منطق الصدق بديهة
المعترض: مؤسس الأحمدية تناقض بقضية الإكراه في الدين
هناك قولان في الباعث على الجهاد عند الفقهاء، القول الأول أن الله فرضه لفتح الطريق أمام الإسلام لينتشر، لذا على المسلمين أن يقاتلوا الكافرين كافةً. وأما القول الثاني فيرى أن الله فرض الجهاد علينا لندفع المعتدين فقط.
صاحب القول الأول لا بدّ أن يقول بقتل المرتد لمجرد ردّته. وأما صاحب القول الثاني فلا بدّ أن يقول بأن المرتد لا يُقتل إلا إذا حارب؛ ذلك أنه اعتمد في قوله بالجهاد الدفاعي على أنه لا “إكراه في الدين”، وأن “الله لا يحب المعتدين”، وأنه “قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم”، وأنه “من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم”. ويلزم من هذا كله أن المرتد لا يُقتل؛ فهو لم يعتدِ علينا، ولم يقاتلنا، ولا يجوز أن نُكرهه.
إذا قال أحد بأن الجهاد دفاعي، ولكن المرتد يُقتل، فلا بد أن يبحث عن تخريج لهذا التناقض، كأن يقول: كل مرتد لا بد أن يكون محاربا ومعتديا. ومع أنّ هذا التخريج ينقضه الواقع، لكنها محاولة، وإن كانت مماحكة.
أما غلام أحمد فلم يحاول، ولو مماحكةً. بل وقع في هذا التناقض غير آبه.
وسبب وقوعه هو أنه لجأ إلى القول بالجهاد الدفاعي ليس من ناحية مبدئية أساسا، بل ذعرا من الحكومة التي قد تظنّ فيه أنه سيكون مجاهدا، خصوصا أن دعواه قد بدأت بعد سنوات قليلة من ثورة كبرى على مستوى الهند.
لذلك أَكْثَرَ الميرزا من الحديث عن النهي عن الجهاد جدا، لكنه لم يتحدث بحرف واحد نافيا قتل المرتد لمجرّد ردته، بل اللافت أنه ذكر أن المرتد يُقتل صراحةً وضمنيًّا، حيث
1: قال: “ومن اعتقد من المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم عمل في حياته عمل الضلال فهو كافر وملحد ويستحق أن ينفَّذ فيه الحدّ الشرعي”. (مرآة كمالات الإسلام)
ولا معنى للحدّ الشرعي في هذا السياق غير القتل المعروف.
2: نقَل رسالة أبي بكر رضي الله عنه التي تنصّ على قتل المرتد وحرقه من دون أن يعلّق على ذلك، حيث جاء في الرسالة:
مِن أبي بكر… إلى من بلغه كتابي هذا… وقد بلغني رجوع مَن رجع منكم عن دينه بعد أن أقرّ بالإسلام… وإني بعثتُ إليكم فلانا… وأمرتُه أن لا يُقاتل أحدًا ولا يقتله حتى يدعوه إلى داعية الله، فمن استجاب له وأقرّ وكفَّ وعمل صالحًا قَبِلَ منه وأعانه عليه، ومن أبَى أمرتُ أن يُقاتله على ذلك، ثم لا يُبقي على أحد منهم قدِر عليه، وأن يحرقهم بالنار ويقتلهم كل قتلة، وأن يسبي النساء والذراري، ولا يقبل مِن أحد إلا الإسلام. (سر الخلافة)
الميرزا لم يكن يعنيه أنْ يتناقض أو ألا يتناقض، ولا يعنيه أن يؤصّل لقضية، بل يعنيه أن لا تغضب منه بريطانيا فيخسر ما وراءه وما أمامه.
الرد: المسيح الموعود اجتث عقيدة الإكراه في الدين معتمدا على تعاليم القرآن الكريم
كان استدلال المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بمنع الجهاد أيضاً بآية لا إكراه في الدين وعدم العدوان وأن الجهاد فقط للدفاع وردَّ عدوان المعتدين ونشر حرية الدين كما يلي من كلام حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
“والبديهي أن ملوك الأمم الأخرى في الوقت الراهن لا يحولون دون الحرية الدينية للإسلام، ولا يمنعون من القيام بالفرائض الإسلامية، ولا يقتلون من دخل من ملّتهم في الإسلام، ولايزجّونهم في السجون، ولايذيقونهم ألوان العذاب؛ فما الداعي إذن أن يرفع الإسلام السيف ضدهم!
والواضح أيضاً أن الإسلام لم يأمر بالجبر والإكراه قط. فإننا لو أمعنّا النظر في القرآن الحكيم وكتب الحديث وكتب التاريخ جميعا، أو سمعناها من أحد بإمعان وتدبر قدر الإمكان، لَكشف لنا هذا الاطلاع الواسع بكل تأكيد أن اتّهام الإسلام برفع السيف لأجل نشر الدين بالقوة لهو بُهتان عظيم وافتراء مخجل؛ وإن هو إلا زعم أولئك الذين لم يدرسوا القرآن والأحاديث وكتب تاريخ الإسلام الموثوق بها دراسة محايدة خالية من التعصب، بل بذلوا جهدهم في التزوير والافتراء. ولكنني على علم أنه قد اقترب الآن الزمن الذي يدرك فيه المتعطّشون للحق زيف هذه البهتانات.
إذنْ فكيف يمكننا أن نصم بالإكراه والجبر ديناً يعلّمنا كتابه القرآن الكريم في صراحة تامة أن ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾. وهل يحق لنا أن نتهم بعقيدة الإكراه ذلك النبي العظيم الذي ظل يوصي أصحابه طوال ثلاثة عشر عاما في مكَّة المعظّمة، بأن لا يقابلوا الشر بالشر، وأن يظلوا متمسكين بأهداب الصبر؟ نعم، لما تجاوز عدوان الأعداء الحدود كلها، وتألّبت جميع الشعوب للقضاء على دين الإسلام، اقتضت غيرةُ الله أن يقتل بالحُسام من يرفع الحسام؛ وإلا فإن القرآن لم يعلّم الإكراه مطلقاً. ولو كان الإكراه من تعاليم الإسلام لما استطاع أصحاب النبي ﷺ أن يقدِّموا عند الاختبارات أسوةَ الصدق والوفاء كالمؤمنين الصادقين. وإن وفاء أصحاب سيدنا ومولانا ونبينا ﷺ لأمر غني عن البيان كليةً؛ إذ لا يخفى على أحد أن مواقف صدقهم ووفائهم قد بلغت من العظمة بحيث لا يوجد لها نظير في الأمم الأخرى. إن هذه الأمة الوفية لم تتخلَّ عن صدقها ووفائها حتى تحت ظلال السيوف، بل أبدت في سبيل الوفاء لنبيها المقدَّس العظيم من الصدق ما لا يمكن أن يتحلى به أي إنسان إلا إذا كان قلبه وصدره مُنَوَّرَين بالإيمان. وجملة القول أن لا إكراه في الإسلام، وأن الحروب الإسلامية لا تخرج عن ثلاثة أقسام: الدفاعية، أي دفاعاً عن النفس. القصاصية، أي عقابا لمن يسفك الدماء. التحريرية، أي توطيداً للحرية الدينية، وكسراً لشوكةِ القُوى العدوانية التي كانت تقتل المسلمين بسبب إسلامهم.” (المسيح الناصري ؑ في الهند، ص 10-12)
الإسلام لا يأذن برفع السيف إلا في حرب دفاعية
ويقول عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
“أما الإسلام فلا يأذن برفع السيف إلا في حرب دفاعية، أو في محاربة الظالمين المعتدين عقابا لهم، أو في الحرب التي تُشَن حفاظاً على الحريات المشروعة. والحروب الدفاعية إنما هي تلك التي يُلجأ إليها لرد عدوان العدو الذي يهدد حياة الناس. هذه هي الأنواع الثلاثة للجهاد المشروع، وإلا فإن الإسلام لا يجيز شَنّ الحرب لنشر الدين، بأية صورة كانت.” (المسيح الناصري ؑ في الهند، ص 2-3)
ويقول عَلَيهِ السَلام أيضاً أن قبول الإنسان او رفضه للدين لا يستوجب أي عقاب كما يلي:
“يقول تعالى في موضع آخر ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ .. أي أن هذا الدين لا يُكرِه أحداً على قبول شيء منه، بل يُبيِّن كل أمر مع أدلته.” (فلسفة تعاليم الإسلام، ص 130)
ويوضح عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام موضوع الحرية الدينية فيقول:
“أنا لا أعرف كيف ومن أين سمع معارضونا أن الإسلام قد انتشر بقوة السيف؟ لقد أعلن الله في القرآن الكريم: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾. فمن ذا الذي أمر باستخدام القوة؟ وما هي وسائل الإجبار التي كانت متوفرة لدى المسلمين؟ وهل يمكن أن يتحلى مَن يُجبَرون على تغيير دينهم بهذا الإخلاص وهذا الإيمان، أي أن يجرؤوا -رغم كونهم مئات قليلة وبدون أن يتلقوا أية رواتب أو أغراض مادية- على مواجهة جيش من الآلاف، وعندما يصل عددهم إلى الألف يهزمون مئات الآلاف من أعدائهم. ويرضون بالذبح مثل الخروف والماعز في سبيل الدفاع عن الدين من هجمات الأعداء، ويشهدون بدمائهم على صدق الإسلام. كما يكونون مشغوفين بنشر وحدانية الله تعالى، فيتحملون في سبيل نشر رسالة الإسلام أنواع الشدائد ويصلون إلى صحارى أفريقيا كالمتنسكين ثم يصلون بعد مكابدة كل نوع من الصعاب، إلى الصين على شكل الدراويش غير قاصدين الحرب على أهلها، فيبلغونهم دعوة الإسلام، ثم ينجحون بجهودهم المباركة في إدخال عشرات الملايين من أهل الصين في الإسلام. ثم يدخلون الهند على شكل الدراويش، مرتدين الخَيش، وينجحون في إدخال الكثيرين في الإسلام من أتباع الديانة الآرية (الهندوسية). ثم يصلون إلى حدود أوروبا ويبلغولها رسالة لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. أخبِرونا -بالله عليكم- هل يمكن أن يقوم بهذه المهمة مَن أُكرِهوا على الإسلام، وظلت قلوبهم كافرة ولم يعلنوا الإيمان إلا بألسنتهم؟ كلا! بل لا يقوم بهذه المهمة إلا أولئك الذين تعمر قلوبهم بنور الايمان، ولم يشغل أي حيز من قلوبهم إلا الله.” (بيغام صلح -رسالة السلام- الخزائن الروحانية مجلد 32 ص 468-469)
الحد شرعي أم حد شرعي؟
أما عبارة (الحد الشرعي) فلم ترد هكذا بل وردت بدون ألّ التعريف (حد شرعي) بمعنى أي عقاب تراه الحكومة ضد من يزدري الدين. فهذا أوله تدليس على كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، وثانيه افتراء وكذب على معتقَد الجماعة الإسلامية الأحمدية ككل. أما (المماحكة) و(الذعر) فيبدو أنهما من بعض ما ينضح به إناء المعترض الذي اتَّضَحَ للقراء من جميع اعتراضاته الداحضة لحد الآن رميه للناس بالذي عنده.
أما الردة التي حدثت في عهد الصديق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ والتي ذكرها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقد أردفها ببيان قال فيه عَلَيهِ السَلام بأنها كانت ردة مسلحة شملت جيوش المرتدين ومدَّعي النبوة لغزو المسلمين وإبادتهم، حيث قال عَلَيهِ السَلام بعد ذكر خطبة الصدّيق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
“وثَب الأسود باليمن ووثب مسيلمة باليمامة، ثم وثب طليحة بن خويلد في بني أسد، يدّعي كلهم النبوة. (ابن خلدون الجزء الثاني صفحة 60). وتنبأتْ سجاح بنت الحارث من بني عقفان، واتبعها الهذيل بن عمران في بني تغلب، وعقبة بن هلال في النمر، والسليل بن قيس في شيبان، وزياد بن بلال، وأقبلت من الجزيرة في هذه الجموع قاصدة المدينة لتغزو أبا بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.” (صفحة 65).” (سر الخلافة ص 92)
المرتد والردة عند العرب
أما لفظ “المرتد” و “الردة” فلا يعني عند العرب إلا المعتدين ولذلك حاربهم الصدّيق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، والدليل أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحاربهم في حياته مع كونهم تَرَكُوا الدين، وما سمَّاهم مرتدّين إلا عن الدين، ولم يأمر بقتالهم، ولكنهم بعدوانهم استحقوا لقب المرتدّين فقُوتلوا لردّتهم، أي لكونهم معتدين. فهذا اللفظ لم يكن وارداً عند العرب والمسلمين خاصة إلا مرتبطاً بالعدوان كما شرحه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بنفسه في سر الخلافة مستدلاً بكتب التاريخ والسيرة. لهذا فقتل المرتد المقصود به قتل مَنْ رفع السيف أولاً وهَمَّ بقتل الآمنين، وليس لتركه الدين، فلا إكراه في الدين. وفي مذهب الحنفية أيضاً استثناء من قتل المرتد للنساء والعجزة والخدم وما يقاس على ذلك، واعتبار ذلك خاصاً بالمحاربين، ففي كتاب “الأم” ردَّ الشافعيُّ على الحنفية في نفي قتل النساء والعاجزين والمستَخدمين في الحروب، والذي هو بحد ذاته دليل على أن قصد الحنفية في قتل المرتد هو الحرابة، حيث يقول الشافعيُّ وهو يرد على ذلك:
“استدل من ذهب (ويقصد الحنفية) إلى عدم قتل المرأة المرتدة: بالقياس على السنة، بمعنى لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء من أهل دار الحرب كان النساء ممن ثبتت لهن حرمة الإسلام أولى عندي أن لا يقتلن وقلت له: أو جعلتهن قياسا على أهل دار الحرب لأن الشرك جمعهن؟ قال: لا. قلت: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما زعمت عن قتل الشيخ الفاني والأجير.” أهـ
اعتماد المسيح الموعود على القرآن الكريم لتأصيل القواعد
وقد نفى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام النَسْخ في القرآن الكريم وخاصة نسخه بالحديث مهما كان مصدره وسنده، مما يثبت أن حديث “من بَدَّل دينه فاقتلوه” الذي هو عمود القائلين بقتل المرتد هو مرفوض عند المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بهذا المعنى لأنه عند القائلين به ينسخ آيات الحرية الدينية في القرآن الكريم. يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“هنا أتساءل: هل الإيمان بصفات القرآن الكريم التي بيّنها اللهُ جلَّ شأنه بنفسه واجب أم لا؟ إذا كان واجبا فأسأل: ألم يسم اللهُ القرآنَ قولا فصلا، وفرقانا وميزانا وإماما وحَكَما ونورا بوجه عام؟ وهل جعله وسيلة لرفع جميع الاختلافات أم لا؟ ألم يقل إن فيه تفصيلَ كل شيء وبيانَ كل أمر؟ ألم يرِد أن أي حديث يعارض حُكمه ليس جديرا بالثقة؟ وإذا كان كل ذلك صحيحا، أفليس من واجب المؤمن أن يؤمن به ويقرّ به باللسان ويصدّقه بالقلب، ويعتقد بأن القرآن الكريم هو المعيار والحَكم والإمام في الحقيقة؟ ولكن المحجوبين لا يصلون كنه إشارات القرآن الكريم الدقيقة وأسراره، ولا يقدرون على أن يستخرجوا منه المسائل الشرعية ويستنبطوها فينظرون إلى الأحاديث النبوية الصحيحة كأنها تضيف إلى القرآن الكريم شيئا أو تنسخ بعض أحكامه. ولكنها لا تضيف شيئا بل تشرح بعض إشارات القرآن الكريم الكاملة. يقول القرآن الكريم: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾، فقد قال القرآن في هذه الآية بوضوح تام بأن الآية لا تنسخ إلا بآية فقط. لذا وعد أنه لا بد من نزول آيٍة مكانَ آيةٍ منسوخة. صحيح أن العلماء زعموا على سبيل التسامح أن بعض الأحاديث نسخت بعض الآيات، حيث يقول الفقه الحنفي أنه يمكن نسْخ آية بحديث مشهور، ولكن الإمام الشافعي لا يرى ذلك قط، بل يقول بعدم جواز نسخ القرآن حتى بحديث متواتر. وبعض المحدثين يقولون بنسخ الآية بخبر الواحد أيضا، ولكن القائلين بالنسخ لا يقصدون مطلقا أن الآية تنسخ بحديثٍ فعلا وحقيقةً، بل يقولون بأن الحقيقة أنه لا يجوز الإضافة على القرآن ولا يجوز نسخه بالحديث. ولكن كل هذه الأمور تبدو حادثة بحسب نظرنا القاصر الذي يعجز عن استنباط المسائل من القرآن الكريم. والحق أنه لا يجوز النسخ الحقيقي ولا الإضافة الحقيقية على القرآن الكريم لأن ذلك يستلزم تكذيبه.” (مناظرة لدهيانه، ص 114-115)
وكيف يثبت شيء لم يفعله النبي ﷺ بل فَعَلَ عكسه تماماً، فلم يترك أحدٌ الدين وقُتِلَ في زمن النبي ﷺ، بل ثبت في صلح الحديبية وغيره ضمان حرية الدين بأمر النبي ﷺ وختمه عندما سمح للمرتدّين بترك الدين دون تطبيق (حد الشرع)، فهل كان ﷺ والعياذ بالله متهاوناً في (حدود الله) ؟ كلا. ولهذا لم يرد في كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أي عقاب للمرتدين مع أن كل كلامه كان مع المرتدّين كعبد الله آثم وعماد الدين وَغيرهم من المتنصرين، وما قرأنا لحضرته إلا جدالهم بالقرآن الكريم، ولم يذكر أي منهم اعتراضاً على (عقاب المرتد) في الإسلام لأن الردة صنو العدوان، وما جزاء العدوان إلا كَفَّه بما هو أهلٌ له. ثم لما برز مصطلح قتل المرتد في ما بعد فقد تناوله المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأكَّدَ أن هذا إكراه في الدين لا يجوز وفق كلام الله تعالى وسيد المرسلين مُحَمَّد الأمين ﷺ وخادمه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام.
الحاصل من هذا الكلام هو أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام اجتث عقيدة الإكراه في الدين بنصوص ثابتة لا مجال فيها للشك والمراء.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ