عد المقالة التي أراد فيها المعترض المرتد عن جماعتنا أن يجعل مجرد سلامته البدنية حتى الآن دليلا على أن الله معه ومعينه ومؤيده في تصرفاته، تلك المقالة التي امتلأت هوسا وغرورا وكبرا ووهما بانتصارات وإنجازات زائفة مساء الأمس، طالعنا بفيديو صباح اليوم يحاول فيه أن ينتقل إلى حالة الشخص الهادئ الرزين الذي يقدم النصائح، بعد أن كانت الشتائم والقذف والقدح والذم والتنابز بالألقاب تتطاير منه ذات اليمين وذات الشمال بالأمس، وهذه الحالة التي ينتقل فيها الشخص في فترة قصيرة من حالة غضب شديد وغيظ إلى حالة تبدو أميل إلى الهدوء إنما تشخيصها ليس إلا ما يسمى بالاضطراب ثنائي القطب أو ما يسمى بالهوس الاكتئابي (Bipolar Disorder)، وهو مرض نفسي عقلي معروف.
والواقع إن هذا الفيديو، إضافة إلى أنه يكشف هذا الاضطراب النفسي لديه، فهو ليس سوى محاولة فاشلة لتمثيل حالة الانتصار المزيف الذي يريد أن يقنع به نفسه، فأخذ يحاول أن يظهر بمظهر الهادئ عبثا، فيتوجه بالنصح إلى “المسلمين” ليواسوا ويشفقوا على الأحمديين المساكين الذين تحطم كل شيء بالنسبة لهم بسبب أنه قد خرج من الجماعة وكتب مقالات وأصدر فيديوهات وعلق تعليقات!! فهو يحاول أن يقنع نفسه ويقنع الآخرين بهذا الانتصار الزائف، مع أن الإحباط يستولي عليه ويظهر في كل حركة وسكنة له، ويظهر في كل تعليق يتطاير منه شرر الغضب والرغبة في الانتقام من الجماعة. والواقع أن الأحمديين لا يشعرون بشيء مما يوحي به، ولم يأبهوا به، بل أخذوا يتصدون لأكاذيبه ويتأسفون لتصرفاته التي فاجأتهم ولم يتمنوا يوما أن يروه في هذه الحالة. بل كثير من الأحمديين أيضا قد رأوا رؤى قبل خروجه وبعده تبين أنه على الباطل وأن عاقبته وخيمة، وبين فترة وأخرى يتواصل معي أخوة يخبرونني بما رأوه.
ولا يخلو هذا الفيديو أيضا من الإشارة إلى تكفير الجماعة بتقسيم الناس إلى “مسلمين” و “أحمديين”، علما أنه رفض أن يذكر ولا مرة واحدة الجماعة باسمها بعد خروجه وهو “الجماعة الإسلامية الأحمدية” ولم يقل مرة عن الأحمديين أنهم مسلمون. وتوجه في هذا الفيديو إلى هؤلاء المسلمين المنتصرين المزعومين ليعطفوا على الأحمديين ويتعاملوا معهم بالشفقة والمواساة، وكأن هؤلاء الذين يخاطبهم هم فرقة واحدة متماسكة قد أنجزوا كل شيء وحلوا مشاكل الأمة بمجملها، ولم يبق الآن سوى أن يخلِّصوا الأحمديين وينقذوهم من هذه الجماعة.
ثم في مسلسل التبرير الفاشل أصر على جَعْل مسألة سرقته للكتب غير المراجعة ثم تسريبها الآن للآخرين على أنها سفينة النجاة التي ستنقذ الأحمديين مكررا الادعاء بأن الجماعة ترجمتها لتخفيها وليس لتنشرها!! لا أنها في طور المراجعة والإصدار. فأراد أن يظهر بمظهر “روبن هود” الذي يسرق الجماعة لتصل كتب الجماعة إلى المستضعفين!! ولكن هذه المسرحية الفاشلة لن تفلح لتغطي على خيانته المضاعفة والتي تَوَّجها بالسرقة وإساءة الائتمان ثم التزييف والتحريف بعرض النصوص غير المدققة ليوحي بمعانٍ ليست صحيحة.
ثم إمعانا في محاولته تزييف الحقائق والوقائع أراد أن يجعل خروجه الاضطراري بعد طرده بعد اكتشاف خيانته على أنه شجاعة لا يستطيع الأحمديون التحلي بها، لذلك لا بد من تشجيعهم ومواساتهم ليخرجوا كما خرج!! متناسيا أنه كان مرغما لا بطلا.
وأخيرا، فقد انقضت ستة أشهر من خروجه، والحصيلة كانت أنه قد ثبت له أن أوهامه وأمنياته في الإضرار بالجماعة أو في خروج الأحمديين منها ليست سوى أوهام تبددت مما أوقعه في حرج وإحباط شديد. وهو الآن أيضا يحاول أن يبرر لماذا لم يحدث ما كان يتمناه وما وعد به غيره ليبين بأن هذا إنما بسبب خشية الأحمديين من الحرج بسبب قضائهم سنين طويلة في الجماعة أو بسبب أنهم قد ورثوها من آبائهم. وفي هذا تبرير مبطن أيضا لبقائه هذه السنوات في الجماعة، ولكنه في الواقع إذ يقدم نفسه أنه كان ساذجا ومخدوعا كل هذه السنوات إنما يُسقط نفسه ويجعل تصديق أنه قد عرف الحق أخيرا مجرد مهزلة. فالمخدوع لسبعة عشر عاما ينبغي أن يكون آخر من يحاول نصح الآخرين وإخراجهم من الخديعة!
باختصار، هذا الفيديو ليس سوى محاولة لتبرير فشله الذريع وخسارته الفادحة.و لقد اختار هذا الشخص للأسف مسلكا خاطئا مدمرا لنفسه منذ البداية، فخسر كل شيء، ويحاول عبثا أن يقنع نفسه وغيره بانتصاراته، وهذا لا يعنينا. ما يعنينا أن نكشف حقيقته لأنه اختار الهجوم والمعارضة ونرد على أكاذيبه وافتراءاته بالصورة التي نراها ملائمة. وكما رأينا فإنه قد انتقل الآن إلى مرحلة صعَّد من تجرؤه ليجعل الله تعالى راضيا عنه وشاهدا وشريكا في أفعاله، ليس لشيء إلا بسبب سلامته الجسدية وتمكنه فقط من الكتابة والتسجيل لما كان سببا في خزيه، علما أن ما فعله إنما كشف أنه قد تضرر نفسيا بشدة ولم يكن سالما. وقد ذكرتُ في المقال السابق كيف أن هذا ليس سوى إملاء الله له ليخرج كل ما في جعبته فيستحق العقاب إن لم يتب ويرتدع، خاصة أن الفترة حتى الآن قصيرة جدا. ولكنها نوع من الجرأة والتألي على الله تعالى لا يمكن أن يقربها شخص في قلبه ذرة من خشية الله. وكنت قد بينت أن مسلكه هذا في التفاخر بأن العذاب لم ينزل به أو بادعائه بأن الجماعة لو كانت على الحق فلماذا لم ينزل به العذاب حتى الآن، إنما هو سنة المكذبين للأنبياء والكافرين على مدى التاريخ. فهو يقلب الأدلة ويترك دليل التقوِّل الذي هو في صالحنا بوضوح، ويقدم دليلا جديدا ما أنزل الله به من سلطان ليقول بأن الله تعالى قد تعهد بأن يبقي المفتري مدعي النبوة الكاذب ويبقي جماعته ليخزيهم ويثبت بخزيهم أنه موجود وبذلك يتحقق دليل التقول وقطع الوتين!! ثم يلجأ إلى دليل لطالما استخدمه الكافرون والمكذبون قبل أن ينزل بهم العذاب! إن مصيره هو بيد الله تعالى، والله أعلم به، ولكن الذي نعرفه أنه باء بالخيبة والخسران والخزي والإهانة لأنه اختار أن يسيء لمبعوث السماء، فتحقق فيه بكل وضوح قول الله تعالى للمسيح الموعود “إني مهين من أراد إهانتك”. فإذا كان يريد أن يرى حاله المزري الذي هو فيه الآن ليس إهانة، فهذا هو الإنكار التابع للاضطراب ثنائي القطب، والذي لن يغير من الحقيقة شيئا.
وأخيرا، يجب أن يعرف بأنه يمكن أن يدرأ عن نفسه الخزي ويسير في سبيله لو ترك الهجوم على الجماعة الذي جعله عمله الدائم. فنحن لن نتصدى له إلا ما دام يهاجم الجماعة ويسيء إليها أو يحاول أن يفتري عليها، فيصبح واجبا علينا كشف الأكاذيب ورد الشبهات. أما مجرد خروجه من الجماعة، حتى بعد خيانته، فلم ولن يكون مشكلة بالنسبة لنا، بل كان سيحظى بالستر من جانبنا وبالإحسان أيضا كما هي عادة الجماعة. نأمل أن يعود إلى رشده ويختار سبيل النبلاء.