بما أن العديد من الإخوة لم يتمكنوا من الاطلاع على تفاصيل بعض الشبهات التي يثيرها الخصوم أو ليس لديهم الرغبة أو القدرة على تتبع التفاصيل الكثيرة المتعلقة بها، لذا رأيت أن أكتب موجزا عن هذه الاعتراضات التي هي في حقيقتها آيات عظيمة ظهرت على يد الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، والله الموفق.
أولا: نبوءة أحمد بيك والأقارب الملحدين الشهيرة بـ “محمدي بيغم”
كان لحضرته عدد من الأقارب الملحدين الذين كانوا يسيئون الإسلام حتى إنهم أصدروا مجلة يسبون فيها النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام. وبلغت بهم الوقاحة أن تحدوا حضرته بأن يُظهر إلهه آية بحقهم لو كان صادقا، ونشروا هذا التحدي في مجلتهم. فأراد الله تعالى أن تظهر بحقهم آية قهرية مغلفة بالرحمة تفتح المجال لهم للتوبة والرجوع إلى الإسلام.
تضمَّنت النبوءة أولا أن الهلاك والعذاب والمصائب ستنزل بهم ما لم يتوبوا، وبالفعل هذا ما حدث، حيث هلك رجل وامرأتان منهم سريعا وحلَّت بهم المصائب الكثيرة والديون، ولكنهم لم يرتدعوا.
بعد أربع سنوات من العذاب ألجأهم ضيق الحال إلى حضرته وجاء ميرزا أحمد بيك إليه ليتنازل عن نصيبه في قطعة أرض ليبيعوها ويصلحوا أحوالهم. فاستعد حضرته للإحسان إليهم فورا، ولكن الله تعالى أخبره بأن باب رحمة قد فتح لهم للتصالح مع الله تعالى، وستكون علامة هذا الصلح هو أن يزوِّج مرزا أحمد بيك ابنته الكبرى لحضرته على سنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يسعى للزواج من خصومه لإزالة العداوة وتكريما لهم وإنشاء لأواصر علاقات طيبة معهم. ولكن بما أن هؤلاء كانوا مصرين على إلحادهم، وبسبب تأثرهم أيضا بالثقافة الهندوسية التي ترى زواج حضرته منهم غير مباح بسبب القرابة للأم من ناحية وبسبب أن طلب بنت الخصم للزواج في الثقافة الهندية إهانة عظيمة من ناحية أخرى. فكان هذا الزواج تكريما وقربة وشرفا من وجهة نظر الإسلام وكان غير مباح وإهانة عظيمة من وجهة النظر الهندوسية. فلو عادوا للإسلام لرأوا الأمر كرامة، أما لو تمسكوا بإلحادهم فسيرونه إهانة، ولهم أن يختاروا ما شاءوا. وقد تضمَّنت هذه النبوءة إنذارا أيضا وهو أنه لو رفضوا هذا العرض فإن ميزرا أحمد بيك سيموت بعد الزواج بثلاث سنوات كما سيموت الزوج بعد سنتين ونصف ثم ستعود الفتاة إلى حضرته حتما بعد ذلك، أي سيقبلون بالإسلام طوعا أو كرها، وهذا هو صلب النبوءة.
كان حضرته يرغب بأن يُرحموا ويقبلوا الإسلام طوعا، لذلك كان يحضهم على الزواج لهذا الغرض ليقصر عليهم الطريق، ولكن للأسف، اختار هؤلاء التعنت بداية، فبدأ الشرط بالتحقق، ومات أحمد بيك بعد ستة أشهر من الزواج، فدبَّ الرعب في العائلة. وكان الزوج أول من كان متأثرا للغاية وخائفا من هذه النبوءة لأن الجزء الثاني متعلق به. فعاد الجميع إلى الإسلام، بل بايع الباقون ومن ضمنهم والدة “محمدي بيغم” وزوجة أحمد بيك وكذلك ابنها وابن زوجها ودخلوا في الجماعة. وقبر والدة محمدي بيغم في مقبرة بهشتي في قاديان إذ كانت قد تقدَّمت في الإخلاص وكانت من الموصين.
ومن عجائب هذه النبوءة أنه كان يمكن أن يعلن زوج محمدي بيغم بعد وفاة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام أنه لا يؤمن بالنبوءة ولم يخف منها، وعندها سيكون من المستحيل تحقق الشطر الثاني منها والذي يعني أنه سيموت في حياة حضرته ويتزوج حضرته بها، لأن حضرته كان قد مات بالفعل. ولكن شاء الله تعالى أن يثبِّت قلبه لكي تبقى هذه النبوءة تتجلى بكل قوة وجلال. فالحمد لله على ذلك.
فهذه النبوءة شأنها شأن نبوءات الوعيد الإنذارية تتحقق أو يتحقق جزء منها ما دام المنذَرون مصرين على موقفهم، أما لو تراجعوا وتابوا فسترفع كليا أو جزئيا. وما قصة يونس ورفع العذاب عن قومه بعد نبوءة الوعيد المؤكدة إلا خير مثال على ذلك.
ثانيا: نبوءة القسيس المسيحي عبد الله آتهم
تحدى المسيحيون المسلمين للمناظرة في منطقة في الهند تُدعى “جندياله” فدعا أهلُ هذه المنطقة حضرتَه ممثلا عن المسلمين، وكان ممثل المسيحيين في هذه المناظرة التي سموها “الحرب المقدسة” القسيس عبد الله آتهم الذي كان شيخا مسلما وتنصَّر. جرت هذه المناظرة على مدى 15 يوما، وأثبت فيها حضرته صدق الإسلام بدلائل رائعة وبطلان المسيحية، وهي مسجلة في كتابه “الحرب المقدسة”. ولكنه أعلن في النهاية أيضا أن المناظرات يمكن أن يدعي فيها كل شخص بأنه قد انتصر، ولذلك لن يحسم الأمر إلا بآية سماوية، لذلك فإنني أعلن أن الفريق الذي يعادي الحق ويحمل المعتقدات الباطلة والذي أساء للنبي صلى الله عليه وسلم مسبقا وسماه دجالا فسوف يلقى في الهاوية أي يموت خلال خمسة عشر شهرا.
ذُهل القسيس عبد الله آتهم، وصاح في لحظتها معلنا أنه لم يقل ذلك، وبدا عليه الخوف من اللحظة الأولى، ثم مضت الخمسة عشر شهرا وهو في رُعب شديد. ولكن بما أنه كان خائفا خلال هذه المدة فقد أوقف الله تعالى عنه العذاب لأنه أقرَّ عمليا في داخله بصدق الإسلام. ولكن المسيحيين قد فرحوا بعد انقضاء المدة وصاحوا بأن النبوءة لم تتحقق، فقال حضرته إنه يتحدى بأن يُقسم القسيس عبد الله آتهم أنه لم يخف النبوءة خلال تلك المدة وسيعطيه مبلغا من المال رفعه من ألف إلى أربعة آلاف روبية بالتدريج وسيعلن أيضا انتصار المسيحية على الإسلام، ولكن آتهم خاف من القسم ولم يقسم، ثم أعلن حضرته أنه بما أن آتهم رفض القسم ورفض أن يعلن أنه كان خائفا كل تلك المدة رغم أن هذا كان معروفا وظاهرا فسوف يموت خلال سنة من هذا الإعلان الأخير سواء أقسم أم لم يقسم الآن. وبالفعل مات بعد ستة أشهر.
هذه المناظرة وهذه النبوءة دفعت القساوسة للكيد لحضرته، ولذلك لفق له القسيس الدكتور هنري مارتن كلارك تهمة التحريض على القتل في القضية الشهيرة، ولكن الله تعالى خيَّبهم وكشف كذبهم. وكان يمكن أن يرفع حضرته قضية ضد كلارك ولكن حضرته ترك الأمر لله ولم يطلب ذلك.
ثالثا: قضية الشيخ ثناء الله الأمرتسري
كان المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام قد تحدى المشايخ المعارضين ودعاهم للمباهلة بعد أن أصبحوا أعداء له ولم يبالوا بدفاعه عن الإسلام وكانوا يحاولون طعنه في الظهر. كان قد دعا حضرته عددا من المشايخ بأسمائهم للمباهلة وكان منهم الشيخ ثناء الله الأمرتسري وكذلك كل من يرغب بالدخول فيها.
تهرَّب الشيخ ثناء الله الأمرتسري مرارا من المباهلة، ولكن بعد أن أصدر حضرته كتيب الوصية عام 1905 وأعلن قرب وفاته أراد هذا الشيخ استغلال الفرصة فأعلن أنه يدعو حضرته للمباهلة. فلما سمع حضرته بدعواه قال إنه جاهز لهذه المباهلة إذا كان يريد هذا الشيخ ذلك، وسيموت الكاذب في حياة الصادق حتما. فلما رد حضرته عليه بهذا الرد أخذ يتهرب مجددا وقال إن هذا المعيار بأن يموت الكاذب في حياة الصادق غير مقبول، بل ما يراه هو أن العكس هو الصحيح لأن النبي مات في حياة مسيلمة. فرد حضرته بأنه إذا كان يريد هذا المعيار فله ذلك!
باختصار، لم يقبل ثناء الله المباهلة مطلقا، بل كان يراوغ ويراوغ. وبالفعل عاش ثناء الله ما يقارب أربعين عاما بعد وفاة حضرته، وفيها لاقى الهوان والمصائب وشهد تقدم الجماعة وقيام الخلافة الراشدة وتعززها، وخُتمت حياته بأن استصدر خصومه من مشايخ أهل الحديث الذين ينتمي إليهم فتوى بتكفيره من مكة المكرمة.
رابعا: قضية الدكتور عبد الحكيم البتيالوي المرتد
كان هذا الشخص قد انضم للجماعة، وأعجب بشدة بالمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام وأفكاره، ولكنه كان معتدا بنفسه مغرورا، فكتب مرة بأنه لا حاجة إلى الأنبياء ولا إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ولا إلى اتباعه ما دام الشخص قد وصل إلى الله مباشرة، وأن المهم هو التوحيد. فرد عليه حضرته وقال إن هذه الأفكار لا تمت إلى الإسلام بصلة، وهذا التوحيد الذي يعني أن الله واحد فحسب يعرفه الشيطان، وفنَّد هذه الأفكار وطرده من الجماعة. فدفعه كبره وغروره إلى الارتداد ثم إلى مهاجمة حضرته بشدة ووصفه بالدجال.
وعندما أعلن حضرته قرب وفاته في كتاب الوصية ادعى هذا الشخص أن الله أنبأه بأن حضرته سيموت خلال ثلاث سنوات، وهذا في الواقع ما أنبأ به حضرته بنفسه، ثم أخذ يعدل في نبوءاته حتى قال إن حضرته سيموت خلال 14 شهرا من موعد محدد، فأنبأ الله تعالى حضرته بأنه سيطيل عمره ويثبت كذب الأعداء، فعندها عدَّل هذا الشخص الموعد وحدد يوما محددا بحمقه لوفاة حضرته وهو 4 آب 1908 وأصرَّ على ذلك وأعلنه في إحدى الجرائد وربط به أمورا أخرى أيضا، فتوفي حضرته في موعد يسبق هذا الموعد وهو 26 أيار 1908م، وبذلك ثبت كذبه في كل حال.
باختصار كان هذا الشخص مجرد شخص مضطرب قاده الكبر إلى الجنون وإنكار النبوة أولا ثم ادعاء الوحي بنفسه، وكانت ادعاءاته ونبوءاته مجرد عبث. ولكن بعض الخصوم اعتمدوا على عبثه لإثارة شبهات لا قيمة لها.
هذه أهم الاعتراضات التي يقدمها الخصوم، ويحاولون الإكثار من الكلام حولها وتقديم نصوص بعد قطعها من سياقها أو تحريفها إو إظهار بعض الأمور وإخفاء بعضها، والذي يتتبع الأمور بشكل دقيق سيطَّلع على كذبهم وألاعيبهم. علما أن هنالك الكثير من الآيات التي عجزوا أمامها رغم سعيهم لإثارة الشبهات حولها كمثل آية الطاعون القاهرة التي أدت إلى دخول مئات الآلاف في الجماعة في حياة حضرته، وكذلك آية هلاك ليكرام الهندوسي الجلية، وهلاك القسيس ألكسندر دوئي في أمريكا التي اشتهرت على نطاق واسع حتى اعترفت الجرائد الأمريكية بانتصار حضرته، وكذلك هلاك العديد من أعدائه بالمباهلات والأنباء حولهم، وذلك بعد فرارهم من أمام حضرته في المناظرات وانتصار حضرته انتصارا باهرا في المناظرات التي عقدت كمناظرة لدهيانة ودلهي المسجلة في كتب حضرته تفصيلا.
يجدر القول أخيرا أنه لا غنى عن قراءة كتب المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام وإعادة قراءتها للاطلاع على هذه الحقائق الهامة ولزيادة العلم والإيمان، فهي ذخيرة عظيمة ستكون بكاملها في يد القارئ العربي بالتدريج، علما أن المتوفر كثير للغاية.