سؤال: هل هناك تناقض في موت العزير؟
هل يوجد تناقض بين تفسير مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية وبين خليفته الثاني حول قصة عزير في القرآن الكريم؟ فالمؤسس يقول بالتفسير التقليدي المعروف أن العزير مات وأُحيي بينما ولده يفسرها بأنه لا تعني الموت بل الكشف وَمَا إلى ذلك؟
الجواب:
إنَّ ما يؤكد عليه حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في البدء وقبل كل شيء هو أن الموت والحياة بخصوص عزير أو الرجل الذي مَرَّ على قرية فأماته الله تعالى 100 عام ثم بعثه لم يكن محدداً بأي معنى من معاني الموت والإحياء بل ذُكر إجمالاً فقط، أما الفهم النهائي والكامل لكل دقائق وتفاصيل القصة فإنما يتبدى بمرور الزمن كما هي صفة القرآن الكريم الذي لا تنقضي معانيه، فالواجب هو الإيمان بصحة القصة المذكورة في القرآن الكريم بكل الأحوال سواء فهمناها كليةً أو جزئياً؛ لأن التأويل الحقيقي الكامل والنهائي لكل تفصيل يبقى عند الله تعالى فقط، ولا نملك نحن إلا التسليم وتفويض التفسير لله وحده تبارك وتعالى.
معنى الموت والحياة في الآية
يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“أما الحجة التي قُدِّمت عن موت “عُزَير” وعودته إلى الحياة بعد مئة عام، فلا تنفع معارضينا شيئاً، لأنه ما قيل قَطّ إن عُزَيراً أُحيِي وأُرسل مرة ثانية إلى الدنيا، دار الهموم والأحزان، حتى يستلزم ذلك مأساة إخراجه من الجنة، بل لو حُملت تلك الآية على معانيها الظاهرية أيضاً، لما ثبت شيء إلا تجلِّي قدرة الله التي أحيت عُزَيراً لحظةً واحدة ليوهَب له اليقين بقدرته عز وجل. ولكن المجيء إلى الدنيا كان مؤقتاً فحسب، وبقي عُزَيرٌ في الجنة في الحقيقة. وليكن معلوماً أيضاً أن جميع الأنبياء والصِّدِّيقين يُحيَون بعد الممات ويُعطَون جسماً نورانياً، وفي بعض الأحيان يقابلون الأتقياء في اليقظة أيضا. وإنّ هذا العبد الضعيف صاحب تجربة في هذا المجال. فأيّة غرابة لو أحيا اللهُ تعالى عُزَيراً على هذا النحو؟ أما الاستنباط من هذا النوع من الحياة أنه أُحيِيَ وأُخرج من الجنة فهو جهلٌ غريبٌ من نوعه، بل الْحَقُّ أنَّ تجلِّي الجنة أعظم من هذه الحياة.” (إزالة الأوهام، ص365 – 366)
فلا يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كما يظن المعترضون بالتفسير التقليدي الذي ينص على أن عُزيراً مات وقبضت روحه ثم عاد إلى الحياة الدنيا فعاش لمدة ثم مات ثانية، فيقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“لا يثبت من آيةٍ أو حديثٍ قَطّ أنَّ عُزيراً أُحيِيَ مَرّةً أخرى ثم مات. فيتبين من ذلك بجلاءٍ تامٍّ أنَّ حياة عُزير الثانية لَمْ تكن حياة دنيوية، وإلا لذُكر موتُه بعد ذلك حتما. أما ما ذُكر في القرآن الكريم عن حياة بعض الناس ثانيةً؛ فليست حياة دنيوية.” (إزالة الأوهام، ص 665 – 666)
فالحياة الخاصة بعزير إذن ليست هي الحياة التي يعود فيها الميت من الآخرة إلى الدنيا. ولذلك يؤكد مراراً عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بأن العودة من الموت إلى الدنيا أمرٌ يرفضه القرآن الكريم.
رد حضرته كان من باب التنزل فقط
هذا النص يخفيه المعترضون لأنه يقول بصراحة أن المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في تناوله موضوع عزير والقرية إنما كان تنزلاً ومن باب الجدل فقط لا غير لأن الأساس في الموضوع هو أن من مات فلن يعود ألى الدنيا، فيقول حضرته:
“إذا كان معارضونا يتحلّون بأمانة وخشية الله فمن الضروري أن ينظروا عند بيان قصة عزير آيات جاء فيها أن الموتى لا يعودون. والآن أردُّ بأسلوبٍ آخرٍ على سبيل التنازل.” (الحكم، مجلد 4، رقم 26، عدد 16/ 7/1900م، ص 1 – 4)
فلا مجال بعد ذلك للقول أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يقول بأن التفسير الذي يطرحه عَلَيهِ السَلام لقصة العزير هو النهائي الذي لا يمكن التدبر فيه بعده بما لا يخالف الأساس الذي وضعه المسيح الموعود بنفسه عَلَيهِ السَلام. فما يؤكده عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام باستمرار هو أن قصص القرآن لا يُشترط تفسيرها بدقة بل أخذ الأوامر والعبر منها، أما التأويل الأخير فهو لله تعالى وحده:
“ليس ضرورياً لله أن يبيّن حقائق القصص بل عليكم أن تؤمنوا بها وتفوِّضوا تفاسيرها إلى الله.” (الحكم، مجلد 4، رقم 26، عدد 16/ 7/1900م، ص 1 – 4)
وقد سبق أن بيَّنَ الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام بأنَّ القرآن الكريم يحمل وجوهاً عديدة تنكشف في أوقاتها المعلومة ويُعطي الله تعالى منها لرسله بقدر معلوم حسب الوقت والحاجة ولا يشترط بالنبي معرفة التفسير الكامل للآيات:
“إنَّ القرآن الكريم ذو المعارف، فتحمل معانيه عدة وجوه ولا تناقِض بعضها بعضا. وكما أن القرآن الكريم لم ينـزل مَرّةً واحدة، كذلك إن معارفه أيضاً لا تنـزل على القلوب دفعةً واحدة. لذا فقََدْ ذهبَ الباحثون إلى أن النبي ﷺ أيضاً لم يُعطَ المعارف دفعة واحدة، بل أكملَ ﷺ دائرة التقدم العلمي تدريجا. والحال نفسه بالنسبة إليّ كَوني مظهراً له ﷺ بصورة ظلية. والسر في تقدم النبي ﷺ التدريجي هو أن مدار تقدمه كان القرآن وحده. فلما كان نزول القرآن الكريم تدريجياً كذلك كان تكميل معارف النبي ﷺ أيضاً تدريجيا. والحال نفسه بالنسبة إلى المسيح الموعود الذي ظهر فيكم الآن. إنَّ عِلم الغيب خاصٌّ بِاللّهِ تعالى فنتلقّاه منه بقدر ما يعطينا الله ﷻ. … توجد مئات الأمثلة من هذا القبيل في كلام الله، ولهذا السبب يُسمَّى كلاماً معجزاً، إِذْ إنَّ آيةً واحدةً تحملُ عشرات الأوجه وتكون كلّها صحيحة.” (نزول المسيح)
ولذلك اجتهد حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في تفسير قصة الرجل والقرية ليس كما يظن المعترضون لقلة تدبّرهم أنه مجرد نقل للتفسير العادي أي الموت ومن ثم العودة إلى الدنيا، بل على العكس من ذلك تماماً، إذ فسّر المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الموت هنا بالإنامة التي لا تُقبَض فيها النفس بخلاف الموت الذي تِقبض فيه النفس ولا تعود إلى الحياة الدنيا:
“أما ما ورَدَ أنه مات مئة عَامٍ، فمِن معاني “أماتَ”، “أنام” أيضا. … ونحن نؤمن بأنه وإنْ نامَ أحدٌ إلى مئتَي ألف عَامٍ فضلاً عن مئة عام ولكن بحثنا هو أنه إذا قبضَ مَلَكُ الموتِ الروحَ فلا تعود إلى الدنيا ثانية. تُقبض الروح في النوم أيضاً ولكن لا يقبضها عندها مَلَكُ الموت. والنوم إلى مُدةٍ طويلة أمرٌ لا يقع عليه اعتراضٌ قَطّ.” (الحكم، مجلد 4، رقم 26، عدد 16/ 7/1900م، ص 1 – 4)
ثم ضرب عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بعض الأمثلة ومنها بقاء شخصٍ نائماً لعشرين سنة وغير ذلك، ومثال حضرته يشهد عليه العِلم الحديث أيضاً، إذ يثبت في السجلات الطبية حالات بقي فيها المرضى نياماً لفترات طويلة جداً تتجاوز الشهور والأعوام، ومن هذه الأمثلة نوم السيدة “إدواردا أوبارا” لـ 42 سنة بعد تعرضها للانزلاق وهي طفلة ذات 16 عاماً فقط فدخلت في غيبوبة تامة وبقيت نائمة لأكثر من أربعين عاماً. والأمثلة عديدة كما قال المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام.
ولهذا قال المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في نفس السياق بأن العلوم الحديثة مهما تقدمت فإنما تدعم بيان القرآن الكريم وليس العكس:
“من المعروف بوجهٍ عَامٍ أنه بقدر ما تُكتَشف الحِكَم تكون نتيجة إما قانون الله الجاري في الطبيعة أو يكتشف الباحثُ أمراً بالنظر إلى نظام العناصر، ولا اعتراض لنا على هذا البحث. إنَّ مذهبي هو أنه كلما تتقدم العلومُ الطبيعية وتأخذ صورة عملية تتحقق عظمة القرآن الكريم في العالم.” (الحكم، مجلد 4، رقم 26، عدد 16/ 7/1900م، ص 1 – 4)
تلخيص
يثبت من كل ما تقدم أن كل هَمَّ المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في بيان قصة القرية وموت المسافر وحياته لاحقاً كان بيان صِدق القرآن الكريم وصحة خبره وتعاليمه، وكذلك لم يكن ما قاله المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام مجرد ترديد للتفسير التقليدي بل قدَّمَ عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وجهاً تفسيرياً متفقاً للموت والحياة مع القرآن الكريم، وهو نوع من الموت يشبه النوم الطويل والعودة منه لا تتطلب قبض النفس والعودة من الآخرة لأن ذلك يخالف القرآن الكريم، وكذلك يتبين أن هذا التفسير العظيم يوافق جداً تفسير المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه في التفسير الكبير لأن الكشف والموت الذي ذكره المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام من جنس واحد ولا علاقة له بالموت بقبض الروح وعودتها لاحقاً إلى الدنيا. كما يتبين أيضاً أن الموضوع كله كان تنزلاً وَعَلَى سبيل الجدل فقط وهو مخصص لبيان تناسق النص القرآني وترابطه وقطع الطريق أمام المعترضين على الإسلام من هذا الباب أي القصص والتفسير. إذن سواء كان الأمر كشفاً أو نوماً خاصاً، وإذا كان المقصود عزير أو حزقيال أو غيرهما فلا يوجد أي تناقض في ذلك البتة، لأن المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام هو الذي قال بأن تفسير الدقائق كلها لا يتم إلا بقدر معلوم لا يكشفه الله تعالى لنبيّه بالكامل إلا في وقته المناسب، والوقت المناسب كان للتفسير الكبير الذي تنبأ به المسيح الموعود ذاته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، فَلَو نزل تفسير كل الآيات نهائياً لما كان ثمة داعٍ للتفسير الكبير، ولقضى المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام حياته في تفسير القرآن الكريم، وهذا فوق أنه يعني أنه لم يعد للقرآن الكريم أوجه موافقة للتفسير، فهو يحدد مهمة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في تفسير القرآن الكريم فقط، وهذا يخالف مهمة المسيح الموعود التي بيَّنَها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهي: كسر الصليب وقتل الدجال ووضع الحرب، فهذه وإن كانت كلها في ضوء القرآن الكريم، إلا أنها لا تتطلب التفسير النهائي للآيات كلها بما لا مجال فيه للوجوه الأخرى الروحانية والمادية. فالخلاصة هي أن الموضوع كله مترابط لا يحتمل الاشتباه، فما يقوله المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام هو عين ما يقوله ولده المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرْضاه.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
عُزير هو الذي أنامه الله 100عام ثُم بعثه.. أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا
…………..
أولاً سواء كان نبي الله عُزير أو حزقيال أو غيره هو لا يشك بأن الله يُحيي الموتى والعياذُ بالله وهو يعلم ذلك…ولكنه تساءل عن هذه القرية ، ووصفها بأنها ميتة ” بعد موتها” وكيف سيُحييها الله وتعود لها الحياة وعودة الحياة لها هو عودة المؤمنين بالله من بني إسرائيل وهُم اليهود لها وإحياءها بذكر الله وبعبادته وطاعته…..ولذلك سيُجيبه الله لا عن نفسه هو ولا عن حماره بل سيُجيبه ويُبين لهُ جواب سؤاله كيف يُحييها الله بعد موتها..وهو سيُريه كيف تعود لها الحياة وتحيا بالإيمان بالله وتوحيده لأن أي قرية أو مدينة لا وجود فيها للإيمان بالله وذكره هي ميتة…ولو كان سؤاله عن أحياء الله للموتى لأمات حماره وأحياهُ لهُ وهو ينظر مع أن هذا مُستحيل لأنه يُضادد سُنة الله….لأن حماره لو مات لن تعود لهُ الحياة إلا يوم القيامة..وقبل البدء وحتى نفهم قول الله هذا… علينا أن نعلم أن الله قرر في كتابه الكريم أن كُل نفس ذائقة الموت أي أن كُل نفس ستموت {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }العنكبوت57…وأنه لا موت في هذه الحياة الدُنيا إلا موتة واحدة… {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ }الدخان56….وأن من يموت لا يمكن أن تعود لهُ الحياة وتعود الروح إليه إلا يوم القيامة يوم البعث…وعلينا أن نفهم بأن النوم هو كالموت وأن الله يبعث النائم من نومه كما هو بعثه للميت من موته يوم القيامة…حيث يقول الله تعالى :- {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الزمر42… {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }الأنعام60… وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا…. وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ…أي في النوم….. ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ….وبالتالي فإن نبي الله عُزير لم يمُت موتاً حقيقياً لا هو ولا حماره….وإنما ما حدث معه هو كما حدث مع الفتية وكلبهم…أصحاب الكهف….فأنامهم الله 309 سنوات(300 سنة ميلادية و309 سنوات بالهجرية ) هُم وكلبهم وكان عددهم 7 وثامنهم كلبهم…فرقدوا كُل تلك السنين ثُم بعثهم الله من نومهم…{ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً }الكهف12…. {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً }الكهف19… وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ… ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ….وجوابهم عن كم لبثوا نفس جواب عُزير لأن الطرفين كانوا في حالة نوم.. قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ… قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ …وما هو بعثهم هو بعثهُ… ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ….. ثُمَّ بَعَثَهُ
…………….
نبي الله عُزير عليه السلام كان في سفر ومر على القُدس ” بيت المقدس” بعد تخريبها وحرقها من قبل نبوخذ نصر” بختنصر” ونظر إليها وإلى خرابها وخلوها ممن كانوا يأهلونها من المؤمنين من بني إسرائيل واليهود…. قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا….فهل هي ميتة حقيقة حتى يقول أنى يُحيي هذه الله…ولكن خرابها وغياب أهلها عنها وغياب عبادة الله وذكره فيها جعلها ميتة… فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ…أي غيبه عن الحياة هُناك 100عام…إما أنه إستمر في سفره وغاب عنها 100 عام في بلاد أُخرى ثُم عاد أليها والغائب عن هذه القرية وعن بلده وأهله هو كالميت..أو أن الله أنامه 100 عام في نفس المكان…. وجعله في مكان هو وحماره وطعامه لا يمر عليه أحد أو أن الله يحجب الرؤية عنهُ وعن حماره وطعامه…وهو الأصح وخلال ال 100 عام التي نومه الله هو وحماره فيها… عاد لهذه القرية أهلها من بني إسرائيل واليهود وغيرهم وعمروها بالعبادة وبذكر الله ، وعمروها بالعمران وإصلاح ما تم حرقه وتخريبه من عمرانها ، وزرعوها وعادت إليها الحياة كما كانت تعج بالحركة والحياة فكسى الله العظام فيها لحماً…فبعث الله هذا النبي من نومه وجعله يُفيق هو وحماره…وسُئل نفس السؤال كما سئل أهل الكهف “كَمْ لَبِثْتُمْ” ” قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ” الذي وُجه لفتية الكهف وكانت الإجابة نفس الإجابة….يوماً أو بعض يوم…والوقت الحقيقي الفتية للكهف 309 سنوات وعُزير 100 عام .
……..
وبعد أن أفاق عُزيروبعثه الله من نومه…طلب الله منهُ أن ينظر 3 نظرات ولثلاث أشياء والتي كانت معه كان معه طعامه وشرابه…ومعه حماره…والقرية التي تعجب كيف سيُحييها الله بالإيمان والمؤمنين..قال لهُ…1) فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ..أي أن الله جعل ما كان معه من طعام وشراب لم يفسد ولم يتغير وهذا بأمر من الله…. 2) وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ…وكان حماره نائم معه وأفاق معه وكما هو لم يتغير ونظر لحماره فوجده كما هو…3) والنظرة الثالثة..َانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً…أي أن ينظر النظرة الثالثة إلى القرية أو لمدينة القُدس كيف عادت واكتست لحماً وعمُرت وعادت لها الحياة وعاد لها ذكر الله والإيمان به بعودة مؤمني اليهود وبني إسرائيل إليها .
لكن من قرأوا كتاب الله وما تجاوز حناجرهم عندما قرأوا قول الله بأن كُل نفس ستذوق الموت وبأنه لا موت إلا موتة واحدة…ضربوا كتاب الله بعضه ببعض وهو الذي يُصدق بعضه بعضاً…عندما فهموا بأن الله موت عُزير وحماره موت حقيقي 100عام…وبأن الله كسى عظام الحمار لحماً وهو ينظر…وهذا فهم وتفسير سقيم وعقيم ومُسيء لكتاب الله ولكلامه….لأنه لو كان الحمار هيكلاً عظمياً..لا يكسوه الله اللحم فقط بل هُناك الجلد والشعر والمفاصل والغظاريف والدم والعروق….إلخ ما يحويه جسم الحمار الذي لا يحوي فقط العظام واللحم فقط …كما أن الحمار نفس ولو مات أو أماته الله لا يمكن أن تعود لهُ الحياة إلا يوم القيامة…كما أن الحمار لو مات 100 عام لن يكون لهُ وجود البتة لا عظاماً ولا أثراً.
………………
ومعروف أن من يبني عمارة أو بيتاً قبل أن يقوم بتشطيبه يُسميه ” بيت عظم ” أو عمارة أو شقة عظم…أي وكأن البيت أو العمارة هيكل عظمي وعندما يكسوها بتلك المواد يُصبح بيت جاهز للسكن…فكأنما كسى الهيكل العظمي للبيت باللحم حتى يكتمل…وهي تعبيرات مجازية
……………….
فالله بعد أن طلب من نبيه أن ينظر لطعامه وشرابه وأن ينظر لحماره…طلب منهُ أن ينظر لتلك القرية التي كانت بيوتها عبارة عن وكأنها هياكل عظمية مما لحق بها من خراب…كيف كساها بعد أن أفاق بعد 100 عام…كيف كساها لحماً أي تعبير عن إعادة عمارتها وتزيينها وكسوها بمواد البناء وتشجيرها وإعادة الحياة لها بناسها المؤمنين وحيواناتها وطيورها وكأنها وُلدت من جديد…والتعبير أخذه الله من قوله عن الطفل في بطن أُمه كيف يكسو عظامه لحماً {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }المؤمنون14…فلا يمكن هذا النبي أن يموت لا هو ولا حماره الموت الحقيقي…وهذه هي سُنة الله..ولن نجد لسُنة الله تبديلا…بل أن الله أنامه هو وحماره كما أنام فتية الكهف وكلبهم..ولو أن الحمار مات موتاً حقيقياً لا يمكن أن يبقى منهُ شيء بعد 100 عام لا عظامه ولا غيرها…ولكن الله قصد بالعظام أي عظام القرية أي أبنيتها كيف كانت كالعظام عندما رآها..والآن بعد أن أفاق وجدها قد عُمرت وكُسيت كما يُكسى الجسم باللحم وكُسيت بمن عادوا إليها وعمروها.
{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة259