لن أفتأ أذكّر العالم كله بدجل هذا المعترض ما حييت. وقد قلت بأن الدّجل عندما يكون مقرونا بالعمى ففتنته تكون واهية؛ لأن الذي يدجّل وهو مصاب بالعمى يتعثر بسهولة. فالمعترض لم يرَ أن القوائم للرجال، ولا تمتّ إلى إحصاء أفراد الجماعة بصلة، هذه القوائم التي أوقعه الله تعالى بها كفخّ مغلق من جميع جوانبه، لن يستطيع التحرّر منه مهما حاول ذلك بحذلقته واستهتاره بعقول القراء والمشاهدين والسامعين.
فبعد أن نزلت عليه قوائم الرجال كالصاعقة في يوم مشمس، ولم يستطع الإفلات من هذا الفخّ الذي أستدرجه إليه الله تعالى وأوقعه فيه، ولم يجد له مفلتا منه إلا ما توهمّه من مفلت، وإذ به مفلت الدّجل المتراكم، بادعائه أن إعلان ١٨٩٧ يتحدّث عن ٨٠٠٠ رجل أيضا، في الوقت الذي فيه واضح وضوح الشمس في كبد السماء أن الإعلان يقول ٨٠٠٠ نسمة أو شخص.
طفق بعدها يحسب لنا عدد الرجال والنساء والأطفال، والرجال الأحمديين المتزوجين، العاقرين منهم والمنجبين للعشرة والعشرين، بالقول:
“هل الـ 318 رجلا، أو 600 رجل يعني أن العدد الكلي 8 آلاف أو 10 آلاف؟ هل كل رجل من هؤلاء لديه عائلة من 12 أو 15؟ أليس من هؤلاء الرجال عزاب أو لم ينجبوا، أو أن أولادهم صاروا بالغين“.
وهنا نعود ونؤكد أن هذه الحسابات عبثية، لأننا لا نقول إن القوائم تحصي الرجال دون النساء والأطفال، بل نقول إنها لا علاقة لها بالإحصاء البتة، لأن هذه القوائم لم تُعدّ بهدف الإحصاء، وكونها مقتصرة على ذكر أسماء بعض الرجال، لهو الدليل على ذلك.
فذكر أسماء ٣١٨ رجلا من وجهاء الجماعة، أو ذكر ٣١٨ رجلا من كبار المتبرعين، أو ذكر ٢٢٥ شخصا من المشتركين في جلسة ما، قد يحدث في حال كون عدد أفراد الجماعة ٤٠٠ أو ٤٠٠٠٠٠ ؛ لأن القائمة الأولى عيّنة للوجهاء، والثانية عيّنة للمتبرعين- حيث لا لزوم لذكر المتبرعين كلهم لموظف الضريبة، لأنه لا ضريبة على التبرعات التي تصرف على الأمور الدينية-، والثالثة أغلب من حضر جلسة قاديان من خارجها. وعليه فكون الأعداد في هذه القوائم قليلة، لا يعكس قلة الرجّال عامة، ولا يمكن تقديرهم ب٦٠٠ أو ١٠٠٠ فهذه تقديرات عبثية ليس إلا، ولا يمكن اعتبارها إلا رجما بالغيب.
وقد حاول هذا المعترض أن يدجّل أكثر ليغطي عواره في اقتطاع الاقتباس من كلام سيدنا أحمد عليه السلام من كتاب البلاغ حين قال حضرته عليه السلام ما معناه ” إنه في كل سنة يدخل في زمرة المبايعين ٣٠٠-٤٠٠ على الأقل” بالقول:
“ العاقل حين يذكر حدًّا أدنى فإنما يذكر رقما واحدا، لا رقمين؛ فإذا ذكر رقمين فإنما يقصد أنّ أحدهما هو الحدّ الأدنى والثاني هو الحدّ الأعلى“
وهنا نردّ ونقول، الحمد لله أن العقل والمنطق لا يقتصر على عقل ومنطق المعترضين، ولو كان كذلك لما كلّف الإنسان بالشريعة أبدا، بل لرُفع عنه التكليف حتما. ونقول متابعة للردّ: إن ذكر رقمين ليس بالضرورة أن يكون القصد منه حدا أدنى وحدا أقصى، وإنما في هذه الحالة عندما أردف حضرته عليه السلام هذين الرقمين بقوله” على الأقل“، إنما يقصد بذلك حدا أدنى يقع بين هذين الرقمين؛ وسبب ذكر الرقمين هو عدم تدقيقه عليه السلام في الأمر ومعرفة الحدّ الأدنى الدقيق، وجاء ذكر الرقمين توخيا للحذر والصدق في الحديث ليس إلا، وذلك على عكس ما يريد المعترض أن يلصقه بسيدنا أحمد عليه السلام من الكذب والعياذ بالله.
وبينما كان هذا المعترض غارقا في هذه الحسابات الوراثية لاكتشاف جينات العقم والإنجاب عند الأحمديين، إذ نزل عليه إحصاء بومبي كالزلزال الذي زلزل أركانه، وهو لا يزال مكبلا في فخّ قوائم الرجال، الذي لم ولن يجد له منه مفلتا طيلة حياته، فأخذ حينها يخبط خبطَ عشواء مُدليا بترهات واهية أخرى هي أوهن من بيت العنكبوت، سنبدأ بعد هذا المقال بذكرها والردّ عليها تباعا.