المعترض:
يقول المؤسس “عُلّمتُ أربعين ألف مادة من اللغات العربية”. هذا كلام لا معنى له! ما معنى اللغات العربية؟ هل سمعتم بمصطلح “اللغات العربية”؟ يا أخي قل جذراً أو أي شيء مفهوم بدل عبارة “اللغات العربية”!
الجواب:
النص من كلم المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام هو:
“وإنّي مع ذلك عُلّمتُ أربعين ألفاً من اللغات العربية” (عاقبة آتهم ص 144)
الجواب على ذلك كالتالي:
معلومٌ أن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين كما أخبر الله بذلك في كتابه الكريم في أكثر من موضع، فليس المراد باللغة هنا ما يخالف اللغة العربيَّة من لغات أخرى كالفارسية والرومية والتركية وغيرها من اللغات الأخرى الأعجمية، وإنَّما المراد باللغة هنا ما يطلق عليه في الاصطلاح العلمي الحديث: اللهجة، وهي مجموعة من الصفات اللغوية التي تخص بيئة معينة، يشترك في هذه الصفات جميع أفراد تلك البيئة. انظر: كتاب لغة القرآن الكريم للدكتور: عبدالجليل عبدالرحيم ص 40
وبيئة اللهجة جزء من بيئة أوسع وأشمل تضم عدة لهجات لكل منها خصائصها، ولكنها تشترك جميعاً في مجموعة من الظواهر اللغوية. وتلك البيئة الشاملة التي تتألف من عدة لهجات هي التي اصطلح على تسميتها باللغة، فالعلاقة بين اللغة واللهجة هي العلاقة بين العام والخاص، فاللغة تشتمل على عدة لهجات لكل منها ما يميزها، وجميع هذه اللهجات تشترك في مجموعة من الصفات اللغوية التي تؤلف لغة مستقلة عن غيرها من اللغات. ويُعبِّر القدماء عمّا نسميه الآن باللهجة بكلمة {اللغة} كثيراً، فيشير أصحاب المعاجم إلى لغة تميم، ولغة طيء، ولغة هذيل، وهم يريدون بذلك ما نعنيه نحن الآن بكلمة {اللهجة} وقد يعبّرون بكلمة {اللسان}، وهو التعبير القرآني: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 5]انظر: كتاب نزول القرآن على سبعة أحرف لمناع القطان ص 4 . وقد ذكر ابن عبدالبر -رحمه الله- أقوال العلماء في اللغات التي نزل عليها القرآن، واختار أن القرآن الكريم نزل بلغة قريش في الأغلب. انظر: كتاب الأحرف السبعة ومنزلة القراءات منها للدكتور حسن ضياء الدين عتر ص 57، 58، 59. أهـ.
ورد في مقدمة معجم تاج العروس:
“.. وأكمل تاجه وأتمم نتاجه وصيره جامعا لمجامع اللغات العربية الفصيحة.” انظر: مقدمة معجم “تاج العروس من جواهر القاموس” للزبيدي.
وفيما يلي بعض الاقتباسات حول لفظ “اللغات العربية” من الكتب والدراسات المختلفة:
“احتوت العربية الفصحى العديد من اللغات (اللهجات)، وقد تبين من خلال الدراسة أن القراءات قد حافظت على الكثير من هذه اللغات.” انظر: رسالة دكتوراه بعنوان: أثر القراءات القرآنية في الصناعة المعجمية “تاج العروس نموذجا”، مقدمة من الباحث عبد الرازق حمودة عبد الرازق القادوسي، إشراف الأستاذ الدكتور رجب عبد الجواد إبراهيم، جامعة حلوان كلية الآداب قسم اللغة العربية 1431هـ / 2010م، 1/309.
“يقال: أفصح، إذا تكلم بالفصاحة. وفصح الأعجمي فصاحة، إذا تكلم العربية وفهم منه. وهي اللغة العربية العالية التي لا تدانيها لغة عربية أخرى من اللغات العربية الباقية، واللسان الذي يحاول أن ينطق به كل مثقف مهذب، وأن يؤلف ويعبر عن مراده به.” انظر: المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي 16/258.
“آما اللغات العربية الجنوبية الحديثة فهي لغات غير مكتوبة أخذت العربية تحل مكانها.” انظر: الموسوعة العربية، المجلد العاشر، هيأة الموسوعة العربية سورية – 1998.
“كما جاء ذكر العرب وموطنهم في جميع اللغات العربية.” انظر: مجلة الأزهر، المجلد 67، الأجزاء 9-12، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، سنة 1995. Alazhar magazine, Volume 67, Parts 9-12 Front Cover Majmaʻ al-Buḥūth al-Islāmīyah bi-al-Azhar, 1995 – Islam
“بل اللغات العربية الشفهية المزيجة عادت لا تخلو من ظواهر اللغات العازلة التي تحاول أن تعطي لكل كلمة على حدة معنى مستقلاً قائماً بذاته.” انظر: يوم دراسي حول دور وسائل الإعلام في نشر اللغة العربية وترقيتها، المجلس الأعلى للغة العربية، 2004، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، رئاسة الجمهورية.
وهل اطَّلع المعترض على المقالات المختلفة حول اللغات العربية كمقال مجلة “الفيصل” الشهيرة التي تعنى باللغة والأدب وهو بعنوان “اللغات العربية الجنوبية الحديثة بين التوثيق والتفريط“؟ انظر: رابط المقال
فمعنى اللغات العربية هي اللهجات والألفاظ المختلفة للسان العربي. وبذلك يكون كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام عين الصواب حيث قصد كل مواد اللغة العربية من لهجات وجذور وألفاظ مختلفة قديمة وحديثة ثابتة ومندرسة لا يمكن إحصائها. وأود أن أختم بالحديث التالي:
عن علي ؓ قال: قال رسول الله ﷺ: “المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله تعالى في ليلة واحدة.” أخرجه أحمد، ابن ماجة، أبو عمرو الداني، أبو نعيم الأصفهاني والطبراني، وصححه أحمد شاكر والألباني.
ويتضح هذا الإصلاح كما يلي:
عن أبي هريرة ؓ: “إن المهدي اسمه محمد بن عبدالله، في لسانه رتة.” انظر: أبو الفرج الأصفهاني مقاتل الطالبيين : ص 163 – 164.
في القاموس: الرُّتّة- بالضم- العجمة [ر ت ت]. فِي لِسَانِهِ رُتَّةٌ: عُجْمَةٌ، أَيِ التَّرَدُّدُ فِي النُّطْقِ. انظر: الرابط
“وُصِفَ المهدي فذكر ثقلاً في لسانه” انظر: نعيم بن حماد “الفتن.. والرتة والعجمة تعني أن حضرته سوف يجد صعوبة أو نقصاً بادياً في اللغة، وهو ما قُصد بإصلاحه في ليلة، وقد أصلح الله تعالى لسان الإمام عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام حقا في ليلة.
وقد قيل أن اللغة العربية لا يحيط بها إلا نبي. قال الإمام الشافعي رحمه الله: “لا يحيط باللغة إلا نبي“. يقول الإمام السيوطي رحمه الله في الإتقان: “ولكن لغة العرب متسعة جداً ولا يبعد أن تخفى على الأكابر الأجلة، وقد خفي على ابن عباس معنى فاطر وفاتح . قال الشافعي في الرسالة: لا يحيط باللغة إلا نبي“. انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن ج 2، ص 105-106. تحفة المنهاج بشرح المنهاج.
فتبارك من عَلَّمَ وتعلَّم.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ