المعترض: نتحدى الأحمديين أن يجدوا الإشارات في سفر إشعياء حول كون المسيح يبعث من البنجاب
جاء في اشعياء:
“اُنْصُتِي إِلَيَّ أَيَّتُهَا الْجَزَائِرُ وَلْتُجَدِّدِ الْقَبَائِلُ قُوَّةً. لِيَقْتَرِبُوا ثُمَّ يَتَكَلَّمُوا. لِنَتَقَدَّمْ مَعًا إِلَى الْمُحَاكَمَةِ. مَنْ أَنْهَضَ مِنَ الْمَشْرِقِ الَّذِي يُلاَقِيهِ النَّصْرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ؟ دَفَعَ أَمَامَهُ أُمَمًا وَعَلَى مُلُوكٍ سَلَّطَهُ.” (اشعياء 41)
فكتبَ مؤسس الجماعة الأحمدية معلقاً على النص التوراتي:
“معنى هذه الآية أن المسيح الموعود الذي سيُخلق في الزمن الأخير سیظهر في الشرق أي في بلاد الهند. وصحیح أن هذه الآية لا تصرح بأنه سيُبعث في البنجاب أو في الهند، لكنه يستشف من المواضع الأخرى أنه سيُبعث في البنجاب حصرًا.” (التحفة الغولرویة، مجلد 17، ص 244)
نتحدى الأحمديين أن يجدوا هذه الإشارات التي ذكرها المؤسس في سفر اشعياء حول كون المسيح يُبعَث من البنجاب بالتحديد.
الرد:
تتحدث نبوءة سِفر اشعياء في مواضع عديدة حول الوعد الإلهي ببعثة الملك الفارسي كورش الذي تتفق التفاسير الكتابية على أنه يرمز كذلك للمسيح الموعود، وسنأخذ أحد هذه التفاسير المعتمدة للكتاب المقدس بالنسبة للإصحاح الحادي والأربعين وحده حيث وردت هذه النبوءة ولن نسهب في تفسير مواضع متفرقة من الكتاب المقدس تتحدث عن ذات الأمر وذلك لنرى هل تحتوي فعلاً على مواضع تشير إلى بعثة قورش كرمز للمسيح الموعود وأنه من البنجاب بالتحديد كما قال المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أم لا كما يظن المعترض، وبعض هذه المواضع في نفس الإصحاح كما يلي:
“اُنْصُتِي إِلَيَّ أَيَّتُهَا الْجَزَائِرُ وَلْتُجَدِّدِ الْقَبَائِلُ قُوَّةً. لِيَقْتَرِبُوا ثُمَّ يَتَكَلَّمُوا. لِنَتَقَدَّمْ مَعًا إِلَى الْمُحَاكَمَةِ. مَنْ أَنْهَضَ مِنَ الْمَشْرِقِ الَّذِي يُلاَقِيهِ النَّصْرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ؟ دَفَعَ أَمَامَهُ أُمَمًا وَعَلَى مُلُوكٍ سَلَّطَهُ. جَعَلَهُمْ كَالتُّرَابِ بِسَيْفِهِ، وَكَالْقَشِّ الْمُنْذَرِي بِقَوْسِهِ. طَرَدَهُمْ. مَرَّ سَالِمًا فِي طَرِيق لَمْ يَسْلُكْهُ بِرِجْلَيْهِ. مَنْ فَعَلَ وَصَنَعَ دَاعِيًا الأَجْيَالَ مِنَ الْبَدْءِ؟ أَنَا الرَّبُّ الأَوَّلُ، وَمَعَ الآخِرِينَ أَنَا هُوَ. … قَدْ أَنْهَضْتُهُ مِنَ الشَّمَالِ فَأَتَى. مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ يَدْعُو بِاسْمِي. يَأْتِي عَلَى الْوُلاَةِ كَمَا عَلَى الْمِلاَطِ، وَكَخَزَّافٍ يَدُوسُ الطِّينَ. مَنْ أَخْبَرَ مِنَ الْبَدْءِ حَتَّى نَعْرِفَ، وَمِنْ قَبْل حَتَّى نَقُولَ: هُوَ صَادِقٌ؟ لاَ مُخْبِرٌ وَلاَ مُسْمِعٌ وَلاَ سَامِعٌ أَقْوَالَكُمْ. أَنَا أَوَّلاً قُلْتُ لِصِهْيَوْنَ: هَا! هَا هُمْ. وَلأُورُشَلِيمَ جَعَلْتُ مُبَشِّرًا.” (سفر أشعياء، الاصحاح 41)
الإشارات في النص التوراتي السابق:
- “مَنْ أَنْهَضَ مِنَ الْمَشْرِقِ“
- “قَدْ أَنْهَضْتُهُ مِنَ الشَّمَالِ فَأَتَى. مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ يَدْعُو بِاسْمِي.“
- “مَنْ أَخْبَرَ مِنَ الْبَدْءِ حَتَّى نَعْرِفَ، وَمِنْ قَبْل حَتَّى نَقُولَ: هُوَ صَادِقٌ؟“
ولكي نثبت أن قورش في النص أعلاه يرمز للمسيح الموعود سنأخذ تفسير القمص أنطونيوس فكري له، حيث يقول:
“كل الممالك ارتعدت حينما سمعت خبر كورش، وكل الممالك قامت ضده فيما يشبه الوحدة. … فيكون بهذا كورش في هذه النبوءة رمزاً للمسيح الذي فك دَيننا وخلصنا وحررنا. … بعد أن أخجلَ اللهُ عبَدة الأوثان وأظهر لهم جهل آلهتهم بالمستقبل ها هو يخبرهم بالمستقبل ويكلمهم عن كورش مرة أخرى= أنهضتُه من الشمال … من مشرق الشمس= بلاد فارس شرق بابل وبلاد مادي إلى جهة الشمال الشرقي. يدعو بإسمي = فكورش أعترف بأن الرب هو إله السماء [سفر عزرا 1 :1 – 4] وهو قد داس ملوك كثيرين. ولكن معنى الآية الأبعد عن المسيح شمس البر الذي أشرق من الشمس وجاء من الشمال أي الناصرة، فالناصرة شمال أورشليم، وهو أتى ليدوس ملوك الأرض أي الشياطين والكل يخضع له. … الله يخبر شعبه بأنه أول من بشرهم بعودتهم من السبي على يد كورش المخلص.” (تفسير الكتاب المقدس، العهد القديم، سفر أشعياء، الاصحاح 41، للقمص انطونيوس فكرى)
وحكم قورش كما هو معروف يمتد من البنجاب في الهند حتى مصر حيث كانت تتمتع مملكته المترامية هذه بلغتها وقوانينها الخاصة. انظر كمثال كتاب “مِن أميسا إلى حمص” تأليف مصطفى الصوفي، باب الحُكم الفارسي.
وهو ما أكده المركز الفلسطيني للإعلام كما يلي:
“جاء تخريب نبوخذ نصر للقدس عام 586 ق.م ليقضي على وجود بني إسرائيل فيها، حيث تعرضوا للسبي البابلي وحين سقطت بابل في أيدي الفرس بقيادة قورش عام 538 ق.م أصبحت أرض كنعان “فلسطين” جزءاً من إمبراطوريتهم التي امتدت من مصر وآسيا الصغرى إلى البنجاب في الهند.” (المركز الفلسطيني للإعلام “متى يبدأ التاريخ اليهودي؟“)
إذن كان حكم ذي القرنين الفارسي يبدأ بالفعل من البنجاب في الهند شرقاً وينتهي غرباً عند مصر!
تبقى الآن الإشارات في ذات الإصحاح من سفر اشعياء أعلاه حول بعثة ذي القرنين أو المسيح الموعود من البنجاب تحديداً وليس من مصر أو غيرها ضمن مملكة قورش كما قال مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عَلَيهِ السَلام، وهي:
“قَدْ أَنْهَضْتُهُ مِنَ الشَّمَالِ فَأَتَى. مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ يَدْعُو بِاسْمِي.“.
فبما أن النص يقول بأنه أي الملك قورش سيأتي من المشرق وقد أتى من إيران، فلا بد أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي يرمز قورش لبعثته ويأتي أيضاً من الشرق أي شرق إيران، ومملكة قورش كما ذكرنا تبدأ من البنجاب شرقاً حتى مصر غرباً، فسوف يكون مبعث المسيح من شرق مملكة قورش وليس من فلسطين الواقعة إلى الغرب منها، أي أن المقصود هو البعثة الثانية للمسيح في آخر الزمان وليس الأولى مع أن الأولى لا تخرج من البحث أيضاً لأنها هي الأخرى واقعة ضمن مملكة قورش ولكن في الغرب منها وليس كما يذكر النص أي شرقها، وشرق إيران هي الهند والبنجاب مبدأها كما أثبتنا أعلاه.
ويظل السؤال:
لِمَ لا يكون مكان البعثة المقصود من أي مكان في الهند التي تقع شرق إيران وشرق مملكة قورش وليس البنجاب حصراً؟
أي ما الذي يحدد البنجاب دون غيرها من باقي مناطق وأقاليم الهند؟
والجواب أن النص يذكر “أَنْهَضْتُهُ مِنَ الشَّمَالِ فَأَتَى.“، فما هي هذه المنطقة التي تقع في شمال الهند؟ تقول كتب التاريخ بأن الولاية الهندية التي تقع شمال الهند تسمى البنجاب ! ويمكن للقارئ العزيز التأكد بنفسه عبر كتابة “البنجاب” في محرّك البحث غووغل أو غيره وسيحصل على هذه النتيجة في أول تعريف للبنجاب.
طبعاً هذه الإشارات هي فقط من الإصحاح الحادي والأربعين من سفر اشعياء ولم نتطرق إلى باقي الإشارات في الكتاب المقدس. وهكذا تثبت صحة قول مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حول كون الإصحاح الحادي والأربعين من اشعياء يشير إلى بعثة المسيح الموعود من البنجاب. وتثبت أيضاً جهالة المعترض وتسرعه وقلة تدبّره وحتى ضحالة فهمه لكلام المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام الذي يدّعي المعترض أنه خبير به وما هو إلا كما ترى عزيزي القارئ اللبيب.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ