هل ينكر الأحمديون تفاسير المسيح الموعود عليه السلام، ويأخذون بتفاسير المصلح الموعود رضي الله عنه فقط؟
الاعتراض :
هنالك تناقض بين المسيح الموعود عليه السلام والمصلح الموعود رضي الله عنه، في تفاسير عديدة لآيات القرآن الكريم، منها تفسير معجزات المسيح الناصري عليه السلام المذكورة في القرآن الكريم من إحياء الموتى وإبراء المرضى وخلق الطيور . فبينما يفسرها المسيح الموعود عليه السلام، على أنها من قبيل عمل التِّرب/ الميسمارزم أي التنويم المغناطيسي، يقول المصلح الموعود رضي الله عنه، إنها مجازية، والأحمديون يروّجون لتفسير المصلح الموعود رضي الله عنه، ولا يؤمنون بتفاسير المسيح الموعود عليه السلام، على النقيض من تعاليم الخليفة الخامس أيده الله، والذي يحثّ على الأخذ بتفاسير المسيح الموعود عليه السلام.
الرد: لا تناقض بين المسيح الموعود والخلفاء
1: لا تناقض بين المسيح الموعود والخليفة الثاني رضي الله عنه، في مثل هذه التفاسير لا سيما في مسألة معجزات المسيح الناصري عليه السلام. فالأقوال مختلفة من باب فتح باب الاجتهاد في التفسير وأخذ القرآن الكريم على سبعة بطون، ونحن كأحمديين نأخذ بالقولين ولا نرى في إيّهما خطأ، عندما نروّج نروّج للاثنين، ولكن من الطبيعي عادة في باب الاجتهاد المفتوح، أن يُؤخذ ويُذكر التفسير الأخير والبطن الأخير، بناء على المستجدات والحقائق العلمية الملائمة للعصر، ولكن هذا لا يجعل التفاسير السابقة بالضرورة خاطئة. فإن سُؤل أي التفسيرين أصحّ؟ أقول: العلم والحقيقة المطلقة عند الله تعالى وكلاهما واردان وممكنان وصحيحان .
2: الترويج لتفسير المصلح الموعود عليه السلام لا يعني إبطال تفاسير المسيح الموعود عليه السلام، ولكنه من قبيل الأخذ بالاجتهاد الأخير كما ذكرنا، وهذا مثيله الترويج لتفسير واجتهاد المصلح الموعود رضي الله عنه رغم وجود تفسير آخر لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لنفس القضية.
فهل الترويج لتفسير المصلح الموعود رضي الله عنه، يعني إبطال تفاسير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ويعني أن الأحمديين لا يؤمنون بتفاسير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم!؟
فمثيل هذا واقع في اجتهاد المصلح الموعود رضي الله عنه، في تفسيره لقول اليهود للسيدة مريم عليها السلام، حيث قالوا لها :(يا أخت هارون) ، وهي كما هو معروف ليست بأخت هارون ، فذكر المصلح الموعود تفسير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لهذه التسمية ثم ذكر بعدها اجتهاده الشخصي في القضية وقال :
“فقال – صلى الله عليه وسلم -: ذلك كعادة اليهود حيث كانوا يسمون أولادهم بأسماء أنبيائهم وصلحائهم (فتح البيان، وابن جرير).
بيد أني أرى أن هذه الآية تنطوي على مفهوم آخر أيضًا يدل على أنهم قد سموا مريم أخت هارون تعييرا بها وسخرية” (التفسير الكبير)
فهل ناقض المصلح الموعود سيدَنا محمد ص بتفسيره هذا، وهل أبطل حضرته قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهل يروّج الأحمديون لتفسير المصلح الموعود عليه السلام، لأنهم يعتقدون بخطأ سيدنا محمد في تفسيره؟ أم أن الأحمدي يأخذ بمعظم تفاسير هذه الآية من منطلق أن كلها واردة وجائزة ، ومن منطلق أن باب الاجتهاد مفتوح وأن للقرآن سبعة بطون في التفسير والتأويل!؟؟؟
فما يبدو للمعارضين تناقضا في التفاسير، ليس هو إلا زيادة في التفسير وإضافة عليه وأخذ ببطون مختلفة للقرآن الكريم.
لذا فإن ما يسري هنا في هذه الآية (يا أخت هارون) ، يسري على التفسيرات الأخرى ومنها تفسير معجزات المسيح الناصري عليه السلام، وكل ما ظنّه المعارضون تناقضا في التفاسير … فلا تناقضّ! بل تفاسير تكمل بعضها بعضا؛ وللفرد أن ينتقي ما يراه الأصحّ بينها .. فأحيانا أميل أكثر إلى تفسير الخليفة الثاني، وأحيانا أميل أكثر إلى تفسير الخليفة الرابع، وأحيانا إلى تفسير المسيح الموعود عليه السلام ، ولكن لا أُخطّئ أيّا منها، فحقيقة الأمر عند الله تعالى …
3: القول بمعارضة الخلفاء للمسيح الموعود عليه السلام، دليل على تشابه قلوب معارضي الخلافة الراشدة الثانية بمعارضي الخلافة الأولى
إن هذا الاتّهام، بأن الخليفة الثاني أو الرابع رضي الله عنهم يناقضون المسيح الموعود عليه السلام في اجتهاداتهم-، ويضعونه على الرفّ رغم كونه الحكم العدل، لشبيه باتهام رؤوس الفتنة الذين قاموا ضدّ سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث كان من أحد أهم أسباب ثورانهم عليه، هو ادعائهم أن سيدنا عثمان رضي الله عنه قد خالف الرسول صلى الله عليه وسلم و “وضعه على الرفّ” – مثلما يقول المعترض – حيث كانت من بين اعتراضاتهم الأمور التالية:
- أنه ردّ الحكم بن أبي العاص بعد أن نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- أنه أبطل سنة القصر في السفر، وذلك لأنه أتم الصلاة في (منى) لما ذهب للحج.
- ابتدع في جمْعه للقرآن وحرْقه للمصاحف.
- علا على درجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نزل عنها أبو بكر وعمر.
فهل بالفعل عارض سيدنا عثمان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء السابقين، في اجتهاداته الإدارية والدينية في أمور الشريعة والدين، ووضع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واجتهاداته على الرفّ. أم أن كل هذا جائز للخليفة في أن يجتهد بما يختلف فيه عن الرسول صلى الله عليه وسلم، بحكم الوضع والزمن والعصر والمستجدات؟ إن معارضي جماعةالمؤمنين والخلافة الراشدة في ذلك الوقت وهذا الوقت، كُتب عليهم نفس النهج ونفس الأخلاق!؟؟ ولا بدّ للمعارضين أن يحذروا و يتفكروا في كل هذا !
ألا يرون إلى كيف أنهم باعتراضاتهم على الجماعة تقوّضون الإسلام، ويبررون الفتنة ضدّ الخلافة الراشدة الأولى!!؟؟ فاعتراضاتهم هي في الحقيقة، من حيث يدرون أو لا تدرون، طعن في الإسلام والقرآن والنبي محمد صلى الله عليه وسلم !!
فما ذهب إليه المسيح الموعود عليه السلام في اجتهاده بناء على المستجدات العلمية في عصره، بأن هذه المعجزات تندرج تحت علم التنويم المغناطيسي، صحيحة وواردة كما سنبيّنه في مقال تابع، ولا يمكن لأي أحمدي أن يتحرّج منها وينكرها. وكذا ما ذهب إليه المصلح الموعود رضي الله عنه، بأن هذه المعجزات تُؤخذ على المجاز، كالقول بإحياء الموتى الروحانيين وليس الحقيقيين، فهو اجتهاد صحيح لإمكانيته ووروده أيضا.
وايضا الصحابة نفسهم كانو يختلفون في التفسيرات مثلا في الاحرف التي في بداية السور بعض الصحبة فسروها مختلف عن بعض وعن الرسول