المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود ع العربية ..39
تمييز العقود من الأعداد بصيغة الجمع بالإضافة أو التمييز
الاعتراض:
أخطأ المسيح الموعود عليه السلام في الفقرة التالية:
– وهي مدينة عظيمة على ساحل بحر الروم بينها وبين بيروت ثلاثون أكواسًا.(نور الحق)
وموضع الخطأ في تمييز العدد (ثلاثون) بصيغة الجمع بدلا من المفرد؛ حيث قال (أكواسا) رغم أن القاعدة المعروفة تقرّ بوجوب تمييز الأعداد بين 11-99 بالمفرد.
الردّ:
للرد على هذا الاعتراض يكفينا أن نذكر ما جاء في كتاب الهمع للسيوطي حيث قال عن تمييز الأعداد ما يلي: ((التركيز على ما بين الأقواس المزدوجة))
“وَإِن كَانَ أحد عشر إِلَى تِسْعَة وَتِسْعين مُيّز بمفرد مَنْصُوب نَحْو: {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يُوسُف: 4] {اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً} [الْبَقَرَة: 60] (وَوَاعَدْنَا موسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً} [الْأَعْرَاف: 142] {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} [الْأَعْرَاف: 155] وَلَا يجوز جمعه عِنْد الْجُمْهُور وَجوزهُ الْفراء نَحْو عِنْدِي أحد عشر رجَالًا وَقَامَ ثَلَاثُونَ رجَالًا وَخرّج عَلَيْهِ {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً} [الْأَعْرَاف: 160] قَالَ الْكسَائي وَمن الْعَرَب من يضيف الْعشْرين وأخواته إِلَى التَّمْيِيز نكرَة وَمَعْرِفَة فَيَقُول عشرو دِرْهَم وأربعو ثوب ….” همع الهوامع في شرح جمع الجوامع (2/ 348)
فمما نقله السيوطي في كتابه الهمع نستنتج:
– أن الفرّاء قد أجاز تمييز الأعداد ما بين 11 إلى 99 بالجمع، فيكون تمييزا منصوبا بصيغة الجمع، ودون أي إضافة. وخرّج عليها الآية (اثنتَي عشرةَ أسباطًا).
وهذا يثبت صحة الفقرة من كلام المسيح الموعود عليه السلام حيث قال (ثلاثون أكواسا) المماثلة للمثال الذي ذكره السيوطي: (قام ثلاثون رجالا)؛ وبهذا ويسقط الاعتراض عند هذا الحدّ.
فتمييز الأعداد من 11 إلى 99 ومن بينها العقود بالجمع منصوبا هي لغة صحيحة من لغات العرب.
ويكفي لدحض الاعتراض التذكير بأنها واردة في القرآن الكريم في الآية {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا} (الأَعراف 161). فمن يقرأ هذه الآية الكريمة لا يمكن له أن يعترض على مثيلها من كلام المسيح الموعود عليه السلام؛ ولا يعترض عليها إلا ملحد.
وأما ما ذكرناه في مقال سابق من إمكانية جواز إضافة العقود (عشرون وثلاثون وأربعون…) إلى تمييزها مجرورا ،وأثبتنا من خلالها صحة الفقرات التالية من كلام المسيح الموعود عليه السلام:
- فلبثوا في دار غربتهم إلى مدّةِ نحوِ ستينِ أعوامٍ. (لجة النور)
- وإني جُعلتُ مسيحا منذ نحو عشرينِ أعوامٍ من ربّ علاّم. (تذكرة الشهادتين)
- ومشوا معه إلى سبعينِ فرسخٍ وباتوا معه وأكلوا معه … أتظن أن سُلَّمَ السماءِ ما كان إلا على سبعين ميل مِن مقام الصليب؟ (الهدى والتبصرة)
حيث جاءت فيها أعداد العقود مضافة إلى صيغة الجمع المجرور، وفق ما أقرّ به الكسائي والفراء مجتمعَين، فهذه في الحقيقة لغة أخرى لا تناقض اللغة التي أثبتناها أعلاه، وكلتاهما جائزتان. 200000