تبعات الكورونا وتأثيرها على النفس

كَثُر الحديث عن الكورونا أو كوفيد_19 لدرجة مللنا من تكرار الاسم، بعد أن أصابنا الملل والسأم في فترات الحجر المنزلي الصحي، والذي وإن اختلفت شدّته من بلد إلى آخر لكنه كان خانقًا في أفضل الأحوال. فضلا عمّا رافق الحجر من تباعد اجتماعي زاد من شعورنا بالحبس والسجن، خاصة أنّنا نساء ونجد في حياتنا الاجتماعية حياةً أخرى وانتعاشا؛ فلا زيارات ولا حتى اجتماعات شهرية للجنة إماء الله. لكننا نحمد الله، ونقف خلف الخلافة، ونطيع ونلتزم التدابير الوقائية، ونلزم الدعاء.

من تبعات كوفيد_19 غير الصحية، ظاهرة غير خافية على الكثيرين ألا وهي “الكورونا الزوجية” الناجمة عن طول المخالطة الفجائي بلا انقطاع والتواجد في حيز البيت الضيق. أعراضها احتقان في الحديث مع ارتفاع في حدة الصوت، قد يتطور أحيانا إلى تشنج عنيف يؤدي – لا سمح الله- إلى انقطاع نفس الحوار والوفاة الزوجية في أسوأ الحالات عندما لا توجد أجسام مضادة معنوية لدى الزوجين، أمّا إذا كانت المناعة الزوجية عالية، فإنّ الاحتقان يتلاشى ويختفي. وقد يتطلب الموضوع بعض العلاجات المساعِدة؛ من رجوع إلى الله تعالى والاستغفار، مع الاستعانة بالأسباب المادية من مختصين نفسيين أو اجتماعيين.

الاستعانة بمختص نفسي ليست وصمة

والاستعانة بالمختصين النفسيين أمرٌ طبيعي لا ينبغي أن ننظر إليه على أنه وصمة، فأنتِ مثلا إذا كنتِ تريدين علاجًا لأسنانك، لا تفتحين مقاطعَ على الإنترنت بل تتوجهين إلى طبيب الأسنان وهذا هو العمل الصحيح في حالة الأسنان. ومن السُّنة النبوية الشريفة أن يُتَّخذَ الدواء لكل داء، وعليه لا يجب أن نترك الخلافات الزوجية تتفاقم لأنها داءٌ يُمرض الزواج. ولابد من الدعاء والكتابة إلى الخليفة نصره الله طلبا للدعاء والاستعانة بذوي الاختصاص.

في وطننا العربي، اعتدنا ألّا نذهب للمختصين النفسيين إلا عند ظهور أعراضٍ عقليةٍ خطيرة أو مشاكلَ وخيمة. ويغيب عن ثقافتنا الحياتية مفهوم مستشاري العلاقات الزوجية، الذين يكونون أطباء نفسيين أو مختصي علم نفس ذوي خبرة في هذا المجال. خلاصة القول إذا ظهرت أعراض التوتر في البيت لا تتأخري عن استشارة ذوي الاختصاص مع الدعاء والكتابة للخليفة.

هل سبب مشاكل النفسية هو الجان والعفاريت؟

لكنّ أعجب العجب الذي سمعناه بعد كوفيد_19 أنْ يُردّ تراجع الحالة النفسية عند الزوجين، بعد الحجر بالذات، إلى قوى خفية وجان وعفاريت وأسحار وأعمال! لقد شاهدنا وقد تكونين شاهدتِ أو سمعتِ بنفسك، عن سيداتٍ تردّى وضعهن مع أزواجهن في الحجر الصحي لا سيّما مع وجود الأطفال في البيت بلا مدارس، والتعليم عن بعد، والعمل عن بعد، وتواجد الزوج طول النهار، ما أدّى إلى تضاعف الأعباء المنزلية على الزوجة وتضاعف الأعباء المعنوية؛ لأنها تحمل الكل والكلّ يتذمر والكلّ اعتاد أن يرمي بأحماله على الأم. ولأنّ الضغط والكبت يولّد الانفجار، قد تنفجر بعض السيدات على شكل نوبات غضبٍ أو نوبات قلق أو نوباتٍ من المزاج الاكتئابي، وبدلا من التوجّه للمختصين والرجوع إلى الله تعالى، يلجأ ضعاف البُنية الروحانية إلى المشعوذين أو المشايخ الدجّالين للأسف. ثمّ يُحضرون “شيخًا” ليقرأ القرآن الكريم، وتبدأ المرأةُ المسكينة الواقعة تحت ضغط نفسي أصلا من التفاعل بأصواتٍ هستيرية غريبة، لتحاول التنفيس عن نفسها…فيُسرُّ الحاضرون بأنّ الجان بدأ “بالخروج” وانصرف! وتكون المرأة المسكينة قد حازت الاهتمام السلبي (أي الاهتمام الناتج عن أمر سلبي كالمرض ونحوه) وحصلت على بعض الراحة..

هذا ولله الحمد لا يحصل للملتزمين بجماعة المهدي عليه السلام، لكننا نشاهده في المجتمع حولنا، ولعلنا نسعى إلى تغييره بالقول الحسن الرشيد لأن في هذا مواساةً لهؤلاء النسوة المسكينات، ومواساة الخلق جزءٌ من بيعتنا.

فلا تنسوا التدابير الوقائية، والاستشارات الزوجية إذا لزم الأمر، والكتابة للخليفة نصره الله، والدعاء الدعاء!

ندعو الله أن يحمينا ويحميكن من الكورونا الزوجية والفيروسية وكافة الآفات..آمين.


كتاب من ترجمة المؤلفة: أحمد المهدي

أحمد المهدي

One Comment on “الكورونا الزوجية”

Comments are closed.