السؤال

السلام عليكم اخي كنت اريد ان اعرف عن موضوع العداله الالهيه يعني مثلا هناك من يخلق فقيير جدا وهناك من يخلق غبي وهناك من يخلق معاق وهناك من يخلق أقل من الاخر وهناك من تخلق انثي وهناك من يخلق عنده متلازمه يعني لماذا يخلق هذا ضعيف وعذا قوي وهذا كافر وهذا مسلم؟

الجواب:

خلق الإنسان أو الحيوان بوضع مختلف فيه عبرة ومسؤولية. فالذي يُخلق أعمى فهو مسؤولية الذي يرى من جهة، ومن جهة أخرى العمى نفسه يوجب على كل من يرى أن يدرس الطب والوراثة لكي يساعد العمي قدر الإمكان للرؤية أو الحياة الكريمة، وبذلك يزداد العالم تعاونًا على البر والتقوى وحمل المسؤولية وخلق عالم متحاب وآمن. أما الأعمى نفسه فلا يعلم إلا الله تعالى جزاءه في الآخرة وإعفائه عن كثير مما يُحاسَب عليه غيره، كما أن أجره مضاعف على غيره في الدنيا وهو نبعٌ لا ينضب للحسنات لكل من يمد يد العون له. فالأعمى وغيره هم اختبار لنا جميعاً ومسؤوليتنا. كذلك من جهة أخرى يمكن في العمى وغيره دروس للأعمى نفسه ولغيره وللجميع، فالأعمى يمكنه ممارسة حياته ودينه إلى حد ما بدون النظر، بل هنالك بعض العباقرة الذين يفوقون ذوي النظر بأضعاف في الذكاء والإبداع ومنهم على سبيل المثال الأستاذ طه حسبن الذي كان كاتباً معروفاً وهو أعمى، وأيضاً يوجد في وقتنا الحالي شاب عازف بيانو من اليابان اسمه نوبويوكي ويُعدُ ظاهرة عجيبة جداً حيث يتفوق على كثير من أهل البيان الذين يتمتعون بالبصر تفوقاً لدرجة غير معقولة، والأصم كذلك يمكنه أيضاً بدون حاجة الكلام والسمع، وفي كل من هذه دروس وعبر عظمى أن الشيء الوحيد الذي لا يمكن بدونه ممارسة الحياة والدين هو القلب والعقل إذا صح التعبير حيث أن القلب والعقل متلازمان معاً.

كما أن الذي رزقه الله نعمة البصر والسمع وغيرها سيشكر الله تعالى وبشعر بالنعمة التي عنده بدل أن يعتاد عليها وكأنها لا شيء. ولولا هذه الحالات لما وجد شيء اسمه طب وهندسة ولما تعاون البشر فيما بينهم وواسى بعضهم بعضاً وسعى لخدمة الآخرين.

وقد توفي قبل سنوات أحد الشباب الأحمديين البريطانيين بالسرطان وكان يعمل طبيب عيون ويحاول جمع الدعم لمشروع جراحة العيون مجاناً لدول أفريقيا وبعد أن توفي تحقق حلمه وأصبح مشروع العيون يسير على قدم وساق في أفريقيا ليعيد البصر لمن فقده بلا مقابل مادي قَطّ. وهكذا باقي الحالات الأخرى كالفقر والعجز حيث لا يأمر الله تعالى بتكديس الأموال عند بعض الناس بل العكس من ذلك، ومعصية البشر لتعاليم الله هم الذين يلامون عليها وليس الله تعالى، لأنه لم يأمرهم بذلك بل العكس تماماً ولكنهم اختاروا المعصية وتكديس الأموال بدل توزيعها كما أمر الله تعالى، وطبيعي أن يولد للجميع الأولاد، وولادة احد في أسرة غنية أو فقيرة ليس مقياساً للمفاضلة إلا عند من يرى المال هو الأهم وليس التواضع والمرحمة والمواساة.

وكذلك من يحسب الأنثى عيباً من العيوب فهو عيب فيه هو وليس في جنس الأنثى، فالبشر أنثى وذكر ولا حياة بدون الإثنين. فلا تخلو إذن هذه الحالات من الدروس والعبر والمسؤوليات للأشخاص أنفسهم ولمن حولهم.

أما المسلم والكافر فلا يولد إنسانٌ إلا مسلماً أي على الفطرة النقية ولا يجبره الله تعالى بعد بلوغه سن العقل والرشاد لا يجبره على دين بل يقول تعالى {إِنَّا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كَفُورا}.

هذا ما يؤكده المسيح الموعود مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية بقوله عَلَيهِ السَلام:

بيان هذا الإجمال أنَّ الحكيم القدير خَلَقَ الناس على أطوار مختلفة بناء على حِكَمه المختلفة. وجعل سلسلة فطرة بني آدم شبيهةً بخطٍّ أحدُ طرفيه مرتفعٌ جداً بينما الآخر منخفض جدا. ففي الطرف المرتفع نفوس نقيةٌ، كفاءاتهم كاملة بحسب مراتبهم المتفاوتة. وفي الطرف المنخفض نفوس على درجة منخفضة جداً في هذه السلسلة حتى صاروا قريباً من دواب لا تعقل. وفي الوسط نفوس تحتل درجة وسطى من العقل وغيره. ولإثبات ذلك يكفي دليلاً مشاهدة الناس مختلفي الكفاءات، لأنه ما مِن عاقلٍ يُنكر أن الناس يحتلّون درجات مختلفة من حيث العقل والتقوى وخشية الله وحبه ﷻ. وكما يولَد أحدٌ جميلاً بمقتضى قدر الله ﷻ ويولَد غيره دميماً، كذلك يولَد أحدٌ بصيراً وغيره كفيفا. وهناك من يولَد ضعيف البصر وآخر قوي البصر، ومن يولَد تام الخلقة وآخر ناقصها، كذلك إنَّ التفاوت في المراتب في القوى الذهنية والأنوار القلبية أيضاً ملحوظٌ ومحسوس. غير أنه صحيح تماماً أنَّ كل شخص يستطيع أن يتقدم في العقل والتقوى وحب الله ﷻ إنْ لَمْ يكن مُختلّ الحواس أو مسلوب العقل تماما.” (البراهين الأحمدية)

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد