جميع الأحاديث التي يستدل بها القائلون بقتل من يسب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ليس فيها أي أمر من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بالقتل بل فقط أن فلاناً قتلَ امرأة أو شخصاً كان يسب ويحرض على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وأن كل ما قاله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بأن دم القتيل قد هُدر، فأين الأمر بالقتل؟ إذن لم يأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بقتل أحد أبداً. أما قصة كعب بن الأشرف فهذا الشخص كان زعيم المنافقين والذين يستخدمون ويروجون الأخبار الكاذبة والإشاعات بين الناس ويحرضون بالمال والسلاح والشعر وغيره الأعداء على قتل الأبرياء، فكان أن أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بعض الصحابة بجلبه ولكنهم قتلوه ربما بسبب سوء فهم الأمر النبوي، والمهم أن ما حدث لهذا الشخص مستحق، والدول تعاقب الخونة والمحرضين على العنف والقتل والترويع بالقتل.

فالقول بان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أمر بالقتل غير صحيح ولا وجود له في جميع الأحاديث التي يحاولون الاستدلال بها.

ثم إن حكم السب في القُرآن الكَرِيم واضح وهو الإعراض عن السبابين وليس قتلهم، فهل خالف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم القُرآنَ الكَرِيم؟ حاشا لله طبعا!

في ما يلي حكم القُرآن الكَرِيم حول السب وهو موجَّه للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وليس لغيره:

﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ (النساء:١٤١)

﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (الأنعام : ٦٩)

بل حتى مبادلة السب بالسب لا تجوز:

﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (الأنعام:١٠٩)

كما أن اليهود يسبون نبي الله عيسى عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وأمه عليها السَلام، فلماذا لا يعاقبهم المسلمون؟

﴿وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا﴾ (النساء : ١٥٧)

والنصارى أنفسهم يقولون قولاً عظيما بأن المسيح ابن الله ﷻ! ومع ذلك لا يوجد أمر بقتلهم لهذا السب والكفر العظيم!

﴿مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ (الكهف : ٦)

كذلك واقعة عبد الله بن أُبَيِّ الذي نادى بعد إحـدى الغزوات بأنه سوف يطرد الأعزُّ (أي هو) منها الأذلَّ (النبي ﷺ) :

﴿يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (المنافقون:٩)

ومع ذلك ورغم هذا السب الواضح لم يأمر النبي ﷺ بقتله بل قبل توبته وصلّى على جنازته بنفسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكذلك مسيلمة الذي كان يسب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ويدعي النبوة لم يأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بقتله بل كان يراسله فقط. (انظر: البخاري، كتاب الجنائز)

الخلاصة:

لا عقاب بالقتل في الإسلام على من يسب النبي ﷺ، بل كل من يسب نبياً يجب أن تمنعه حكومته من باب عدم المساس بمشاعر المواطنين وازدراء الأديان والتحريض على الكراهية.

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد