المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية .. 159
الفصاحة في لغات المسيح الموعود عليه السلام ..6
الحكم بالشذوذ على لغات العرب حكم خاطئ فالعربي الفصيح لا يخطئ
نتابع ما أورده العلامة عباس حسن في سلسلة مقالاته: “صريح الرأي في النحو العربي داؤه ودواؤه” :
6: يتابع عباس حسن في تفصيل قصور النحاة الأوائل وأخطائهم في اقتصارهم أخذ اللغة عن ستّ قبائل عربية فقط من بين ثلاثين ويقول:
“على أن هذه الخطة ـ خطة الأخذ عن القبائل الستّ دون غيرها ـ قد ولّدت مشكلات نعرض لاثنتين منها:
أولاهما: أن ينطق عربي من تلك القبائل بلغة معينة، معروفة النسب، ولكنها لقبيلة غير قبيلته …
ثانيتهما: أن ينطق عربي بلغة أخرى لقبيلة غير معينة وغير معروفة الاسم والكنه المميز لها من سواها.
فإذا نطق أحدهما بما يخالف ما جمعه اللغويون وما استنبطه النحاة من هذه اللغة المجمعة كان كلامه مرفوضاً عند الجامعين، محكوماً عليه عند النحاة بالحكم المسلط على نظائره؛ وهو: الشذوذ، أو الندرة، أو الضعف، أو خطأ ذلك الأعرابي (وهو لا يخطئ على الصحيح كما سنعرف بعد).
وبديه أن الأخذ بهذا الحكم معناه القضاء على نوع من الكلام السليم الصحيح بغير مسوغ مقبول، فوق ما فيه من فوضى لغوية تبعث الآراء المتناقضة، وتثير أنواعا قبيحة من الخلاف المذهبي بين المجتهدين والباحثين: كالذي نشهده اليوم في النواحي اللغوية ولا سيما النحوية منها. ((ولست أتردد في أن الحكم هنا خاطئ ـ كسابقه ـ)) وظواهر الخطأ فيهما واحدة بيّنها الثقات الأعلام الذين أشرنا إليهم آنفا،” [إ.ه]
وقد ساق عباس حسن العديد من الأمثلة التي تؤكد أقواله هذه، وبين فيها تضاربا واضطرابا صارخا في آراء النحاة، فيما يتعلق بكلام العربي الفصيح، إن كان صحيحا أو لا، وأورد بعض الأقوال من بعض المراجع النحوية التي تؤيد رأيه كما يلي:
“… فإن العربي لا يطاوعه لسانه أن ينطق بغير لغته كما قال سيبويه ” اهـ. ثم قال المقرر (يس) على الهامش ما نصه:
” الذي قاله سيبويه إنما هو أن العربي لا ينطق بالخطأ، ويجوز أن ينطق بغير لغته كما بيناه في حاشية الألفية، في باب ما لا ينصرف ” اهـ.
…. ” كتب شيخنا العلامة الغنيمي بعده:
أقول على كل تقدير لا إشكال؛ إذ العربي يجوز له أن يتكلم بغير لغته، وهذا بعد تسليم أنه عربي، وأنه يحتج بكلامه. والله أعلم بالصواب ” اهـ.
.. : والحق أن العربي يتكلم بغير لغته ولا يتلكم بالخطأ، وسيبويه ظن أن ما قاله الكسائي في مسألة الزنبار خطأ كما حققنا ذلك في حواشي الألفية. وقد رأيت بخط مولانا تاج الدين السبكي رحمه الله كلاما يتعلق بهذه المسألة، ومن جملته: والذي يظهر أن العربي لا يلحن، ولكنه يمكنه أن ينطق بغير لغته؛ فيتعين تأويلها،” [إ.ه، النقل عن عباس حسن.]
أقول: أهم ما نستخلصه من كلام عباس حسن أعلاه ما يلي:
- العربي الفصيح لا يخطئ. ويحق له التلفظ بلغات غير لغته ولا يُعَد مخطئا فيها. وعليه فإن أي قول يأتينا من العرب الفصحاء لا بد من قبوله والأخذ به على أنه قول عربي فصيح ولغة عربية فصيحة .
- الحكم بالشذوذ والندرة والضعف على بعض لغات العرب حكم خاطئ ، فالعربي الفصيح لا يخطئ ، ولا بد من قبول كل ما يرد عن العرب الفصحاء.
- الحكم بالشذوذ والندرة والضعف على بعض لغات العرب هو أساس الفوضى اللغوية والخلافات والتناقضات في الرأي اللغوي .