يثير بعضُ المعترضين خاصة زمرة المرتدّين منهم شبهة حول التبرعات التي تفرضها الجماعة الإسلامية الأحمدية على أبناء الجماعة والشبهة هي أنَّ هذا تشريع جديد ما أنزل الله به من سلطان. وللرد على هذا يجب أن نعلم قبل كُلّ شيء بأن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قد أكَّدَ على نزول المسيح وعودة الخلافة على منهاج النبوة وأنَّ المسيح الموعود لهذه الأُمَّة الإمام الذي مِنّا ستكون طاعته كوليّ أمْرٍ واجبة على كُلّ مُسْلِم ومن ذلك التبرعات الدائمة المستمرة والثابتة الواجبة بنصّ القُرآن الكَرِيم وأنها ليسَت مجرّد خيار وفوضى بل هي تشريعٌ إلٰهيٌّ ثابت في كتاب الله تعالى يحدّد مقداره وليُّ الأمْر -واجبُ الطاعة- ويمتثل له كُلّ مُسْلِم أحمدي بإرادته ودون أدنى تردّد، والذي لا يستطيع ولا مال لديه يتمّ إعفاؤه وكُلّ ما عليه فعله هو إخبار الجماعة كي يُعفى أو يدفع مبلغاً رمزياً فقط حتى لا يُحرَم الأجر، ولولا ذلك ما قامت جماعة ولا تحقّق أي شيء. فهذا المعترض إنما يبيّن جهله بالإسلام ويُعلن بسؤاله هذا بأنه غريب على هذا الدين وأبسط أساسياته، هذا لأن التبرعات أو الإنفاق في سبيل الله تعالى ونصرة دينه كما قال المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام هي مسؤولية جميع المسلمين وخاصة الأحمديين منهم:
“التبرعات لَمْ تبدأ من هذه الجماعة، بل جُمعت التبرعاتُ في زمن الأنبياء أيضاً عند الحاجة إلى المال. كان هناك زمنٌ حينَ كان الناس يُحضرون كُلّ ما كان في بيوتهم إِثْرَ إشارةٍ خفيفةٍ للتبرع. لقد قال النبي ﷺ مرةً ما معناه: يجب أن تقدِّموا بقدر المستطاع. وكان هَدَفُه أن يرى قَدَرَ ما يتبرع به مختلفُ الناس. فأَحْضَرَ سيدُنا أبو بكرؓ جُلَّ مالِه. أما سيدُنا عمرُ فأحْضَر نصفَه. فقال النبُي ﷺ هذا هو الفرق بين درجاتكما. أما اليوم فلا يعرف أحدٌ أنَّ المساعدة المالية أيضاً ضرورية، رَغْمَ أنه لا بأس بمُستوَى معيشتِهم. وعلى النقيض تلاحِظون الهندوسَ أنهم يُديرون المصانعَ بجمعِ التبرعات بالملايين، ويُشيِّدون البناياتِ الدينيةَ الضَخْمَةَ، ويُنفقون بمناسَباتٍ أخرى أيضاً، في حين أنَّ التبرعاتِ في جماعتنا تُطْلَبُ بكميةٍ صغيرةٍ جداً. فإذا كان أحدٌ لا يَعقِد الميثاقَ، فيجب طَرْدُه (من الجماعة)، إنه منافقٌ، وقلبُه مُسْوَدٌّ … إنَّ الصحابةَ ؓ كانوا قد أُخبِروا بذلك بقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}. ففي ذلك إشارةٌ وتأكيد إلى دَفْعِ التبرع وبَذْلِ المال.” (الملفوظات، ج 6، ص 42)
ويقول تعالى مبيّناً أنَّ الإنفاق في سبيل الله تعالى ليس هو الزكاة كما يظنّ البعض بل هو تشريع آخر يختلف عن الزكاة:
{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}
فَقَدْ أتت الزكاة في الآية بعد الإنفاق في سبيل الله ﷻ.
وهكذا فالتبرّع المالي -والذي هو مُختلفٌ عن الزكاة- إنما هو تشريعٌ إلٰهيٌّ ثابتٌ في القُرآن الكَرِيم وليس تشريعاً جديداً اخترعه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام والعياذ بالله، وتكفي الآية التي استشهد بها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أعلاه حيث يقول الله تعالى بكلّ وضوح بأن المؤمن لن ينال البِرّ حتى ينفق مما يحب من ماله!
ثم إنَّ جميع المسلمين الأحمديين وغير الأحمديين على حدٍّ سواء يعلمون أنَّ هذه التبرعات تُنفق على خدمة الإسلام من ترجمات معاني القُرآن الكَرِيم وبناء المدارس والمستشفيات والجامعات والمؤسسات والمساجد والمشاريع الإنسانية والقنوات الفضائية والمطبوعات والندوات والمؤتمرات وكلّ ما له أثر على خدمة الإسلام والبشرية. وتنقسم صناديق التبرعات في الجماعة الإسلامية الأحمدية إلى:
● صندوق الجلسة السنوية (لتمويل الجلسات السنوية)
● التبرع العام (التبرع الرئيسي)
● صندوق الوصية (لكل من ينخرط في نظام الوصية)
● صندوق التحريك الجديد (وهذا يغطي كُلّ الخدمات الخاصة بنشر الإسلام)
● صندوق الوقف الجديد (لتغطية نظام الدعاة)
● صندوق سيدنا بلال (للإنفاق على أُسر شهداء الجماعة الذين يقضون حياتهم في الاعتداءات على الجماعة بباكستان وغيرها من الدول المعادية للجماعة)
● صندوق بناء المساجد
● صندوق ترجمة القُرآن الكَرِيم
● صندوق المنشورات
● صندوق التلفزيون الإسلامي الأحمدي
● صندوق مريم (لمساعدة الفتيات المحتاجات وتسهيل الزواج)
● صندوق التنظيمات الفرعية:
. مجلس أنصار الله (أي الذين فوق الأربعين)
. مجلس خُدام الأحمدية (الشباب)
. مجلس الأطفال
. لجنة إماء الله (النساء)
. ناصرات الأحمدية (للبنات الصغار)
وهنالك صندوق خاص بمؤسسة الإنسانية أولاً.
وهذه المسؤوليات يؤديها كلّ مُسْلِم أحمدي حسب استطاعته، وهذه هي تعاليم الإسلام وواجبات المسلمين نحو الله تعالى وخلقه تبارك وتعالى.
لقد ورَدَ الإنفاق أيضاً في آيات كثيرة أخرى من القُرآن الكَرِيم تؤكد أنَّ الإنفاق في سبيل الله تعالى واجبٌ على المسلمين منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
بل إنَّ الله تعالى اعتبر الذي يتهرب من هذه التبرعات أنه بخيلٌ منافقٌ يأمر الناس بالبخل وأنه من الكافرين الحاصدين للشر وسوف يُعاقَب يوم القيامة بما طوَّق نفسه به من بخل وشر ونفاق:
{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
{فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ . فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ}
{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا}
ونلاحظ أنَّ الآية بالذات في سياق خلاف الوعد الذي قطعه المعترض عندما كان في الجماعة حول وجوب الإنفاق والتبرع ثم ارتداده واعتراضه على ذلك بذريعة كونه تشريع جديد !
إذن كُلّ ما فعله المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بوصفه ولي أمر للمسلمين الأحمديين أنه حدَّدَ مقداراً ثابتاً لهذا الإنفاق الذي فرضه الله تعالى على المسلمين وقال كما قال الله تعالى بأن الذي يرفض هذا الإنفاق فهو منافق بخيل، ومن فيه هذه الخصال السيئة لا يستحق في رأي المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن يكون في جماعته. ولله دَرّ المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ القائل:
“لقد أمرَنا اللهُ تعالى بالإنفاق، وقدّم كلمة “سرّاً” على “علانيةً” ليبيّن لنا أنَّ الإنفاق الحقيقي إنّما يتمُّ بشكلٍ طبيعي تلقائي لا تشوبه شائبة من الرياء والسمعة وغيرهما. والمعلوم أنه في حالة الإنفاق الطبيعي التلقائي لا يحتاج الْإِنسَانُ لإرغام نفسه، بل يتمّ ذلك بطريق تلقائي، بل وقد يحاول الإنسان إخفاء ما ينفق. فالآية تدعونا إلى هذا الإنفاق الطوعي التلقائي، وليس إلى أن ننفق على أنفسنا ومن أجل راحتنا بكلّ شوقٍ ورغبة، بينما تنقبض نفوسنا ونحتاج إلى حث الآخرين لكي ننفق في سبيل الله.” (التفسير الكبير)
وهكذا مع كُلّ اعتراض يثار ضد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وجماعته نضطر للمحاضرة وتدريس أسس الإسلام من جديد للمعترضين، وبالتالي فهذا المعترض فوق أنه جاهلٌ بأسس الإسلام فهو يعترض على ما يجهل، إذا كان جاهلاً وليس معترضاً عن قصد على الإسلام، ولله تعالى في خلقه شؤون!
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
طيب لما امير الجماعة الصغيرة التى فى بلدك يؤئملك بعدم دفع التبرع تعمل ايه