الدعوة إلى الإسلام وقبوله على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع

في حقيقة الأمر، فإن الدعوة إلى الإسلام على المستوى الفردي، إنما تعني أن نعمل على إقناع شخص ما بصدق هذا الدين، وذلك بأن نواسيه أولا ونعمل على تخليصه من كروبه وأزماته ما استطعنا، إحسانا إليه، ثم أن نبلِّغه وندعوه بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى يميل قلبه فيقبل الإسلام ويعتنقه بكل حرية وبانشراح صدر. وخير الحكمة وخير الموعظة أن نكون نحن مثالا حقيقيا لصدق الإسلام، وتكون أسوتنا وأخلاقنا جاذبة للقلوب.

قبول الإسلامأما على مستوى المجتمعات والدول، فإن معنى الدعوة إلى الإسلام وقبوله ليست سوى أن يتقبل المجتمع الإسلام والمسلمين، وأن ينتهي عن مناصبتهم العداء – فيما لو كان مجتمعا معاديا- وأن يسمح بحرية المعتقد للمسلمين ولغيرهم. فإن فعل ذلك فقد قَبِلَ الإسلام، وهذا كل ما هو مطلوب منه. فكل مجتمع أو دولة لا تعادي الإسلام كدين، ولا تضطهد المسلمين لمجرد أنهم مسلمون، فقد قبلت الإسلام بهذا المعنى، ولم يعد هناك أي حاجة لدعوتها إلى ما تمارسه هي عمليا من حرية معتقد للمسلمين ولغيرهم. إذ هذا كل ما هو مطلوب منها.

أما تقليديا، فيُظَنُّ بأن الدعوة إلى الإسلام وإلى قبوله، فيما يتعلق بالمجتمعات والدول، إنما هي أن يُطلب منهم أن يعلنوا إسلامهم جميعا، أو الغالبية العظمى منهم، وعلى رأسهم القادة والحكام، وأن يخضعوا لحكم المسلمين، وأن هذا ما كان قد حدث مع القبائل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم!

والأدهى والأمرّ أنهم يظنون بأن المطلوب أن نُعد العدة، وننشئ دولة تناصب العالم العداء، وتبدأ بقتال الناس لفرض الإسلام إليهم، وأنه لا خيار أمام الناس سوى الإسلام أي أن يسلموا جميعا، أو دفع الجزية، أو الحرب التي في أعقابها سيسلمون أو سيدفعون الجزية!

والواقع أن هذا كله تشويه وتحريف لتاريخ الإسلام ومنهجه، وفهم خاطئ بغيض، الإسلام منه براء. وأقل ما يمكن القول عنه هو أنه سوء استقراء للأحداث، أو فرض رؤية خاطئة عليها. فما حدث في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي صدر الإسلام كان له سياق تاريخي وظروف محددة، وهذه الظروف لم تعد موجودة اليوم. أما المبادئ فهي واحدة لم تختلف ولا تتغير.

فماذا كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟

الواقع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلب من الكيانات السياسية الإسلامَ بمعنى الاعتناق والدخول في الدين، وإنما كان يعرض عليهم قبول الإسلام بمعنى أن ينتهوا عن حالة العداء هذه ويتركوها. أما على المستوى الفردي فكان يهتم بنفسه بتبليغ الدعوة للصغير والكبير والحاكم والمحكوم وكل فرد يمكن أن تتاح لحضرته صلى الله عليه وسلم الفرصة أن يكلمه، وهذا كان دأب الصحابة الكرام أيضا. ففيما يتعلق بالكيانات، كان مفهوم قبول الإسلام إنما يعني ترك العداء للإسلام والمسلمين، وعلى مستوى الأفراد كان قبول الإسلام يعني اعتناقه.

الإذن للمسلمين بالقتال مشروط بالاضطهاد الديني

وهنا نستذكر أنه عندما سمح الله تعالى للمسلمين بالقتال فإنما سمح لهم به ما دامت حالة العداء هذه – التي هي فتنة الاضطهاد في الدين وانعدام الحرية الدينية – قائمة، وهذا الإذن معلق بأن تنتهي الفتنة ويصبح الدين لله؛ أي يُترك أمر الدين لله، ولا يقوم الناس باضطهاد الناس أو إرغامهم في أمور دينهم. إذ يقول تعالى:

{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ } (البقرة 194)

وهنا يشدد الله تعالى على أنه لا عدوان إلا على الظالمين، بمعنى أنهم إن انتهوا عن ظلمهم وعدوانهم، فلا يجوز العدوان عليهم بمعنى شن الحرب عليهم.
ويقول تعالى أيضا:

{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (الأَنْفال 40)

وفي الآيتين لم يقل قاتلوهم حتى يدخلوا الإسلام أو حتى يقبلوه! بل حتى ينتهوا عن الفتنة التي كانوا يستهدفون بها المسلمين بل وكل دين ومعتقد آخر، لذلك قال تعالى أيضا في آية الإذن بالقتال:

{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (40) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج 40-41)

أي أن الله تعالى يريد منكم أن تدافعوا عن حرية الدين والمعتقد لليهود والنصارى والأديان الأخرى قبل أن تؤمنوها لأنفسكم، وأنه سينصركم ما دمتم تسعون لذلك. لأن هؤلاء الذين يعتدون عليكم إنما يريدون القضاء على حرية المعتقد لكل الأديان، ولن يسمحوا لا للمسلمين ولا لغيرهم بالعيش بحرية.

وكما قلنا، فإن قبول الإسلام في العرف السياسي لا تعني سوى أن يتقبل المجتمع الإسلام والمسلمين، وألا يناصبهم العداء، وألا يضطهدهم لكونهم مسلمين. أما الدعوة إلى الإسلام في هذا النطاق فلا تعدو كونها الدعوة إلى أن تتوفر الحرية للناس ليقبلوه ويعتنقوه وليمارسوا شعائرهم، أو هي في الحقيقة دعوة لحرية الاعتقاد للمسلمين ولغيرهم، لكيلا يكون هنالك فتنة إكراه في الدين، بل يكون أمر الدين لله تعالى، ولا يتدخل أحد في دين أحد.

عهود النبي ﷺ مع القبائل بقبول الإسلام الذي يعني أن يسالموا وينتهوا عن عداوة المسلمين

سلام في مكةوهذا في الحقيقة ما كان يتعاهد عليه النبي صلى الله عليه وسلم عليه مع القبائل، منذ أن استقر في المدينة، والذي حدث بكثرة في عام الوفود. فقد جاءت القبائل لتعلن أنها تقبل الإسلام بمعنى أنها لم تعد على عداء تجاه المسلمين، وأنهم مستعدون لاستقبال المسلمين بين ظهرانيهم، وأنهم لن يمنعوا أحدا من قبائلهم من قبول الإسلام واعتناقه، ولن يعيقوا ممارسة المسلمين لشعائرهم من صلاة وزكاة وحج وغير ذلك. فمن زعماء هؤلاء القبائل من أعلن إسلامه، ومنهم من لم يعلن، وقد بدأ أفراد هذه القبائل بدخول الإسلام عن طريق الصحابة الذين كان يوفدهم النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة لتبليغهم وتعليمهم. ومن الناحية السياسية كان من هؤلاء من يتحالفون مع النبي صلى الله عليه وسلم لمّا رأوا قوته ومنعته، راجين الحصول على مكاسب وغنائم. بل منهم من بلغت به الجرأة أن يشترط على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتقاسم معه الأرض أو أن يوصي له بالخلافة كما فعل مسيلمة الكذاب، الذي لم يعلن إسلامه أصلا، ولكنه أعلن قبوله الإسلام في قومه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مع زعماء قومه.

فإسلامهم لم يكن سوى إعلان ترك عداوة المسلمين وقبول أن ينتشر الإسلام في أقوامهم وأن يتمتع المسلمون بين ظهرانيهم بالحرية الدينية. وهذا ما بقوا ملتزمين به إلى حين.

وقد بيَّن الله تعالى في القرآن الكريم هذه الحقيقة، وبيَّن بأن ما حدث لم يكن إسلاما حقيقيا مبنيا على الإيمان، وإنما قبول للإسلام بالمعنى السياسي الذي يعني ترك عداوته، ولكن لمّا يدخل الإيمان في قلوب هؤلاء المعاهدين، بل ولمّا يسلم أكثرهم، لذلك قال تعالى:

{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} (الحجرات 15)

ومن هنا نفهم لماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد بدأ بإرسال الجيوش إلى القبائل بعد فتح مكة، وكان يأمرهم بأن يشعلوا نيرانهم ويقيموا ليلة قرب القبيلة، فإن سمعوهم يؤذنون أو يصلون الفجر تركوهم وعادوا دون أن يتحدثوا معهم، وإن لم يفعلوا عرضوا عليهم الإسلام في الصباح، أي طلبوا منهم إظهار النوايا أو العهد بخصوص الإسلام؛ أي هل هم أعداء أم أصدقاء؟ فإن أعلنوا أنهم يقبلون الإسلام بمعنى أنهم ليسوا أعداء تركهم المسلمون، أما إذا قالوا إننا لن نقبل بالإسلام ونحن في حالة عداء معكم قالوا لهم إن أمامهم خيارين: إما أن تقاتلونا الآن، أو أن تعقدوا هدنة بدفع الجزية التي تعني أنهم لن يقاتلوا ولن يعتدوا ما داموا يدفعون، وفقا للعرف في ذلك الوقت. فعرض القتال أو الجزية كان فقط عندما يقولون: نعم، نحن لا نقبل الإسلام، أي نحن نعتبركم أعداء، ولا نريد عهدا ولا صلحا ولا سلاما! فمن يفعل ذلك إلا الأشرار المعتدون؟ ومع ذلك كانوا يعطون الفرصة ليدفعوا الجزية لو كانوا لا يطيقون قتالا حينها، إلى أن يصبحوا قادرين على القتال لو أرادوا أو أن يراجعوا أنفسهم ويتركوا عداوة المسلمين؛ أي أن يقبلوا الإسلام. فلم يكن في الأمر جبر ولا إكراه، ولم يكن مطلوبا منهم أن يسلموا عن بكرة أبيهم، ولم يرغموا على الجزية بل لو اختاروا السلام لما دفعوها. ومع ذلك فلو اختاروا الحرب أيضا وهزموا، فقد أعطاهم الإسلام فرصة الهدنة في أي لحظة يريدون فيها إيقاف القتال، وأمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم أن يوقف القتال ولو كان خدعة، وأن يتوكل على الله تعالى، إذ يقول تعالى:

{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (62) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ } (الأَنْفال 62-63)

وعندما يطلبون السَّلْم أي وقف القتال وليس السلام الدائم، فحينها هم مخيرون إما أن يعلنوا أنهم تركوا العداوة فتزول كل أسباب الخلاف، أو لا يعلنون ذلك ويستمروا في إعلان عداوتهم، ويدفعون الجزية بعد الهزيمة. ولم يطلب الله تعالى قهرهم ولا جبرهم ولا دمارهم ولا القضاء على دولتهم!

حروب الردة بعد وفاة النبي ﷺ

إن ما حدث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن سوى أن القبائل التي قبلت الإسلام بمعنى أنها لم تعد تناصب المسلمين العداء، قد تراجعت عن موقفها، ووثبوا على المسلمين بين ظهرانيهم وقتلوهم، ومنعوهم من الصلاة والزكاة، واجتمعوا لكي يقضوا على المسلمين وجاءوا لحصار المدينة. هذا إضافة إلى أنهم قد أخلوا بالمواثيق والعهود وامتنعوا عن دفع ما يترتب عليهم وفقا للمواثيق والعهود التي ارتبطوا بها مع النبي صلى الله عليه وسلم. فهؤلاء لم يكفروا بالإسلام إذ لم يكونوا قد أسلموا أصلا، بل كانوا قد قبلوا الإسلام بالمعنى السياسي وتركوا عداوته ثم انقلبوا على أعقابهم.

رسائل النبي ﷺ للملوك والزعماء

بقي أن نوضح أن رسائل النبي صلى الله عليه وسلم للملوك والزعماء لم تكن سوى رسائل دعوة محضة لتبليغ هؤلاء الملوك والزعماء من النبي صلى الله عليه وسلم تأدية لواجبه وتكريما لهم – لأنه كان مكلفا بتبليغ الناس جميعا حكاما ومحكومين كما قلنا – لأن من حقهم أن يُبلَّغوا ويختاروا بأنفسهم الإيمان من عدمه بغض النظر عن موقفهم السياسي أو موقف قومهم أو ما ستؤول إليه الأمور لاحقا. وتبليغهم من خلال النبي صلى الله عليه وسلم كان تكريما لهم واحتراما عظيما من نبي زمانهم يمكن بسببه أن تميل قلوبهم، بدلا من أن يُبلَّغوا من خلال مسلم عادي. ولم تكن هذه الرسائل رسائل سياسية أو رسائل تهديد أو إنذار عسكري كما يظن البعض، بل كان قول النبي صلى الله عليه وسلم لكل منهم “أسلم تسلم” إنما تعني أنني أبشرك بالعاقبة الحسنة أنت وقومك لو أسلمت، وأنذرك من عاقبة سيئة لأن الدنيا ستتغير ولن تبقى الأمور على ما هي عليه. والواقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرسل هذه الرسائل بعد صلح الحديبية وقبل فتح مكة، ولم يكن قادرا حينها على تهديد أحد عسكريا، بل لم تستتب له الأمور في الجزيرة العربية بعد. كذلك فإن ردود أفعال الزعماء وإكرامهم لرسائل النبي صلى الله عليه وسلم ورسله في الغالب – إلا من كسرى المتعجرف الأخرق ومن أحد زعماء نصارى العرب في الشام – كانت تدل على أن الرسائل لم تكن استفزازا ولا تهديدا، بل رأوها رسائل ود وتكريم وتقدير، لذلك أرسلوا له صلى الله عليه وسلم الهدايا.

الإسلام ليس بحاجة لتجهيز الجيوش لينتشر

أخيرا فإن الفائدة التي نصل إليها، والمتعلقة بوقتنا الحالي، هو أن ظن البعض بأن المطلوب أن ندعو الدول لقبول الإسلام بتجهيز الجيوش والإغارة عليهم ليس سوى مغالطة أقرب إلى المهزلة المخالفة للمنطق السليم والعقل السوي. والواقع أن العالم كله الآن قد أصبح يقبل الإسلام بالمعنى السياسي، وأصبح متاحا للمسلم أن يعيش أو أن يمارس شعائره بكل حرية في كل الدول، بل ويمكن للمسلم أن يبلِّغ الناس دعوة الإسلام في أي مكان في العالم ويمكن أن يتحول أبناء تلك الدول إلى الإسلام ويعيشوا مواطنين كاملي المواطنة بكل حرية.

المؤسف أن الذين يقولون بهذه المغالطة الهزلية هم الآن أصبحوا من ينطبق عليهم أنهم لم يعودوا يقبلون الإسلام بالمعنى السياسي، أي لم تعد نظمهم ودولهم توفر الحرية للمسلمين ولا لغيرهم، بل أصبح الاضطهاد الديني سمة بعض الحكومات الإسلامية كمثل الحكومة الباكستانية التي تمارس اضطهادا يفوق التصور على الجماعة الإسلامية الأحمدية. وأمثلة الاضطهاد بسبب الاختلاف في المذاهب بين المسلمين كثيرة وعديدة. والمؤسف أن عموم الفكر التقليدي المنسوب للإسلام ليس إسلاميا فيما يتعلق بالمعنى السياسي لقبول الإسلام؛ إذ أن مروجي هذا الفكر على اختلاف أطيافهم يحلمون بنظم ودول داعشية يُذبح فيها العدل والحرية والسلام وتحكمها فتنة الاضطهاد والجبر والإكراه التي كانت عدوة الإسلام في مهده. هؤلاء هم من يحتاجون لأن يقبلوا الإسلام لو كانوا يعقلون.

===================

حديث نبوي شريف يوضح المقصود بالدعوة السياسية ومقولة الإسلام أو الجزية أو الحرب

أورد أخيرا حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبين ما قلنا، مع شروح بسيطة بين قوسين في داخل نص الحديث:

{كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (أي من كان عدوا لكم وليس كل مشرك) فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ (أي أن يقبلوا الإسلام سياسيا) فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ (أي لو تحالفوا مع دولة النبي صلى الله عليه وسلم واعتبروا نفسهم جزءا منها) فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا (أي لا يعادون الإسلام ويقبلون به بين ظهرانيهم ولكنهم لا يريدون حلفا) فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (أي يعاملون معاملة المسلمين) وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ هُمْ أَبَوْا (أي أبوا قبول الإسلام بالمعنى السياسي أي تركوا عداوته، وليس الانتقال إلى دار الهجرة) فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ (أي أنهم يرفضون ترك حالة العداء ولكنهم لا يريدون قتالا الآن، فيما لو قبلوا دفع الجزية) فَإِنْ هُمْ أَبَوْا (أي رفضوا ترك حالة العداء ورفضوا دفع الجزية التي هي بمنزلة قبولهم لهدنة مؤقتة حتى يستعدوا مجددا للقتال) فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ. وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ وَلَكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا (وهذه وصية عظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم تبين أنه لا يحق لأحد أن يدعي أنه يمثل الله ورسوله ويعطي للناس ذمتهم، لأن أي عمل خاطئ يقوم به سينسب إلى الله ورسوله. كما لا يحق له أن يدعي أنه يطبق حكم الله تعالى وحكم رسوله بل الواجب أن يقول إنني أجتهد في ذلك على حسب علمي)} (صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، تأمير الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب)

رسالة النبي إلى هرقل قيصر الروم

رسالة النبي إلى المنذر بن ساوي أمير البحرين

رسالة النبي إلى كسرى ملك الفرس

رسالة النبي إلى مقوقس عظيم القبط

رسالة النبي إلى النجاشي

About الأستاذ تميم أبو دقة

من مواليد عمَّان، الأردن سنة 1968 بدأ بتعلَّم القرآن الكريم وحفظ بعض سوره وفي تعليمه الديني في سنٍّ مبكرة وبدأ بتعليم القرآن في المساجد في الثانية عشرة من عمره. انضم إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية عام 1987 قبل أن يبلغ التاسعة عشرة من العمر وكان من أوائل الأحمديين العرب. يعمل في خدمة الجماعة في المكتب العربي المركزي وفي برامج القناة الإسلامية الأحمدية وفي خدمات التربية والتعليم لأفراد الجماعة وفي العديد من الأنشطة المركزية. أوفده الخليفة الخامس نصره الله تعالى ممثلا ومندوبا لحضرته إلى عدد من الدول، وكرَّمه الخليفة نصره الله بلقب “عالِم” في العديد من المناسبات. عضو مؤسس ومعدّ في فريق البرنامج الشهير “الحوار المباشر” الذي انطلق رسميا عام 2006 والذي دافع عن الإسلام ضد الهجمة المسيحية التي انطلقت على بعض القنوات في بداية الألفية وأخمدها، والذي أسهم في تعريف الجماعة الإسلامية الأحمدية إلى العالم العربي، والذي يبث الآن مترجما ترجمة فورية إلى العديد من اللغات. وهذا البرنامج أصبح نموذجا للعديد من البرامج المشابهة في اللغات الأخرى. شارك ويشارك في العديد من البرامج الأخرى وخاصة المباشرة في اللغة العربية وفي بعض البرامج باللغة الإنجليزية. عضو هيئة التحرير لمجلة “ريفيو أوف ريلجنز” الإنجليزية العريقة التي بدأ إصدارها في زمن الإمام المهدي والمسيح الموعود عام 1902م.

View all posts by الأستاذ تميم أبو دقة