المعترض (ممتعضاً) :

لقد كان المؤسس يدعو لهلاك القس عبد الله آثم وهكذا فعل الأحمديون فكانوا يبكون لكي يموت القس ! هل هذا يُعقَل ؟ ما هذا التعليم البغيض الحاقد المليء بالكراهية ؟ يا أخي ادعو لعدوك أن يهديه الله بدل أن تعلم أتباعك أن يبكوا لكي يموت عدوك ! كره وحقد لا مثيل له!

الجواب:

لقد دعى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كما قلنا سابقاً جميع المشايخ والقسس بخلوص الحب والمودة ولكنهم لم يردوا باحترام وإنسانية بل مارسوا للأسف طرق التكذيب والتشويه والتخويف والطعن في الرموز المقدسة كما فعل القس عبد الله آثم بعد أن أقام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الحجة عليه فلم يتبق إلا المباهلة التي تلقى بها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وحياً بموت القس المتنصر عبد الله آثم في مدة محددة وتحقق ذلك بصورة عجيبة مذهلة.

إذاً، الدعاء لم يكن الخيار الأول أو مجرد اجتهاد شخصي بل هو وحي تلقاه من عند الله تعالى بعد مناظرة جرت بينهما أثبت فيها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام صدق الإسلام وعظمة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ولم يزد ذلك القس إلا عنادا ثم تحقق الوعد الإلهي فيه كما سلف. لنأخذ الحديث التالي:

عن عبد الله الزرقي أنه قَالَ : ” لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ ، وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِي عَلَى رَبِّى ، فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفاً .. وذكر في دعائه .. اللهمَّ إني أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ ، وَالأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ ، اللهمَّ إني عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ ، اللهمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ في قُلُوبِنَا ، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ ، اللهمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ مَفْتُونِينَ ، اللهمَّ قَاتَلِ الْكَفَرَةَ الذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رَجْزَكَ وَعَذَابَكَ ، اللهمَّ قَاتَلِ الْكَفَرَةَ الذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَهَ الْحَقِّ ” (رواه أحمد في المسند 3/424 ، وصححه الألباني في الأدب المفرد 699)

وبالطبع فأهل الكتاب هنا هم الظالمون المكذبون منهم وليس عموم أهل الكتاب فمن أهل الكتاب المحترمون وهم كثر وصفهم الله تعالى في القرآن الكريم بأنهم أقرب مودة للذين آمنوا.

إن هذا الحديث بهلاك العدو الظالم لا يناقض الحديث الذي رواه مسلم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حين طُلب منه الدعاء على المشركين قال:

إنّي لم أُبعَث لعّاناً ولكني بُعِثتُ رَحمة.” (صحيح مسلم رقم 2599، كتاب البر والصلة)

حيث أن الدعاء بهلاك العدو الظالم المكذّب للنبي لا يتناقض مع الرحمة بالذين لا يحاربون النبي وجماعته بالظلم والعدوان بل هو وارد ومهم خصوصاً أن الداعي نبيٌّ يتلقى الوحي من الله تعالى بإهلاك الظالمين المكفرين، فيُصدِّقُ النبيُ على قول اللهِ تعالى ويتمنّى تحقق ذلك ليَظهر صِدْق الله تعالى وعظمته.

لا ننس أيضاً دعاء سيدنا نوح عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام على قومه بعد أن أخبره الله تعالى بهلاكهم حيث دعا الله تعالى وقال:

﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً﴾ (نوح:27)

فبعد أن أنبأ الله تعالى نبيه نوح عَلَيهِ السَلام بهلاكهم كان دعائه عَلَيهِ السَلام تصديقاً وتسليماً وحرصاً على إظهار صدق الوحي الذي تلقاه من الله ﷻ.

كذلك دعاء سيدنا خبيب بن عدي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرضاه حين قام الكافرون بتقطيعه حياً في مكة فدعا الله تعالى قائلا:

اللهم أَحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا ولا تُبْقِ منهم أَحَدًا.” (صحيح البخاري ج 4، ص 1465)

وهكذا، بعد أن تلقى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وحياً من الله تعالى بهلاك المتنصر الذي كان يسب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ويشيع العداوة ضد الإسلام وحدّدها الله تعالى بمدة معينة صار جميع الأحمديين عند اقتراب الموعد يدعون الله تعالى بحرقة أن يهلك عدو الله ليس كرهاً بشخصه بل حرصاً على تحقّق وعد الله تعالى للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ولكي يظهر صدقه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام وقبل ذلك صدق الوعد الإلهي الذي تلقاه عَلَيهِ السَلام.

بعد ما سبق يتضح أن كل ما قام به الأحمديون هو عين السنّة النبوية حيث أن النبي يتلقى وحياً بهلاك الظالم فلا يملك إلا أن يُسَلَّم بذلك ويخضع ويدعو الله تعالى في تنفيذ وعده فهو أحكم الحاكمين. وهكذا يتبين أن المعترض لا يطعن في المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في الصفات التي ذكرها في اعتراضه على الدعاء بهلاك العدو الظالم بل هو في الحقيقة يطعن بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي فعل مثل ذلك وكل نبي قال مثل ذلك، وهو طعن بالإسلام ككل، ونخرج من كل ذلك بفائدة إنْ شاءَ الله وهي أن عدو المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام هو في الحقيقة عدو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. وهذا مصداق قول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام “من فَرَّقَ بيني وبين المصطفى ﷺ فما عرفني ولا رأى“.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد