الحجاب الإلكتروني

لا، ليس حجابًا نبتاعه عن طريق الإنترنت، ولا إطارا نضعه حول حساباتنا على مواقع التواصل فيفهم الناسُ منه أنكِ محجبة.. ما هو إذن؟ هو مجموع سلوكاتٍ عليكِ أن تحرصي عليها لتحافظي على حجابك في عالم الإنترنت الإلكتروني، تمامًا كما تصونين حجابك في الحياة الواقعية.

فالمسلمة الأحمديةُ لباسها لا يكشف ولا يصف ولا يشفّ، وهو صورتها، كذلك على الإنترنت لا ينبغي أن تكون “صورتك” التعريفية شيئًا مكشوفا أو مُوحِيًا بما ينافي حياءَكِ الذي تحافظين عليه دومًا.

فلا تخضعن بالقول

المسلمة الأحمدية الملتزمة، لا ترفعُ صوتها بما لا يليق وتقواها، ولا تخالط الرجالَ إلا قولًا معروفًا سديدًا، وفي أضيق الحدود. كذلك على الإنترنت لا تخالطُ الأحمدية الرجال إلا في حدود القول السديد، ولا تتواجد إلا حيث يليق بها التواجد. نعم، قد تتابعين طاهيا مشهورًا، أو صفحةً رياضيةً أجنبية، أو تهتمين بموقع علميّ، أو تطالعين صفحة أزياء، أو تنضمين لمجموعة نساءٍ من منطقةٍ معينة لتبادل الخبرات الحياتية، أو من قبيل الترويح البريء عن النفس، ولا ضرر في ذلك.. لكن، تذكري أنّ نفسكِ عليكِ رقيبة، وأنّ حجابكِ أمانة بين يديك. وتذكري أنّ القرآن الكريم قد قال:”.. فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ..“، أي إنّ المرض والطمع غرائز قلبية عند بعض الرجال قد لا تتنبهين لها في قلوبهم، وقد لا تظهر مباشرة، وقد يثيرها خضوعك بالقول أي لطفكِ وترقيقكِ الكلام.. ولأنّ المجتمعات تختلف حتى داخل البلد الواحد، ولأنّ ما يُعدّ في مجـتمعٍ ما أو طبقةٍ ما “مذوقة/ذوق” قد يُعدّ غزلا وتلطفًا في مجتمع آخر، لذلك وجب التنبه عند التعامل بالذات مع الجنس الآخر.

نعم، لا نستطيع عزل نفوسنا بالكامل..

نعم، لسنا مسئولاتٍ عن مرض الآخرين..

نعم، لدينا الحرية الواعية للتعبير عمّا أحزننا وأعجبنا وأغضبنا وأضحكنا..

لكن تذكري! أنتِ سفيرةٌ لجماعتكِ أينما حَلَلْتِ، في الواقع وعلى الإنترنت، وهي مسئولية جسيمة لا أقدرُ أنا ولا أنتِ عليها بغيرِ معونةِ ربانية، لذلك علينا التوجه إليه دائما أن يسترنا ويعصمنا ويطهر سرنا وظاهرنا.

الباب الحلال للارتباط

المسلمة الملتزمة لا تتّخذ الأخدان؛ ومن معاني ذلك أنها لا تقيمُ علاقة “حصرية” مع رجل، حتى لو وعدها بالارتباط؛ لأنها تعرف تماما أن طالب الحلال يدخل من الباب حصرًا، ولا يستعمل الحيل والألاعيب ولا ما يتورط فيه الكثير من الفتيات والنساء في عالم منصات التواصل الاجتماعي. ولعل باب الحديث في الدين والنقاش حوله أو التبليغ، هو من الأبواب التي تُستدرج فيه النساء للخطأ. فعلى المرأة المسلمة الأحمدية ألا تسعى لتبليغ الرجال، بل يجب عليها إن صادفت رجلا مهتما أن تحوله إلى رجل أو رجال ليبلغوه، وهذا ما شدد عليه الخليفة نصره الله وما شدد عليه الخلفاء دوما. ومن الأبواب الأخرى، الاستشارات التعليمية كالمناهج الدراسية وتعلم اللغات، وفي هذه الحالة احرصي أن يكون التواصل عاما، إن كان ولا بد من ذلك ولم تتوفر امرأة.

إنّ أيَّ حيلةٍ يلجأُ إليها الذكور، من نوع دعينا نتواصل على الخاص لأفهم منكِ أكثر، أو أي خروج عن حدود الأدب، هي رسالةٌ قويةٌ واضحة مفادها: عدم الاحترام. والشاب أو الرجل الذي لا يحترم الفتاة أو المرأة، لن يرتبط بها ولا يهتم لأمرها. لذلك كان النهي القرآني من البداية عن الاستئناس بالحديث، أي إطالته في غير ضرورة حقيقية.

نظام محكم للزواج

في جماعتنا، لدينا نظام محكم بفضل الله تعالى الذي جعلنا تحت ظل الخلافة الراشدة، ولدينا نظام جماعة يحتوي سكرتارية للزواج، ولدينا منظماتٌ مساعدةٌ فرعية (كالأنصار والخدام وإماء الله). فإذا كان الهدف من التواصل هو الزواج فطريقه معروفة وواضحة. كما أن النشاط في الجماعة المحلية وفي المنظمات الفرعية المحلية سيجعل المرأة والرجل منشغلين فيما هو مفيد ومثمر. من خلال ما شهدناه بالتجربة، كلّما كان انخراط الفتاة أو الشاب في جماعتهم المحلية كبيرًا كلّما ابتعدوا -بفضل الله- عن هذه الأجواء الجارفة، والتي لا عاصم منها اليوم إلا حرم الله الآمن وجماعة المؤمنين.

الحجاب ستر وصلاح للمؤمنة

الحجاب وقايةٌ دائمة للأنثى، فإن “انزلق” حجابك قليلا لا سمح الله.. لم يفُتْ الوقتُ بعد، لأنكِ ما زلتِ قيدِ الحياة وتقرئين هذه السطور. فتوجهي إلى الله تعالى الستار وعاهدي النفس على الصلاح وعاهدي الله على التوبة، واطلبي منه سبُلَ الستر والعفاف والتُّقى في العالم الحقيقي والإلكتروني، وبفضل الله تعالى المحض، ومنّته الخالصة سيُيَسِّــر لكِ الطرق اللازمة لإصلاحك حجابكِ وحياتكِ لأنّ حجابكِ هو سترك. ولا أَحَبَّ من الستر على قلوبنا نحن النساء.

خلاصةُ القول، أُوصي نفسي وإياكِ أن نراقبَ كلامنا على مواقع التواصل، والذين نخالط، وأن نراعي حجابنا، وندعو الله لذلك. ولا ننسى مراسلة الخليفة-نصره الله نصرا عزيزا- الذي يدعو لنا في كل ردّ علينا؛ بالعفاف والتّقى.

لا حرمَنا اللهُ السّتر والتقوى.


كتاب من ترجمة المؤلفة: أحمد المهدي

أحمد المهدي