المعترض:
إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ
بُعَيد خروجي من جماعة التزييف طالبني عدد منهم بمناظرة أحدهم، فرفضتُ وقلتُ: هذا له أفكار تختلف عن الأحمدية، فكيف أناظره؟ بل قدِّموا ممثلا رسميا. وكلما ذكر أيّ أحمدي قضيةً تختلف عما تقوله الأحمدية الحالية، أو تختلف عما يقول الميرزا نبهتُه إلى قول الميرزا. ولم أستغلّ خطأه لأشنّع على الأحمدية. بل كلما ذكر خصوم الأحمدية شيئا يغاير ما تقوله الأحمدية نبهتُ إلى ذلك.
لكن الأحمديين يبحثون بالميكروسكوب يوميا عن أي شيخ حتى لو كان من آخر العالم لعلّه هرأ بعض الهراء ليملأوا الدنيا به.
السبب أنّ الأحمدية تبحث عن مبرر لوجودها، ولا مبرر لها سوى أنّ الأمة قد فسدت عن آخرها، وأنه لا خيرَ فيها، لذا يضخّمون الأخطاء والفساد ويعشقون الحديث عنه.
أما أنا فلا أبحث عن مبرر لوجودي وأفكاري، فهي قائمة بذاتها، سواء كان الميرزا يكذب مائة كذبة يوميا، أم كذبة كل شهرين، فهذا لا يؤثر. وسواء كان الأحمديون أشرارا أم أخيارا، أو كانوا صُمًّا أم بُكمًا أم لديهم بقية حواسّ، فهذا لا يزيدني شيئا ولا يُنقص مني شيئا.
على الأحمديين أن يوقفوا إبرازَ مساوئ المشايخ كليا. عليهم أن يحدّثونا عن إيجابيات ما عندهم بدل الحديث عن سلبيات الآخرين. عليهم أن يوقدوا شمعة إن استطاعوا، ولا داعي للعن الظلام. وسُحقا لجماعة لا تعيش إلا على سلبيات الآخرين. ومَن قال “هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ”.
الرد:
صَدَقَ رَّسُولُ الله ﷺ فالمعترض الذي يقول هَلَكَ عشرات الملايين من الأحمديين هو في الحقيقة أهلكهم!
لنقرأ عزيزي القارئ ما قاله الإمام النووي في شرحه لحديث مُسْلِم: “إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ” حيث بيَّنَ أن قول أحدهم “هَلَكَ النَّاسُ” معناه هو الإنشغال بذكر مساوئ الآخرين وعيوبهم وفسادهم فذلك دليل على أنه هو الهالك حقيقة والأكثر فساداً وعيباً كما يفعل المعترض تماماً إذ لا عمل له ولا تعريف الآن إلا كونه معارض معترض على الجماعة الإسلامية الأحمدية فقط لا غير! يقول النووي رحمه الله:
“اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا الذَّمَّ إِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِزْرَاءِ عَلَى النَّاسِ ، وَاحْتِقَارِهِمْ ، وَتَفْضِيلِ نَفْسِهِ عَلَيْهِمْ ، وَتَقْبِيحِ أَحْوَالِهِمْ ، لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ سِرَّ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ . . . وَقَالَ : الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَعِيبُ النَّاسَ ، وَيَذْكُرُ مَسَاوِيَهُمْ ، وَيَقُولُ : فَسَدَ النَّاسُ ، وَهَلَكُوا ، وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ أَيْ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُمْ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْإِثْمِ فِي عَيْبِهِمْ ، وَالْوَقِيعَةِ فِيهِمْ ، وَرُبَّمَا أَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَى الْعُجْبِ بِنَفْسِهِ ، وَرُؤْيَتِهِ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُمْ .” (شرح النووي على صحيح مسلم، الحديث في كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن قول هلك الناس، ص 135، الحاشية 1)
فالمعترض ليس له تعريف الآن إلا أَنَّهُ: معارضٌ للجماعة الإسلامية الأحمدية! ولا تصنيف له ولا تعريف آخر على الإطلاق. فالمعترض مثلاً يقبل أن تكون الأحاديث الشريفة كلها كذب، وأن المسيح لا يهمّ إذا كان حياً في السماء أو ميتاً مدفوناً في الأرض، أو أن نزول المسيح ليس مُهِمّاً أن يحدث أو لم يحدث، وهو يقبل بكل الاّراء المتناقضة، فقط في سبيل الاصطفاف مع خصوم الجماعة الإسلامية الأحمدية!
الواقع أن المعترض بعد أن انتشله الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام عبر جماعته الإسلامية الأحمدية انتشله من مستنقع التكفير (لأن المعترض قبل الأحمدية كان من جماعة التكفير المتشددة) عرفَ المعترض لأول مَرَّةً بفضل الله تعالى ومسيحه الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام معنى الرأي والرأي الآخر والتسامح الديني والعزوف عن تكفير الآخرين ومنعهم من حرية المُعتقد، وإلا فهو مجرد داعشي حاقد على المجتمع. وما نقوله الآن هو في الحقيقة موثق في تسجيل محفوظ يعترف فيه المعترض بأن الجماعة الإسلامية الأحمدية هي التي انتشلته من براثن جماعة التكفير!
فماذا كان المقابل؟
الفجور في الخصام وقضاء الوقت ليل نهار في تشنيف آذان الناس أن الأحمدية هي أهلك الناس!
فالمعترض كما يقول الإمام النووي أهلكهم!
أما قول المعترض “الأحمديين يبحثون بالميكروسكوب يوميا عن أي شيخ حتى لو كان من آخر العالم لعلّه هرأ بعض الهراء ليملأوا الدنيا به.” فهو كلامٌ مردودٌ بداهة لأن الجماعة الإسلامية الأحمدية لم تنتهج الإساءة إلى المشايخ لا على شاشتها الفضية ولا مطبوعاتها بشتى اللغات، بل كان المعترض هو الذي يسيء إلى شيوخ المسلمين فيصفهم تارة بالطناجر -على حد وصفه- وتارة أخرى بالفاسدين الأغبياء والجهلة ويفقد أعصابه عند كل اتصال مع شيخ رغم تنبيه الجماعة له أكثر من مرة أن لا يسيء إلى أحد بأي ثمن، ولكن المعترض ظلَّ يسيء ويشتم خصومه، وهذه هي عادته التي لم تفارقه حتى الآن. وإذا فرضنا أن أحد الأخوة أساء فهذا ليس موقف الجماعة الإسلامية الأحمدية بل موقف شخصي فقط، على فرض حدوث ذلك. أما المعترض فلم تكد تمر حلقة من الحوار المباشر إلا وصف فيها المشايخ بالأغبياء والجهلة والطناجر والفسدة الدمويين الخ من أوصاف معروفة للجميع.
إذاً لا أحد غير المعترض يضخّم الأخطاء والفساد ويعشق الحديث عنها!
وكذلك افتراء المعترض أن “الأحمدية تبحث عن مبرر لوجودها، ولا مبرر لها سوى أنّ الأمة قد فسدت عن آخرها، وأنه لا خيرَ فيها.” فهو محض افتراء لأن الجماعة الإسلامية الأحمدية هي التي تثبت للعالم أن الخير كله في هذه الأمة، ولذلك بُعث المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام منها لا من خارجها كما يظن المعترض نكاية بخيرية هذه الأمة الكريمة. يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“قد ثبت بكتاب الله والسنة الصحيحة أن هذه الأمة المرحومة شهيدة على جميع الأمم السابقة.” (مناظرة دلهي، ص 287)
ويقول عَلَيهِ السَلام:
“وقد كُشف عليّ بالقطع واليقين بناء على الاستقراء الكامل الذي أنا حائز عليه منذ ثلاثين عاما نتيجة النظر العميق والمحيط أنه ما من حقيقة روحانية فيها تأثير لتكميل النفس وتربية الذهن وقوى القلب إلا وهي مذكورة في القرآن الكريم. … ثم معجزة القرآن الكريم الرابعة هي تأثيراته الروحانية التي ظلت محفوظة منذ البداية، أي أن أتباعه يبلغون مراتب القبول في حضرة الله، ويكرمون بمكالماته ﷻ. يسمع الله أدعيتهم ويجيبهم حبا ورحمة ويطلعهم على بعض الأسرار الغيبية على غرار الأنبياء، ويميّزهم عن غيرهم بآيات تأييده ونصرته. هذه الآية أيضا ستبقى قائمة في الأمة المحمدية إلى يوم القيامة.” (أسئلة ثلاثة لمسيحي والرد عليها، ص 421)
فكذب المعترض حبله قصير للغاية!
ليحدّثنا المعترض أو ليكتب أي منشور أو أرجوزة -لا نقول ليوم واحد بل لمرة واحدة فقط- دون أن يشتم فيها ويلعن ويسيء إلى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وجماعتنا وخلفائنا وصلحائنا ككل كما كان يفعل ضد المشايخ من قبل؟ ليخبر الجميع ما هي عقيدته ولماذا يتهرب كلما طلب منه أحد الإفصاح عن عقيدته بدل أن يشتمنا ويسب إمامنا عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام!
الواقع أن المثل القائل “كُلّ إناءٍ بما فيه ينْضَح” ينطبق على المعترض كالثوب إذ كل ما يرمي به الجماعة الإسلامية الأحمدية هو في الحقيقة مما عنده خاصة أنه كان قُبيل طرده من عمله في الجماعة الإسلامية الأحمدية كان ينشر في نفس حسابه الحالي منشورات ضد السلف الصالح ويتعرض لهم بالنقد اللاذع كتهكمه على الإمام ابن حزم والإمام ابن قدامة وغيرهم رحمهم الله ويصف أتباعهم بالقتلة -ويمكن العودة إلى منشوراته القديمة للتأكد- لأنه في الحقيقة ملحدٌ لا هَمَّ له إلا شتم الصالحين ومعارضتهم -ربما لعقدة النقص عنده- لأن الناس والأحمدية بملايينهم خاصة كلّهم عند المعترض هالكون وهو الصالح الوحيد، وينطبق عليه ما اختاره بنفسه وهو “إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ” فهو الذي يقول هلك الناس فهو أهلكهم!
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ