هنالك من يقول بأن حضرة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) أخذ جزء من تفاسيره من فلان وجزء من علان وادعى بأنها وحي من الله..
نقول له بأن حضرة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) مثل نبيه المصطفى (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) لم يعارض كل ما جاء قبله وصحح ما اخطأ من قبل وقد اُتّهِم بنفس هذه الاتهامات من قبل ومن بعد ولم يكن ليضره ذلك شيئا والله مظهر صدقه ولا يعني أن يهدم كل المفاهيم الصحيح منها والمغلوط وهي بقايا وحي الله تعالى، فقد صحح المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) مثلا رؤية السير احمد خان -الذي يُتّهم بسرقة أفكاره- صحّح فكرته حول الدعاء (إذ كان يرى السيد خان بأن الدعاء ماهو إلا اطمئنان النفس ولا دخل لله بالموضوع ولا يوجد شئ اسمه استجابة الله للدعاء) فكتب المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) ردا على ذلك مصححا للسيد خان خطأه هذا ناصحا إياه أن يعود عنه وضرب له أمثالا عن استجابة الدعاء حدثت له شخصيا وأثبت أن الله تعالى لازال يكلم الناس .. فلماذا لم يسرق المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) فكرة السيد خان حول الدعاء ؟
ولماذا لم يقبل المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) تفسير السيد خان لسنين طوال ملتزما بحياة المسيح في السماء مع أن ما قاله سيد خان كان هو الصواب ؟
لأن ذلك دليل على أن المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) لم يكن تابعا للهوى بل يؤثر الجماعة.
الحق هو أن الله تعالى يؤيد المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) بأن يجعل له شاهد من قبل على ما سيقول فلا ينفرد بشيء ولا يمكن اتهامه باتباع الهوى او الابتداع كما هي سنته في رسله وعلى رأسهم نبينا محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم). كما أن السيد خان لم يقدم الدلائل كلها التي قدمها حضرة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) ولم نعرف منه ما مصير المسيح الناصري (عَلَيهِ السَلام) بعد نجاته من الصلب وأين ذهب هو وأمه وأين هي قبائل بني اسرائيل ولم يدلل على قبره في كشمير الذي لا ينكره حصيف.
ويؤكد حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) ذلك الموضوع بقوله : “ وقد علمتم يا معشر الأعزة، أن “مالِك” الذي كان أحد من الأئمّة الأجلّة، كان يعتقد بموت عيسى، وكذلك “ابن حزم” المشهود عليه بالعلم والتقوى، وكذلك كثير من الصالحين. فما كنتُ بدعًا في هذا وما كنت من المتفردين. ” . (مكتوب احمد ص)
فالله تعالى كما قلنا يجعل للمسيح شواهد فلا يكون عرضة للتبديع والاتهام.
لقد ادعى المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) بأنه تلقى كل ذلك بوحي من الله تعالى وأنه هو المسيح الموعود للأمة.
فأما أن يكون صادقا أو كاذبا (والعياذ بالله) !
إذا لم يكن صادقا فأين الله سبحانه منه (أي من المتقول) ؟ ألم يتوعد بإهلاكه وقطع وتينه (لا يقوم له قائم) ؟ ولماذا نراه قد أيَّدَهُ بالمعجزات كل التأييد وأقام جماعة المؤمنين والخلافة على يديه كما أنبأ النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) ؟
فإما أن يكون كاذبا او صادقا .. لا خيار ثالث بينهما .
الحق هو أن الدارس لسيرة حضرته (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) الطاهرة والمتأمل لمسيرة جماعته وإنجازاتها وما تقدمه من خدمات للإنسانية رغم ما تلاقيه من اضطهاد وتشنيع ويلمس تأييد الله تعالى له ولجماعته على كل صعيد وحمله اسم المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) إلى أقصى الأرضين وغير ذلك ويرى الآخرين المنكِرين والمتشككين لا يحركوا ساكنا لخدمة بني نوع الإنسان ولا تلمس منهم خيرا لأحد بل يقضون الوقت في الكلام بلا فعل وسلاحهم الشبهات. فلن يملك المتأمل غير التسليم بأن ذلك لا يقوم على الكذب والتقوّل على الله وإلا فنحن نضرب لله أسوأ الأمثال (والعياذ بالله).
ما يقوله الخصوم اليوم قد قيل من قبل لكل نبي، فنجد اليوم على سبيل المثال قنوات فضائية عديدة متخصصة في إتهام النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) بأنه كان يسرق من كتب الذين من قبله وأنه كذا وكذا (والعياذ بالله) ! ولكن ذلك لم ولن يضره ما دام الله تعالى يؤيده، وقد أرسل خادمه الذي كسر كل شبهاتهم على ضوء كتاب سيده وسنته وأحاديثه !
إن تفسير الجماعة الإسلامية الأحمدية تفسير متكامل لا شائبة فيه يبدع في فضاء تعاليم المسيح الموعود (عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام) الذي بذر هذه البذرة الصالحة وليس مجرد جانب من الجوانب وإنما التكامل هي سمته التي تجذب إليه الناس على اختلاف خلفياتهم ومداركهم.
تفسير جماعتنا يستند على أسس المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام) وخلفاءه وهو تفسير متكامل منطلق من جماعة لا أفراد متشرذمين، والله تعالى يريدنا أن نكون جماعة لا أفرادا (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) لماذا (فتذهب ريحكم)، فالقوة هي في الجماعة ولا نظام بدون جماعة ولا جماعة بدون إمام كما أن لا دولة بدون رئيس قائد هكذا هي جماعتنا دولة روحية رئيسها خليفة المسيح الموعود (عَلَيهِ السَلام).
قد يقول قائل ؛ مهلا ، ستسقط خلافتكم وتفتت جماعتكم عاجلا ام آجلا..
نقول له : إن من يربط نجاحه على أمل سقوط الجماعة ودمار الخلافة فهو متعلق بالوهم، لأن النبي الصادق (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) قال (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت) ! فليلاحظ [ ثم سكت ] أي انها إنْ شاءَ الله تعالى باقية ولن ترفع كالخلافة الاولى !
على المنُْكِر للمسيح الموعود عليه السلام أن يُنْكِر جميع الأحاديث الدالة على نزول المهدي والمسيح بأمر الله تعالى ووحيه وربطها الوثيق بكتاب الله تبارك وتعالى وأن يقوم بتقديم البديل المتكامل وإلا فلا وزن لإنكاره وحسابنا وحسابه على الله تعالى يوم القيامة وكذلك كل من ضل عن سبيله بسببه أو بسببنا.
لذلك علينا جميعا إصلاح أنفسنا والتمسك بنعمة الخلافة وترك لهو الحديث حتى لا نحرم من الخير لأننا لسنا كالغير أفراد بل جماعة فكرها موحد لا تناقض فيما بينها. وعلينا الدعاء بقوة لدوام هذه النعمة. كما أن علينا أن ندعوا لإخواننا الآخرين بالهداية.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ