وصَدَقَ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وخليفته ؓ
ما معنى الرجم في كلام المسيح الموعود ؑ
المعترض:
الدليل على تزييفكم هو أن المؤسس يقول برجم الزاني كما يقول غيره بينما صدعتم رؤوسنا بأن لا رجم للزاني بل الجلد كما ينص القرآن. الرجل يقول بأن الزاني يُرجم ! خذ هذه النصوص وإذا أحببت أتيتك أيضاً بسياقها لترى حجم الكذب والتزييف والدجل عندكم يا أهل الكذب والدجل والتزييف. يقول المرزا صاحب: في كتاب “الحرب المقدسة” مخاطبا آتهم في المناظرة: “قد أجبناك هنا بما فيه الكفاية أنه لا يمكن أن يوجَّه إلى القرآن الكريم القول بالجبر والإكراه، ولسنا من “الجبرية”. إنك لا تدري إلى الآن عن معتقدات المسلمين شيئا؛ إذ لا تدري أن الله تعالى قد أمر في القرآن الكريم بقطع يد السارق ورجم الزاني بكل وضوح، فإذا كان هذا التعليم مبنيًّا على الجبر لما رُجم أحد. القرآن الكريم لا يصرح أن الإنسان مخيّر في آية أو آيتين فقط، بل في مئات الآيات. ولو أردتَ لقدّمتُ قائمةً كاملة لها. وأنت أيضا تقبل بأن الإنسان ليس مخيرًا مطلقا من كل الوجوه، وأن سلسلة حكم الله تعالى على قواه وجوارحه والأسباب الأخرى الخارجية والداخلية جارية. وهذا هو مذهبنا نحن أيضا، فلماذا تطيل هذا النقاش العقيم؟” انتهى كلام المرزا صاحب. والآن هل رأيتم حجم الكذب والتزييف والدجل عندكم يا أكذب خلق الله ؟
الرد:
لقد أثبتت الجماعة الإسلامية الأحمدية في الكثير من أدبياتها بأنها مع حكم القرآن الكريم بجلد الزاني وأثبت ذلك المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في التفسير الكبير وفي غيره، وما دام المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بنفسه اعترف بأنه تعلم كل ما قاله ونطق به من المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي رفض قبول أي حديث يتعارض مع القرآن الكريم في الكتب كلها، فما قيمة اقتطاع النصوص وتقديمها وكأنها مشكلة عظيمة بينما في الحقيقة هي ليست إلا سوء فهم من المعترض لا غير. وسوف نوضح بإذن الله تعالى سوء الفهم الذي وقع فيه المعترض على فرض أنه مجرد سوء فهم وليس تدليساً أو كذباً لأن هذا هو حسن الظن الذي تعلمناه من المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام والخلفاء من بعده رضوان الله عليهم أجمعين. أما بداية فسنبين أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لم يكن يعتقد برجم مرتكب الزنى بل مجرد فضيحته وخزيه في الدنيا، حيث يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“وليكن واضحا الآن أن الأخلاق التي قدرها الخالق لترك الشر لها أربعة أسماء في اللسان العربي الغني بكل ما يحتاج إليه من مفردارت للتعبير عن جميع خواطر الإنسان وأوضاعه وأخلاقه. فالخُلُق الأول يسمى الإحصان، والمراد به ذلك العفاف الذى يختص بالشهوة الجنسية بين الذكر والأنثى. فالمحصن أو المحصنة هو من يجتنب الفجورَ أو حتى مقدماته، وهكذا يمنع نفسه عن الفحشاء التي لا تكسبه سوى الذلة واللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة، بالإضافة إلى الخسارة العظيمة لأقربائه، علاوة على الفضيحة العائلية. فلا يخفى أن من ارتكب الزنى مع امرأةِ رجل آخر أو على الأقل بدت من الإثنين مقدماتُ الزنى ومبادئه، فإن زوجها المظلوم الغيور سيضطر إلى تطليقها، لأنها فعلتْ الفاحشة أو رضيت بها. ثم لو وضعت مولودا منه لحدثت فتنة كبيرة. فبسبب هذا اللئيم يتكبد رب البيت هذه الخسارة كلها. واعلموا أن صفة الإحصان أو العفاف هذه لا تُعَد خُلقا إلا إذا استعصم صاحبها مع قدرته على سوء النظر أو ارتكاب الفاحشة؛ أي أنه يتعفف عن هذه الفعلة الشنيعة مع امتلاكه من القوى الطبْعية ما يستطيع به اقترافَها.” (فلسفة تعاليم الإسلام، أخلاق تندرج تحت ترك الشر، ص 45-46)
فبحسب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لن ينال مرتكب الزنى في الحياة الدنيا إلا اللعنة والخزي والعذاب في الآخرة.
إذاً لم يكن حديث المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في باقي النصوص التي يستشهد بها المعترض إلا في نطاق الآية:
{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
أي أن الرجم الذي هو التقتيل في هذه الآية هو خيار متاح أمام القاضي يحكم بما يمليه عليه الموقف من بين عدة خيارات في نفس الجريمة يحددها نوع الجرم وحجمه وأثره. وهذا الذي قصده المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في نصوص عقوبة الزنى لأنه في نطاق الفجور وإشاعة الفاحشة وليس مجرد ارتكاب الزنى فحسْب لأن عقوبة ذلك معروفة في القرآن الكريم وهي الجَلد، والدليل على ذلك هو أن القائلين برجم الزاني يخصصون الرجم فقط للزاني المتزوج/المحصن دون غيره، ولهذا لم يقصد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الرجم للمتزوج وغير المتزوج معاً في النصوص التي أتى بها المعترض -على فرض أنه كان يقول برجم المتزوج كالباقين- حيث ذُكر الزنى في نص المعترض بوجهه العام. لذلك يستحيل أن يكون القصد هو رجم الزاني عامة فلا يقول بذلك حتى القائلون بالرجم. وبناء على ما سبق فمن البديهي أن يكون القصد من الرجم هنا هو رجم الزنى كجريمة مع سبق الإصرار والرغبة في تكرارها وإشاعتها وليس مجرد ارتكاب الزنى دون التشجيع عليه وإشاعته كفسادٍ في الأرض والذي تنص الآية أن حدّه هو الرجم (التقتيل). هذا الدليل لوحده يُسقِط فرضية المعترض من جذورها، ولكننا أحببنا إضافة نصٍ واضحٍ للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ينفي فيه أي رجم للزاني وأنه لا ينال في الدنيا إلا الْخِزْي وهو الجَلْد بداهة. هذا باختصار هو السوء الذي أصاب فهم المعترض ونأمل أن لا يكون إلا سوء فهم، وسلامة رأس المعترض.
لتبسيط الأمر:
يقول المعترض بأن الجماعة الإسلامية الأحمدية تنفي الرجم للزاني بينما يثبته المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، وبذلك يحاول القول بأن الجماعة تخالف المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. وفي هذا المنشور أثبتنا استحالة ذلك من وجهين:
الأول: هو أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ينفي ذلك ويقول لا عقوبة للزاني في الدنيا إلا الْخِزْي والمهانة أي الجلد بداهة وهذا الذي قاله المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أيضا.
والثاني: أن النصوص التي استشهد بها المعترض لا تذكر الزنى للمحصن بل تذكره بوجه عام مما يجعل من المستحيل أن يكون القصد هو كذلك إذ حتى الذين يقولون بالرجم يخصصونه للمحصن فقط أي المتزوج عندهم وليس على الإطلاق!
إذاً لم يبق إلا أن يكون قصد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام هو الزنى الذي يكون بإصرار وإشاعة للفاحشة وليس الزنى الذي عقوبته هي الجلد. والحمد لله من قبل ومن بعد.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ