السؤال:
هل هنالك تناقض في قول مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية حين قال بأن الروح تدخل وتخرج من الأنف هل يناقض قوله في كتاب فلسفة تعاليم الاسلام بأن الروح لا تدخل الجسد من الخارج بل تتولد وتنشأ فيه؟
● الجواب:
ما قاله المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حول دخول الروح وخروجها من الأنف أمرٌ يؤيده سلف الأمة الصالح رحمهم الله، فقََدْ ورَدَ مثلاً في كتاب “مجموع رسائل الحافظ العلاني” للإمام الحافظ أبو سعيد العلائي الشافعي رحمه الله ما يلي:
“واختارَ الواحديُ وكثيرٌ من المفسرين ما ذكرناه من مُحقّقي أئمة الإسلام من أن الروح جسمٌ لطيفٌ أجرى اللهُ العادةَ بحياة الجسم عند حلوله فيه، وذكرَ اختلافاً في مدخل الروح في الجسد ومخرجه منه فقال قومٌ: يدخل من المنافذ كلها وكذلك يخرج من المنافذ كلها. وقال بعضهم: يدخل من الأنف ويخرج من الفم. وقال علي بن مهدي: إنه يدخل من حيث شاء الله ويخرج من الأنف، لقولهم: مات حتف أنفه.” (مجموع رسائل الحافظ العلاني ص 106/6)
والحديث المعني هو الذي رواه عبد الله بن عتيك عن أبيه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال:
“ومنْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فقد وَقَعَ أَجْرُهُ علَى اللهِ.” (رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 10/19676 والطبراني وأحمد والحاكم)
ويُقصد بالروح نسيم الحياة أي الهواء حيث من معاني الروح هي النفَس والنسم، ولذا يقال روّحَ أي حرّكَ الهواء. جاء في قواميس اللغة حول معاني الروح: “والرَّوْحُ نسيمُ الرِّيح. تقول: وجدتُ رَوْحَ الشَّمال: بَرْدَ نَسِيمِها. والجمع: أرْوَاحٌ.” (انظر المعجم الوسيط/ روح) ومنها اشتُقت الراحة أي النفَس الناعم الطيب. وهكذا يثبت من قول جمهور سلف الأمة أن هذا الروح يدخل ويخرج من الأنف. وبالفعل كما هو معروف، فبعد أن يتوقف النفَس وينقطع من الأنف يُعلَنُ موت الإنسان.
أما قول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في كتاب “فلسفة تعاليم الاسلام” فلم يكن حول دخول نسيم الحياة وخروجه بالموت بل كان حول منشأ الروح نفسها أي قبل أن تولد الروح ذاتها التي يحيا بها الإنسان، فالروح إنما تتولد وتنشأ في الإنسان نفسه وليست أزلية في مكان ما في السماء ثم تنزل في جسد الطفل أثناء تكوّنه في بطن أمه، بل تنشأ الروح وتولَدُ في داخل الإنسان نفسه ثم يعيش بها بنسائم روحية تدخل وتخرج عن طريق الأنف والفم حتى النفَس الأخير. فلا تناقض بين القولين البتة، فذاك عن الروح بمعنى نسيم الحياة والنفَس، وهذا عن منشأ الروح أي المادة اللطيفة التي هي بالطبع ليست أزلية كأزلية الله تعالى بأنها تنشأ في داخل الإنسان وبها يعيش جسده ويقوم بأعماله المختلفة، وذلك لكي يُثبت حضرته عَلَيهِ السَلام بأن الروح ليست أزلية كما يظن الهندوس وغيرهم بل هي من المخلوقات التي يوجِدها الله تبارك وتعالى وتولد معه في جسده، ولهذا قال حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
“الْحَقُّ أَنَّ الروحَ تنشأُ من الجسد ذاته، وهذا النشوء نفسه دليلٌ قاطعٌ على كونها من المخلوقات.” ((فلسفة تعاليم الاسلام)
إذن، لا اعتراض في الحقيقة في هذا المحل، ومن يعترض فهو في الواقع يبرهن بنفسه على عدم فهمه للدين وأبجديات المفاهيم والبدهيات.
لتحميل كتاب فلسفة تعاليم الإسلام من هنا!
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ