وللمعترض أن يحلم
المعترض:التمزّق الأحمدي.. هل كان الإسلام قويا في القرون العشرة الأخيرة؟
الجواب: “نعم” عند الميرزا، “لا” عند محمود، وكلاهما هراء.
يقول الميرزا:
لأن في البخاري ومسلم حديثًا متفقا عليه مروي عن جابر ابن سمرة وهو: “لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَي عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ”. أما الخليفة الثالث عشر الذي هو المسيح الموعود فسيأتي يوم يكون الإسلام ضعيفا بغلبة الصليب وغلبة الدجالية، والخلفاء الاثنا عشر الذين سيأتون في أيام غلبة الإسلام سيكونون كلهم من قريش، أي من قوم النبي صلى الله عليه وسلم، لكن المسيح الذي سيأتي في زمن ضعف الإسلام فلن يكون من قريش. (التحفة الغلروية)
أما محمود فيكفي أن نورد له هذه العبارات في تفسيره للآية (وليالٍ عشر) من سورة الفجر:
1: لقد أنبأ الله تعالى هنا (الآية وليالٍ عشر) عن فترة ضعف الإسلام التي ستمتد إلى ألف سنة، حيث يرتفع الإيمان والإسلام إلى السماء، ويبتعد الناس عن الدين.
2: المراد من الليالي العشر هو فترة الألف سنة من الضعف الذي أتى على الإسلام بعد ثلاثة قرون من ازدهاره، والذي قد اشتد كل شدة حتى جمعت هذه الليالي كل الظلمات.
3: أخبر الله هنا أن الإسلام سيضعف بعد القرون الثلاثة الأولى وأن فترة ضعفه هذه ستمتد لعشرة قرون.. أي ألف سنة. وقد بدأت هذه الفترة من السنة 271 هـ كما بينت آنفًا، فلو أضفنا إليها ألف سنة التي هي فترة ضعف الإسلام صارت عندنا 1271 عاما، أي قرابة 13 قرنا. فثبت أن القرآن الكريم يتحدث عن 13 قرنا للإسلام؛ كانت حوالي ثلاثة قرون منها (أو 271 سنة) فترة رقيه، وعشرة قرون منها تشبه الليل. (تفسير سورة الفجر)
الخلاصة: الميرزا يقول: أول 1200 سنة هي أيام غلبة الإسلام، وابنه يرى أن الألف الأخيرة أيام ضعف وظلام دامس. وشتّان شتّان. وكلّ منهما يعتمد على أوهامه هذه في تأييد دعوى الميرزا!!!!
على أنّ كليهما، على تناقضهما، يهرأ؛ فالقضية ليست بهذه البساطة والسطحية بحال، بل إن الإسلام يقوى ويضعف، والتديّن يقوى ويضعف، والسلطة السياسية تقوى وتضعف، فهي زمن صلاح الدين أفضل مما هي عليه الآن، وتركيا اليوم أفضل وأقوى سياسيا وعسكريا وتقنيا واقتصاديا مما عليه يوم كانت أوروبا تتلاعب بالسلطنة العثمانية وتؤجل سقوطها المحتوم.
الرد: الإسلام ظل غالبا مع ضعفه
لو قال حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام أن القرون العشر بعد القرون الثلاثة الأولى هي قمة مجد الإسلام وعظمته لكان للمعترض بعض الحق في ظنه حول التعارض المزعوم، ولكن لفشل المعترض حتى الآن في إثبات التعارض الذي يدندن حوله لم يقل حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام على الإطلاق مثل هذه العبارة بل قال فقط بأن الإسلام كان غالباً أي أن الزمن بعد القرون الثلاثة حتى بعثة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كان زمن قوة الإسلام رغم كل الضعف الذي اعترى المسلمين، ولكنها لم تكن قوة تصاعدية وإنما كانت في تنازلٍ وانحدارٍ مستمر حتى وصولها إلى أدنى نقطة استدعت بعثة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لتجديد الدين وبث الروح التي فُقدت في المسلمين جراء سوء فهم الدين وانتشار البدع. ولهذا سمّى الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام هذه الفترة أي القرون العشر بعد القرون الثلاثة الأولى بالفيج الأعوج الذي لا خير فيه إلا نادراً والندرة هي العلماء العظام من السلف والخلف الذين كانوا قلّة في زمانهم، كما يلي:
“إن علْم الله ورسوله الذي لا يتطرق إليه الخطأُ، يفيـد حصرا بأن الزمن الوسطي الذي هو بعد زمن النبي ﷺ، بل بعد زمن خير القرون كله وهو قبل زمن المسيح الموعود، لهو الفيج الأعوج.. أي زمن الفريق المعـوجّ الخالي من الخير إلا نادرا.” (التحفة الغولروية، ص 186)
إذن لم يقل عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام أن الفترة بين القرون الثلاث وبعثة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام هي الأعظم والأقوى بل العكس تماماً ولكن مع هذا الضعف كان الإسلام غالباً على الدين كله.
فهذه كذبة أخرى من المعترض.
ثم قال عَلَيهِ السَلام في العلماء القلّة:
“أما الأفـراد الكُمَّـل في الزمن الوسطي -المسمى بالفيج الأعوج- فقد عُدُّوا كالشاذ والنادر بسبب قلـة عددهم وكثرة الأشرار والفجار وهجوم جيوش الأديان الباطلة والعقائد السـيئة والأعمال السيئة. ومع ذلك ظل الصالحون من الأمة المحمدية حتى في هذا الزمن الوسطي يتواجدون كالنهر العظيم رغم طوفان البدع بالمقارنـة مـع الأديـان الأخرى.” (التحفة الغولروية، ص 186)
فلا يوجد أي ((تناقض)) كما ظنَّ المعترضُ بين المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام والخليفة الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لأن حضرته بنفسه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وضَّح أن الموضوع هو تفوق الإسلام في ذلك الزمن مع قلّة العلماء والصالحين تفوقه على الأديان الباقية وصولاً إلى أدنى درجات القوة في زمن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام مما استدعى بعثته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام. ويشرح حضرته أكثر فيقول:
“نص الحديث هو التالي: عن جابر بن سَمُرَة قال: “سَمِعتُ رَسولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: “لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَي عَشَرَ خَلِيفَةً. كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ.” متفق عليه، مشكاة باب مناقب قريش. أي سيبقى الإسلام غالبا حتى ظهور اثني عشر خليفة، وسيكون جميع أولئك الخلفاء من قريش. هنا لا يمكن أن يدعي أحد بأن المسيح الموعود أيضا من أولئك الاثني عشر، ذلك لأنه من المتفق عليه أن المسيح الموعود لن يأتي في زمن قوة الإسلام، بل سوف يبعث في زمن غلبة المسيحية على الأرض. ويستنبط هذا من جملة “يكسر الصليب”. فكان من الضروي أن يفقد الإسلام قوته قبل ظهور المسيح وأن يصيب المسلمين ضعف، بحيث يكون أغلبهم خاضعين للقوى الأخرى مثلما كانت حالة اليهود عند ظهور عيسى عَلَيهِ السَلام. فلما كان المسيح الموعود قد ذُكر في الأحاديث على وجه خاص، لذا قد فُصل عن الخلفاء الاثني عشر. لأنه كان من المقدر أن يأتي بعد نزول الشدائد والمصائب وأن يظهر في وقت يكون فيه انقلاب صريح قد ظهر في حالة الإسلام. وعلى المنوال نفسه كان عيسى عَلَيهِ السَلام قد أتى؛ أي في زمن كان قد ظهرت في اليهود علامةُ الزوال الصريح. فبذلك كان لموسى عَلَيهِ السَلام أيضا ثلاثة عشر خليفة وللنبي ﷺ أيضا ثلاثة عشر خليفة. وكما أن عيسى عَلَيهِ السَلام بعث في القرن الرابع عشر من موسى عَلَيهِ السَلام، كان من المحتم أن يظهر مسيح الإسلام الموعود أيضا في القرن الرابع عشر بعد النبي نظرا لهذه المشابهة. منه” (التحفة الغولروية، ص95)
إذاً كَذَبَ المعترضُ ودلّسَ وفشل كعادته في تحقيق حلمه العتيد بتمزيق الجماعة المباركة بدافع الكره والحقد على مؤسسها عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، فازداد المعترضُ إهانةً لنفسه مثبتاً أن اعتراضاته ليست إلا هراء وكلام مكرر مقابل ازدياد صدق حضرة مرزا غلام أحمد المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام لمعاناً وألقاً وبهاء.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ