضهم أن فأرة وُلدت من تراب يابس …… ولقد رأى مؤلف هذا الكتاب ناسكًا (هندوسيا) يمسك في الصيف الحار زنبورا بعد قراءة الآية القرآنية: (وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ)، ولم يكن يلسعه، ولقد جربت أنا شخصيا بعض تأثيرات عجيبة للآية القرآنية تتبين منها عجائب قدرة الله البارئ جل شأنه.
لم يذكر الميرزا هذه التأثيرات العجيبة، لكنه ذكرها للناسك، وكان كلامه في سياق أن انشقاق القمر على الحقيقة، على عكس ما يقول الميرزا محمود والأحمديون.
الرد:
إن جهل المرء بالواقع وما أثبته العلم ليس بعيب فلا يوجد من هو كامل تام العلم والمعرفة وكل إنسان يتعلم ما دام حياً، ولكن العيب هو أن تجعل من هذا الجهل حجةً على العلم وكأن جهلك هو الصواب والحق الذي لا يُعلى عليه فيما الحقيقة أن هنالك الكثير مما فاتك معرفته حول الموضوع. فاعتراض الخصم على كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حول حدوث حالات إنتاج وإفراز الحليب عند الرجال ولو على سبيل الندرة في معرض ردّه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام على اعتراض أعداء الإسلام حول معجزات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وخرق السنن الكونية وبالتحديد معجزة انشقاق القمر، هو في الحقيقة جهل مركب، أما المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقد قال بأن هذا ليس فيه خرق للسن بل للقوانين الطبيعية التي نجهلها فقط. وقبل أن نستعرض رد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام نذكر بعض الأمثلة على صحة كلام حضرته عَلَيهِ السَلام حول هذا الموضوع، فقد نشرت مجلة “ساينتيفيك أميريكان” العلمية الشهيرة مقالاً يؤكد هذه الحقيقة بالأدلة الموثقة. (من هذا الرابط)
وكذلك نشرت صحيفة “الرياض” في عددها ١٤١٤٢ الصادر بتاريخ ١٤ مارس لسنة ٢٠٠٧ مؤكدةً هذا الموضوع وإمكانية حدوثه ولو بالندرة، ونقتبس عبارة من المقال:
“والأغرب من كل هذا قدرة “الرجال” على إرضاع أطفالهم في ظروف خاصة. وهذه الحقيقة الغريبة تعود – كما قلنا سابقا – إلى أن ثدي الرجل أيضا يملك أنسجة وغدداً حليبية ولا يختلف عن ثدي المرأة إلا بعد البلوغ. .. وحين تحدث للرجل استثارة عاطفية أو موضعية كافية تبدأ لديه غدد الحليب أو “العنبيات” في الاستيقاظ ومحاولة الإفراز.. وإن استمر على هذه الحال لفترة طويلة – بسبب مص الطفل لحلمة الثدي مثلا – قد يبدأ الأب في إفراز الحليب وإرضاع ابنه فعلا !!! … بالطبع.. أرجو أن لا تُستغل هذه المعلومة لمطالبة الرجال بتحمل مسؤولية الرضاعة!!!” (انظر)
ومن الناحية الفقهية ثبت عند أهل العلم هذا الأمر أيضاً حيث نشرت مجلة “البحوث الإسلامية” في عددها المرقم ٣٧ الصادر بتاريخ رجب-شوال لسنة ١٤١٣ هـ، قسم “البحوث”، باب “الرضاع وأحكامه في الفقه الإسلامي”، “حكم لبن الرجل”، الصفحة رقم ٣٣٦ ما يلي:
“ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الرجل إذا خرج له لبن وأرضع طفلاً فلا حرمة ولا رضاع بينهما ولا تنتشر الحرمة بين من أرضعهما ، فلو أرضع طفلين أحدهما ذكر والآخر أنثى فلا يصيران أخوين من الرضاعة ، وجاز لأحدهما أن يتزوج من الآخر ، كما أنه لا تثبت الحرمة بين الرجل وبين أحدهما ، وجاز له أن يتزوج البنت التي أرضعها ، كما يجوز للولد الذي رضع منه أن يتزوج بابنته أو أخته أو عمته أو خالته إذا لم يكن هناك مانع آخر . وذهب الكرابيسي إلى أن الحرمة تنتشر بلبن الذكر ، فلو أن رجلاً خرج له لبن وأرضع طفلا انتشرت الحرمة بينه وبين من أرضعه ، إذا اجتمع طفلان على هذا اللبن تثبت الحرمة بينهما ، فلو أرضع ذكراً وأنثى ثبتت الحرمة بينهما وأصبحا أخوين من الرضاعة ، وذلك لأنه لبن آدمي فأشبه لبن الآدمية ، ولم يجز لأحدهما أن يتزوج بالآخر. والراجح أن لبن الرجل لا تنتشر به الحرمة ؛ لأن نزول اللبن من ثدي الرجل من الأمور النادرة ولم يخلق لغذاء المولود ، فلا يتعلق به التحريم.” (انظر)
والفيديو التالي يناقش حقيقة إرضاع الرجال للأطفال ويعرض العديد من القضايا المسجلة علميا:
Yes- Men Can Easily (and Nutritionally) Breastfeed a Baby…
وفيما يلي نص كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حول معجزة انشقاق القمر ردّاً على اعتراض أحد علماء الأريا:
“اعتراض من لاله مرليدهر المحترم مدرس الرسم
سأطرح الآن ستة أسئلة أولها أن من عقائد أهل الإسلام أن الأنبياء ُيظهرون المعجزات، فقد شَقَّ حضرة محمد المحترم القمر شقين، وأخرج كل شق منهما وأخرجهما من كُميه أو أخرج أحدهما من كم والثاني من آخر. فخروج شيء طوله وعرضه آلاف الأميال أو قطره آلاف الأميال من ثقبٍ قطره فتحة قطرها ست بوصات أًو قدمٍ واحدة فقط يخالف قانون الطبيعة. وانحراف القمر، الذي يدور دورة حول الأرض شهريا، عن مداره، ثم لا يشاهده أحد في العالم سوى بضعة أشخاص، مع أنه بذلك يختل نظام العالم؛ إذ لا ذكر له في تاريخ أي بلد مثل الهند والصين .. وغيرها. ومن هنا يثبت بوضوح أن هذه الأمور كلها مزيفة ومختلقة. فإذا كانت حقيقية فما الدليل على ذلك ؟
مرليدهر”
فكان جواب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كالتالي:
“بسم الله الرحمن الرحيم
إن الاعتراض الذي أثاره المدرس المحترم هو على معجزة انشقاق القمر؛ أي أن انشقاق القمر يخالف العقل أولاً، والثاني أن خروج شقَّي القمر من الكمَّين أيضاً ينافي العقل صراحة. وليتضحْ ردّا على ذلك أن الاعتراض أنه كيف انشق القمر وخرج الشقان من الكّمين، هوعديم الأصل وباطل تماما. فلا نؤمن أبداً أن القمر انشقَّ وخرج الشقّان من كمَّي النبي ﷺ، وهو غير مذكور في القرآن الكريم ولا في أي حديث صحيح. وإذا كان أحد يدعي أنه وارد في القرآن الكريم فليذكره. .. فالاعتراض الذي لا أصل له في القرآن الكريم أو الحديث إذا كان يَثبت منه شيء فإنما أن المدرس المحترم ليس لديه أي إلمامٍ بأصول الإسلام وكُتبه الموثوق بها. فإذا كان اعتراض المدرس مبنياً على أصل صحيح فعليه أن يستخرج لنا من القرآن الكريم في هذا المجلس نفسه الآية التي ورد فيها هذا التفصيل. وإن لم يجد آية من القرآن الكريم فليقدم أي حديث صحيح قد ورد فيه هذا المضمون، وإن لم يستطع فليخجل وليستحِ. لأن الحوار يليق بمن يكون مُطَّلِعًا على دين الفريق الخصم. .. أما الفعل الإلهي الذي له علاقة بالقدرة وحدها فلا يستطيع أن يعترض عليه إلا من أحاط بجميع قدرات الله أولاً. وليكن واضحا هنا أيضاً أن انشقاق القمر حادثٌ تاريخي قد ورد ذكره في القرآن الكريم، والواضح أن القرآن الكريم كتاب كانت كل آية عند نزولها تُقرأ على مسامع آلاف من المسلمين والمُنكرين. وكانت تُبلغ، وكان له مئات الحفّاظ، وكان المسلمون يقرأون القرآن في الصلاة وخارجها أيضاً. فلما ورد في القرآن الكريم صراحة أن القمر قد انشق، وأن الكفار حين رأوا هذه الآية قالوا إنه سحر، كما يقول الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} (القمر:٢-٣)، فكان لزاماً على المُنكرين في ذلك الزمن أن يتوجهوا إلى بيت النبي ﷺ ويقولوا له: متى وفي أي وقت شققتَ القمر، ومتى رأينا ذلك؟ لكن لما سكت جميع المخالفين ولم ينبسوا ببنت شفة بعد نشر هذه الآيات وكونها معروفةً، فهذا يبرهن على أنهم كانوا قد رأوا القمر قد انشق حتًما. ولذلك لم يجدوا مجالاً للاعتراض. باختصار؛ من الواضح جدًّا والمفيد للباحث صادقِ الطبع أنه لم يكن في وسع النبي ﷺ أن يسجل في القرآن الكريم أي معجزة كاذبة بذكر شهادة معارضيه. لأنه لو كتب زيفاً لما تركه معارضوه المعاصرون المقيمون في المدينة نفسها. وبالإضافة إلى ذلك ينبغي التأمل في أن المسلمين الذين قُرئت عليهم هذه الآية كانوا هم أيضاً بالألوف. ومعلوم أن كل إنسان يتلقى من قلبه شهادة محكمة أنه لو صدر من أي شيخ أو مرشد أو رسول أمرٌ كذِبٌ وافتراءٌ محض لتلاشى تعظيمه له كله فورا. وسيصبح مثل هذا الرجل يبدو مكروها في نظر كل واحد. ففي هذه الحالة من الواضح جدًّا أنه إذا لم تكن هذه المعجزة قد ظهرت وكانت افتراءً محضا، َلتحتَّم أن يرتد فورا ألوف مؤلفة من المسلمين الذين آمنوا بالنبي ﷺ كلُّهم. لكن من الجلي البيِّن أن شيئا من هذه الأمور لم يظهر. ومن ثم ثبت بالتأكيد أن معجزة انشقاق القمر ظهرت حتًما. فليفكر كل منصف في نفسه؛ ألا يكفي إثباتاً تاريخياً أن معجزة انشقاق القمر سُجلت في القرآن الكريم بشهادة المعارضين ونُشرت في الزمن نفسه. ولزم جميعُ المعارضين الصمتَ عند سماع هذا المضمون. فلم يدحضْه أحد شفهياً أو خطياً، وآلاف المسلمين من ذلك الزمن شهدوا شهادة عيان. ونريد أن نقول مكرراً ثانيةً: إن الاعتراض على قدرة الله هو اعتراض على الله تعالى. .. لا شك أن الجزء القائل من سؤالك بأنه لا شيء معارض لقانون الطبيعة الأزلي والأبدي يمكن أن يحدث صحيح جدّا، وفي محله. إلا أن ادعائك بأن العقل الإنساني قد أحاط بهذا القانون الأزلي والأبدي تماما، واعتراضك على انشقاق القمر بناء على هذه الفكرة الباطلة خطأٌ تماماً وانخداع واختلال العقل. .. فهل هذا الأمر هو الوحيد في نظام العالم الذي يفوق عقول الحكماء والفلاسفة؟ وهل قد أحاطوا بسائر أسرار القدرة فهماً وإدراكا؟ فهل هذه هي العقدة الوحيدة التي لم تنحلّ بعد وقد فرغوا من حَل بقية العقد كلها؟ فهل هذا العمل هو الوحيد من عجائب أفعال الله تعالى دون غيره؟ كلا بل لو تدبرتم لوجدتم آلاف العجائب من أفعال الله في العالم. فالزلازل القوية العنيفة تضرب الأرض دوماً وأحياناً تنشق الأرض وتنقلب لعدة أميال ومع ذلك لا يحدث أي خلل في نظام العالم. مع أنه كما للقمر دخلٌ في هذا النظام، فللأرض مثله. باختصار؛ إن هذه الشبهات الناجمة عن الإلحاد تنشأ في قلوب الذين يزعمون أن الله تعالى ضعيف وعاجز ومحدود القوة مثلهم. .. فأنا أتساءل: لـّما كان النبي ﷺ قد نشر علناً في العامة أن معجزة انشقاق القمر ظهرت على يديه، وقد رآها الكفار بأم أعينهم وعَدوها سحرا، فإن لم يكن حضرته ﷺ صادقاً في دعواه هذه، فلماذا لزم الصمتَ معارضو النبي ﷺ المعاصرون الذين كانت قد بلغتْهم هذه الأخبار كصوت الناقوس؟ ولماذا لم يدينوا النبي ﷺ بقولهم: متى شققتَ القمر شقين ومتى وصفنا ذلك سحرا، ومتى أعرضنا عن قبوله؟ لماذا لزموا الصمت إلى الموت ولجموا ألسنتهم حتى خلوا من هذا العالم؟ ألم يكن صمتُهم المنافي تمامًا لوضْعهم المعارض وحماسهم للمواجهة، يؤكد على أنه كان هناك مانعٌ قوي عن الكلام. لكن أي مانع كان هناك سوى ظهور الصدق؟ فقد ظهرت هذه المعجزة في مكة، وكان المسلمون ما زالوا ضعافا وفقراء وعديمي الحيلة. ثم مما يزيد الاستغراب أن أبناءهم وأحفادهم أيضاً لم يفتحوا أفواههم للإنكار. مع أنهم لو كانوا قد وجدوا هذهَ الدعوى العظيمة- التي كانت قد انتشرت على بعد مئات الأميال- افتراءً، لوجب وتحتم عليهم أن يؤلفوا كُتباً لدحضها وينشروها في العالم. فلِمَ لَمْ يتجرأ أحد من مئات الألوف من النصارى والعرب واليهود والمجوس وغيرهم على الرد؟ ومعلوم أن المسلمين ظلوا يقدمون شهادة عيان أمام ألوف من الناس علناً، وشهاداتهم ما زالت مسجلة في الكتب التي أُلفت في ذلك العصر، فهذا يشكل دليلاً صريحاً على أن المعارضين رأوا انشقاق القمر بأم أعينهم حتًما ولم يكن لديهم أي مجال للرد، وهو الذي منَعهم من إثارة الشغب في الإنكار. ولـّما كانت معجزة انشقاق القمر قد اشتهرت في ملايين الناس في الزمن نفسه، فهم لم يتصدّوا لمواجهتها خجلاً. فمن هنا يتبيّن بجلاء أن صمت معارضي الإسلام في ذلك العصر يشكل برهانا على حدوث انشقاق القمر لا على بطلانه. .. وإضافة إلى هذه الأمور نكتب أن كتب الهندوس الموثوق بها أيضاً تتضمن الشهادة على حدوث انشقاق القمر. فقد كتب جناب بياس في “مها بهارتهه كى دهرم برب” أن القمر كان قد انشَقَّ في زمنه ثم اتصل. .. ويبدو أن شهرة هذا الحادث كانت سائدة في الهندوس في زمن مؤلف كتاب “تاريخ الملك” لأنه قد كتب في الباب الحادي عشر قول الهندوس المشهور أن الراجا كان جالساً على سطح قصره في مدينة “دهار” .. إذ رأى فجأة أن القمر قد انشق، وبعد البحث والتحري انكشف على ذلك الراجا أنها معجزة النبي العربي ﷺ فأسلم. فسكان تلك المنطقة يذكرون سبب إسلامه. وكان هذا الحادث مشهوراً في هندوس المناطق المجاورة. وبناء على ذلك سجَّله مؤلفٌ باحث في كتابه (أي تاريخ الملك). باختصار؛ إذا كان الخبر قد بلغ الراجاتِ في الهند وسُجل في كتاب السادة الأريا “مها بهارتهه” ويرى البانديت ديانند زمن هذه النصوص معاصراً لزمن النبي ﷺ، وتبينت حقيقة قانون الطبيعة أيضاً. وإذا كان لاله مرليدهر المحترم ما زال يشك في انشقاق القمر فسنظل نبدي أسفًا كبيرا على فهمه.” (الكحل لعيون الأريا ٢٦-٣٢ بتصرف)
أما ظن المعترض أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يختلف مع المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فهذا خللٌ آخر يضاف إلى مجموعة الخلل التي يعاني منها المعترض وذلك أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في النص الذي نقله المعترض كان يرد على اعتراض الهندوس ضد الإسلام وبالتحديد اعتراضهم على معجزة انشقاق القمر إذ يرون أن الموضوع خرافة من تأليف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم والعياذ بالله مما استدعى ردًاً مفصّلاً من المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن المعجزة حدثت بالفعل ولم ينكرها أو يعترض عليها أحد مما يثبت حدوثها أمام آلاف الناس في عصر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مثبتاً صدق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم من ناحية حدوث هذه المعجزة العظيمة ليس كشق القمر نصفين متباعدين كما يتصور أعداء الإسلام بل كنوع من الزلازل التي تحدث للأرض دون إحداث تخلخل في نظام الكون أو الأرض نفسها ولا يستبعد حدوثها للقمر، بينما تناول المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الجانب الباطن للآية وهو أن انشقاق القمر أو انشقاق السماء حسب القرآن الكريم له معنيان الأول هو العذاب والثاني هو الرحمة وبيّن رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن ساعة انشقاق القمر هنا هي علامة لبعثة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ولذلك هي آية للرحمة وليس للعذاب حيث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بنص القرآن الكريم هو رحمة للعالمين. فالمسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام كان يدافع عن معجزة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وإثبات تحققها بينما كان المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يدافع عن المعنى العميق الباطني لهذه المعجزة وبالتالي يكتمل الدفاع عن معجزة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ضد طعون خصوم الإسلام الأمر الذي يريد المعترض عَبَثًا هدمه نصراً لأعداء الدين الذي لم يبق عند المعترض أي أهميّة له أو مجرد الإيمان به.
سياق كلام المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
“التفسير: بَيَّنا في شرح الكلمات أن للانشقاق نتيجتين: أن ينشق الشيء ويتلف، أو ينشق الشيء ويظهر من ورائه شيء آخر، لأن الشيء يكون حائلا دون شيء، وإذا انشق ظهر ما وراءه. وعليه فيمكن أن يراد بانشقاق السماء نزول العذاب أو الرحمة منها، لأن عند الله العذاب وعنده الرحمة. إن قوله تعالى {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} في سورة الانفطار يعني انشقاق السماء ونزول العذاب منها، أما قوله تعالى في هذه السورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فيعني انشقاق السماء ونزول كلام الله منها، ويماثل هذا قول الله تعالى {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} (الأنبياء:٣١).. أي ِلم لا يتدبر الكفار في أن السماء والأرض كانتا ككرة منغلقة، فشققناهما. وانشقاق السماء هنا لا يعني نزول العذاب منها، بل نزول الرحمة منها، لقوله تعالى بعد ذلك {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (الأنبياء:٣١).. أي أن السماء والأرض كانتا مغلقتين ليس بهما شَقٌّ، فلم تكن الأرض تخرج نباتها، ولا السماء تنـزل ماءها، فلما شققناهما أخذت السماء تنـزل ماءها، وأخذت الأرض تخرج نباتها. وهذا هو المعنى الذي بَيَّنَهُ اللهُ تعالى بأسلوب آخر بقوله في هذه السورة: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}.. أي بسبب نزول العذاب ونتيجة انتشار الكفر والشرك والبدع المذكورة في السورة الماضية، كانت السماء قد أمسكت بركاتها وانكمشت ولم يكن فيها شَقٌّ ينـزل منه الرحمة على أهل الأرض، بل كان فيها شق ينـزل منه العذاب فقط، فرحم الله عباده، فشق السماء شَقَّاً تنـزل منه رحمته. ثم أتى بالدليل على ذلك وقال{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}.. أي كما كان الانشقاق السماوي من قبل نتيجة العصيان والإثم، فالانشقاق الآن نتيجة الانصياع والطاعة، لتنـزل منه رحمة الله وكلامه.” (التفسير الكبير، سورة الانشقاق)
ويقول المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الخليفة الثاني للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في “التفسير الكبير” للقرآن الكريم ما يلي:
“فليكنْ معلوما أن لفظ القيامة قد ورد في القرآن بعدة معانٍ، حيث أُطلق على القيامة التي سيُبعَث فيها الناس جميعا ويُحشَرون بعد الموت. كما أُطلق هذا اللفظ على بعثة نبيّ، أو هلاك أعدائه، أو غلبة أتباعه. إن بعثة نبي قيامةٌ من حيث إنها تتسبب في انكشاف شتى الكفاءات الكامنة في الناس. عندما يظهر نبي تبرز للعيان قوى الخير وقوى الشر الكامنة في قومه، فيقع بمجيئه حشرٌ في العالم، و تنشكف القوى الكامنة في النفوس، وهكذا يكون النبي بمنـزلة يوم القيامة لهم. وعلى سبيل المثال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه سببًا في تحوُّل أبي بكر إلى ما صار إليه، وفي تحوُّل أبي جهل إلى ما صار إليه. باختصار، إن بعثة نبي نوع من أنواع القيامة. ثم إن ساعة هلاك أعداء نبي تُعد قيامةً أيضًا؛ لأن من معاني القيامة الموت، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات فقد قامت قيامته. (مجمع بحار الأنوار لمحمد السندي: تحت كلمة القيامة، وتشييد المباني الحديث رقم ٢٧٦، والمقاصد الحسنة للسخاوي، الحديث رقم ١١٨٣).
فما دام موت شخص واحد يسمى قيامة، فموتُ قوم أحقُّ أن يسمى قيامة. ويقول الشيخ محمد طاهر السندي عن لفظ القيامة: “وقد ورد في الكتاب والسنة على ثلاثة أقسام؛ القيامة الكبرى والبعث للجزاء، والوسطى وهي انقراض القرن، والصغرى وهو موت الإنسان.” (مجمع بحار الأنوار: القيامة) وهذا ما يؤكده القرآن ويصدقه، بل إنه قد ألقى ضوءًا أكثر على لفظ القيامة والساعة – علمًا أن هذين اللفظين يُستعملان بمعنى واحد- حيث تكشف لنا دراسة القرآن الكريم أن لفظ القيامة يُطلق فيه على المفاهيم التالية:
- رقي أمة نبي
- دمار أعداء نبي
- انحطاط أمة نبي بعد رقيها.
وقد ورد المعنى الأول في قوله تعالى (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (القمر:٢).” .. أي قد حان دمار العرب، ودليله أن القمر قد انشق. ففي هذه الآية دلالة واضحة على أن هناك صلة وثيقة بين اقتراب الساعة وانشقاق القمر، ولكنا لا نجد أية علاقة ظاهرة بين اقتراب الساعة وانشقاق القمر. إذ لو كانت بينهما علاقة ظاهرة فكان من المفروض أن تقوم القيامة عندها، ولكنها لم تقم حتى اليوم على مرور ثلاثة عشر قرنًا على حادث انشقاق القمر، في حين نجد الله تعالى يقول لقد اقتربت الساعة ودليله أن القمر قد انشق. فثبت أن المعنى الذي يفسر به انشقاق القمر عادةً معنى خاطئ، كما أن المعنى الذي يفسَّر به لفظ “الساعة” أيضًا خاطئ.
الحق أن الساعة تُطلق في القرآن الكريم على زمن بعثة الأنبياء وغلبتهم وازدهارهم وعلى هلاك معارضيهم ودمارهم. وعليه فإن هذه الآية تعني أنه قد حان الآن أن تحل تلك الساعة المقدرة ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم والانقلاب المنوط به، وعلامته أنْ قد انشق القمر.
وقد ذكر الله تعالى هذه العلامة لأن القمر كان رمزًا لحكم العرب حيث تروي صفية – رضي الله عنها التي كانت بنتًا لأحد رؤساء اليهود والتي صارت فيما بعد من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم- أنها رأت في المنام مرة أن القمر قد سقط في حِجرها. فحكت رؤياها لأبيها، فلطمها لطمة شديدة وقال: تريدين الزواج بملِك العرب؟ (الإصابة: كتاب النساء، حرف الصاد).“. أهـ
اذاً وبعد أن أثبتنا للجميع صحة كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالدليل العلمي وعدم تناقض قول حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام مع المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لا زال المعترض يواصل استعراض جهله التام بالحقائق العلمية وسوء الظن والفهم ويتخذ من هذا الجهل وسوء الظن حجةً ضد العلم بل والدين نفسه !
وهكذا تتحقق في المعترض من جديد نبوءة “إني مهينٌ من أراد إهانتك“.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ