بسم الله الرحمن الرحيم

{ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } (الأنبياء 19)

الاعتراض:

إن الجماعة تبالغ في أعدادها كثيرا، وإن هذا الأمر كان منذ زمن المؤسس عليه السلام، وهنالك شواهد على ذلك منها:

قيل في 1897م أن عدد الجماعة (ثمانية ألاف) 8000، وادّعوا أن هذا العدد سوف يبلغ 18000 في السنة القادمة.

الرد:

لقد أثبتنا في الحلقات الماضية (هنا و هنا)، أن القوائم المعدة بأسماء أفراد الجماعة، سواء تلك التي قُدمت للحاكم العام الإنجليزي في 20-2—1898 أو تلك التي قُدمت لموظف الضريبة في 31-8-1898، لا علاقة لها بالعدد الإجمالي لأفراد الجماعة أو بإحصاء عدد أفراد الجماعة كلهم، وقلنا إنها قوائم أُعدت لأهداف معينة لا علاقة لها بالإحصاء، إذ كانت أحداهما عيّنة لبعض أفراد الجماعة من ذوي المناصب المرموقة، والثانية قائمة بأسماء كبار المتبرعين في الجماعة. وأثبتنا كيف أن المعارضين يتعمدون التزييف والخلط بين النصوص والأحداث والقوائم من أجل تبرير اعتراضهم هذا، وأما الآن نبيّن ما يؤكد أن أعداد الجماعة في تلك الفترة كانت أكبر بكثير من هذا العدد المقدّم لجابي الضرائب، فنورد الأدلة التالية المؤكدة على رقي الجماعة وزيادة عددها في سنيها الأولى:

أ‌) عام 1892: في سجل المبايعين الذين بايعوا في يوم 28/11/1892 نجد رقم المبايع الأخير هو 354 (تاريخ الأحمدية مجلد1 ص 362)

ب‌) عام 1892: كان عدد من حضر الجلسة السنوية عام 1892 هو 500 مشارك. وكان عدد من حضر من أماكن نائية هو 325 مشارك. (مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية، مجلد5 ص613)، وهذه الجلسة عُقدت بعد شهر من التاريخ المعلن لسجل المبايعين، فالزيادة في شهر 150 شخصا كما نرى.

ولكن لا نستطيع أن نقول أن كل من بايع قد حضر هذه الجلسة. بل هناك كثيرون لم يستطيعوا الحضور. وعليه فكان عدد المبايعين أكبر من 150 حتما. وعدد أفراد الجماعة أكبر بكثير من 500 شخص

ثم بعد ذلك نشر المسيح الموعود عليه السلام قائمة المشاركين في هذه الجلسة وذكر فيها أسماء 327 شخصا مع عناوينهم. (المرجع السابق ص629)، وهي أسماء من حضر هذه الجلسة من خارج قاديان. أما العدد الإجمالي للمشاركين فيها فكان خمسُمائة شخص كما قلنا.

(علمًا أن هذه قائمة بالرجال فقط. ألم يكن لديهم عوائل نساء واطفال)

ت‌) عام 1897: أعدّ حضرة بير سراج الحق نعماني رضي الله عنه، قائمة المبايعين لشهرين اثنين فقط ما بين 3/4/1897م إلى 2/6/1897، وقد أخبرَ أن عدد المبايعين الذكور في هذه الأشهر الثلاثة فقط كان مئتين وثلاثة رجال 203

(علما أنه في سنة 92 كان عدد المشاركين في الجلسة في قاديان خمسَمائة مشارك، وقلنا هذا ليس عدد أفراد الجماعة، فكيف يمكن القول إن عدد الأفراد ال318 المذكورين في قائمة موظف الضريبة هو عدد أفراد الجماعة ؟!)

وكما توضح هذه القائمة التي أعدها حضرة سراج الحق فإن المبايعين في شهر واحد فقط كان يبلغ أكثر من 120 أحيانا. (تاريخ الأحمدية مجلد1 ص 643-652)

دليل على أن معدل الزيادة كان ما بين 100-150 وما فوق شهريا، حيث على الأغلب هذا العدد يتحدث عن الرجال وليس من الغريب أن تكون قد انضمت عوائلهم أيضا

ث‌) عام 1899: ذكرت جريدة الحكم أنه في يوليو 1899 دخل بواسطة السيد سيد محمد سعيد وحده (القاطن في حيدر آباد دكّن) مئة وخمسون 150 شخصا. (الحكم، 31/7/1899م ص1)

ج‌) كما ورد أنه دخل في الجماعة 55 خمسةٌ وخمسون من الذكور في أحدَ عشَرَ يوما فقط أي ما بين 23/10/1899م إلى 2/11/1899. (جريدة الحكم 10/11/1899 ص7)

ح‌) وفي بداية عام 1899م قد بايع في شهر رمضان وحده خمسُمائة 500 شخص. (الحكم 31/1/1900 ص6-7)

خ‌) عام 1900: وفي بداية 1900 عُقدت جلسة الدعاء في قاديان بدون أي إعلان منشور عنها، ومع ذلك قد حضرها أكثر من ألف شخص. (الحكم 10/2/1900 ص2)

د‌) وفي نوفمبر 1900 كان عدد المبايعين في مدينة مالور بولاية ميسور 55 خمسةً وخمسينَ شخصا. (الحكم، 24/11/1900م ص6)

وكل هذه المعطيات تؤكد أن معدل الزيادة كان 150 في الشهر وهو أمر واقعي وليس بالبعيد، وبناء عليه يصل العدد بسهولة خلال أربع سنوات حتى 1897 إلى 8000 شخص، إذا كان معدل الزيادة 150 في الشهر، أي 1800في السنة، ففي أربع سنوات (حتى 1897) يصل العدد بسهولة إلى 8000 = 7200 (الزيادة)+500 ( المشتركين في الجلسة 1892 وهذا العدد ليس دقيقا).

المهم في كل هذا، أن هذه الأعداد المذكورة في هذه القوائم المعدّة لا علاقة لها بإحصاء عدد أفراد الجماعة.

ويورد المعترضون في هذا الصدد اعتراضا آخر ويقولون:

“فلو فرَضنا أنّه ظلّ يدخل سنويا 300 شخص منذ تأسيس الجماعة، بناء على قول حضرته عليه السلام في كتاب البلاغ : “وفي كل عام يدخل ثلاث مئة أو أربع مئة شخص” فيكون عددها قد بلغ 2400 في عام 1897 وليس 8000. فكيف وقد أقرّ الميرزا أن عدد جماعته في عام 1893 هو 300 فقط. حيث كتب عن مباهلة عبد الحقّ الغزنوي التي عُقدت في عام 1893: فقد كان معي قبل المباهلة على أغلب الظن قرابة ثلاثِمئة رجل أو أربعِمائة. (عاقبة آتهم) لذا لو ظلّ ينضمّ لها سنويا 300 شخص فيكون عددها عام 1897 300+(300*4)=1500. فمن أين صاروا 8000؟!! “

وردا على هذا نقول:

صرح حضرته عليه السلام في كتاب “البلاغ”

أنه في كل سنة ينضم إلى زمرة المبايعين 300 -400 شخص على الأقل.

ومِن خبث المعترض أنه اقتطع العبارة وشطب الجزء المهم الذي كان له دلالة خاصة في هذا السياق وهو كلمة (على الأقل)؛ فلم يصرّح حضرته في هذا الإعلان عن عدد المنضمين ولا عن معدّل المنضمين، بل صرّح عن العدد الأدنى للمنضمين، إذ قد يبلغ العدد 1000 شخص أو أكثر في السنة.

وهذا ما يؤكده قوله عليه السلام الذي اقتطعه المعترض في الاقتباس نفسه من كتاب “عاقبة آثم” لكنه أحجم عن عرضه متعمدا، حيث يتابع الاقتباس من قول حضرته عليه السلام: “وكما ينبت الزرع في الحقل الجيد الخصب وينمو بسرعة، كذلك تُحرز هذه الجماعة ازدهارا خارقا غير عادي، حيث تندفع الأرواح السعيدة إلى هذا الجانب ويجذب الله الأرض إلى ناحيتنا. فبعد المباهلة (أي مباهلة عبد الحق الغزنوي) انتشر لي القبول على نطاق واسع يبعث على الخشوع، فمن لبنة أو لبنتين شيِّدَ قصرٌ وأصبحت قطرة أو قطرتان نهرًا. فافتحوا العيون وتجوَّلوا في البنجاب والهند لتجدوا جماعتنا في معظم المناطق، حيث يعمل الملائكة ويُلقون النور في القلوب. فانظروا كم أحرزْنا من العزة بعد المباهلة. قولوا صدقا: أهذا فعل الله أم صنع إنسان؟

فكلام حضرته عليه السلام هذا، يؤكد أن هذه المباهلة كان لها أثر كبير على قبول الناس له وانضمامهم إلى هذه الجماعة بأعداد كبيرة كما بيّنا في المعطيات السابقة، فتقديرنا بانضمام ما يقارب 150 شخصا شهريا ليس ببعيد بناء على قول حضرته هذا.

أما قول حضرته أنه قبل مباهلة عبد الحق الغزنوي أي سنة 1893 كان معه 300-400 رجل، فنقول: إن حضرته عليه السلام عمومًا يتحدث عن الرجال فقط دون نسائهم وأطفالهم، فأين هذا العدد من العدد الكلي الذي يحصي النساء والأطفال. وكنا قد بيّنا أن في جلسة 1892 عدد المشتركين في الجلسة فقط كان 500 شخص، وقد نشر حضرته بعد الجلسة قائمة بأسماء 327 رجلا من المشتركين من خارج قاديان فقط، وقلنا إنها قائمة بأسماء الرجال فقط، فأين النساء والأطفال؟! فمن الأكيد أن قول حضرته عليه السلام هذا- إنه قبل المباهلة كان معه 300-400 رجل- لا يُقصد منه العدد الكلي لأفراد الجماعة البتّة.

كل هذه الإحصائيات والأخبار نُشرت في الجرائد، فلماذا لم يُثر المعارضون من تلك المدن آنذاك ضجةً بأنه لا يوجد في مدينتنا الأحمديون بهذا العدد وأن هذا كذب وهراء. ثم لماذا ظلّ الأحمديون رغم رؤية هذا الكذب والتزييف على حدّ تعبير المعترضين، أحمديين؟ وليس هذا فحسب بل ظلوا عرضة للشتائم والضرب والمقاطعة والخسائر المالية.

فبناء على الأرقام المنقولة من الجرائد يتضح بجلاء أن العدد الحقيقي التقريبي هو ما كان بيّنه حضرة المسيح الموعود عليه السلام في مناسبات معينة:

أ‌) ففي 22/1/1897كتب المسيح الموعود عليه السلام مرارا في كتابه “ملحق عاقبة آتهم” أن عدد جماعته هو 8000. (ملحق عاقبة آتهم، الخزائن الروحانية مجلد 11، ص 310، و 315 و 340)

ب‌) وفي 25/1/1897 كتب المسيح الموعود عليه السلام: الآن بعد مباهلة عبد الحق الغزنوي قد بلغ عدد جماعتي ثمانية آلاف شخص… ويُتوقع أن يصل هذا العدد إلى 18 ألفا إلى العام القادم. (مجموعة الإعلانات المجلد 2، ص3)

وهذا كلُّه يتأكّد من المعطيات التي أوردناها في هذه الحلقة بشكل يقينيّ،

وقد أثبتنا في هذه الحلقة بطلان زعم المعترضين بأن الجماعة كانت تبالغ بأعدادها وأن سيدنا أحمد عليه السلام كان يكذب -والعياذ بالله- في تصريحه عن عدد أفراد الجماعة؛ وتأكّد من كل ما عرضناه اليوم أن المعارضين لم يبحثوا ولم يتحققوا جيّدا من صحة ما يقولونه، بل وإنهم يتعمّدون الكذب والدجل والتمويه من أجل تبرير اعتراضاتهم، وفي الحلقة القادمة سنورد لكم معطياتٍ وإحصائياتٍ أخرى تؤكد صدق وصحة ما كان يصرّح به سيدنا أحمد عليه السلام عن عدد أفراد جماعته.