الرد على مقالة البدوي 18
هل إستخدم المسيح الموعود كلمات قاسية ضد الخصوم؟
كتب الأستاذ البدوي مقالا استنكر فيه توصيف المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لنوع محدد من الخصوم بكلمات قاسية استنكره بشدة ومبالغة، وكنا نأمل أن يكون هذا هو الحال فعلاً فإذا بالأستاذ صاحب المقال يكيل السباب والشتائم بلا أدنى تردد ضد المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام فيصفه بالدجال والمنحط خلقياً والهندي وكأن الهندي سبة وليس الفرق كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بالتقوى.
لقد نقل البدوي في مقالته عدداً من المقتبسات مشكوراً مؤكداً للقارئ -بدون شعور منه- مدى الحلم والتواضع والاحترام الذي كان يتمتع به المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام مع خصومه، وأنه تعلم ذلك من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. فنشدُّ على يديه في هذه.
أما النص الذي ذكره حول “ذرية البغايا” وكيف أن هذا لا يليق ولا يجوز، فنقول بأن هذا النص ورد في كل سياق له ضد من يسب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بأبشع الألقاب ممن وصفهم المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالدجال وهم القسس المنصرين (ليس القسس المحترمين) الذين يؤلفون الكتب والمقالات والمؤتمرات في الطعن واللعن ضد نبينا خاتم النبيين مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فكان المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يرد عليهم بما وصفوا به في الحديث الشريف؛ حيث وردت نبوءة حول المهدي أن أتباع الدجال سيكونون مستحقين للقب ذرية البغايا كما يلي:
1534 – حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: «أَكْثَرُ تَبَعِ الدَّجَّالِ الْيَهُودُ وَأَوْلَادُ الْمَوَامِسِ».
(كتاب “الفتن” لنعيم ابن حماد: ص 154 وكيع، عن سفيان، عن واصل الأحدب، عن أبي وائل قال: ولم يسنده إلى النبي ﷺ: وفي: ص 151 سويد بن عبد العزيز عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن مكحول، عن حذيفة، وابن شابور، عن النعمان بن المنذر، عن مكحول، عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ابن أبي شيبة: ج 15 ص 159 ح 19373 وكيع، عن شيبان، عن واصل، عن أبي وائل قال: كما في ابن حماد بتفاوت يسير. وفيه “المومسات “. وفي النهاية: ج 4 ص 373 مرسلا، عن أبي وائل، وفيه “أكثر تبع الدجال أولاد المياميس” وفي رواية أولاد الموامس “. وفي الدر المنثور: ج 5 ص 354 عن ابن أبي شيبة، وفيه “أولاد الأمهات”. وذكره ابن العيني في “عمدة القاري” بشرح صحيح البخاري – ج 13 – 2455 – 2730 – تتمة المظالم والغضب – الشروط)
فهذا دليل صدق المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي أطلق هذه الصفة على أعداء الإسلام كما أخبر الحديث.
هل أهان المسيح الموعود المرأة بسبب تفسيره لرؤيا الحذاء بالزوجة؟
أما قول البدوي أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أهان المرأة بسبب تفسيره لرؤيا الحذاء بالزوجة فهذا ليس كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بل هو كلام أهل التعبير كالتابعي الجليل ابن سيرين والنابلسي رحمهم الله حيث فسر ابن سيرين حلم رؤيا الحذاء ( النعل ) فقال :
“.. وإن رأى أنه مَلَكَ نعلاً ولم يمش فيها مَلَكَ امرأة، فإن لبسها وطئ المرأة، فإن كانت غير محذوة كانت عذراء، وكذلك إن كانت محذوة لم تلبس وتكون المرأة منسوبة إلى لون النعل. .. ولبْس النعلين مع المشي فيهما سفر في بر، فإن لبسها ولم يمش فيها فهي إمرأة يتزوجها. وإن رأى أنه مشى فيها في محلته وطئ امرأته. ورؤيا النعل المشعرة وهي غير المحذوة مال والمحذوة امرأة، والنعل المشركة إبنة. وإن رأى كأنه لبس نعلاً محذوة مشعرة جديدة لم تشرك ولم تلبس تزوج بكراً. وإن رأى كأن عقبها انقطع، فإنها إمرأة غير ولود، وقيل إنه يتزوج إمرأة بلا شاهدين، فإن لم يكن لها زمام تزوج إمرأة بلا ولي. وإن رأى كأن نعله مطبقة، فانشق الطبق الأسفل ولم يسقط، فإن إمرأته تلد بنتاً، فإن تعلق الطبق بالطبق، فإن حياة البنت تطول مع أمها، وإن سقطت، فإنها تموت. ومن رأى كأنه رقع نعله، فإنه يردم الخلل في أمر إمرأته ويحسن معها المعاشرة، فإن رقعها غيره دل على فساد في امرأته، فإن دفع نعله إلى الحذاء ليصلحها، فإنه يعين إمرأته على ارتكاب فاحشة. وإن رأى كأنه يمشي بفرد نعل، فإنه يطلق إمرأته أو يفارق شريكه، وقيل إن هذه الرؤيا تدل على أنه يطأ إحدى امرأتيه دون الأخرى أو يسافر سفراً ناقصاً. وإن رأى كأن نعله ضلت أو وقعت في الماء، فإن إمرأته تشرف على الهلاك ثم تسلم. وإن رأى رجلاً سرق نعله فلبسها، فإن رجلاً يخدع إمرأته على علم منه ورضاه بذلك. والنعل من الفضة تؤول بإمرأة حرة جميلة، ومن النار إمرأة سليطة، ومن الخشب إمرأة منافقة خائنة والنعل السوداء إمرأة غنية ذات سؤدد والنعل المتلونة إمرأة ذات تخليط، ومن جلود البقر فهي من العجم، ومن جلود الخيل فهي من العرب، ومن جلود السباع فهي من ظلمة السلاطين، والنعل الكتانية إمرأة مستورة قارئة لكتاب الله فصيحة.” أهـ
إذاً لم يُهن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام المرأة بل كان يؤول حسب علم التأويل والتعبير وهو قول السلف الصالح لا قول حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام. أما المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقد أثبت أن المرأة لها الاحترام والتقدير وكان يوصي بها في كل وقت ومجلس واعتبر من لا يحسّن إلى المرأة بأنه فاسد مهما عبد وصلى. ليس الجَهْل عيباً، فإذا جهل البدوي هذا الأمر فليس ذلك من العيب، ولكن العيب كل العيب أن يكون البدوي عالماً به وفي نفس الوقت يمارس التدليس والكذب. ليس هنالك خيار ثالث.
أما العبارة التي وصف فيها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بمثال عربي بليغ من يتملق السلاطين فيتمكله الخوف حتى يبول على نفسه فهو وصف لزمرة من التكفيريين الذين بدآو بسب وتكفير ولعن ومطاردة المسلمين الأحمديين وما زالوا يفعلون في باكستان ويتوعدونهم بالقتل والحرق والتنكيل وليس للعلماء الأفاضل. وفي هذا نقتبس من نفس الكتاب قبيل العبارة التي اجتزأها البدوي بصفحات قليلة لكي نفهم من المقصود بهذا المثال، حيث يقول عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بأن بعض المشايخ كفروه ولعنوه وأمروا بقتله بفتاواهم وتحريق ممتلكات جماعته وطعنوا في عرضه وأعراض المؤمنين وناصروا القساوسة حيث أن الكتاب جزء من كتاب عاقبة آثم القسيس المرتد عن الإسلام، فيقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بأنه بعد أن أبلغ الناس بدعوته وأنه مثيل المسيح عَلَيهِ السَلام:
“فلما أخبرتُ عن هذا قومی، قامت علماؤهم لِلَعْنی ولَوْمی، وکفّرونی قبل أن یحیطوا قولی، ویَزِنوا حولی، وقالوا دجّال ومن المرتدّین۔ وسلّطوا علیّ أوقَحَهم وأدَمَّهم، وحرّقوا علیّ أرَمَّهم کالسّباع والتنّین۔ فتَکَادَنی شرُّهم وتضوّرتُ، وغلوا وصبرت، واستباحوا أعراضنا ودماءنا وکانوا فیه من المفرِطین۔ وقال کبیرهم الذی أفتٰی، وأغوی الناس وأغری إنّ هؤلاء کَفَرۃ فَجَرۃ، فلا یسلِّم علیهم أحد، ولا یتبع جنازتهم، ولا یُدفَنوا فی مقابر المسلمین۔ فلما رأیتهم کالعمین المحجوبین، ورأیت أنهم جاوزوا الحدّ وآذوا الصادقین، ألّفتُ لهم کتبا مفحمۃ ورسائل نافعۃ للطالبین۔ فما کان لهم أن یستفیدوا أو یقبلوها وما کانوا متدبرین۔ وقاموا للردّ فلم یقدروا علیه، وصالوا للإهانۃ فردَّها اللّٰه علیهم، فجلسوا متندمین۔ وعاندوا کل العناد، وأفسدوا کل الفساد، وحسبوا أنهم من المصلحین۔ وإن غُلُوَّهم الآن کما کان، وما لهم عندی إلا المداراۃ والإدراء، والصّبر والدعاء، وإنا نصبر إلی أن یحکم اللّٰه بینی وبینهم وهو خیر الحاکمین۔ وما کان عندهم عذر إلا قطعتُه، وما شکّ إلا قلعتُه، وما کانت دعوتی إلاَّ بنصوص الآثار وکتاب مبین۔ ولیسوا سواءً من العلماء والفقراء، فمنهم الذین یخافون حضرۃ الکبریاء، ولا یَقْفُون ما لیس لهم به علم ویخشون یوم الجزاء، ویفوّضون الأمر إلی اللّٰه ذی الجلال والعلاء، ویقولون ما لنا أن نتکلم فی هذا وما أوتینا علم عواقب الأشیاء، إنا نخاف أن نکون من الظالمین۔ أولئک الذین اتقوا ربهم فسیهدیهم اللّٰه، إنه لا یضیع الخاشعین۔” (الخزائن الروحانیة، المجلد 11، عاقبة آثم، مكتوب أحمد 80-81)
فهل بعد هذا يقال أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ما فرق بين العلماء الأخيار والمشايخ الأغيار؟ فالذين كفروه ولعنوه ودعوا لقتله وهتك عرضه وناصروا الدجال وطعنوا في جماعته ودعوا للعدوان عليهم وهكذا يفعلون ما قال لهم إلا مثالاً من أمثلة العرب المعروفة والتي يغلفها المجاز “سكتوا الفاً ونطقوا خَلْفاً” وهو مثل عربي مشهور يضرب للذي يطيل الصمت ثم يتكلم بالخطأ، والخلف بمعنى الرديء من القول. وكان للأحنف بن قيس جليس طويل الصمت، فاستنطقه يوما، فرد عليه قائلاً: “يا أبا بحر اتقدر أن تمشي على شُرَف المسجد.” فقال الأحنف “سكت الفاً ونطق خَلْفاً“.
هذا النص ورد قبل العبارة التي اقتطعها البدوي بصفحتين أو ثلاثة.
فهل من العدل أن يُعاب على هذا القول المغلف بالتهذيب ولا يعاب على من كفّر ودعا للقتل وهتك العرض والعدوان بأشكاله وصنوفه؟
بلغي ما سمعت أبا عذرك
أما قوله عَلَيهِ السَلام للمرأة “بلغي ما سمعت أبا عذرك” فليس فيه ما يعيب على الإطلاق إذ هو من كلام العرب وهو لقب يستخدمه العرب الأوائل ولا يقصد به إهانة ألبتة بل العكس إذ يقصد به كما تقول المعاجم زوجك الأول كما يلي:
“مصدر عذَرَ : أبو عُذْرها : أَوَّلُ زوج للمرأة .” (المعجم: الغني)
فلا يصح استخدام العذرة لوحدها فلها معان عديدة من ضمنها البكارة والغائط وغيرها، بل يجب استخدام اللفظ كما هو “أبو عذر فلانة” أي الزوج، وقد كانت توجد قبيلة عربية محترمة تدعى قبيلة بنو عذرة. فلنقرأ من المعجم:
“بَنُو عُذْرَةَ : اِسْمُ قَبِيلَةٍ حِجَازِيَّةٍ اِشْتَهَرَتْ بِالْحُبِّ الْعُذْرِيِّ الْعَفِيفِ.” (المعجم: الغني)
فهل قصد عشرات الآلاف أو ربما الملايين من العرب الأوائل الذين منهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أن يهينوا أنفسهم بهذه التسمية؟ أم هي مجرد تسمية لا شية فيها؟
ترى هل كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كما وصف البدوي المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام عندما أجاب أحد الصحابة كما يلي:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَعَنِ الْمَاءِ يَكُونَ بَعْدَ الْمَاءِ، فَقَالَ : “ذَاكَ الْمَذْيُ، وَكُلُّ فَحْلٍ يَمْذِي، فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ” . (رواه أبو داود بسند صحيح وغيره)
معنى الحديث أن أحد الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن الغسل بعد خروج المني أو المذي فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بأن كل فحل أي كل ذكر يمذي (وهو خروج المني من العضو الذكري) ثم أوصى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بغسل الفرج (وهو هنا العضو) ثم غسل الأنثيين (أي ما تحت العضو الذكري) ثم الوضوء.
فهل كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم والعياذ بالله كما وصف البدوي المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام؟
مدح القرآن الكريم ووصفه بحسناء ذات جمال من الوجه والقفا والعجز والصدر
وكذلك مدح القرآن الكريم ووصفه بحسناء ذات جمال من الوجه والقفا والعجز والصدر، والعجيزتان هي مؤخرة المرأة وتوصف بها الحسناء في الأدب العربي، وقد أراد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن يرتقي بالشعر العربي من وصف النساء إلى وصف القرآن العظيم بأنه يشبه حسناء لا عيب فيها بل كل شيء فيها جميل وحسن، إذا أقبلت أو أدبرت فهي حسناء. ننقل من المعجم الجامع:
“عَجْز : الجمع : أعْجاز العَجُزُ : مؤخَّر الشيء [ مؤنث ] العَجُزُ : الشَّطْر الأخير من بيت الشِّعْر وأعْجازُ النَّخْل : أصُولُها وأعْجازُ الأمُور : أواخِرُها ركب في الطلب أعجاز الإبل : ركب الذُّل والمشقَّةَ أعجاز الأمور : أواخرها، عَجُزُ الإِنْسَانِ : مُؤَخِّرَتُهُ، أَي الجُزْءُ الخَلْفِيُّ فِي نِهَايَةِ السِّلْسِلَةِ الْفَقَارِيَّةِ .. عجِزتِ المرأةُ : كبُرت عجيزتُها، أي مؤخَّرها.” أهـ
فليس في لفظ العجز عيب في اللغة وإلا ما استخدمه الله تعالى في موضعين:
﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾
﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾
سرقة أدبية أم إرتقاء بالشعر؟
أما ما يسميه البدوي سرقة أدبية فهو في الواقع ارتقاء بالشعر من وصف النساء الحسناوات إلى وصف القرآن العظيم محبوب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام والحسن الذي لا يدانيه حُسن.
ثم يقتبس البدوي من كتاب سر الخلافة قوله عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
“… ووالله إن جمع الدنيا والدين أمر لم يحصل قط للطالبين، وأنه أشد وأصعب من نكاح حُرّتين، و معاشرة ضَرّتين لو كنتم متدبرين“.
ثم يعلق البدوي مستنكراً: “فهل لم يجد الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني وصف للمشقة و الصعوبة للجمع بين الدنيا و الدين , إلا النكاح و المعاشرة للنساء كما وصفهم هو أنهما حرّتين او ضرّتين؟؟” .
وبهذا يعلن البدوي بأنه غير مطلع على الأدب العربي وأن كبار العلماء وأهل الحديث استخدموا ذات التعبير ومنهم العالم السلفي أبو حمزة المليباري (وصفه أهل الحديث بأنه سلفي ذو عقيدة وكتب نافعة وممتازة) الذي اقتبس نفس عبارة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حيث يقول عن الدنيا والآخرة:
“اعلم أن تقصير الأمل مع حب الدنيا متعذر وانتظار الموت مع الاكباب عليها غير متيسر إذا كان مملوءاً بشيء لا يكون لشيء آخر محل فيه ولأن الدنيا والآخرة كضرتين إذا أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى وكالمشرق والمغرب بقدر ما من أحدهما تبعد من الآخر..” (الاستعداد للموت وسؤال القبر 1/18)
لفظ النيوك
أما لفظ “النيوك” الوارد في الاقتباس ففيه ينتقد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام هذا الفعل الذي يسميه بعض الهنود “نيوكاً” وهو الزنى بالنساء المتزوجات وليس العكس. فماذا عسى البدوي أن يصف لفظ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لماعز في صحيح البخاري:
“حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ» قَالَ: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَنِكْتَهَا». لاَ يَكْنِي، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ .” (صحيح البخاري 6824)
فهل كان النبي ﷺ بذيئاً والعياذ بالله عندما سال ماعز “أنكتها” أي المرأة؟ وهل ينطبق على النبي ﷺ والعياذ بالله ما قاله البدوي على المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام؟
بل قد ورد تفصيل الحديث المرفوع للنبي ﷺ من طريق النعيم بن هزال:
“قال ﷺ: فيمن؟ قال: بفلانة، قال ﷺ: هل ضاجعتها؟ قال: نعم، قال: هل باشرتها؟ قال: نعم، قال: هل جامعتها؟ قال: نعم، قال: فأمر به أن يرجم.” (أخرجه أبو داود وابن أبى شيبة وأحمد، وحسن إسناده الألباني في الإرواء)
ونذكر الحديث التالي، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:
“مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الجَاهِليَّةِ فَأَعِضُّوهُ بِهنِ أبِيهِ وَلاَ تَكْنُوا.” (رواه البخاري في الأدب المفرد 963/1، والنسائي في السنن الكبرى 5/272 رقم 8864 و 6/242 و 10812 وفي عمل اليوم والليلة 976، وأحمد في المسند 5/136 وابنه في زوائد المسند 5/136، وابن أبي شيبة في المصنف 15/33 رقم 19030 أو 7/456 و 37183)
ويشرح ابن القيم رحمه الله معنى “هن ابيه” فيقول:
“وكان ذكر هِن الأب هاهنا أحسن تذكيراً لهذا المتكبر بدعوى الجاهلية بالعضو الذي خرج منه؛ وهو هن أبيه، فلا ينبغي له أن يتعدى طوره” (زاد المعاد، 2/400)
وقد اتهم النبي ﷺ بالبذاءة بسبب هذا الحديث فأجاب الإمام الطحاوي صاحب العقيدة في (المشكل) كما يلي:
“فكان جوابنا في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أن البذاء المراد في هذا الحديث خلاف المراد في الحديث الأول، وهو البذاء على من لا يستحق أن يبذأ عليه، فمن كان منه هذا البذاء فهو من أهل الوعيد الذي في الحديث المذكور ذلك البذاء فيه، وأما المذكور في الحديث الأول فإنما هو عقوبة لمن كانت منه دعوى الجاهلية، لأنه يدعو برجل من أهل النار، وهو كما كانوا يقولون: يا لبكر، يا لتميم، يا لهمذان، فمن دعا كذلك من هؤلاء الجاهلية الذين من أهل النار كان مستحقا للعقوبة، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوبته أن يقابل بما في الحديث الثاني؛ ليكون ذلك استخفافا به، وبالذي دعا إليه، ولينتهي الناس عن ذلك في المستأنف، فلا يعودون إليه.” أهـ
فلكل مقام مقال أيها البدوي.
نسأل الله تعالى العافية. اللهم آمين
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
سلمت يداك على افحام البدوى
بارك الله فيكم
دعواتكم أخي الحبيب