تفسير إنجيل متى للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام

الاعتراض:

قال مؤسس جماعتكم بأنه سيؤلف كتاب تفسير لإنجيل متى وطلب من القساوسة شرائه والنص كما يلي:

“«المسيحيون ليسوا بقادرين على كتابة تفسير للإنجيل … لذا أخذنا هذه المسؤولية على عاتقنا رحمةً بهم، وقد انكشفت عليَّ بفضل الله تعالى وتوفيقه من الحقائق والمعاني بحيث لا يمكن أن تنكشف على أحد ما لم يحالفه التأييد الإلهي كاملا. ولا أرى الثناء على هذا التفسير المقدَّس ضروريا هنا لأن كل شخص سيطّلع بنفسه على مرتبته بعد نشره … سيعرف المنصفون عما قريب أن تفسيرنا للإنجيل جاء بأسلوب الباحثين، وسينوِّر القلوبَ بالحقائق التي هي المراد والمقصود لدى الباحثين عن الحق. وليكن واضحا أن العالم كان بحاجة ماسة إلى هذا التفسير …. ولا يسعني إلا أن أشكر القسيس فتح مسيح الذي أقنعني بكل شدة بكتابة هذا التفسير … ويجب عليه الآن أن يشتري هذا التفسير ويقرأه بحب وشوق.» المعلن: العبد المتواضع غلام أحمد 26/1/1896م.” (الإعلانات، المجلد الأول، إعلان رقم 150)

فأين هذا تفسير متى الذي ألفه مؤسس جماعتكم؟

الجواب:

نعم قال المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام ذلك وقرنَ القول بالفعل، وأيما اقتران، إذ كتبَ بعدها عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام إعلانات ومنشورات وكُتب تتناول التفسير الصحيح لإنجيل متى وغيره أيضاً فنّدَ فيها عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام جميع العقائد البالية من تفاسير النصارى للإنجيل وزعمهم معصومية الأناجيل وما هي فحوى الدعوة النصرانية وفق الأناجيل وفهمهم لها مقابل الفهم الصحيح الذي نزل بنزول القُرآن العظيم.

لقد كان هذا هو المراد من كتابة التفسير الصحيح لإنجيل متى أي بيان العقيدة الصحيحة في الإنجيل كما بيّنها القُرآن الكَرِيم أولاً وأخيراً وذلك بوضع التعاليم جنباً إلى جنب وترك الحكم للقرّاء العدول طلّاب الحق بعد أن عجز القساوسة وخاصة الذين في زمن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن يُقدِّموا تفسيراً صحيحاً لتعاليم المسيح لا تصطدم ببعضها وتنشر التناقضات والإساءات للمسيح الناصري عَلَيهِ السَلام بدل إظهار محاسن الدين، والدليل على ذلك قول حضرته الواضح في نفس الإعلان وهو الجزء الذي أخفاه المعترض أو لم ينتبه إليه -لأنه لا يقرأ الكتب كلها كما اعترف بنفسه بل يبحث فقط بين السطور عن متشابهات ليطير بها وينشرها كشبهات واعتراضات على الصادق المصدوق بشارة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم سيدنا المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام ناسياً أن لحضرته خُدّام ساهرون ينشرون القول كاملاً دون تزييف المعترض المعهود- وهذا الجزء من الإعلان لقول المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام ورَدَ حقيقةً في سياق كتابة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام التفسير على شكل مقارنات بين القُرآن الكَرِيم والإنجيل (إنجيل متّى خاصة) وبين أخلاق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وأخلاق يسوع فدحض عصمة الإنجيل وغير ذلك مما يقرأه الجميع من مواضيع في كتب ومنشورات حضرته حيث يقول عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:

“وليكُن واضحاً أن العالم كان بحاجة ماسة إلى هذا التفسير وكانت قلوبُ آلاف الناس متحمّسة للبتّ في أيّ التعاليم يجب أن يُعدّ الأكمل والأعلى والأرفع في هذا الزمن. وكان المسلمون يركّزون من منطلق كلام الله المقدس -وليس بناء على ادّعائهم فحسب- على أن ذلك التعليم الأعلى والأكمل الذي جاء إلى الدنيا هو القرآن الكريم وحده، ولكن المسيحيين ما كانوا ليتحملوا سماع هذا الكلام الصادق، وكما هو من عادة السفهاء أنهم يجنحون إلى الاستهزاء والسخرية أو يقومون بافتراءات لا أصل لها بدلاً من التفكر والتدبّر، كذلك كانت عادة المسيحيين أيضا. فَلَمْ أكتُب هذا التفسير أحاديّ الجانب فقط، بل بيّنتُ مراراً وتكراراً تعليم القرآن الكريم مقابل تعليم الإنجيل لتتحقق المقارنةُ أيضاً بهذه المناسبة بين القرآن الكريم والإنجيل. وإنني موقنٌ أنَّ هذا الأسلوب سيكون مفيداً جداً للذين يريدون أن يقارنوا بين تعليم الإنجيل وتعليم القرآن الكريم. وإنني لآملُ أن الفطينين من ذوي الثقافة الحديثة سيستفيدون من هذا الأسلوب أكثر من غيرهم. ورأيتُ من المناسب أيضاً في هذا التفسير أن يقارَن بين أخلاق سيّدنا ومولانا خاتم الأنبياء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وأخلاق يسوع. ولأن كثيراً من المسيحيين مخدوعون في هذا الباب لذا فقََدْ التزمتُ بهذه الأمور عند تأليف هذا التفسير. وقد ألّفتُ هذا التفسير لمساعدة القساوسة فقط الذين لا يزالون يعطون الإنجيل مكانةً تليق بالقرآن الكريم ولكن لا يسعني إلا أن أشكر القسيس فتح مسيح الذي يشتغل في “فتح غره” محافظة غورداسبور الذي أقنعني بكلّ شدّة لكتابة هذا التفسير، إنَّ القسيس عماد الدين أيضاً يستحق الشكر إلى حدٍّ ما الذي ترجم القرآن الكريم وبذلك لفَتَ نظري إلى أن أبيّن له ما هو المراد من كتابة التفسير.” (إعلان 150، 1896م، بشرى عظيمة للسادة القسيسين في تفسير إنجيل متى)

إذن كان المقصود من التفسير الصحيح للإنجيل هو نشر المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام للمقالات والكتب التي تبيّن العقيدة الصحيحة للإنجيل وكيف تؤدّي بالقارئ المنصف طالب الحقيقة إلى الإيمان بالقُرآن الكَرِيم وسمو تعاليمه وليس تأليف كتاب اسمه “تفسير إنجيل متى” يبدأ من أول كلمة حتى آخر حرف من متى بما في ذلك القصص والحوادث التي لا أهمية لها في الدين والعقيدة الإسلامية، فالنصّ أعلاه من إعلان المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام سبقه حضرته مباشرة بالقول:

“وليكُن واضحاً أن العالم كان بحاجة ماسة إلى هذا التفسير وكانت قلوب آلاف الناس متحمّسة للبتّ في أيّ التعاليم يجب أن يُعدّ الأكمل والأعلى والأرفع في هذا الزمن. وكان المسلمون يركّزون من منطلق كلام الله المقدس -وليس بناء على ادّعائهم فحسب- على أن ذلك التعليم الأعلى والأكمل الذي جاء إلى الدنيا هو القرآن الكريم وحده، ولكن المسيحيين ما كانوا ليتحملوا سماع هذا الكلام الصادق، وكما هو من عادة السفهاء أنهم يجنحون إلى الاستهزاء والسخرية أو يقومون بافتراءات لا أصل لها بدلاً من التفكر والتدبّر، كذلك كانت عادة المسيحيين أيضا.” أهـ

فالتفسير الصحيح للإنجيل المقصود به هو توضيح العقائد الصحيحة للإنجيل عن طريق كُتُب ومنشورات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقط، وقد أدّى حضرته واجبه هذا على أتمّ وجه. وبالفعل فبعد هذا الإعلان مباشرة نشَرَ الْمَسِيحُ الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام إعلاناً يبدأ فيه بالتالي:

“لقد ورَدَ في إنجيل متى الأصحاح 5: [سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ . وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ]. …” (إعلان 151)

فدخل حضرته مباشرةً في إنجيل متى بادئاً من الإصحاح الخامس، ثم أخذ عَلَيهِ السَلام يُفصّل في إعلان 152 التالي شرْح الإصحاحات 3 و 23 من إنجيل متى لتعلّقها ببعضها البعض. كما تناول حضرته هذه المواضيع في كتاب “البراءة” (من هنا)، وكذلك في كتاب “المسيح الناصري في الهند” (من هنا) الذي بدأ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بكتابته سنة 1899 أي بعد سنتين فقط من الإعلان وتمَّ نشره على دفعات وأجزاء في مجلة “مراجعة الأديان Review of Religions” في السنوات 1902 و 1903 حتى نُشر اخيراً ككتاب مستقل سنة 1908، وقد تناول حضرته فيه تفسير إنجيل متى أيضاً من الإصحاح 2 فالإصحاح 12 فـ 16 و 23 فـ 24 و 26 و 27 وحتى 28 أي الإصحاح الأخير في إنجيل متى.

كذلك في كتاب “ينبوع المسيحية” ردَّ الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام على مسألة “موعظة الجبل” المشهورة في إنجيل متى والتي يعتزّ بها النصارى ويعتبرونها أساس تعاليمهم، وهو ردٌّ أيضاً على كتاب “ينابيع الإسلام” الذي ألّفه أحد القسس ضد الإسلام لِما يحمله عنوان كتاب “ينبوع المسيحية” من إشارة واضحة أنه ردٌّ عَلَيه وكذلك على ما شاب تفسير القس عماد الدين لإنجيل متى حين قال بأن المسيح أصله مولود من سلسلة للخطاة والمجرمين، فكان ردّ المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام أيضاً على هذا في مجموعة الكتب والمنشورات التي وعد بها لتوضيح وتفسير إنجيل متى والتي سطّرت كما أسلفنا في أدبيات حضرته اللاحقة.

هنالك بالطبع عشرات الكتب الأخرى للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام التي تبيّن عقيدة الإنجيل وتقارنها بالإسلام، ولكن ذكرنا فقط ما نشره المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام تباعاً بعد إعلان تفسير الإنجيل ومقارنته بالقُرآن الكَرِيم والرد على العقائد الخاطئة حوله(المكتبة الأحمدية من هنا).

وهكذا يسهم المعترضون مرّة أخرى في إظهار جمال وعظمة خادم الإسلام سيدنا حضرة مرزا غلام أحمد الإمام المهدي والمسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام.