كان حضرته عليه الصلاة والسلام حريصا على إيصال دعوته، راغبا في أن يستفيد منها المسلمون خاصة قبل غيرهم، كي ينقذهم الله تعالى من الهلاك والدمار الذي كانوا غارقين فيه والذي ما زال ممتدا إلى يومنا هذا، بل تعاظم الآن وأخذ أبعادا خطيرة. ولكن خصومه لم يقدّروا هذا الموقف، وواجهوه بالتكفير والتكذيب، وأخذوا يكيلون له التهم ويحاولون حجب دعوته عن المسلمين بخبثهم وتدابيرهم.
ومع أن حضرته لم يكن راغبا في ذلك، إلا أنه لم يجد بدا من أن يدعو خصومَه الذين يصرُّون على تكذيبه وتكفيره للمباهلة، بعد أن أطلعهم على حقيقة دعواه في كتبه ومراسلاته، فكانت هذه المباهلات فرصة لكي يتبين الحق من الباطل.
كان حضرته حريصا على إطلاع خصمه على حقيقة دعواه، وكان يتردد في قبول مباهلة جاهل لا يعرف حقيقتها، وكثيرا ما كان يدعوه إلى أن يتريث ويفهم حقيقة دعواه أولا، ولكن بعض الأشقياء كانوا يصرِّون، فكان يقبل مباهلاتهم متأسفا عليهم.
وكان حضرته يعلن في كل مرة نبأ معينا أو أنباء تتعلق بالخصم؛ كأن يموت الكاذب في حياة الصادق خلال سنة أو مدة معينة، أو أن أمرا ما سيصيب الخصم نتيجة اللعنة التي ستنزل عليه جراء كذبه وافترائه وتماديه، وهذا لأن المباهلة تجلب اللعنة على الفريق الكاذب. وقد وردت تفاصيل لمباهلاته مع خصومه ومصيرهم في العديد من كتبه، وظهرت فيها آيات بينات على صدقه وتأييد الله تعالى له، وكانت سببا لإيمان كثير من الذين شهدوها وعاينوها.
وأذكر فيما يلي عددا من هؤلاء الذين هلكوا نتيجة مباهلاته:
1. المولوي نذير حسين الدهلوي: أجّج نار تكفير حضرته عليه السلام ولكنه بعد المباهلة شهد صدمة موت ابنه ثم رحل هو نفسه أيضا من هذه الدنيا.
2. والمولوي غلام دستغير القصوري -الذي جلب فتوى تكفير حضرته عليه السلام من مكة- أعلن المباهلة من جانبه وهلك نتيجة ذلك.
3. ورشيد أحمد الجنجوهي: نتيجة مباهلة حضرته عليه السلام عمي بصره أولا ثم مات بلدْغة حية.
4. وشاه دين اللدهيانوي: مات نتيجة المباهلة بداء الكلَب.
5. والمولوي عبد العزيز والمولوي محمد والمولوي عبد الله الغزنويون: كانوا من أشد المعارضين في لدهيانه وهلكوا نتيجة المباهلة.
6. ومحيي الدين اللكهوكي: نشر إلهاما عن حضرته عليه السلام أنه سينزل عليه العذاب ولكنه بنفسه مات بعذاب الطاعون.
7. ونور أحمد من “بهري تشتَّه” محافظة حافظ آباد: قال يوما بأن الطاعون لن يمسَّنا أبدا وإنما جاء لهلاك ميرزا، فبعد قوله هذا بأسبوع فقط هلك هذا الشخص من الطاعون.
8. والمولوي زين العابدين من قلعة والي باهل المولوي محمد علي السيالكوتي الأحمدي في سوق الكشميري واقفا في محل، فبعد بضعة أيام من ذلك هلك هو وزوجته وزوج ابنته وسبعة عشر شخصا بالطاعون.
9. والمولوي محمد حسين بهين والا: لعن المسيح الموعود عليه السلام وهلك خلال سنة واحدة.
10. ومنشي سعد الله اللدهيانوي الذي كان يبتغي دمار المسيح الموعود عليه السلام دمّره الله تعالى وأهلكه بموت الذل.
11. ومحمد جان المعروف بالمولوي محمد أبو الحسن من بسرور محافظة سيالكوت: دعا على المسيح الموعود عليه السلام في كتابه “الصاعقة السماوية” وأنزل الله عليه صاعقة الطاعون.
12. والمولوي تشراغ دين الجموني: نشر أن الله تعالى يهلك الكاذب منا فأثبت الله كونه كاذبا بهلاكه هو مع ابنَيه بالطاعون.
13. وفقير مرزا الدولميالي: قال إن مرزا شخص مفتر وسوف يموت حتى رمضان القادم في حياتي ولكن لما جاء رمضان مات هو بنفسه بالطاعون.
14. ومنشي إلهي بخش المحاسب: أنبأ بموت المسيح الموعود عليه السلام ولكنه بنفسه رحل هذه الدنيا.
15. والمولوي عبد المجيد الدهلوي: فارق الحياة بالكوليرا نتيجة المباهلة.
16. والمولوي غلام رسول المعروف رسل بابا الأمرتسري: هلك بالطاعون في أمرتسر.
17. وإسماعيل من عليغره: دعا أن الكاذب يموت فمات هو بنفسه.
18. أحمد بيك من هوشياربور: هلك وفق نبوءة المسيح الموعود عليه السلام وبدأت المصائب تحيق بعائلته وفقا للنبأ، فاستولى الرعب على العائلة وتراجعوا عن عدائهم للإسلام ومهاجمتهم له وانتهوا عنه، فرفع الله عنهم العذاب، ثم انضم عدد من أفراد عائلتهم إلى الجماعة.
19. الحافظ سلطان السيالكوتي: كان معارضا شديدا، وكان يريد أن يلقي الرماد على حضرته عليه السلام أثناء مرور موكبه عليه السلام من سيالكوت فمات هو وعشرة من عائلته بالطاعون.
وأخيرا، فإنه بات من الواضح تماما، وخاصة بعد مرور هذا الوقت، أن هؤلاء الخصوم جميعا قد اندثروا واندرس ذكرهم، ولم يبق لهم شخص واحد يتبعهم، وكأن لعنة الله قد نزلت بهم وقطعت نسلهم واجتثتهم من على وجه الأرض، بينما كتب الله تعالى القبول والسعادة لحضرته، وبارك الله تعالى في نسله، وزاد في عدد متبعيه، وما زالت جماعته تقوم بواجبها بصفتها النشأة الثانية للإسلام وتسير بخطوات حثيثة في جهود تبليغ الإسلام ونشره في العالم أجمع بكل ما أوتيت من قوة. فلو لم يكن حضرته على الحق لما كانت هذه النتيجة، ولما قضى الله على خصومه ومباهليه ومتحديه. ومن ينكر ذلك فإنما ينكر الله تعالى وقدرته.