المعترض:

يكثر الأحمديون من عبارة “إني مهين من أراد إهانتك” وهي عبارة بغيضة تعبر عن مدى الكره الذي تعلّموه من المؤسس وهو تمني إهانة الآخرين. يا أخي بدل أن تهين الناس ناقشهم أو تمنّ لهم الخير. فهذا الوحي بين قوسين لوحده يبين مدى الكراهية عند الجماعة الأحمدية بسبب مؤسسها.

الجواب:

لقد ناقش المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام دعوته مع الجميع وأرسل عَلَيهِ السَلام دعوته إلى كل أصحاب الشأن من المشايخ محملة بعبارات الحب الصادق، ولكنه لم يتلق منهم إلا الهزء والإهانة والفتاوى التكفيرية، فأخبره الله تعالى أن لا يحزن بل يتوكل عليه وأنَّ مَن يُهينه فالله مُهينه. ومن أراد الاطّلاع على أسلوب دعوة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام للمسلمين فيمكن للقاريء أن يكتشف ذلك في كتب “حمامة البشرى” و”التبليغ” وغيرها من كتب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام المتوفرة بالعربية على الموقع الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية. ومثال على ذلك يؤكد عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بأنه يحب جميع البشر أكثر من حب الأم لأولادها فيقول عَلَيهِ السَلام:

“إنني أؤكد لجميع المسلمين والمسيحيين والهندوس والآريا أني لا أناصب أحدا العداء في هذا العالم، إنني أحب بني البشر حبّ الأم الرءوم لأولادها، بل أكثر من ذلك. أعادي العقائد الباطلة التي تقتل الحق. إن مواساة البشر واجبي، كما أن من مبادئي النفورَ من الكذب والزور والشرك والظلم ومن كل عمل سيئ ومن الجور وسوء الخلق. .. فها أنا أعلن أني أَكْثَرُ الناس حباً لبني البشر، غير أنني أعادي أعمالهم السيئة وكلَّ أنواع الظلم والفسق والتمرُّد ولست أعادي أحداً عداوةً شخصية. لهذا فإن الكنـز الذي أوتيتُه هو مفتاح جميع كنوز الجنة وآلائها، أعرضُه على نوع الإنسان ِبِجَيَشان الحب.” (الأربعين، الخزائن الروحانية، المجلد 1، ص 344)

وخاطب عَلَيهِ السَلام المسلمين خاصة:

“يا سكان أرض أوطأته قدم المصطفى.. رحمكم الله ورضى عنكم وأرضى! إن ظني فيكم جليل، وفي روحي للقائكم غليل يا عباد الله. وإني أحن إلى عِيان بلادكم، وبركات سوادكم، لأزور موطئ أقدام خير الورى، وأجعل كحل عيني تلك الثرى، ولأزور صلاحها وصُلحائها، ومعالمها وعُلمائها، وتقر عيني برؤية أوليائها، ومشاهدها الكبرى. فأسأل الله تعالى أن يرزقني رؤية ثراكم، ويسرّني بمرآكم، بعنايته العظمى. يا إخوان.. إني أحبكم، وأحب بلادكم، وأحب رمل طرقكم، وأحجار سككم، وأوثركم على كل ما في الدنيا. يا أكباد العرب! قد خصّكم الله ببركات أثيرة، ومزايا كثيرة، ومراحمه الكبرى. فيكم بيت الله التي بورك بها أم القرى، وفيكم روضة النبي المبارك الذي أشاع التوحيد في أقطار العالم وأظهر جلال الله وجلّى. وكان منكم قوم نصروا الله ورسوله بكل القلب، وبكل الروح، وبكل النُّهى. وبذلوا أموالهم وأنفسهم لإشاعة دين الله وكتابه الأزكى. فأنتم المخصوصون بتلك الفضائل، ومن لم يُكرمكم فقد جار واعتدى. يا إخوانِ .. إني أكتب إليكم مكتوبي هذا بكبد مرضوضة، ودموع مفضوضة، فاسمعوا قولي جزاكم الله خير الجزاء.” (التبليغ)

فلم يتلق من المشايخ المكذبين غير التكفير واللعن والسب والفتوى بالقتل وأنواع الإهانة ضد حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وجماعته فكتب عَلَيهِ السَلام يشكو إلى الله تعالى في قصيدة مؤثرة:

إِلَهِي فَدَتْكَ النَّفْسَ إِنَّكَ جَنَّتي وَمَا أَنْ أَرَى خُلْدًا كَمِثْلِكَ يُثْمِرُ

طُرِدْنَا لِوَجْهِكَ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمِنَا فَأَنْتَ لَنَا حِبٌّ فَرِيدٌ وَّمُؤْثَرُ

إِلَهِي بِوَجْهِكَ أَدْرِكِ الْعَبْدَ رَحْمَةً وَلَيْسَ لَنَا بَابٌ سِوَاكَ وَمَعْبَرُ

إِلَى أَيِّ بَابٍ يَا إِلَهِي تَرُدُّنِي وَمَنْ جِئْتُهُ بِالرِّفْقِ يُزْرِ وَيَصْعَرُ

صَبَرْنَا عَلَى جَوْرِ الْخَلاَئِقِ كُلِّهِمْ وَلَكِنْ عَلَى هَجْرٍ سَطَا لاَ نَصْبِرُ

تَعَالَ حَبِيبي أَنْتَ رُوحِي وَرَاحَتي وَإِنْ كَنْتَ قَدْ آنَسْتَ ذَنْبي فَسَتِّرُ

بِفَضْلِكَ إِنَّا قَدْ عُصِمْنَا مِنَ الْعِدَا وَإِنَّ جَمَالَكَ قَاتِلِي فَأْتِ وَانْظُرُ

وَفَرِّجْ كُرُوبِي يَا إِلَهِي وَنَجِّني وَمَزِّقْ خَصِيمِي يَا نَصِيرِي وَعَفِّرُ

وَجَدْنَاكَ رَحْمَانًا فَمَا الْهَمُّ بَعْدَهُ رَأَيْنَاكَ يَا حِبِّي بِعَيْنٍ تُنَوَّرُ

أَنَا الْمُنْذِرُ الْعُرْيَانُ يَا مَعْشَرَ الْوَرَى أُذَكِّرُكُمْ أَيَّامَ رَبِّي فَأَبْصِرُوا

بَلاَءٌ عَلَيْكُمْ وَالْعِلاَجُ إِنَابَةٌ وَبِالْحَقِّ أَنْذَرْنَا وَبِالْحَقِّ نُنْذِرُ

دَعُوا حُبَّ دُنْيَاكُمْ وَحُبَّ تَعَصُّبٍ وَّمَنْ يَّشْرَبِ الصَّهْبَاءَ يُصْبِحْ مُسَكَّرُ

وَكَمْ مِّنْ هُمُومٍ قَدْ رَأَيْنَا لأَجْلِكُمْ وَنَضْرِمُ في الْقَلْبِ اضْطِرَامًا وَنَضْجَرُ

أَصِيحُ وَقَدْ فَاَضَتْ دُمُوعِي تَأَلُّمًا وَقَلْبي لَكُمْ في كُلِّ آنٍ يُوَغَّرُ

(نور الحق)

فَتَلقَّى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وحياً من الله تعالى جاء فيه “إني مهين من أراد إهانتك” ردَّاً على سب المشايخ المعارضين وهزئهم بحضرته وبجماعته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، فكان يتحمل كثيراً من سباب المعارضين من النصارى والمشايخ المؤيدين لهم سواء في ردودهم أو إعلاناتهم أو في شعاراتهم التي تهين وتسيء إلى حضرته وتدعوا لقتله وجماعته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام. في هذا الوقت تلقى عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وحياً نصّه “إني مهين من أراد إهانتك” وشرحه عَلَيهِ السَلام بنفسه فقال:

“… إنه وحي عظيم ونبوءة عظيمة الشأن ظلت تتحقق بأساليب مختلفة وفي أقوام مختلفة. فكل من أراد إهانة هذه الجماعة أهين وخاب وخسِر.” (نزول المسيح، الخزائن الروحانية، مجلد 18، ص 567)

اذن فهذا الوحي هو سنّة الله تعالى في كل من يعترض طريق الحق ويهين أولياء الله تعالى، أي أن الإهانة كانت قد صدرت أولاً من المعترض فأجاب الله تعالى بأنه سوف يرد الإهانة ولن يسمح بإهانة رسله والمؤمنين. ولا أدلَّ على هذا من الحديث التالي الذي رواه الترمذي في سننه:

“عَنْ زِيَادِ بْنِ كُسَيْبٍ الْعَدَوِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي بَكْرَةَ تَحْتَ مِنْبَرِ ابْنِ عَامِرٍ وَهُوَ يَخْطُبُ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَقَالَ أَبُو بِلَالٍ انْظُرُوا إِلَى أَمِيرِنَا يَلْبَسُ ثِيَابَ الْفُسَّاقِ: فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ.” (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وحَسَّنهُ الألباني في صحيح الترمذي)

وسلطان الله تعالى هو خليفته ونبيه الذي يرسله، فإذا أهينَ فإن الله تعالى يهين من أهانه.

فليس المسلم الأحمدي هو الذي يكثر من هذه العبارة وإنما يرد بهذا الوحي على من يكثر من إهانة المؤسس عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، وهو بذلك يتوكل على الله تعالى بدل أن يبادل المعترض إهانة بمثلها بل يترك الأمر لله تعالى الذي وعد كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بإهانة من يهين رسوله في الحديث أعلاه “مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ”.

هنالك آيات كثيرة تدل على هذا المعنى الصحيح ولكننا نكتفي بهذا الحديث الذي لا لبس فيه ولا مراء.

فالذي يعترض على هذا الوحي ويصفه بما لا يليق فهو في الواقع يعترض على كلام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي أكد فيه أن الله مهينٌ من أهان وليَّه.

وللتذكير فالجماعة الإسلامية الأحمدية شعارها هو “الحب للجميع ولا كراهية لأحد” الذي تنشره قولاً وعملا.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

مُسْلِم لله

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد