بسم الله الرحمن الرحيم

نحمده ونصلي على رسوله الكريم وعلى عبده المسيح الموعود

ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها أمير المؤمنين أيده الله تعالى بنصره العزيز بتاريخ 20-07-2018.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين. آمين.

يقول أمير المؤمنين نصره الله: كان من أصحاب النبي ﷺ خلاد بن رافع الزرقي الأنصاري. كان من الذين اشتركوا في غزوة بدر وأُحد. رزقه الله أولادا كثيرين.

ثم هناك صحابي آخر اسمه حارثة بن سراقة الذي استُشهد يوم بدر. أسلم مع أمه قبل الهجرة وكان أبوه قد توفِّي من قبل. قال أبو نعيم: كان حارثة عظيم البر بأمّه، حتى قال النبي ﷺ: “دخلتُ الجنة فرأيتُ حارثة”.

لقد طلب من رسول الله ﷺ الدعاء له بالشهادة، فدعا له النبي ﷺ. وعندما دُعي الفرسانُ يوم بدر كان حارثة أول البارزين فكان أول فارس استُشهد. ففي غزوة بدر قَتل اللهُ زعماء الكفار وأخزاهم وأكرم المسلمين الذين اشتركوا ببدر. لعل الله اطلع النبي على أهل بدر فقال ﷺ: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة.  وهذا لا يعني أنه ستكون لهم الجنة ولو اقترفوا الذنوب. بل المراد هو أنه لن يصدر منهم ما يخالف هدي الله.

ثم هناك صحابي آخر اسمه عباد بن بشر، استشهد يوم اليمامة. أسلم في المدينة على يد مصعب بن عمير. شهد مع النبي ﷺ المشاهد كلها، وكان من الصحابة الذين أرسلهم النبي ﷺ لقتل كعب بن الأشرف.

يقول حضرة مرزا بشير أحمد ؓ عن حادث قتل كعب بن الأشرف في كتابه “سيرة خاتم النبيين” : كان كعب بن الأشرف يهوديًّا دينا ولم يكن يهوديًّا نسبا، بل كان من العرب. كان أبوه الأشرف رجلا نشيطا من بني نبهان جاء إلى المدينة وأقام العلاقات مع بني النضير وتزوج ابنة زعيمهم وولدت له كعبا، الذي سبق والده منـزلة، فبدأ يهود العرب كلهم يعدّونه سيدا لهم. كان كعب شاعرا مفوها ورجلا ثريا، لكنه كان ضليعا في إثارة الفتن والفساد. فلما هاجر النبي ﷺ إلى المدينة، شارك كعبٌ اليهودَ الآخرين في إبرام الميثاق مع حضرته ﷺ على التعاون المتبادل والدفاع المشترك. لكنه بدأ معارضة الإسلام بالمؤامرات والمكايد السرية. فالروايات تفيد أنه كان ينفق كثيرا على علماء اليهود كل سنة، وبعد هجرة النبي ﷺ قالوا له: يبدو أن هذا النبي هو الذي وُعدنا به، فاستاء كثيرا منهم وقطع عنهم المساعدات. ثم دخل عليه علماء اليهود مرة أخرى وقالوا توصلنا إلى أن محمدا (ﷺ) ليس في الحقيقة ذلك النبي الموعود. فرضي عنهم كعب، وقدم لهم المساعدات.

باختصار هذه كانت معارضة دينية وليست محل اعتراض، فما الذي دفع إلى قتل كعب؟ في الحقيقة بعد أن نال المسلمون فتحا غير متوقَّع في بدر وقتل غاليبة أشراف قريش، امتلأ كعب غيظا وغضبا، وعقد العزم على القضاء على الإسلام، فخرج إلى مكة، وأشعل النار في قلوب قريش وأخذ العهد من كفار مكة بالقضاء على الإسلام ومؤسسه. ثم توجه إلى قبائل العرب الأخرى وأثار الناس ضد المسلمين. وعند العودة إلى المدينة قام بالتشبيب بالمسلمات، وأخيرا تآمر على قتل النبي ﷺ، لكن النبي بفضله تعالى قد اطلع على ذلك وفشلت هذه المؤامرة. فلما بلغ الأمر هذا الحد، وبلغ نقضه للعهد والتمرد والإثارة على الحرب والفتنة درجة الإثبات، قرر النبي ﷺ بمقتضى الميثاق الذي أبرم بينه وبين سكان المدينة، أن قتل كعب واجب، فقال لبعض صحابته أن يقتلوه. وعَهد بهذه المهمة إلى صحابي مخلص من الأوس اسمه محمد بن مسلمة. وحين علم اليهود بمقتل كعب جاء وفدهم إلى النبي ﷺ، فذكّرهم النبي ﷺ بنقض كعب العهد وحثِّه الناسَ على الحرب، وإثارته الفتن، فسكتوا، وبعد ذلك كُتبت اتفاقية جديدة وَعَد فيها اليهود بأنهم سيعيشون بأمن وسلام ويتجنبون الفساد وإثارة الفتن. إن العقاب الذي عُوقب به كعب، كان جائزا بحسب قانون ذلك الزمن، وهذا ما يظهر من ردة فعل اليهود.

كان عباد من الصحابة الأفاضل. ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا، كلهم من بني عبد الأشهل: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر.

عن عباد بن بشر الأنصاري أن رسول الله ﷺ قال: يا معشر الأنصار؛ أنتم الشعار (أي الثوب الذي يلي الجلد من البدن)، والناس الدثار (الثوب الذي يكون فوق الشعار)، لا أوتين من قبلكم.

استُشهد عباد في حرب اليمامة وكان عمره خمسا وأربعين سنة. وعَنْ عَائِشَةَ تَهَجَّدَ النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِي فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا.

وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، أحدهما عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ والآخر أظنه أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ فإِذَا نُورٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا حَتَّى تَفَرَّقَا فَتَفَرَّقَ النُّورُ مَعَهُمَا ليريهما الطريق حتى وصلا إلى بيتهما.

شهد عباد الحديبية أيضا، كتب مرزا بشير أحمد ؓ تفصيل هذا السفر: خرج النبي ﷺ من المدينة مع ألف وأربعمائة صحابي في وقت الصبح وكانت معه من زوجاته أم سلمة، وجعل نميلة بن عبد الله واليَ المدينة وعبد الله بن المكتوم الضرير إمامَ الصلاة، وحين وصل ذي الحليفة أمر بالنزول وبعد أداء صلاة الظهر أمر بتقليد الْهَدْي وَإشْعَاره وكان سبعين جملا وَأمر بالإحرام، ولمعرفة أحوال قريش بعثَ ببسر بن سفيان عينا وقدَّم عباد بن بشر أمامه طليعة في عشرين فرسًا من خيل المسلمين. فرجع الخبر إلى رسول الله بأن قريش قد عقدوا العزم على منع المسلمين. وأن قريشا قد أرسلت طلائعها في كتيبة فرسان تحت إمرة خالد بن الوليد. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته أن يتركوا الطريق المعروف إلى مكة، تفاديا لأيّ اشتباك مع الكافرين. ثم وصلوا حيث وقعت واقعة صلح الحديبية. كان الصحابي عباد بن بشرموضع ثقة عظيمة لدى  النبي ﷺ. وكان من بين الصحابة الكرام الذي بايعوا النبي ﷺ عند الحديبية وتسمى بيعة الرضوان.

وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت عباد بن بشر يقول: يا أبا سعيد رأيت الليلة كأن السماء قد فرجتْ لي، ثم أُطبقتْ علي، فهي إن شاء الله الشهادة. قال أبو سعيد الخدري: ورأيت إليه يوم اليمامة وإنه ليصيح بالأنصار: احطموا جفون السيوف، وتَميّزوا من الناس. ثم اختار أربعمائة رجل من الأنصار ما يخالطهم أحد من غيرهم، يقدُمُهم عباد بن بشر وأبو دجانة والبراء بن مالك حتى انتهوا إلى باب الحديقة، فقاتلوا أشد القتال. وقُتل عباد بن بشر، فرأيت بوجهه ضربا كثيرا، ما عرفتُه إلا بعلامة كانت في جسده.

وهناك واقعة من غزوة ذات الرقاع، وهي أن النبي ﷺ نزل فِي مَسِيرِهِ هذا فِي شِعْبٍ، وكانت عَشِيّةَ ذَاتِ رِيحٍ قوية، فقال صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا اللّيْلَةَ؟ فَقَامَ عَمّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَعَبّادُ بْنُ بِشْرٍ فَقَالَا: نَحْنُ يَا رَسُولَ اللّهِ نَكْلَؤُك. وَجَلَسَ الرّجُلَانِ عَلَى فَمِ الشّعْبِ، فَقَالَ عَبّادُ بْنُ بِشْر لعمار أنا أحرس أول الليل، فاذهبْ ونمْ، واحرسْ آخر الليل لكي أنام أنا آخرَه. فَنَامَ عَمّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَقَامَ عَبّادُ بْنُ بِشْر ٍ يُصَلّي. وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ أسر نسوة لأهل نجد بسبب جرائمهم، وكَانَ زَوْجُ إحداهن غائبا عند الأسر وإلا لكان معها، فلما رجع وجد المسلمين قد أسروا زوجته فحَلَفَ أنه لن يَبرح حَتّى يُصِيبَ مُحَمّدًا أَوْ يُهْرِيقَ دم أصحابه. فخرج يَطْلُبُ غِرّةً من المسلمين حتى وصل إلى ذلك شعب الوادي الذي بات فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ورَأَى سَوَادَ عباد بن بشر، فقَالَ لا شك أن هذا حارس الْقَوْمِ، فَفَوّقَ لَهُ سَهْمًا فَوَضَعَهُ في جسده، فَانْتَزَعَ عباد السهم واستمر في الصلاة، ثُمّ رَمَاهُ بِآخَرَ، فَانْتَزَعه عباد أيضا، ثُمّ رَمَاهُ الثّالِثَ، وكان الدّمُ قد خرج كثيرا، فأكمل عباد الصلاة ثُمّ أيقظ عَمّارا، فلما رآه جريحا قال له مَا مَنَعَك أَنْ تُوقِظَنِي؟ قَالَ كُنْت أقرأ سُورَة الْكَهْفِ فَكَرِهْت أَنْ أَقْطَعَهَا حَتّى أَفْرُغَ مِنْها.

ثم هناك الصحابي سواد بن غزية الأنصاري رضي الله عنه. من بني عدي بن النجار، وشهد المشاهد كلها.

وكتب حضرة مرزا بشير أحمد في كتابه “سيرة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم” عن وقائع غزوة بدر: في يوم الجمعة وفي السابع عشر من رمضان من السنة الثانية الهجرية، صلى المسلمون الفجرَ ثم ألقى النبي صلى الله عليه وسلم خطبة حول الجهاد. وعند طلوع الضوء بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يسوي صفوف المسلمين للقتال مشيرًا بسهم في يده. وكان الصحابي سواد متقدما في الصف، فأشار إليه بالسهم ليتأخر، فلمستْ خشبةُ السهم صدره، فقال: يا رسول الله لقد بعثك الله بالعدل والإنصاف، فأَقِدْني. فقال له النبي ﷺ بمنتهى اللطف: تعال واقتص مني بسهمك كما أصبتك بسهمي، وحسر عن بطنه. فتقدم سواد وأخذ يقبّل صدر النبي ﷺ من فرط المحبة. وقال: يا رسول الله، العدو أمامنا، ولا أدري هل أرجع حيا اليوم أم لا، فوددت أن يلامس جسدي جسدك وأقبلك. فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالخير.

كانت عند الصحابة أساليب عجيبة للتعبير عن حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم. وهناك واقعة عكاشة أيضا. كانوا دائما يتحينون الفرص ليعبروا عن حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم وليحوزوا بركات قربه. رفع الله درجات هذه النجوم المتلألئة، ووفقنا لإدراك حقيقة عشق الرسول العربي صلى الله عليه وسلم. آمين.

About الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

حضرة أمير المؤمنين الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ولد حضرته في الخامس عشر من أيلول 1950 في مدينة (ربوة) في الباكستان. هو حفيد لمرزا شريف أحمد نجل المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام. أنهى حضرته دراسته الابتدائية في مدرسة تعليم الإسلام في مدينة (ربوة) وحصل على درجة البكالوريوس من كلية “تعليم الإسلام” في نفس المدينة. ثم حصل حضرته على درجة الاختصاص في الاقتصاد الزراعي من كلية الزراعة في مدينة (فيصل آباد) في الباكستان وذلك في عام 1976م.

View all posts by الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

One Comment on “ملخص خطبة الجمعة بتاريخ 20-07-2018”

Comments are closed.