العرب المسلمون هم أصحاب نظرية التطور

أدرك السير وليام دريبر وهو أحد العلماء المعاصرين لداروين أن نظرية التطور التي تنسب اليوم لداروين لم يكن الأخير هو المكتشف الأول لها بل سبقه العرب المسلمون قبله بقرون ولذلك أطلق دريبر عَلَيْهِٰا عوضاً عن نظرية التطور الداروينية بـ “نظرية التطور المحمدية” وذلك لكون النظرية في أصلها اكتشفت قبل داروين بمئات السنين وضرب أمثلة لعلماء أفذاذ كالجاحظ والبيروني وابن طفيل والمسعودي وابن خلدون. وقد اقتبس دريبر في كتابه (The Conflict Between Religion and Science p188) اقتبس من كلام المؤرخ المعروف ابن خلدون الذي ذكر في مقدمته المعروفة اتصال الأنواع بأصولها وتدرجها في التطور والارتقاء واعتبر ذلك هو الذي يحدث للإنسان أيضا. يقول ابن خلدون:

ثُمَّ أَنْظر إِلَى عَالَمِ التَّكْوِينِ كَيْفَ اِبْتَدَأَ مِنْ المَعَادِنِ ثُمَّ النَّبَات ثُمَّ الحَيَوَان عَلَى هَيْئَةٍ بَدِيعَةٍ مِنْ التَّدْرِيجِ. آخرُ أُفْقِ المَعَادِنِ مُتَّصِلٌ بِأَوَّلِ أَفُقْ النَّبَاتَ مِثْلَ الحَشَائِشِ وَمَا لَا بَذْرَ لَهُ وَآخرُ أُفْقِ النَّبَاتِ مَثَلُ النخل وَالكَرم مُتَّصِلٌ بِأَوَّلِ أَفُقْ الحَيَوَانَ مِثْلَ الحَلَزُونِ وَالصّدَفِ وَلَمْ يُوجِدْ لَهُمَا إِلَّا قُوَّةُ اللَّمْسِ فَقَطْ وَمَعْنَى الاِتِّصَالِ فِي هَذِهِ المُكَوِّنَاتِ أَنَّ آخَر أُفْقٍ مِنْهَا مُسْتَعِدٌّ بِالاِسْتِعْدَادِ الغَرِيبِ لِأَنْ يَصِيرَ أَوَّلُ أُفْقٍ الَّذِي بَعْدَهِ وَاِتَّسَعَ عَالَمُ الحَيَوَانِ وَتَعَدَّدَتْ أَنْوَاعُهُ وَاِنْتَهَى فِي تَدْرِيجِ التَّكْوِينِ إِلَى الإِنْسَانِ صَاحِبَ الفِكْرِ والروية. تَرْتَفِعُ إِلَيْهِ مِنْ عَالَمِ القُدْرَةِ الَّذِي اِجْتَمَعَ فِيهِ الحِسُّ وَالإِدْرَاكُ، وَلَمْ يَنْتَهِ إِلَى الروية وَالفِكْرُ بِالفِعْلِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ أُفْق مِنْ الإِنْسَانِ بَعْدَهِ، وَهَذَا غَايَةُ شُهُودِنَا.” (مقدمة ابن خلدون، الجزء الأول، المقدمة السادسة في أصناف المدركين من البشر بالفطرة أو الرياضة، ص 207)

وبهذا يكون علماء العرب سبقوا داروين إلى نظريته المعروفة ولو بصورة أقل تفصيلا ولكنهم وضعوا حجر الأساس لهذه النظرية التي فسرت الكثير من الخفايا العلمية مما يدلّ على أن القرآن الكريم لم يكن كما يعتقد مشايخ الإفتاء في هذه الأيام ضمنيا لم يكن على الإطلاق مناقضاً للعلم والنظريات الحديثة وما بني عَلَيْهِٰا لاحقاً من فرضيات وبراهين بل كان أساس العلم كله.

مقدمة ابن خلدون
مقدمة ابن خلدون

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد