من فمك أدينك – سير سيد أحمد خان هو إمام الزمان
المعترض: سير سيد أحمد خان هو إمام الزمان
في كتابه “ضرورة الإمام” عدّد الميرزا الكفاءات التي يجب أن يتحلى بها إمام الزمان فقال: “… الثالثة: قوة “البسطة في العلم”:…فيُعطى -بفضل الله تعالى- بسطة في العلوم الإلهية؛ فلا يوازيه أحد في عصره في المعارف القرآنية وكمالات الإفاضة وإتمام الحجة. ويصحح رأيُه الصائب معلوماتِ الآخرين، وإذا خالفه أحد الرأيَ في بيان الحقائق الدينية؛ انكشف له أن الحق مع الإمام دوماً، لأن نور الفراسة يساعده في معرفة العلوم الحقة، ولا يعطى لغيره مثل هذا النور الساطع…وكما أن الدجاجة تحتضن بيضها تحت جناحيها حتى تفقس أفراخاً ثم تجمعها تحت جناحيها لتبثّ فيها من قواها، كذلك يصبِّغ الإمامُ أصحابَه بعلومه الروحانية، ويزيدهم يقيناً ومعرفةً بالله تعالى..” (ضرورة الإمام، 14)
أقول:
1- أعلن سير سيد أحمد خان عن نظريته حول نجاة المسيح عليه السلام من حادثة الصليب ونزوله عنه مغشياً عليه ثم وفاته فيما بعد وفاة طبيعية، معتمداً على آيات قرآنية وأدلة عقلية ونصوص انجيلية، ولكن الميرزا كان يخالفه في بيان هذه الحقيقة الدينية، وبعد سنوات انكشف له أن الحق مع إمام زمانه سير سيد أحمد خان دوماً، لأن نور فراسة سير خان كان يساعده في معرفة العلوم الحقة، ولا يعطى للميرزا وغيره مثل هذا النور الساطع.
2- لم يوازِ سير سيد أحمد خان أحد في إتمام الحجة على أعداء الدين، فقد ألّف الكتب في الرد على شبهات المستشرقين وأفحمهم، كما لم يوازيه أحد في معارف القرآن وكمالات الإفاضة، فاحتضن أفراخه تحت جناحيه وبثَّ فيهم تفسيراته العقلانية ولم يكن الميرزا محمود إلا فرخاً ضمن قائمة طويلة من أفراخ إمام زمانه سير سيد أحمد خان حيث أخذ عنه ردوده على المستشرقين وتفسيراته العقلانية كلها فلم يترك نملة ولا هدهداً ، ولا عصا موسى ولا طير ابراهيم، ولا عبور البحر ولا نوم العزير… وبهذه التفاسير زاد إمام الزمان سيد خان يقينَ الناس ومعرفتهم بالله وكتابه.
بينما امتاز الميرزا بعلومه وفيوضه وتفاسيره التقليدية مع بعد الإضافات التجديدية كالتأثيرات الزحلية والعلوم المباركة المسمرية والنباتات القمرية والحيوانات الشمسية.
أما الموضوع الأبرز والأهم في كتبه فكان الموت والدمار: فهو بين فرحة عارمة لموت عشرات الآلاف في بومباي بالطاعون، وتنبؤات لا تنتهي عن الزلازل الرهيبة والطاعون والدماء التي ستغطي وجه الأرض، وكتابة القصائد طرباً لموت آتهم، وإقامة الأفراح لموت لكهرام قتلاً، وإعلان كسر الصليب لموت دوئي، وملئ الدنيا بالإعلانات لموت أخو المولوي الفلاني، وابن المولوي الآخر، ومرض جدة المولوي الثالث، وهلاك خالة المولوي العاشر…
أما آن لكم أن تفيقوا من وهمكم ؟ فقد لبثتم فيه 120 حولاً وزدتم عليه سنينا !
الرد: إمام الزمان هو حضرة مرزا غلام أحمد
هذا الدليل في الواقع هو للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالتمام وليس عليه لأن الفراسة والرأي لوحدهما لا يكفيان لبناء عقيدة يُعتمد عليها تكون عند العبد فيصلاً إما نحو الجنّة أو النار، ولكن الفيصل هو الوحي الصريح فقط.
لقد رفض الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام بدايةً تفسير السير أحمد خان رحمه الله ليس كُرهاً به أو لكون التفسير بشع أو غير مُقنع ولكن لأنه مجرد رأي وهو رأي يخالف عقيدة جمهور المسلمين من سلفٍ وخَلَف، والأسلم في الدين عدم الانسياق وراء الرأي مهما كان مصيباً ومقنعا بل التمسك بعقيدة المسلمين المُجمع عليها أو التي هي في محل يشبه الإجماع عند فرق المسلمين كابراً عن كابر. فهذا دليل عظيم أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لم يكن يهمه الرأي والتفسير الجميل بل التمسك بالدين والوحدة مع المسلمين. إذاً، فالذي أُعطيه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كان الوحي الصريح المُلزِم والذي وافقَ رأي السير أحمد خان كما حدث ذلك مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عندما كان يتفق ما يوحى إليه ﷺ مرة مع الآخرين ويختلف في بعض الأحيان، وفي ذلك حكمة أن يكون الوحي آيضاً مما يعقله الناس وليس العكس. فعندما تلقى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وحياً بموت المسيح عَلَيهِ السَلام فقد أعلن ذلك ولم يأبه لمعاداة الناس بل العالم أجمع لأن الأمر وحيٌ صريحٌ من عند الله ﷻ، وهذا فرق هائل للمتدبّرين.
وهذا الذي نسي المعترض أو تناسى أن ينقله من نفس الكتاب أي “ضرورة الإمام” وهو أن الفراسة والعلم إنما تتم ذلك له عن طريق الوحي والإلهام فقط وليس برأيه المجرَّد. وننقل للقارئ العزيز فيما يلي من كلام حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام مقتبساً من “ضرورة الإمام” قبل اقتباس المعترض بصفحة أو صفحتين حيث يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“وهنا ينشأ سؤال مهم وهو: من هو إمام الزمان؟ وما هي علامات صدقه؟ وما وجه تفضيله على الملهمين الآخرين وعلى أصحاب الرؤى والكشوف؟ والجواب أن إمام الزمان شخص يتولى الله تعالى بنفسه تربيته الروحانية، ويجعل في فطرته نور الإمامة الذي يُمًكِّنه من التغلب على العقلانيين والفلاسفة، وإنه يرد -بقوة من الله تعالى- على جميع أنواع الاعتراضات الدقيقة بجدارة وروعة ردَّاً يؤكد أن فطرته مهيأة تماما لهذه المهمة من قبل الله تعالى، لذلك فلا يواجه الخزي أمام عدو من أعدائه، ويكون قائداً للجيوش المحمدية الروحانية، ويريد الله تعالى أن يكتب الفتح لدينه على يده. والذين ينضمون إلى سربه يوهبون كفاءات عالية. كما تتحقق فيه جميع الشروط اللازمة لإتمام مهمة الإصلاح، ويُزَوَّد بجميع العلوم الكفيلة بتبيين محاسن التعاليم الإسلامية وبالرد على المطاعن التي تثار ضدها.” (ضرورة الإمام، ص 11)
أما أدلة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام على موضوع المسيح عَلَيهِ السَلام فليست هي أدلة السير خان فقط إذ لم يشرح السير خان مثلاً تفاصيل وأسباب تعليق اليهود للمسيح عَلَيهِ السَلام على الخشبة، ونبوءات التوراة عنه، وكيف أنقذه الله تعالى، ولماذا، وأين ذهب المسيح عَلَيهِ السَلام بعد النجاة من الصليب، وما هي مهمته، وهل أنجزها أم لا، وهل سينزل المسيح عَلَيهِ السَلام أم أن الأحاديث الصحيحة كذب ودجل والعياذ بالله، والكثير الكثير من الأمور المتعلقة بقصة المسيح عَلَيهِ السَلام. أما المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقد شرح الموضوع بكامله بتكامل وأجاب عن جميع الأسئلة الواردة حول الموضوع بعظمة وروعة لا مثال لها، بل أرشدنا أيضاً إلى قبر المسيح عَلَيهِ السَلام وأسراره وعلاقته بالبوذية وسر تشابه الديانتين وما إلى ذلك (تجدون التفاصيل في كتاب “المسيح الناصري في الهند“). ولهذا كلما ذُكرت قصة وفاة المسيح يُشار أولاً وفقط إلى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ولا ذِكْر لتفسير السير أحمد خان إلا بشكل عابر. فتأمَّل عزيزي القارئ
أما المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فقد قدَّمَ التفسير الكبير المتكامل الذي يجمع القرآن الكريم والحديث بالمقام الأول ثم الآثار والتاريخ والعقل والفلسفة وغيرها من أسباب كلها مجتمعة في تفسير واحد بديع ومتكامل بشهادة الأغيار والمستشرقين معا، وهو الأمر الذي لم يستطع السير أحمد خان ولا غيره مجتمعين تناوله وذلك بسبب ميل السير خان ومن معه إلى إنكار الأحاديث والسنَّة إذ يستحيل عندهم الجمع بينها وبين القرآن الكريم، ولم يوفق اللهُ تعالى إلى ذلك غير المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الذي قدَّمَ التفسير بتكامل وتناسق مع الأسباب جميعا. ومن العلماء الذين اطّلعوا على التفسير الكبير للخليفة الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأبدوا رأيهم حوله مثلاً “السير آرثر جون آربري” Arthur John Arberry (12 مايو 1905 – 2 أكتوبر 1969) وهو عالم ومستشرق بريطاني اختصّ في التصوّف والأدب الفارسي واللغة العربية. في عام 1955 قام آربري بترجمة جديدة مفسرة للقرآن الكريم تحت عنوان The Koran Interpreted وقد كان هو أول من قام بتعريف الغرب على جلال الدين الرومي عبر ترجمة بعض من أعماله، وقام كذلك بتفسير لمؤلفات العلّامة محمد إقبال.
نبذة عن آربري باللغة العربية: آرثر آربري
لقد اطلّع العالم آرثر جون آربري على تفسير المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ للقرآن الكريم ذو المجلدات الخمسة باللغة الإنكليزية فأعجب به أيما إعجاب وقال عَنْهُ:
“إن هذه الترجمة والتفسير الحديث للقرآن الكريم عمل جبار. وهذا المجلد الأول هو بمنـزلة محطة أولى في سلسلة هذا العمل الجبار. قبل نحو 15 عاما بدأ العلماء والباحثون في قاديان هذا العمل العظيم وظل ساريا تحت قيادة مشجعة لحضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد. وكان عملا جبارا أي أن يُطبع متنُ القرآن الكريم مع ترجمته الإنجليزية الصحيحة تماما، وإلى جانب الترجمة الحرفية يكون هناك تفسير كل آية أيضا. المجلد الأول الذي أمامي الآن يشمل السور التسع الأولى من القرآن الكريم. وفي مستهل هذا المجلد هناك مقدمة طويلة كتبها مرزا بشير الدين محمود أحمد بنفسه، وقال فيها بأن كل ما ورد في هذا التفسير مستمَدٌّ من المعارف التي بيّنها مؤسس الجماعة في كتبه ومواعظه أو ما بينّه خليفته الأول وما بيّنه المؤلف أي الخليفة الثاني لمؤسس الجماعة. لذا يمكننا أن نقول بأن هذه الترجمة والتفاسير يمثلان أفكار الجماعة الإسلامية الأحمدية لمفاهيم القرآن الكريم.” (من خطبة الجمعة التي ألقاها أمير المؤمنين أيَّدَهُ اللهُ بِنَصْرِهِ العَزِيز في 21/2/2014)
وهذا رابط كتابه من موقع أمازون
ويمكن تنزيل “التفسير الكبير” بمجلداته العشر مجاناً من مكتبة الموقع
التكامل بالتفسير
فالتكامل شيء ورؤوس الأقلام والمواضيع الناقصة شيء آخر مختلف تمام الإختلاف، فقد قدَّمَ المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ التفسير بتكامل فلم يترك ثغرة ولم ينكر الأحاديث الصحيحة وهو ما عجز عنه السير أحمد خان وجميع الذين أخذ عنهم وأخذوا عنه، وسبب ذلك أن المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أخذ العلم ليس من سير خان ولا من غيره بل من المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي أعلن بأنه هو إمام الزمان المهدي المسيح لهذه الأمة الذي بشّر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. فلم يدّع السير خان بأنه إمام زمانه لأنه ببساطة كان ينكر الموضوع ولا يرى الأحاديث الشريفة صالحة للعمل أو الإيمان بها، ولن ينفع المعترض هذا التهكّم لآنه ببساطة يقوّل الرجل ما لم يقله ويدّعيه من جهة، ومن جهة أخرى يجعل أمر النبي ﷺ مجرد لعب وأهواء وتفاسير جميلة لا علاقة لها بوحي ولا إلهام الأمر الذي يقوله كل من السير خان والمعترض معا، بل إنَّ إمامَ الزمان حضرة الْمَسِيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام قام بانتقاد وإصلاح الكثير من العقائد للسير خان مثل إنكاره الدعاء وجدوى الدعاء وغيرها من قضايا مفصليّة في الدين والعلاقة مع الله تبارك وتعالى، وهكذا أيضاً فعل ولده حضرة المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. فأين الثرى من الثريا
أما الطاعون والنبوءات فهذه أحاديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ونبوءاته عن آخر الزمان، فلا قيمة لتهكّم المعترض وإنكاره لذلك كله لأن كلام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عندنا مقدس نؤمن أن من قاله لا ينطق عن الهوى وقد تحقق إضافة لذلك كله بتحقق نبوءات الطاعون والزلازل والعديد من علامات الساعة بما لا يمكن إنكاره أو التغاضي عنه. وكذلك علوم الفلك والظواهر الكونية وعلاقتها بالأرض والإنسان هي عِلْمٌ تناوله المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بكل روعة وجَمال في كتبه الرائعة ومنها كتاب “مرآة كمالات الإسلام” الذي ناقش حضرته فيه هذا الموضوع بكل عظمة وجمال في الحاشية من الصفحة 151 إلى نهاية الفصل. (يمكن تحميل هذا الكتاب مجاناً من هذا الرابط).
لقد مضت 125 سنة على تأسيس الجماعة الإسلامية الأحمدية وتَعاقَبَ خَمْسُ خلفاء لقيادة الجماعة نحو السَلام ونشر التعاليم الصحيحة للإسلام ووحدة المسلمين وسوف لن ينقضي القرن الثالث إنْ شاءَ الله إلا والأرض تدين بالإسلام الصحيح الذي جدَّده المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. فالحمد لله تعالى معين الصادقين ومُذِلّ الكاذبين المفترين
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
بارك الله فيكم